أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد القادر أنيس - قراءة في مقال:إشكاليات العلمانيين ..رشا ممتاز نموذجا 4















المزيد.....

قراءة في مقال:إشكاليات العلمانيين ..رشا ممتاز نموذجا 4


عبد القادر أنيس

الحوار المتمدن-العدد: 2787 - 2009 / 10 / 2 - 18:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كتب السيد عليوة أحد عشر مقالا تحت هذا العنوان. وقد كتبت أنا ثلاثة مقالات تعقيبية عليه ثم توقفت في انتظار ما ستسفر عنه رحلته في أوربا المسيحية منبت العلمانية، وأخيرا وصل إلى ما كنت أتوقعه عندما قرر أن: العلمانية هي رد فعل على الكنيسية المسيحية ولا داعي لتبنيها في مجتمعاتنا الإسلامية لأن الإسلام نظرية وممارسة لا يستدعي ذلك.
في البداية لابد أن أنبه إلى أن عنوان المقال (إشكاليات العلمانيين.. رشت ممتاز نموذجا) لا علاقة له بما قرأته شخصيا عن رشا ممتاز. فالسيد عليوة ورشا ممتاز، كلاهما في صف واحد لمحاربة العلمانية، الرجل إسلامي يتمترس بالإسلام ويهاجم العلمانية من خارجها والمرأة تتمترس بالعلمانية ولكنها تدافع عن الإسلام بطريقة وأدوات عصرية أفضل منه، ولهذا كان بينهما حديث الطرشان.
مقال اليوم يستند أساسا على مقال السيد عليوة الأخير في الرابط:
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=186389
يقول الكاتب: ( هل للعلمانية في العالم الإسلامي مبرر؟ هل لها ما يسوغها من الأسباب سواء أكان في العقيدة أم الشريعة، في التصور أم في التطبيق؟ ).
ويواصل (وإذا استعرضنا بسرعة خاطفة ما سبق أن تحدثنا عنه سلفا، من قصة العلمانية في أوروبا بأسبابها ودوافعها، فسوف نصل دون جهد إلى نتيجة واضحة هي: أن العلمانية رد فعل خاطئ لدين محرف وأوضاع خاطئة كذلك، وإنها نبات نكد خرج من تربة خبيثة ونتاج سيء لظروف غير طبيعية).
(طبعا أنا كلعماني وملحد،لا أرى الفرق بين الأديان، فهي جميعا بالنسبة إلي صنيعة بشرية، تطورت عبر العصور، وقد وصلت في الشرق الأوسط على يد أخناتون الفرعون المصري إلى توحيد الآلهة في إله واحد بعد تجربة شرك طويلة، وفشلت هذه المحاولة الأولى في مصر ولكنها هاجرت مع موسى المصري برفقة العبرانيين لتفرخ أنبياء آخرهم محمد العربي، لتعود بعد قرون إلى مصر في ثوب الإسلام، (فهي إذن بضاعتهم ردت إليهم ولكنها فرضت نفسها على الناس بالقوة واستبدلت دينا بدين).
ويقول: (فـأوروبا نكبت بالكنيسة وديانتها المحرفة وطغيانها الأعمى، وسارت أحقابا من الدهر تتعثر في ركابها، ثم انتفضت عليها وتمردت على سلطتها، فانتقلت إلى انحراف آخر وسارت في خط مضاد، إلا أنه أعظم خطرا وأسوأ مصيرا). انتهى
الكاتب هنا شأنه شأن رجال الدين المسلمين، يحلو لهم دائما مقارنة الوقائع البشرية عند الآخر بالمثاليات التي يتصورونها عن الدين الإسلامي، وقلما يقارنون واقعا بواقع. وحتى في هذه الحالة فهذه المثاليات لا ترقى لأن تكون أساس دولة محترمة تصون حقوق الإنسان، وسوف نعود إلى هذا فيما بعد)
قبل ذلك دعونا نتساءل: هل كان الواقع الإسلامي يختلف عن الواقع المسيحي من حيث وقعه على الناس، مسيحيين ومسلمين؟ لو صدقنا الكاتب لامتلأت عقولنا وقلوبنا وصدورنا وأفئدتنا وحتى أكبادنا حسدا على ذلك الفردوس الذي عاش فيه المسلمون قرونا طويلة في ظل الخلافة الإسلامية: عدل ومساواة وحرية ومشاركة في الحكم وفي الخيرات والبركات. لكن للأسف هذا الفردوس المفقود هو الذي يحقنه رجال الدين في عقول الناس فيمنعونهم عن التطلع نحو تجارب أخرى عند الآخرين قد تخرجهم من التخلف.
لكن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن.
إن واقع المسلمين لم يكن يختلف عن أي واقع آخر في الأرض. كان واقعا عبوديا إقطاعيا استبداديا تشهد على ذلك كل الحروب والفتن والمحن التي ابتلي بها المسلمون طوال تاريخهم، فانقسموا فرقا وشيعا وطوائف ومذاهب كان الصراع بينها أشد قسوة مقارنة بالصراع مع غير المسلمين. وهنا لا بد أن أروي ما قرأت عن واصل بن عطاء رائد المعتزلة عندما كان مسافرا مع جماعة والتقوا بفرقة من الخوارج كانت تكفر كل المسلمين خارج فرقتهم، وكيف احتال عليهم واصل ونفى إسلامه وإسلام أصحابه وادعي أنهم جماعة من المجوس قصدوا بلاد الإسلام للاستفسار عن هذا الدين، فخلوا سبيلهم. ولو كانوا مسلمين لقضوا جميعا !!!
ويقول الكاتب: (انتقلت (يقصد أوربا) من جاهلية تلبس مسوح الدين إلى جاهلية ترتدي مسوح التقدم والتطور، وهربت من طغيان رجال الدين والإقطاعيين، فوقعت في قبضة الرأسماليين وأعضاء الحزب الشيوعي).
وهنا يبلغ الجحود عند السيد عليوة أوجه:
عندما يتجاهل كل الإنجازات العظيمة التي حققتها الدول العلمانية وعلى رأسها دول أوربا.
وعندما يتجاهل أن هذه البلدان أصبحت قبلة العالم للبشرية ابتداء من طالبي العمل إلى طالبي اللجوء السياسي مرورا بطالبي العلم وطالبي السياحة والعلاج.
وعندما يتجاهل التضحيات الجسيمة التي قدمتها شعوب تلك البلدان في محاربة التخلف والجهل والاستبداد والاضطهاد وشقت طرقا مجهولة غير مطروقة، وكم أخطأت وكم عانت وكل ضلت السبيل، حتى حققت لمواطنيها مناخات الحرية والأمن والمواطنة التي تحسد عليها.
وعندما يخطئ السيد عليوة عندما يواصل عداءه البدائي للشيوعية التي انكسرت شوكتها نتيجة أخطائها، ولكنها مع ذلك كانت صرخة المظلومين وأمل المضطهدين.
وعندما يعادي الرأسمالية بإطلاق، وهي التي أحدثت ثورات في العالم، في الإنتاج الغزيز الذي مكن البسطاء من الغذاء والكساء والعلاج والتنقل والاتصال، وفي إطلاق العنان للعقل البشري ليبدع وينتج وينافس.
وعندما يوصم الحضارة الغربية بالجاهلية بعد ضمنت حقوق الإنسان وضعت حدا لجبروت الحكام ووضعت بين الشعوب مصائرها.

ويقول السيد عليوة: (وذلك الانتقال وهذا الهروب دفعت إليه ظروف تاريخية بيئية نابعة من واقع الحياة الأوروبية خاصة؛ مع العلم بأنه لم يكن ضروريا أن يتخذ رد الفعل الأوروبي تلك الصفة بعينها، وأن مجيئه على هذا الشكل ليس حتميا. أي أنه لم يكن حتما على مجتمع ابتلي بدين محرف أن يخرج عنه ليكون مجتمعاً لا دينيا، بل الافتراض الصحيح هو أن يبحث عن الدين الصحيح). انتهى
هنا الكاتب، وبعيد جدا عن أي تواضع، يدعي أنه أعرف بمصلحة الأوربيين، وأن الملايين من شعوبهم وعلى رأسها مئات الألوف من العلماء في شتى التخصصات لا يعرفون مصلحة بلادهم، عندما أبدعوا العلمانية ودافعوا عنها ولا يزالون يدافعون عنها ضد احتمالات عودة الماضي البغيض، كما اخترعوا مختلف الهيئات والمؤسسات للمراقبة والمتابعة والبحث وتقصي الأخطاء والنقائص وتصحيحها واقتراح الحلول وتجريبها بعيدا عن أي موقف تقديسي لأي جهة أو رأي أو مذهب. أما خطأهم الأكبر فهو أنهم لم يبحثوا عن الدين الصحيح، الذي هو في نظره الإسلام دون أن يتفضل ويبوح به.
لهذا هيا بنا نطلع على الحلول الإسلامية لإخراج البشرية من زيغ العلمانية. مع العلم أن هذه الحلول الوهمية لم تنفع حتى أصحابها الذين عجزوا طويل 14 قرنا ونيف عن تأسيس حكم دستوري يضاهي ذلك الذي أبدعه اليونانيون والرومان الوثنيون قبلهم بألف عام.
وحول مزايا الإسلام مقارنة بالمسيحية:
يقول الكاتب: (فالإسلام ليس فيه شيء من هذا ليس فيه تثليث، بل توحيد خالص وليس فيه كهنوت). وهذا الكلام أبعد ما يكون عن الحقيقة. الإسلام فيه كهنوت، ولم يخل تاريخ الإسلام أبدا من مؤسسات دينية كان لها اليد الطولى في اقتسام مناطق النفوذ على الشعوب مع الحكام. لا تخلو أية دولة من هذه الهيئات، ابتداء من الحاكم الذي يجمع بين يديه السلطة الدينية والدنيوية إلى شيوخ الإسلام إلى المساجد والزوايا الطرقية إلى الحوزات والآيات والولايات. في السعودية وإيران ثيوقراطية خاضعة تماما لرجال الدين، والأهم من هذا وذاك أن الشعوب كانت خاضعة للشريعة الإسلامية التي يسهر على تطبيقها واحترامها رجال الدين المدعومون بصولجان السلاطين.

وهذا الموقف يقود الكاتب إلى التقرير الغريب التالي: ( فالحاكم في الإسلام يختار على أساس البيعة والشورى ومسئولية الحاكم أمام الأمة, وحقّ كل فرد في الرعية أن ينصح الحاكم ويأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر.. فإن الحاكم في الإسلام مقيَّد غير مطلق, فهناك شريعة تقيده، وضعها له ولغيره رب العباد, ولا يستطيع ولا يملك أن يغيِر من أحكام الله الثابتة شيئا).
فهل يتجاهل السيد عليوة أن الحكم ظل دائما في تاريخ الإسلام استبداديا وراثيا يتناقله الأبناء عن الآباء بينما كان الناس مخيرين بين القبول به أو السيف، كما سن ذلك معاوية. الخلافة الإسلامية كانت تحت رحمة عائلات معروفة: العباسيون، الإمويون، السلاجقة، البويهيون، الأيوبيون، الفاطميون، الخ... وحتى الشيعة ظلوا دائما وما زالوا يعتقدون في أحقية آل البيت في تولي الإمامة.
إن وموقف السيد عليوة يعبر عن موقف عام يشترك فيه كل رجال الدين تقريبا، ولهذا ارتأيت مناقشته في هذه المسألة.
وحتى عندما يفتخرون بقول أول خليفة في الإسلام أبو بكر الصديق في أول خطاب له: (أطيعوني ما أطعت الله فيكم, فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم, إن أحسنت فأعينوني, وإن أسأت فقوموني) فإنهم يتجاهلون أن أبا بكر قال أيضا (الإمامة في قريش) راويا ذلك عن النبي محمد وأبعد بذلك تطلعات الأنصار الذي لولاهم لما انتصر الإسلام، كما يتجاهلون كل الفتن التي نشبت حول الأحقية في السلطة لأن الإسلام لم ينص على أي أسلوب لاختيار الحاكم، فالأول (أبوكر) نصبه عمر، عندما سارع إلى مبايعته بحجة أن الرسول قد أوكل إليه إمامة الصلاة بالناس بعد مرضه الذي مات منه، والثاني (عمر) نصبه أبو بكر، والثالث (عثمان) نصبه خمسة دون سائر الصحابة والرابع نصبه نفسه بحجة أحقيته المطلقة على كل السابقين لأنه من آل البيت، واغتيل ثلاثة، ثم استولى عليها الأميون ألد أعداء الإسلام قبل فتح مكة، بعد أربعين سنة من الهجرة، ثم صار بينهم ملكا عضوضا. فأين وجد الكاتب أن الحاكم في الإسلام كان يختار من قبل الرعية؟
ولا أخال الكاتب يجهل رأي عثمان بن عفان في المسألة حين رفض الاستجابة لمطالبيه بالاستقالة (أما أن أخلع لهم أمرهم ، فما كنت لأخلع سربالاً سربلينه الله)، فهو يرى خلافته إرادة إلهية لا شأن للرعية فيها.
ثم يبلغ التواضع بالكاتب أدنى درجة عندما يقول: (والديمقراطية الغربية قد توصلت إلى أن السيادة للأمة في اختيار الحاكم ومحاسبته وعزله، وذلك كان بعد عشرة (كذا) قرون على التشريعات الإسلامية والتي طبقها النبي- صلى الله عليه وسلم- والمسلمون من بعده، ولذلك فالدولة الإسلامية بالتعبير المعاصر دولة مدنية، وليست حكما ثيوقرطيا, فالاحتكام فيها ليس لأمر غيبي يدعمه الحاكم أو عالم من علماء الدين، فالاحتكام يكون للقرآن والسنة (أي القانون المكتوب)، ومهام رئيس الدولة أكثرها مهام مدنية، كما فصل ذلك الإمام الماوردي في (الأحكام السلطانية) نحو عشر مهام دنيوية..). وقد سبقت نظرية العقد الإسلامية( البيعة) نظرية العقد الاجتماعي التي قال بها جون لوك وجان جاك روسو بعشرات السنين). انتهى
هكذا إذن، فقد فصل الإمام الماوردي في الأمر منذ ما يقرب من عشرة قرون، وعلينا نحن اليوم أن نسمع ونطيع ونضع عقولنا في الثلاجة.
فلنذهب إذن إلى الإمام الماوردي في "الأحكام السلطانية" ونر ما يقول هذا العالم الذي قال كلمة الفصل فيما يجب وما لا يجب في الحكم الإسلامي الذي يجعله السيد عليوة مثالا لا يرقى إليه الحكم الحديث وسأعلق بين قوسين على أقوال الماوردي:
يقول الماوردي: (قَالَ (صلعم): { سَيَلِيكُمْ بَعْدِي وُلاةٌ فَيَلِيكُمْ الْبَرُّ بِبِرِّهِ , وَيَلِيكُمْ الْفَاجِرُ بِفُجُورِهِ , فَاسْمَعُوا لَهُمْ وَأَطِيعُوا فِي كُلِّ مَا وَافَقَ الْحَقَّ , فَإِنْ أَحْسَنُوا فَلَكُمْ وَلَهُمْ , وَإِنْ أَسَاءُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ } . وَالْإِمَامَةُ تَنْعَقِدُ مِنْ وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا بِاخْتِيَارِ أَهْلِ الْعَقْدِ وَالْحَلِّ .
وَالثَّانِي بِعَهْدِ الإمَامِ مِنْ قَبْلُ وَأَمَّا انْعِقَادُ الإمَامَةِ بِعَهْدِ مَنْ قَبْلَهُ فَهُوَ مِمَّا انْعَقَدَ الإجْمَاعُ عَلَى جَوَازِهِ وَوَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى صِحَّتِهِ لِأَمْرَيْنِ عَمِلَ الْمُسْلِمُونَ بِهِمَا وَلَمْ يَتَنَاكَرُوهُمَا
أَحَدُهُمَا : أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه عَهِدَ بِهَا إلَى عُمَرَ رضي الله عنه فَأَثْبَتَ الْمُسْلِمُونَ إمَامَتَهُ بِعَهْدِهِ .
وَالثَّانِي : أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه عَهِدَ بِهَا إلَى أَهْلِ الشُّورَى فَقَبِلَتْ الْجَمَاعَةُ دُخُولَهُمْوَيَجُوزُ لِلْخَلِيفَةِ أَنْ يَنُصَّ عَلَى أَهْلِ الِاخْتِيَارِ كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنُصَّ عَلَى أَهْلِ الْعَهْدِ , فَلَا يَصِحُّ إلَّا اخْتِيَارُ مَنْ نَصَّ عَلَيْهِ كَمَا لَا يَصِحُّ إلَّا تَقْلِيدُ مَنْ عَهِدَ إلَيْهِ لِأَنَّهُمَا مِنْ حُقُوقِ خِلَافَتِهِ) انتهى
واضح أن الإسلام حسب الماوردي يرى:
أولا: ضرورة طاعة الحاكم برا أو فاجرا (الحديث النبوي)، ولعل هذا هو ما ألهم الفقهاء ليقولوا (ظلم غشوم خير من فتنة تدوم).
ثانيا: يتم اختيار الحاكم من طرف أهل الحل والعقد. فمن هم هؤلاء في نظر الإسلام؟ ومن جعلهم أهل حل وعقد؟ ومن عينهم في هذ المنصب الخطير؟ وما هي شروط وضعهم ومن وضع هذه الشروط، وهل للرعية رأي في ذلك؟ وهل يمكن أن نقارنهم ببرلمانات اليوم؟ هنا نجد أنفسنا أمام صمت مطبق من الناحية الدينية. أما من الناحية الواقعية كما عاشها الناس في تاريخ الإسلام فإن أهل الحل والعقد هم جماعة يختارهم الحاكم من بين الصفة: أعيان، فقهاء، وجهاء، ...، وطبعا من يعينهم فهو بشر (الحاكم) ولا بد أن يأخذ مصالحه ومصالح ذويه بعين الاعتبار ولا بد أن يختار من يطمئن إلى ولائه.
ثالثا: يتم اختيار الحاكم بعهد الإمام، أي بوصية أو تعيين مباشر من الحاكم الحالي لولي عهد. فأين الديمقراطية في هذا الموقف؟
ويقول الماوردي: (وَلَوْ عَهِدَ الْخَلِيفَةُ إلَى اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ وَرَتَّبَ الْخِلَافَةَ فِيهِمْ فَقَالَ الْخَلِيفَةُ بَعْدِي فُلَانٌ فَإِنْ مَاتَ فَالْخَلِيفَةُ بَعْدَ مَوْتِهِ فُلَانٌ فَإِنْ مَاتَ فَالْخَلِيفَةُ بَعْدَهُ فُلَانٌ جَازَ وَكَانَتْ الْخِلَافَةُ مُتَنَقِّلَةً إلَى الثَّلَاثَةِ عَلَى مَا رَتَّبَهَا) انتهى
أي أن الخليفة له الحق شرعا أن يرهن الحكم لعشرات السنين بعد موته مهما طالت أعمار الثلاثة الموصى بهم.
ويقول الماوردي: (وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَلَّدَ الْقَضَاءُ إلَّا مَنْ تَكَامَلَتْ فِيهِ شُرُوطُهُ الَّتِي يَصِحُّ مَعَهَا تَقْلِيدُهُ وَيَنْفُذُ بِهَا حُكْمُهُ وَهِيَ سَبْعَةٌ : (نذكر ثلاثة شروط منها اختصارا) وهي:
أولا : فَالشَّرْطُ الْأَوَّلُ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ رَجُلا، (أي أن المرأة مقصية إلى الأبد من حشر أنفها في مسألة تخص الرجال حصرا).
الثَّالِثُ : الْحُرِّيَّةُ , لِأَنَّ نَقْصَ الْعَبْدِ عَنْ وِلَايَةِ نَفْسِهِ يَمْنَعُ مِنْ انْعِقَادِ وِلَايَتِهِ عَلَى غَيْرِهِ , وَلِأَنَّ الرِّقَّ لَمَّا مَنَعَ مِنْ قَبُولِ الشَّهَادَةِ كَانَ أَوْلَى أَنْ يَمْنَعَ مِنْ نُفُوذِ الْحُكْمِ وَانْعِقَادِ الْوِلَايَةِ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِيمَنْ لَمْ تَكْمُلْ حُرِّيَّتُهُ مِنْ الْمُدَبَّرِ وَالْمُكَاتَبِ وَمَنْ رُقَّ بَعْضُهُ (لاحظوا سادتي القراء هذا النظام المثالي الذي يبيح العبودية وحتى العبودية الجزئية (رق بعضه).
وَالشَّرْطُ الرَّابِعُ : الْإِسْلَامُ لِكَوْنِهِ شَرْطًا فِي جَوَازِ الشَّهَادَةِ مَعَ قَوْلِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : { وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا }. انتهي
ومعنى هذا الكلام حسب السيد عليوة أن المواطنين من غير المسلمين في بلداننا، هم ناقصو أهلية، مشكوك في ولائهم لوطنهم، محرومون إلى الأبد من أي طموح للمشاركة في حياة بلادهم السياسية.
يتبع







#عبد_القادر_أنيس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لإسلام والأقليات: قراءة في مقال: إشكاليات العلمانيين ..رشا م ...
- قراءة في مقال: إشكاليات العلمانيين ..رشا ممتاز نموذجا (5) لل ...
- قراءة في مقال: إشكاليات العلمانيين ..رشا ممتاز نموذجا (5) لل ...
- قراءة في مقال: هل الذهنية العربية تقبل ثقافة التغيير والديمق ...
- دولنا إسلامية بامتياز
- شامل عبد العزيز بين الإسلام والعلمانية


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد القادر أنيس - قراءة في مقال:إشكاليات العلمانيين ..رشا ممتاز نموذجا 4