|
ويُقادون مثل الخرفان
سهر العامري
الحوار المتمدن-العدد: 851 - 2004 / 6 / 1 - 06:10
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
كنت قد قرأت منذ سنوات طويلة خلت ، وفي كتاب عبد الكريم الدجيلي ، والذي صدر منه جزء واحد على حد علمي ، وتحت عنوان : الجواهري شاعر العربية، ان مؤلف الكتاب اصطحب معه ذات مرة الشاعر الجواهري الى السفارة الامريكية ببغداد ، وقد قدمه للسفير الامريكي معرفا به : هذا هو الجواهري ، شاعر العرب الاكبر ، ونائب كربلاء عما قريب ، وقد كان الحديث وقتها يدور عن شغل الشاعر الجواهري لمقعد نائب عن كربلاء في البرلمان الملكي ، لكن السفير الامريكي سرعان ما رد على الدجيلي كلامه قائلا : شاعر العرب الاكبر نعم ، أما نائب عن كربلاء فلا ! هذه الحادثة تشخص امامي كلما جادلني احدهم عن الديمقراطية الامريكية ، وراح يسرد أن الامريكان سيفيضون بنعم الديمقراطية الغربية على العراق وشعبه ، وكنت كثير ما اختلفت معهم في ذلك ، وكان ذلك قبل أن يزول نظام صدام الذي اتى به الامريكان اصلا الى العراق ، بعد أن كادت السلطة تسقط في يد قوى اليسار العراقي عام 1968 م ، وكنت ارى أن الامريكان يريدون حكومة في العراق بمواصفاتهم هم ، وليس بمواصفات العراقيين انفسهم ، وهذا الحال لا ينطبق على الحكومة العراقية المؤقتة التي يُسعى لتشكيلها الان في العراق ، وانما سينطبق ، كذلك ، مع الحكومة العراقية التي ستأتي بعد الانتخابات المزمع اجراؤها في العراق اواخر هذا العام ، او بداية العام القادم 0 إن اية حكومة عراقية ستشكل في العراق الان وفي المستقبل ، سواء أكان هذا التشكيل تمّ عقب انتخابات ، أو تمّ دونها ، لا بد أن تكون وفق تصميم امريكي ، وعلى هذا يتوجب على العراقيين ، السياسيين منهم والغير سياسيين أن يتعاملوا مع هذه الحقيقة المرة ، وان يشحذوا هممهم في العمل الجاد والدؤوب والمثابر من اجل تغيرها ، و هي حقيقة تحزّ في نفس كل عراقي مخلص لا زال يعزّ عليه العراق وشعبه ، وليعلم أن هؤلاء البشر لا يعرفون من قيم الحياة شيئا سوى الركض وراء ما يحقق لهم منافع مادية ، هي اساس الحياة وعنوانها وقيمها عند الناس هؤلاء على شاكلة بول بريمر ومن يمثلهم 0 لقد عكست النقاشات الصاخبة التي تجري في اروقة مجلس الحكم في ايامنا الحالية من اجل تشكيل الحكومة العراقية المؤقتة البون الشاسع بين تطلعات العراقيين ، وبين تطلعات الامريكيين ، فالامريكيون يريدون حكاما من العراقيين، ولكن ينقادون لهم كالخراف ، مثلما هو الحال في بلدان كثيرة اخرى ، وهذا ما صرح به جهارا غازي عجيل الياور ، الرئيس الحالي لمجلس الحكم ، والذي رشحته الاغلبية المطلقة لمنصب رئيس الجمهورية العراقية من اعضاء ذلك المجلس ، متمثلة تلك الاغلبية بالكتلة الشيعية ، والكتلة الكردية ، الكتلتان اللتان لا تريدان لعدنان الباججي أن يكون رئيسا للعراق ، وذلك شعورا من الكتلتين من ان الباججي هو ثمن التسهيلات التي قدمتها دولة الامارات العربية المتحدة للقوات الامريكية في قواعدها اثناء الحرب الاخيرة على العراق ، يضاف الى ذلك أن امريكا والامارات لا تريدان للعراق ان يكون على علاقة طيبة مع ايران، فالعداء بين ايران وامريكا قديم ومعروفة اسبابه ، وليس لي من حديث عنه هنا ، والامارات تريد من العراق ان يكون لها سندا في مطالبتها بالجزر الثلاثة التي سُلمت من قبل بريطانيا الى شاه ايران بموافقة شيوخ الامارات الحاليين انفسهم ، هذا اذا لم يرد للعراق ان يكون جبهة حرب يقاتل فيها ابناؤه ضد ايران ، نيابة عن الاخرين أو عن الامة العربية ! كما ادعى صدام في حربه المشؤومة التي شنها على ايران في ايلول من العام 1980 م ، واذا كانت العلاقة بين ايران من جانب ، وبين امريكا ودولة الامارات العربية على هذه الدرجة من السوء فاننا نرى ان علاقة السعودية بايران تزداد استقرارا, وان الحكومة السعودية ، وعلى ما يظهر تسعى لتحسين علاقاتها ليس مع ايران فقط ، بل مع الشيعة عموما في المنطقة ، والدليل على ذلك بيان الشجب الصريح الصادر من الخارجية السعودية للاعتداء الذي تعرضت له قبة ضريح الامام علي في القتال الدائر بين جنود مقتدى الصدر ، وبين الجنود الامريكان 0 هذا التحسن الذي ازداد خاصة بعد ان نقلت القاعدة عملياتها الى داخل المملكة السعودية ، والتي يرى الكثير من السعوديين أن هذه العمليات موحى بها من اطراف خارجية ، قد تكون الدوائر الغربية ليس بعيدة عنها ، وخصوصا الدوائر الامريكية ، وفي ضوء هذا كله يكون عدنان الباججي ، المعروف لدى الامريكان منذ أن كان وزيرا للخارجية العراقية زمن الحكم العارفي ، هو حصان طروادة في العراق ، والذي يعبر عليه المخطط الامريكي الى شواطىء اخرى في المنطقة ، لكن المعروف عند العراقيين أن الباججي عمل سنوات طويلة في خدمة الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان ، وانه كان يقبل يد الشيخ المذكور كلما ضمه لقاء معه ، وعلى هذا صار حق للعراقيين أن يرفضوا رئاسة رئيس كان يقبل أيادي امراء خدم ، فحين اراد مجلس الحكم ان يحتكم في مسألة تنصيب الباججي او الياور رئيسا للعراق الى مبدأ الديمقراطية ، وأن يجري انتخابات سرية بين اعضائه من اجل اختار احد الرجلين لذاك المنصب ، جاء الرد الامريكي سريعا على لسان بول بريمر وهو ان سلطة الاحتلال غير ملزمة بنتائج التصويت الذي كان سيفوز به حتما الشيخ غازي عجيل الياور ، والذي لا يريده الامريكان رئيسا للعراق بسب من علاقاته الوطيده مع المملكة العربية السعودية التي تشهد علاقتها بامريكا نوعا من الجفاء الخفي قبل وبعد المشروع الامريكي في العراق 0 والمرجح أن الامريكان سيزيحون الياور ، مثلما ازاحوا الجلبي ، والسبب ما يقوله الياور نفسه : سوف يعرف الجميع اذا ما كنت على رأس الدولة خلال الاشهر السبعة من الذي يقاد مثل الخروف؟ ومن لا يهمه سوى مصلحة الشعب العراقي؟
#سهر_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لصوص النهار !
-
حكومة الابراهيمي الامريكية - العربية
-
العرب وجثة النظام الصدامي !
-
من اللاهوت الى الواقعية السياسية !
-
ظرف الشعراء ( 17 ) : الأحوص
-
على تخوم أبي غريب !
-
من سيرهب من ؟
-
البازار يستعجل رحيل الصدر !
-
ويقتلون بالذهب !
-
ايتام عفلق ودفاع آل ثالث !
-
ظرف الشعراء ( 16 ) : الوليد بن يزيد
-
من وحي الذكرى !
-
ظرف الشعراء ( 15 ) : إبن هرمة
-
الارهابيون العرب من الفلوجة الى الزبير !
-
حكومة عراقية !
-
ظرف الشعراء ( 14 ) : ذو الرّمة
-
مفلس من مفلسين !
-
صدام الصغير شيوعيا !
-
ما بين الفلوجة وكربلاء !
-
لن يكون العراق ورقة ضغط بأيديكم !
المزيد.....
-
في ظل حكم طالبان..مراهقات أفغانيات تحتفلن بأعياد ميلادهن سرً
...
-
مرشحة ترامب لوزارة التعليم تواجه دعوى قضائية تزعم أنها -مكّن
...
-
مقتل 87 شخصا على الأقل بـ24 ساعة شمال ووسط غزة لتتجاوز حصيلة
...
-
ترامب يرشح بام بوندي لتولي وزارة العدل بعد انسحاب غايتس من ا
...
-
كان محليا وأضحى أجنبيا.. الأرز في سيراليون أصبح عملة نادرة..
...
-
لو كنت تعانين من تقصف الشعر ـ فهذا كل ما تحتاجين لمعرفته!
-
صحيفة أمريكية: الجيش الأمريكي يختبر صاروخا باليستيا سيحل محل
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان مدينة صور في جنوب لبنا
...
-
العمل السري: سجلنا قصفا صاروخيا على ميدان تدريب عسكري في منط
...
-
الكويت تسحب الجنسية من ملياردير عربي شهير
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|