حتى في باريس ... لماذا يكون العراقيون ضحية للإبتزاز القومي ؟

داود البصري

الحوار المتمدن-العدد: 169 - 2002 / 6 / 23 - 22:49
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

حادثة بسيطة... ولكنها ذات مدلولات خطيرة ستفرز في مستقبل الأيام نتائجا وتداعيات لايمكن التكهن بدرجة عمقها على صعيد العلاقة والإنتماء والتلاحم بين الشعب العراقي والمحيط العربي المجاور وهي قضية حساسة لم يتم الإنتباه لها بشكل ملحوظ خصوصا مع تصاعد الكفاح الشعبي العراقي ضد النظام الإرهابي القائم ومواقف العديد من الأطراف العربية المتضامنة مع نظام القتلة المهزوم!... والحادثة التي أعنيها تتمثل في رفض مايسمى بمعهد العالم العربي في باريس قبول عرض فيلم سينمائي للمخرج العراقي الأستاذ (سعد سلمان) يتحدث عن صور القمع السلطوي الوحشي التي يتعرض لها المواطن العراقي من وشم للجباه وجدع للأنوف وقطع للآذان وللرؤوس وغيرها من ممارسات البعث البربرية التي تتنافى والحد الأدنى من حقوق الحيوان وليس الإنسان ! ،... سبب الرفض كان عجائبيا وغريبا لاينسجم على مايبدو إلا مع العقل العربي ولايتناسب إطلاقا مع موقع المعهد العتيد في قلب الحضارة الغربية وروحها التعبيرية النابضة في باريس مدينة النور والحرية وحقوق الإنسان التي يريد عبيد الأنظمة الشمولية المتعفنة المهزومة تحويلها لقمامة تشبه قمامات العواصم العربية إياها التي تقتل القتيل وتمشي في جنازته ؟! .

ونعود للسبب فالإستطراد يدفعنا على الدوام لعوالم أخرى !.. السبب كما أسلفت كارثي وهو عدم تناسب الفيلم العراقي مع مايجري في فلسطين ؟؟؟ برب الكعبة .. هل رأيتم سقوطا أخلاقيا ونفاقا مريعا أسؤأ مما تقدم ؟ ... فحينما يصرخ العراقي بظلامته وآلامه وأوجاعه وينتقد أنظمة الموت والدمار الشامل تشهر أمامه الكوفية الفلسطينية ويطل خفافيش النضال الإرتزاقي المزعوم برؤوسهم القبيحة وأفكارهم البالية وإرتزاقهم العطن ... وكأن العراقيون هم المسؤولون عما آل إليه الحال في فلسطين ؟ من إرهاب وقتل وتشريد ؟ أو لكأن النظام العراقي المجرم الفاشي المهزوم هو من سينازل الصهاينة ويهزمهم وإن عرض الآلام العراقية الناجمة عن جرائم النظام سيعطل مشروع التحرير القومي وسيجعل جيش القدس الكارتوني ينكص عن إستمرار مهمة التحرير ؟

ولاأدري هل كتب على الشعب العراقي والذي يموت يوميا منذ أكثر من ثلاثة عقود أن يدفع وحده ثمن جرائم شارون وعصبته ؟

وهل يكون الشعب العراقي هو الشعب الوحيد الذي تنتصب أمامه لوائح الإبتزاز الفلسطيني والعربي كلما عرض شكواه وظلامته أمام العالمين ؟

ترى من أعطى مايسمى بمعهد العالم العربي في باريس سلطة حجب الأعمال الفنية والإبداعية التي تنتصر للشعوب بدواعي الحفاظ على مايسمى بدواعي الأمن القومي والتضامن العربي ؟ ... فهل تحول هذا المعهد لمهزلة عربية جديدة ودائرة مستحدثة من دوائر الأمن والمخابرات العربية ؟

هل يتبع هذا المعهد لوزارة الثقافة الفرنسية أم لمجلس وزراء الداخلية العرب ؟

أين الشرفاء من السينمائيين العرب ؟

أين أنصار الشعب العراقي وقضيته العادلة من فناني سوريا ومصر والخليج إن كان هنالك أنصار ؟

أين تلكم الأصوات (التقدمية) التي كانت تنبح بحق الشعوب وبالحرية الإبداعية أيام القبض الدولاري وحينما كان الدولار ومشتقاته حالة نضالية متقدمة ؟ بل أين أنصار الحرية والسلام في عاصمة الحرية والسلام المزعومة؟

وهنا أتساءل هل أن إجرامية الجنرال شارون وحقده يلغيان إجرامية وحقد وعدوانية ووحشية نظام صدام ؟

ففي إطار المقارنة الموضوعية البعيدة عن نباح الشعارات وهلوسات أهل الإبتزاز الثوري المنافق فإن صداما المهزوم هو أسؤأ بكثير من شارون وجيشه !

# شارون لم يقتل إسرائيليا ولايهوديا بل كان منسجما مع مبادئه النازية وقتل أعدائه ؟ وهذه هي سنة الحرب !

#شارون لم يجدع الأنوف ويسمل العيون ويقطع الآذان لأبناء جلدته الذين إنتخبوه رسميا ولم يقطع رؤوس الإسرائليين والإسرائيليات بسيوف القضاة العبرانيين بل يقطع رؤوس أعدائه !

#شارون لم ينتهك عرض يهودية ولم يوثق جريمته بالفيديو كما يفعل أبطال التحرير القومي من كلاب البعث العفلقي المسعورة بل أنه يرتكب الجرائم ضد البشرية للدفاع عن شعبه ؟

وإنظروا في مقابل ذلك مافعله ويفعله نظام مجرم الحرب والإرهابي المسعور صدام بشعبه وجيرانه ؟

يعد كل ذلك لانسمح ولاينبغي كوطنيين عراقيين أن نسمح لأي كان من العرب والعجم والبربر بأن يعامل شعبنا معاملة دونية تتنكر لتضحياته ولحقوقه الوطنية والقومية ويحارب مبدعيه تحت صليل الشعارات القومية الإرتزاقية المزيفة ورفع رايات التضامن المدفوع الثمن مع نظام القتل والإرهاب في العراق فما نفهمه من العروبة والقومية هو الوقوف بجانب الشعوب لابجانب القتلة من الحكام !.

ترى هل في عرض مآسي الشعب العراقي سينمائيا إنتقاص من النضال الفلسطيني ؟ أم أنه يشكل حالة واحدة في محاربة القتلة والسفاحين صهاينة كانوا أم عربا ؟ فالأجرام والفاشية لاجنسية لها ولادين ؟.

لو كان الدفاع عن مآسي الشعب العراقي والتركيز على إجرامية وإرهابية نظام صدام المهزوم خيانة قومية ... فإشهدوا ياعرب الذل والهوان والإرتزاق والهزيمة من أننا خونة حتى العظم ....

ألا قبح الله القوم البائسين المدافعين عن الفاشية والإجرام والمتنكرين لحقوق الشعوب

ولاأدري بعد ذلك موقف المعارضة العراقية وهي تتصارع على عقد المؤتمرات وتدبيج البيانات مما يحصل في باريس على أيدي جلاوزة الثقافة من السينمائيين والفنانين العرب ؟ .

[email protected]

#داود_البصري (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات