جورج فارس
الحوار المتمدن-العدد: 2787 - 2009 / 10 / 2 - 08:59
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لا يحتاج أحدٌ منا إلهاً دون مستوى انسانية البشر.
إله السماء هذه الشخصية التي تمحورت حولها الكثير من الجدليات والفلسفات ونشبت باسمها الحروب وسُفكت الدماء كما وبُنيت لأجلها مختلف أنواع دور العبادة، فهناك من يبحث عنها وهناك من يرفضها وينكرها، ويوجد من يقبلها ويصدقها، كما ويوجد من يفرضها على الآخرين ولو بالقوة.
وأتساءل من منا يقبل إلهاً ليس فيه من الانسانية ما يجعله فوق مستوى البشر؟
فمن يدعو إلى المساواة والعدل بين البشر لن يصدق بإلهٍ يميز بين الرجل والمرأة ويعطي لأحدهما حقاً دون الآخر، ومن ينادي بالمحبة والرحمة والتآخي لن يقبل إلهاً إلاّ إن كانت محبته ورحمته للبشر تفوق ما في قلب ذاك الانسان.
وبالجهة المعاكسة فمن كان متعطشاً للدماء لن يجد في إلهه إلا سفّاحاً دموياً منتقماً من أعدائه وإلا فإنه سيراه ضعيفاً ما يجعله يرفضه محاولاً إيجاد إلهٍ يناسبه.
فكلٌ فيما ينادي ويحيا يقدم صورةً عن إلهه وهذا ما يجعل الناس يقبلون أو يرفضون من يعبد.
فمن يؤمنون بوجود ذاك الإله في تلك السماء يرون في انسانيتهم جزءاً يسيراً من انسانيته لأن ما وضعه في قلوبهم أساساً هو نابعٌ منه، وأما من رفضوه فلهم كل العذر لأن ما رؤوه من تابعيه لا ينسجم مع انسانية قلوبهم ومع مبادئهم المخلصة في مساواة جميع البشر.
عن نفسي لا أريد إلهاً يرعبني او يخيفني ويهددني ويتوعدني لكني أريد إلهاً يحبني ويسير معي ويرتفع بي إلى مستوى الانسانية التي خلقني بها لأكون فرداً أحيا مثله بكل المحبة والتضحية والرحمة والعدل وأضع يدي بيد كل أخٍ لي في الانسانية لنبني مجتمعاً نحيا فيه معاً، فمثل هذا الإله لن يرفضه إلا اللا انسانيون وأما نحن الباقون فسنحيا معه ولأجله لأنه هو معنا ولأجلنا وهذا ما سيرتفع بانسانيتنا إلى مستواه بدلاً من أن نهبط به إلى مستوى رغباتنا وشهواتنا.
#جورج_فارس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟