|
هل وجود الاحزاب الغفيرة ضرورة مرحلية في العراق؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2791 - 2009 / 10 / 6 - 15:03
المحور:
التحزب والتنظيم , الحوار , التفاعل و اقرار السياسات في الاحزاب والمنظمات اليسارية والديمقراطية
عندما نلقي نظرة عابرة على عدد الاحزاب و محتواها و مكانتها و ثقلها و تاثيراتها على الواقع و دورها في المسيرة السياسية، نحس ما نحن فيه من الفوضى و عدم التنظيم السياسي و الاجتماعي، و يستوضح لدينا المستوى العام للمجتمع و ارائه و مواقفه ازاء القضيا العامة و بما تهتم به الدولة و يمسه . هنا لابد ان اشير الى انني لا اريد ان اشوه وجه التحزب و وجوده المتحضر في المجتمع التقدمي و الذي يعتبر من الظواهر الاساسية للحياة المعاصرة الصحية لاي مجتمع، و الديموقراطية الحقيقية بحاجة ماسة الى الاحزاب و لا يمكن تصورها بعيدا عنها، و تدخل في خانة العمل السطحي و اللعب في ساحة من دون اللواعيب الاساسيين، و تفرغ الساحة للتجمعات و الجماعات و المكونات الاجتماعية المعروفة و ستبقى الطبقات و المكونات الاساسية المختلفة من دون تمثيل في هذه المنافسة و الصراع الحضاري المتمدن . هنا لا اريد ان اصف الحياة السياسية و الحزبية في العراق بانها لم تقدم شيئا ابدا، بل التعدد في الواقع تعبير عن الفضاء الملائم و الحرية في التجمع و الراي و المواقف، و طبيعي ان تصل الحال بعد كبت دام عقود الى هذا المستوى على الرغم من السلبيات، رغم ان اكبر المضحين هم الطبقة الكادحة و الفقراء و المعدومين، بينما سنحت الفرصة للعناصر الانتهازية في اللعب و الوصول الى المواقع لا يستحقها . ان المشكلة الاساسية في الاعداد الغزيرة من الاحزاب و التجمعات و الحركات هي عدم استقلاليتهم و ولادتهم من رحم المجتمع بشكل طبيعي كضرورة تاريخية فارضة لنفسها و التي تكون لخدمة تحقيق مصالح المجتمع او المكون الذي انبثقت منه. ما نشاهده هو التجمعات الدينية و المذهبية و العشائرية في هيئة تنظيمية غير واضحة المعالم و المضمون و الاهداف و الشعارات الحقيقية، بل يمكن ان نسميها تجمع العشائرعصرية المظهر من حيث الادارة و الوجه. اننا يجب ان نعلن هنا ما نقوله ليس من اجل انهاء الواقع الحزبي بشكل مطلق، او محاولة لفرض سلطة جهة على اخرى او الطعن في عمل الشخصيات النموذجية و النخبة في هذه الاحزاب او ادانة التعددية، لا ابدا، و انما الهدف هو تنظيم الحياة الحزبية بشكل واقعي متحضر بوجود الاسس العلمية الضرورية في بنية اي كيان سياسي،من اجل ضمان الشفافية في كيفية تاسيس اي تجمع ، و الذي يجب ان يكون واضح التركيب و العمل، و هو يسعى لتحقيق اهدافه وفق القوانين العامة، و بالضرورة اقرار قانون الاحزاب و الذي يعتبر لحد اليوم الفجوة و السلبية الكبرى و العامل الاكثر تاثيرا على تنظيم الاحزاب و كيفية اداء واجباتهم. فان كانت نتائج الانتخابات و نمو العملية الديموقراطية و الحياة السياسية و الصراع بين الطبقات و الفئات من العوامل الدافعة لانبثاق و تاسيس الاحزاب في الغرب بعد تجمع و وحدة الشخصيات و النشطاء الساسيين، فان الحزب في العراق بشكل عام ( الاصيلة منها طبعا) منبثقة من خضم الصراعات مع السلطة و النضال في اجواء و واقع غير طبيعي و هو ثمرة وحدة الصف للمعارضين و المستند على ما يؤمنون به و ما هو عليه المجتع من المستويات المختلفة من الافكار و العقائد و ما استورد اخيرا من التوجهات و المباديء بعد الاحتكاك مع الاخرين. و الواقع الفوضوي من حيث تنظيم هذه المنظومات نتيجة طبيعية و بالاخص بعد سقوط الدكتاتورية، و يحق لنا ان ننتقد هذا على انه طاريء مفروض، و في خضم هذه التفاعلات سيبرز الاصح، و لكن الواجب الرئيسي على النخبة من اجل تخفيف تاثيرات ما موجدود من الصفات السلبية للمجتمع في تركيب التنظيمات السياسية و هذا ما يحتاج الى وقت و خطط و اصرار كافة الجهات و المؤسسات. و بعد ماآلت الاوضاع الى ما نحن عليه الان و لاسبابه المتعددة و المختلفة من الذاتية الى الموضوعية، و ما فرضته المصالح الاقليمية و تصفية الحسابات و تدخلات الاخرين من خلال دعمهم لهذا الحزب او ذاك او تدخلهم في تاسيس احزاب و استخدامهم في تصفية الحسابات التي تمس مصالحهم نجد ان التعددية اصبحت ثقلا على العملية السياسية بدلا من ان تكون عاملا هاما في نجاحها . اما النوع الاخر من الاحزاب فهو من ولادة واقع اخر و من خضم الوضع الفوضوي الذي سيطر على البلاد و العباد. و كما هناك من الاحزاب ليست الا تجمع العشائر و القبائل و المقربين من البعض لحفظ مصالحهم الحياتية باسم الحزب، و منهم من ضربت مصالحه الشخصية نتيجة التغييرات و هو من المستفيدين من الظروف الماضية و يريد اعادة امجاده عن طريق هيئة او تجمع او كتلة يسميه حزب و ليس له اية صلة بمفهوم الحزب و مضمونه. من المؤسف ان العديد من هذه الاحزاب و التجمعات غير الطبيعية لم تنقرض بمرور المراحل نتيجة استغلالها و دعمها خارجيا و لاهداف معلومة، و هناك ما يسندها الوضع الاجتماعي الثقافي العام و مستوى وعي ابناء الشعب . اي العدد الغفير من الاحزاب لها سلبياتها ان قورنت بايجابيات التعديدة المطلوبة التي لايمكن حصرها في تعدد الاحزاب فقط ، و انما النظام الديموقراطي الذي لا يمكن تطبيقه دون توفر التعددية في الافكار و الاراءو المواقف المختلفة لا يعني الكثرة في العدد فقط، و كما هو الحال فان التعددية الحزبية في العراق ليست من ضرورات التاريخ و المرحلة المتنقلة بل عملية طارئة في طريقها الى الزوال ان عادت الاوضاع الى حالها الطبيعي.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل نظرية الموآمرة سلاح الضعفاء ؟
-
هل يكون التكتيك في خدمة الاستراتيجية دائما ؟
-
هل محاولات الامبريالية العالمية مستمرة في تحقيق غاياتها؟
-
كيف نخفف تاثيرات الحملات الانتخابية على اداء الحكومة
-
كيف و لمن نكتب ؟
-
الوحدة الوطنية ام محاربة الاختلافات
-
على الاقل قدر حقوق الاخرين بقدر منديلك
-
سبل اطمئنان المكونات الاساسية في العراق الجديد
-
الوضع العراقي الراهن بحاجة الى تعامل خاص
-
من هو رئيس الوزراء العراقي القادم
-
سبل تمدن المجتمع الشرق الاوسطي
-
تجسيد المجتمع المدني مرهون بالنظام السياسي التقدمي
-
الى متى يحتاج العراق لنظام ديموقراطي توافقي؟
-
المماطلة في طرح الحلول على طاولة المفاوضات في تركيا
-
الطبقة الكادحة و المناسبات العامة
-
ظروف العمالة الاجنبية في دول الشرق الاوسط
-
مستقبل اليسار الكوردستاني و مصيره
-
حدود تدخل السلطة في امور المجتمع العامة و الخاصة
-
المسيرة الانسانية بين الظروف الدينية و القومية المسيطرة على
...
-
العقيدة بين المعرفة و الايديولوجيا
المزيد.....
-
-لمعالجة النفايات-.. هل تنجح بغداد ببناء مطامر صحية لحماية ا
...
-
مبعوث أممي يقترح تقسيم الصحراء الغربية بين المغرب والبوليسار
...
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 574
-
مبعوث أممي يقترح تقسيم الصحراء الغربية بين المغرب والبوليسار
...
-
م.م.ن.ص// متابعة الرفيقة سميرة قاسمي في حالة اعتقال وايداعها
...
-
اقرا الاشتراكي
-
رغم معاناتهن.. السودانيات الأجدر بالمقاومة سلمًا وحربًا
-
انقذوا شمال غزة من الموت بالجوع والقصف
-
الشرطة تفض احتجاجًا لأهالي جبل تقوق النوبية
-
الفصائل الفلسطينية تدين العدوان الأمريكي البريطاني الجديد عل
...
المزيد.....
-
نَقْد شِعَار المَلَكِيَة البَرْلَمانية 1/2
/ عبد الرحمان النوضة
-
اللينينية والفوضوية فى التنظيم الحزبى - جدال مع العفيف الأخض
...
/ سعيد العليمى
-
هل يمكن الوثوق في المتطلعين؟...
/ محمد الحنفي
-
عندما نراهن على إقناع المقتنع.....
/ محمد الحنفي
-
في نَظَرِيَّة الدَّوْلَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
هل أنجزت 8 ماي كل مهامها؟...
/ محمد الحنفي
-
حزب العمال الشيوعى المصرى والصراع الحزبى الداخلى ( المخطوط ك
...
/ سعيد العليمى
-
نَقْد أَحْزاب اليَسار بالمغرب
/ عبد الرحمان النوضة
-
حزب العمال الشيوعى المصرى فى التأريخ الكورييلى - ضد رفعت الس
...
/ سعيد العليمى
-
نَقد تَعامل الأَحْزاب مَع الجَبْهَة
/ عبد الرحمان النوضة
المزيد.....
|