|
قساوسة المالكي ورؤوس هيدرا وجدائل إليزابيت2
علي السعدي
الحوار المتمدن-العدد: 2795 - 2009 / 10 / 10 - 05:57
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
علي السعدي ٠٨/١٠/٢٠٠٩ الخميس ١٩-شوال-١٤٣٠ هـ --------------------------------------------------------------------------------
قساوسة المالكي ورؤوس هيدرا وجدائل إليزابيت - 2-
-------------------------------------------------------------------------------- الدولة : العراق البريد الالكتروني للكاتب : [email protected] الموقع الشخصي للكاتب :
-------------------------------------------------------------------------------- نبذة مختصرة عن الكاتب : كاتب وباحث في علم الإجتماع السياسي وصحافي - نشرت له العديد من البحوث والدراسات المخصصة للشؤون العراقية في عدد من الصحف والدوريات العربية والأجنبية . - ترجم بعض كتاباته الى عدة لغات منها : الانكليزية – الألمانية – الايطالية – الفرنسية – الفارسية . - عضو اتحاد الأدباء والكتاب في العراق وعضو نقابة الصحفيين العراقيين وعضو شرف في عدد من المنتديات الثقافية العربية. له عدد من المؤلفات المعدة للطبع منها : • الفكر الإسلامي بين قدسية النص وإشكالية التأويل • التسويات الكبرى في المقدسات الثلاث – الله – الدولة - الإنسان • المجتمع العراقي – تاريخ الحدث والتاريخ البديل • الرقص على ضريح الكلمات ( مجموعة شعرية ) • الصوت ورائحة المدينة ( مجموعة قصص ) الأسطورة في أدب الحداثة ( دراسات نقدية )
[email protected]
عراق الخرافة – عراق العقول إستطراداً لما سبق -- لابد سيقول أحدهم : لو لم تكن تجربة العراق خاطئة أو آثمة أو مجرمة ، لما جلبت كل هذه السلاسل من العداوات . طبعاً من يقول ذلك ، سيكون واحداً من إثنين ، أما جاهل أو مغرض ، وليس من صعوبة في إزالة الجهل : هل كان محمد ( ص) على خطأ حينما عادته قريش في بدء الرسالة وعملت على قتله كي لايهدد مصالحها بما جاءت به رسالته السماوية ؟ وقبله ألم يصلب السيد المسيح للسبب ذاته ؟ وكم من شعوب وأمم غزتها جحافل الغزاة ؟ لا لشيء الا لكي يحافظ الغزاة على مصالحهم أو يتوسعوا ويزادوا نفوذا على حساب الأمم المغزوة . ما يتعرض له العراق اليوم ، لايقل خطورة واذى عن الغزو الأمريكي الذي بدأ بالانحسار عن واقع العراق ، فيما الغزو الارهابي – قتلاُ وإعلاماُ – سيستمر زمناً آخر حتى ينهض العراق من كبواته ، عندها سيخفت الارهاب القاتل وينهزم ، أما الإرهاب الاعلامي ، فسيستمر امداً طويلاً الى ان يتآكل. هذا لايعني بالمطلق ، ان كل من انتقد الحكومة وكشف عيوبها ، يحسب تلقائيا على هذه الجوقات ، فالحقيقة ان العيوب تكاد تغطي اجزاء كبيرة وواضحة من جسد الحكومة ، وبالتالي فمن واجب الكتاب والمفكرين والباحثين والصحفيين على مختلف مشاربهم واتجاهاتهم ، المساهمة في كشف العيوب وتقديم الحلول والمقترحات وملء الفراغات في الفكر السياسي العراقي ، فذلك من واجبهم الذي ينبغي عليهم القيام به ، لكن هذا النوع من الكتاب ، نستطيع معرفته بسهولة من خلال طريقة التناول ودقة الاسلوب وعمق التحليل وسلاسة العبارة وموضوعية الطرح والإبتعاد من ثم عن الإسفاف والشتائم واللغة السوقية والعبارة الركيكة ، التي هي من ديدن الجوقات التي تناصب للعراق العداء . لكن ، لنقرأ أولاً ماذا يحدث . كان أحد السياسيين البريطانيين ، قد إبتكر وسيلة إعلامية يهاجم فيها نفسه من اجل لفت الإنتباه اليه ، فصار يكتب بأسماء مستعارة متعددة ، مقالات نارية تهاجم شخصه وتنتقده بشده ، مما جعل الناخبين يتعاطفون معه لكثرة الهجوم عليه. في ثمانيات القرن الماضي ، وبعد خروج المقاومة الفلسطينة من بيروت ، أنصب غضب النظام السوري على المرحوم ياسر عرفات الذي طرد من دمشق بواسطة ضابط برتبة عقيد ، زيادة في الإهانة للرجل الذي لم تحترم شيبته وقضيته ، أكثر من عام كامل ، شن الإعلام السوري ومن يقف معه يومها ، حملة شعواء على ياسر عرفات ، وكانت الجملة الثابتة في أي خطاب أو مقال يثلب عرفات ، تبدأ او تختم أو تتضمن مقولة ( المؤامرة العرفاتية ) ، وقد ظن النظام السوري يومها أنه جعل من عرفات الشخص المنبوذ داخل سوريا وخارجها ، لكن الطامة الكبرى حينما تحدى عرفات السلطات السورية ان تعمد بشكل ما الى إستفتاء الشعب السوري لترى نتيجة حملتها . يومها وصلت الى حافظ الأسد ومن مصادر موثوقة عربية واجنبية وسورية ، إن الحملة قادت الى عكس المطلوب ، اذ ارتفعت شعبية عرفات بشكل كبير حتى بين السوريين ، وأصبحت مفردة ( مؤامرة عرفاتية ) موضوعاً للنكتة والتندر . مثال آخر حول ما فعلته قناة الجزيرة عام 2005، حين هاجم أحد ضيوفها المرجع السيستاني بحجة دعمه للإنتخابات ، وكانت تلك الفضائية تعتقد ان ذلك الهجوم سينال من الرجل ومن شرعية الإنتخابات وبالتالي تزيد من إمتناع الناخبين عن التصويت ، لكن النتيجة كانت معكوسة ، اذ ذهب الذين كانوا مترددين قبلها ، وهم أكثر تصميماً على الإقتراع . ليس الدهاء السياسي نافعاً في كل حال ، بل غالباً ماكان وضوح الهدف وبساطة الخطاب وصلابة الموقف ، هي الأسلحة الفعالة للفوز ، ذلك يسمى في عالم الأدب ( السهل الممتنع ) وفي عالم السياسة يسمى ( الشفافية ) . لاشيء في المالكي يميزه عن غيره ، سوى انه وجد نفسه في موقع السلطة الأولى في بلد قيل عنه مرة ( من يحكم العراق ، بإمكانه ان يحكم العالم ) ليس لعظمة العراق كما قد يوحي القول ، بل لصعوبة تشكله الإجتماعي وكثرة أعدائه وصعوبة جغرافيته واستثنائية تاريخه . هناك بلدان أصغر حجماً وأقل أهمية وإستثنائية جيو/سياسية ، وهي لم تتحول بالكامل وتقطع مع تاريخها كما يحدث في العراق ، لكنها تعيش إرهاصات أكثر مما يشهده العراق ، وهي مرشحة للمزيد. ان أية نظرة موضوعية للأمور ستجد أن كل مايحدث ، يقع في حكم المتوقع ، وبالتالي فليس مستغرباً أن يواجه أي شخص يحاول ان يطرح ( عراقية العراق ) حزمة من المشاكل الهائلة . أذكر اني كتبت بداية عام 2006 مقالة بعنوان ( الوطنية العراقية ومسلكية الحصار) نشرتها في جريدة الحياة اللندنية ، تناولت فيها ضرورة تبلور الهوية العراقية بعيداً عن الشعارت القديمة ، حيث اصبح ذلك يرتقي الى مستوى الضرورة للحفاظ على العراق كياناً وشعباً ، يومها شنت الصحف القومجية هجوماً شرساً علّيّ شخصياً وبالإسم ، شارك فيه أعضاء معروفون فيما يسمى ( الجبهة القومية ) في سوريا ، فإذا كان مجرد مقال صحفي أثار كل تلك الردود لأنه طالب بعراقية العراق ، فكيف بمشروع سياسي مكتمل المعالم أو يحاول أن يكون كذلك ؟ لم يحظ العراق بكل تاريخه الحديث ، بفرصة أن يبلور هويته الوطنية سوى مرة واحدة كانت أيام عبد الكريم قاسم ، ويومها تكالبت كل القوى القومجية للنيل من الرجل كي لايكرس نهجاً عراقياً صافياً . واليوم تتسع قائمة الأعداء لإتساع ما يمثله العراق من ( أخطار) أولها نشر فايروس الديمقراطية وتبدل جذري في طبيعة المنظومة العربية الراكدة التي هزها بعنف التغيير العراقي ، ومع كثرة وسائل النشر وتعدد مصادرها وانفتاح سيل المعلومات أمامها ، كان من الطبيعي أن تكثر الألسن ويزداد الصراخ هستيريا . الغريب ماكتبه أحدهم بأن مستشاراً للمالكي ارسل الى صاحب موقع الكتروني أتخذ من محاربة الحكومة نهجاً ثابتاً ، يرجوه فيه إنصاف المالكي بإعتباره أفضل السيئين . لاشك ان مطالبة كهذه تمثل قمة الغباء والسذاجة ، فكيف يطلب من صاحب بضاعة رائجة لأسباب باتت معروفة ، ان يكف عن بيع بضاعته ؟ أنه كمن يطالب السوريين بالكف عن دعم الإرهاب في العراق من دون أن يقبضوا الثمن أو يدفعوه ، او كمن يطالب بعض الفضائيات التي اقيمت اصلاً لمحاربة التجربة العراقية ، أن تكف عن ذلك ؟ وكأنه يطالبها بالإنتحار أو إغلاق أبوابها لإنتهاء مهمتها . قمة السذاجة ان يلجأ مستشاروا المالكي للإنهماك في الرد أو الدخول في الكمائن التي اعدتها تلك الجوقات الإعلامية ومن يؤيدها أو يباركها ، فمن شأن ذلك ان يقوي من تلك الأصوات ويمنحها أهمية تفوق أهميتها الفعلية ، فهذا الإعلام ساذج بدوره ، وهو يعمل على الطريقة القديمة التي مفادها – إكذب ثم إكذب حتى يصدقك الاخرون – كما نادى (غوبلز) . الكذب الإعلامي الآن ، قد يقوي الخصم أكثر مما يضعفه ، حتى لو اجتذب ذلك الكذاب الكثير ممن يعتبرون كذبه نوعاً من الترفيه ، كما كان يفعل الرئيس الامريكي السابق بوش ، حينما كان يترك الاجتماع للتفرج على مايقوله سعيد الصحاف وزير الإعلام في عهد صدام ، ليس لأهمية مايقوله ، بل من باب تغيير الأجواء وإدخال نوع من الطرافة على كآبة المشهد ، ولا نذكر ان الاعلام الامريكي أو أي من موظفي البنتاغون او البيت الابيض حينها ، صرف وقتاً للرد على مايورده الصحاف . ثبات المالكي على مواقفه التي تتخلص ببساطة ، في – وحدة العراق أرضاً وشعباً - دولة قوية تستطيع الحفاظ على تلك الوحدة - الكف عن التدخل في شؤونه كي تبنى دولة تستطيع القيام بهذه المهمة – تلك معادلة لا تنفصل معطياتها ، وهذا يعني ان هناك الكثير من المصالح المحلية والاقليمية والدولية ستتعرض للمخاطر ، لذا من الطبيعي ان يستنفر المتضررون كل قواهم من اجل العرقلة بل والإسقاط ، وليس أسهل من تناول ماهو في المتناول . لم يقل أحد أن العراق يخلو من الفاسدين والمرتشين – وزراء ونواباً وكبار موظفين وسياسيين – كذلك كثرة المرتبطين بأجندات خارجية لأن هناك اموالاً تصرف عليهم بغير حساب ، وظروف كهذه تشكل بيئة مؤبوة لإستنبات كل هذه الموبقات التي تمتص جسد العراق بحكومته وادارته ومؤسساته وشعبه ، وهي جزء من معسكرات الإعداء التي ينبغي محاربتها – حتى لو كانوا في جسد الدولة وبين ظهرانيها - . لن نختم مقالنا بطرح شعارضخم ، ولا هتاف حماسي يلهب المشاعر ، بل ببرهان إيماني قاطع بأن عراق الطيبين وحده ، سيكون الرابح ، فالعقل العراقي لابد سينتصرفي النهاية على الخرافة ، أما (هيدرا ) ورؤوسها الشريرة ، فليس لهم سوى الإندحار .
#علي_السعدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قساوسة المالكي ورؤوس هيدرا وجدائل إليزابيت –1
-
أكاذيب الاعلام الموجه مابين دارون وقائمة الحزب الشيوعي العرا
...
-
من الذي يحتضر..؟الاسلام أم أتباعه ؟ ومن سيطلق رصاصة الرحمة..
...
-
الماء غير مبذول...ولن يرويكم غير دماء الشعب ..!
-
الناشطة والكاتبة وجيهه الحويدر...شمعة في ظلام دامس
-
العصامي الهندوسي شويترام باجراني(قصة حياته من يوم هروبه من ا
...
-
البوذي الذي كاد أن يفقد ظله ...
-
أقزام عملاء ..وعمالقة فقراء
-
السيكارة والطبيب والثورة والجنس
-
الدكتور علي الوردي وحليب السباع
-
(مطرقة التهديم..في مملكة التحريم) تحية للمرأة في المملكة الس
...
-
الاستاذة راندا وجبل الجليد..
-
اللجنة المركزية وبرجها العاجي
-
من على اطلال بابل شاهدت مردوخ البابلي وتلمست عذاب البشرية في
...
-
الفوسفور ...واستعماله من قبل اعداء البشرية
-
جو بايدن(السيءالصيت)..يتأبط شرا
-
اللهم أكشف هذه الغمة عن هذه الامة....اللهم أغثنا..اللهم اغثن
...
-
إدارة التوحش.. وصناعة الوحوش السلفية ..!!
-
المدرسة التي ارادت ان تخرجني ...هي ذاتها التي خرجت بن لادن و
...
-
ساعة واحدة في ضيافة خلية سلفية جهادية
المزيد.....
-
مصادر: ميرتس مرشح التحالف المسيحي لمنصب المستشار
-
ماما جابت بيبي.. تردد قناة طيور الجنة Toyor Aljanah 2024 علي
...
-
بيان الجهاد الاسلامي حول احداث اليوم في لبنان
-
حركة الجهاد الاسلامي: العملية الغادرة التي نفذتها اجهزة الكي
...
-
خبير يهودي يتوقع نشوب حرب أهلية في الكيان المحتل
-
رئيس وزراء الإحتلال الأسبق ايهود باراك: الإطاحة بوزير الحرب
...
-
المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف موقع الراهب بقذائف المدفع
...
-
لماذا يصوت مسلمو أميركا لمرشحة يهودية بدلا من ترامب وهاريس؟
...
-
غدا.. الأردن يستضيف اجتماعا للجنة الوزارية العربية الإسلامية
...
-
بعد دعمها لفلسطين.. منظمة أوقفوا معاداة السامية تختار غريتا
...
المزيد.....
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
-
جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب
/ جدو جبريل
المزيد.....
|