|
حديث ليس فى الرياضة: الأولمبياد يسبح فى »نهر يناير« البرازيلى-
سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 2791 - 2009 / 10 / 6 - 19:13
المحور:
عالم الرياضة
كانت المنافسة علي استضافة دورة الألعاب الأولمبية عام 2016 بالغة الضراوة بين أربع مدن، هي طوكيو اليابانية ومدريد الإسبانية وشيكاغو الأمريكية وريودي جانيرو البرازيلية. وعلي مدار عشرة أيام شهدت العاصمة الدانماركية، كوبنهاجن، صراعا عنيفا بين الأطراف الأربعة علي كسب أكبر عدد ممكن من 115 صوتا تمثل إجمالي أعضاء اللجنة الأولمبية الدولية. واتخذ التصويت مساراً درامياً مثيراً. ففي الجولة الأولي تفوقت مدريد وحصلت علي المركز الأول، تلتها »ريو«، ثم طوكيو، بينما احتلت شيكاغو المركز الرابع والأخير. لكن حصول مدريد علي المركز الأول لم يؤهلها للفوز بشرف تنظيم أولمبياد 2016 لأنها لم تحصل علي النصاب القانوني من الأصوات.. فكان لابد من جولة ثانية. وفي هذه الجولة الثانية حدث تحول كبير لصالح »ريو« بعد خروج شيكاغو من السباق.. وكادت المدينة البرازيلية أن تفعلها وتحسم المعركة في المحطة الثانية من السباق. لكن تصدرها للمدن الثلاث المتبقية في الحلبة كان يعوزه استيفاء النصاب القانوني المطلوب أيضاً.. فذهب الجميع إلي جولة ثالثة حاسمة بعد إقصاء طوكيو في الجولة الثانية وشيكاغو في الجولة الأولي. وأصبحت الساحة حكراً علي »ريو« و»مدريد«. وفي الجولة الثالثة فعلتها ريو التي تقدمت بفارق كبير.. لتصبح البرازيل أول دولة في أمريكا الجنوبية تستضيف الأولمبياد. *** وليس المقصود في هذا المقال الحديث في الرياضة، وإنما الهدف هو استخلاص بعض الدروس التي قد تكون مفيدة لنا رغم أن مصر لم تكن مشاركة في سباق الأولمبياد. *** وأول ما يلفت النظر هو أن التقدم في الجولة الأولي في هذه الانتخابات لا يعني بالضرورة الحفاظ علي هذا التقدم في الجولات التالية.. بدليل أن مدريد كانت متصدرة للمشهد في الجولة الأولي لكنها خسرت الرهان في الجولة الأخيرة. وهذا ما لم نفهمه نحن أثناء متابعتنا لانتخابات اليونسكو حيث هللنا لحصول المرشح المصري، الفنان فاروق حسني، علي المركز الأول.. ثم عندما خسر الجولة الأخيرة أمام المرشحة البلغارية ذرفنا الدموع وألقينا مسئولية الهزيمة علي »مؤامرة« أمريكية - أوروبية - صهيونية، في حين أن المسألة هي ببساطة حسابات وتكتيكات انتخابية. *** ثانيا - ليس صحيحاً أن أمريكا قادرة علي كل شيء، أو أنها تقول للشئ كن فيكون، فها هي تخفق في الحصول علي أغلبية الأصوات التي تؤهلها لاستضافة الأولمبياد، رغم الاهتمام الكبير الذي أولته الادارة الأمريكية للفوز بهذا الشرف العظيم، لدرجة أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما ذهب بنفسه إلي كوبنهاجن خصيصا هو وزوجته لدعم فرص شيكاغو لاستضافة الألعاب الأولمبية. *** ثالثا - رغم وزن الرئيس الأمريكي أوباما، وثقل بلاده التي هي القوة الأعظم في العالم بأسره، والكاريزما الخاصة الملازمة لشخصه، فإن المدينة الأمريكية التي جاء من وراء المحيط ليناصرها تم استبعادها بين المدن الأربع المرشحة فيما وصفته وكالة الأنباء الفرنسية بأنه يشبه »أول خسارة انتخابية كبيرة لأوباما منذ تعيينه رئيسا«. لكن أوباما قبل الخسارة بروح رياضية، لم يرغم ويزيد، ويتحدث عن »خيانة« و»طعن في الظهر«، ومؤامرة كونية ضده وضد بلاده، بل إنه قام علي الفور بتهنئة مدينة ريو دي جانيرو والبرازيل واعتبر فوز مدينة لاتينية لأول مرة بتنظيم الألعاب الأولمبية »حدثا تاريخيا« و»دليلا قاطعا علي حدوث تقدم« في العالم. وقال لدي عودته إلي واشنطن إن »من أكثر الأمور القيمة في الرياضة برأيي أن بإمكانك أن تخوض مباراة رائعة دون أن تربح، وهكذا ورغم انني كنت أفضل أن د.عود من كوبنهاجن حاملين أخبارا أفضل، فإنه لا يسعني سوي أن أعبر عن مزيد من الاعتزاز مما أنا عليه بمدينتي شيكاغو«. وصدر بيان عن البيت الأبيض يقول ببساطة إن خسارة شيكاغو لا تعني بأي حال من الأحوال »صفعة لأوباما« ولا تنكرا لجهود الرئيس أو السيدة الأولي التي وصلت إلي كوبنهاجن قبل يومين من زوجها. وكانت فحوي هذا التصريح واضحة، ألا وهي قطع الطريق أمام محاولات الاستغلال السياسي المحتمل لهذا الحدث غير السياسي في جوهره، ولذلك ركز البيان علي »الآليات الداخلية« التي تحكم عمل اللجنة الأولمبية الدولية والتي تجعل النتيجة غير متوقعة لانتخاباتها. *** رابعاً: هناك بالفعل مبررات »موضوعية« يمكن إدراكها في هذه النتيجة لانتخابات الأولمبياد. * فطوكيو كانت لديها ميزة تقدمها بخطة مالية ممتازة ومعايير تقنية رائعة لكن تنظيم مدينة آسيوية للألعاب الأولمبية بعد ثماني سنوات فقط من أولمبياد بكين 2008 كان نقطة سلبية. * كذلك الحال بالنسبة لمدريد التي تقدمت بعرض ممتاز لكن العقبة تمثلت في أن تنظيم دورة أولمبية ثانية في أوروبا بعد أربع سنوات فقط من أولمبياد لندن 2012 لم يكن في صالحها. * وبالنسبة لشيكاغو تردد أنها لم توافق ـ في بداية الأمر علي الأقل ـ علي توقيع عقد استضافة مع اللجنة الأولمبية يلزم المدينة بتغطية أي عجز ينجم عن الألعاب. * وأخيرا جاء الحصان الرابح، نقصد »ريو« التي نجحت ليس فقط لأن ملفها كان مستوفيا للشروط فقط، وإنما أيضا لأن الحرص البرازيلي علي سد كل الثغرات الفنية »حرم اللجنة الأولمبية الدولية من أي أعذار لعدم منح مدينة واقعة جنوبي خط الاستواء وخارج استراليا، شرف استضافة الحدث الرياضي الكبير« علي حد تعبير وكالة »راويترز« *** وهذا المعني الأخير كان هو المحور الرئيسي لرد فعل الرئيس البرازيلي لويس اناسيو لولا دي سيلفا الذي قال عقب إعلان النتيجة »لقد أدرك العالم أن هذا هو وقت البرازيل«، بعد أن كان قد قال أمام اللجنة في معرض حثها للتصويت لمدينته »هذه لن تكون أولمبياد البرازيل فحسب، بل أولمبياد أمريكا الجنوبية«. وأثار الرجل المشاعر عندما قال وصوته يتهدج »هذه قارة لم يسبق لها استضافة الأولمبياد.. وقد حان الوقت لعلاج عدم التوازن. والفرصة سانحة اليوم لمنح الأولمبياد لقارة جديدة. إنها فرصة لإقامة الأولمبياد في بلد استوائي للمرة الأولي.. فرصة للشعور بدفء الناس وعراقة ثقافتنا وشعورنا بالبهجة«. *** وبعد هذا السباق الدرامي المثير وإعلان فوز ريودي جانيرو ـ التي تعني باللغة البرتغالي »نهر يناير« ـ بشرف استضافة أولمبياد 2016 انهمرت الدموع من عيني الرئيس البرازيل وهو يقول »إذا مت الآن فورا فإن حياتي ستساوي ذلك«. *** مبروك للبرازيل.. ولعلنا نتعلم الدرس ونكف عن التفسير التآمري لكل شيء وردود الفعل الانتقامية عند الخسارة.
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اختفاء النصف السفلي لإنسان!
-
نظرية -المؤامرة- فى تفسير -نكسة- موقعة اليونسكو!
-
زيارة السفير الإسرائيلي.. بداية أم نهاية؟̷
...
-
العالم يتغير.. ونحن نائمون فى العسل!
-
يا دكتور حاتم الجبلى.. تكلم!
-
عندما يتحول -الوطن- إلى -شقة مفروشة-!
-
الحياة.. بدون محمود عوض!
-
الفتنة الصحفية.. الكبري!
-
حسب الله الكفراوى يتحدي .. فهل من مبارز؟!
-
العشوائيات .. بعيون غير عشوائية 2-2
-
مبادرة -القلعة-.. هل من مزيد؟!
-
في عام 2002 دق »تقرير التنمية الإنسانية العربية« نواقيس الخط
...
-
أسماء .. الفلسطينية!
-
العشوائيات .. بعيون غير عشوائية
-
قراءة سريعة في تقرير مهم (3 3)
-
وهم حوار الحضارات
-
سيد القمني.. وجائزته الملغومة
-
قراءة سريعة في تقرير مهم (2):
-
وصمة عار وشعاع أمل:لبنى .. السودانية
-
قراءة سريعة في تقرير محترم (1)التقرير السنوي السادس للتنافسي
...
المزيد.....
-
فيديو شيق.. -الخارق- هالاند يواجه الذئاب ويمشي على الجمر ويت
...
-
الهداف السويدي جيوكيريس يكشف سر احتفاله الشهير
-
النجم بيكهام يكشف علانية إصابته بمرض مزمن
-
بينها هدف صلاح.. الكشف عن قائمة أجمل أهداف الموسم الحالي للد
...
-
طرح الدفعة الثانية من تذاكر كأس القارات للأندية قطر 2024
-
بالفعل أشعل المنصات.. ملايين المتابعين لرونالدو وضيفه خلال س
...
-
بعد العملية الجراحية.. طبيب نيفيز يصدم نادي الهلال السعودي
-
ثورة فليك ترفع القيمة السوقية لشباب برشلونة
-
رونالدو يثير تفاعلا بإجابة على دعابة -أنت على وشك الموت- في
...
-
من هم المختلون نفسيا؟.. رسالة -مبطنة- من محمد صلاح (صور)
المزيد.....
-
مقدمة كتاب تاريخ شعبي لكرة القدم
/ ميكايل كوريا
-
العربي بن مبارك أول من حمل لقب الجوهرة السوداء
/ إدريس ولد القابلة
المزيد.....
|