جورج فارس
الحوار المتمدن-العدد: 2791 - 2009 / 10 / 6 - 03:48
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الخطوات الأولى تجاه الحرية تبدأ من الداخل..
إنّ من يفعل ما يريد هو عبدٌ لما يريد.
ومن يفعل ما يريده الآخرون فهو عبدٌ لما يريده الآخرون.
وأمّا من يفعل كلّ ما هو متاحٌ ومباحٌ فهو ليس إلا عبداً لهذه العشوائية.
ففي الطريق إلى الحرية لابد للمرء وقبل أن يتحرر من الآخرين أن يتحرر أولاً من ذاته وعشوائيته اللتين تُعتبران القيد الأول والأقوى في سعيه، وهذا ما يتطلب منه انضباطاً وتدريباً لكل ما يُعتمل في داخله.
من المؤكد أن الحرية ستتحول إلى فوضى ما لم يكن هناك ما يوجّهها.
فعندما يتعلّم المرء أن يحترم ذاته سيبدأ برسم ملامح حريته في احترام الآخرين وهذا ما سيدفعهم في المقابل لاحترامه هو وحريته. فالحرية تفقد هويتها إن فقدت احترامها لذاتها لتصبح تعدياً فوضوياً على حريات الآخرين، لذلك فإنّ على حريتي أن تنتهي حين تبدأ حرية الآخرين.
تأتي المسؤولية لتمنح الحرية بُعداً آخر.
أن أفكر كما أريد، وأن أعبّر بلا خوف، وأن أسير في الطريق الذي أراه مناسباً، هذه كلها من سمات الحرية، ولكن ستمتلك الحرية أُفقاً من نوعٍ آخر حين أفكر بمسؤوليتي، وأعبّر بما يتوافق مع هذه المسؤولية، وأيضاً حين أسير في طريق مسؤوليتي إلى النهاية، وهنا ستتحول حريتي من غايةٍ أعيشها لنفسي إلى وسيلةٍ يعيش بها غيري.
فعندما يعيش كلٌّ منا من أجل الآخر سينتهي عندها صراع الحريات بيننا وسنمتلك جميعاً مساحاتٍ مشتركةً واسعةً لنبني مجتمعنا معاً.
ولا يبقى هنا سوى سارقي الحريّات، أولائك المقيّدين أصلاً بجهلهم وظلامهم، والساعين لزجّ الأحرار في سجونهم والمحافظة على أتباعهم مكبّلين، حيث يمارسون استبدادهم لعلهم يخففون من آلام أغلالهم، ويضيفون إلى فراغهم شعوراً بالحياة فقدوه بعدما رضخوا لأصفادهم وأنكروا كونهم عبيداً، وأداروا ظهورهم لتلك الحرية الحقيقية الموجودة في مكانٍ ما هناك والتي إن حررتهم فبالحقيقة سيكونون أحرارً.
وأتساءل.. إن كانت الحرية تبدأ من الداخل فمن هو الذي يستطيع حقاً أن يحرّر الداخل؟
#جورج_فارس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟