جمال الدين بوزيان
الحوار المتمدن-العدد: 2799 - 2009 / 10 / 14 - 13:50
المحور:
الصحافة والاعلام
قد يكون الكلام السخيف الذي تفوه به عمرو أديب خلال حديثه عن الجزائر سببا لكتابة هذا المقال، لكنه أكيد ليس السبب الوحيد، فعمرو أديب لا يستفزني أبدا للرد عليه و هو الذي لم يرضى عليه حتى أبناء بلده، و قد سبق و أخطأ في حق فريق بلاده الكروي، و ليس هو من يعطي رأيه في الجزائر و الجزائريين. و إن كنت أيضا غير راض على العداء الكروي المتبادل بين مصر و الجزائر، و الذي تحول إلى عداء و كره حقيقي من الطرفين، و أصبحت أنا بدوري أكره مناصري الفريقين، حيث حولوا التنافس الكروي إلى عداء يفوق عداء إسرائيل لفلسطين. و قد ألوم مناصري بلدي على التمادي في كرههم، و مناصري الفريق المصري على غرورهم و عدم اعترافهم بالواقع و رفضهم للحقيقة و تغطيتها بتحليلات المختصين الملفقة.
لكن الأمر لا يتعلق فقط بكرة القدم، ما يشكل بالنسبة لي سببا أكثر لكتابة هذا المقال، هو تعدد و تكرار سماع أصوات من يذكرنا بفضل بلده على الجزائر، عمرو أديب قال بأن مصر حررت الجزائر، و قالها غيره كثيرون، و الإخوة بالسعودية ابتدعوا لنا موضة الفضل السعودي على الثورة الجزائرية هذه الأيام، و كأنه لا يكفينا أن الإعلام العربي المتملق يمجد هذه الدولة الشقيقة و يسبح بحمدها و يعدد أفضالها على المنطقة العربية، لتخرج لنا موضة مساعدة السعودية للجزائر، لا تظلموا المملكة، لكن لا تعطوها أكثر من حجمها أو تمجدونها على أشياء لم تفعلها.
إن كانت فعلا هناك صدقات لدول عربية للجزائر خلال ثورتها على المستعمر الفرنسي، فلا يجب أن يتبع هذه الصدقات من و أذى، و إلا فماذا ستقول الأردن و سوريا و دول عربية أخرى لفلسطين بسبب مساعدتها لها؟ أم هل نحول اللاجئين الفلسطينيين إلى عبيد لنا بسبب مساعدتنا لهم؟
نفس الشيء يقال عن الجزائر، مساعدة بعض الدول لنا خلال ثورة التحرير لا تعني أننا نقبل بكل شيء من تلك الدول.
قد تكون هناك جوانب للموضوع أكبر مني بكثير و لا يمكن لي الخوض فيها بسبب تواضع ثقافتي السياسية و التاريخية، لكن ما أنا متأكد منه أنه لا يجوز المن في إعلام دولة على دولة أخرى، و إن بدأنا في تبادل التهم و سلبيات كل بلد و مجتمع، فكلنا خاسرون في النهاية، لأن بلداننا و مجتمعاتنا كلها ملئ بالعيوب كما بالمحاسن طبعا، و سيجد كل واحد منا في بلده على الأقل شخصا حقيرا يجب نفيه لكي تكون البلد في صورة مشرفة، سواء كان هذا الشخص حاكما، مسؤولا، أو مواطنا عاديا.
#جمال_الدين_بوزيان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟