|
الحد بين القانونين الأساسيين للرأسمالية و الإشتراكية
امال الحسين
كاتب وباحث.
(Lahoucine Amal)
الحوار المتمدن-العدد: 2784 - 2009 / 9 / 29 - 18:42
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
كتب لي أحد الطلبة في أحد التعيقات على موضوع "الحد بين الثورتين البورجوازية و الإشتراكية " يسأل عن قانون الإقتصاد الإشتراكي الذي اكتشفه ستالين و نظرا لعدم اتساع مجال التعليقات لتوضيح ذلك ، أكتب هذا الموضوع حول القانونيين الأساسيين في الإقتصاديين الرأسمالي و الإشتراكي و علاقتهما بالنظاميين الرأسمالي و الإشتراكي لعلي أتوفق في إقناعه. لقد انبثقت الثورات البورجوازية من صلب التناقض في النظام الإقطاعي عندما تجاوزت فيه قوى الإنتاج الجديدة المتسمة بالثورة علاقات الإنتاج الإقطاعية بعد الطفرة الصناعية بأوربا خاصة في إنجلترا خلال القرن 17، و حصل تنافر أساسي بين هذه القوى الثورية ذات الجذور البورجوازية و علاقات الإنتاج البائدة ذات الجذور الإقطاعية فكان لا بد من تغييرها بعد انتصار مفاهيم البورجوازية على مصالح الإقطاع، و قامت الثورات البورجوازية بأوربا و أطاحت بالأنظمة الفيودالية و بالتالي قضت على النظام الإقطاعي الذي يسود فيه نظام العبودية بعد صعود البورجوازية إلى السلطة و بروز النظام الرأسمالي ، و كانت في حينها القوى المنتجة الجديدة في توافق مع علاقات الإنتاج البورجوازية التي بشرت بالعهد الجديد للحريات الفردية و الجماعية التي تم إعلانها في دساتير الدول الرأسمالية ، إلا أن الرأسمال الصناعي أحدث تناقضا هائلا بين القوى المنتجة الثورة التي تشكل فيها البروليتاريا عنصرها الأساسي و علاقات الإنتاج البورجوازية ، بعد تحويله للإنتاج البضاعي الذي كان أعرق تاريخيا من النظام الرأسمالية إلى وسيلة لاستغلال الطبقة العاملة بعد تحويل قوة عمل العمال إلى بضاعة يتم بيعها و شراؤها ، مع العلم أن الإنتاج البضاعي هيأ المجال للرأسمالية في مرحلة سيطرة الرأسمال التجاري في عهد الإقطاع ، بعد تداول فائض الإنتاج الزراعي و الحرفي في السوق التجارية العالمية بتبادل البضائع بالنقد ، و لم يكن الإنتاج البضاعي من نتائج ظهور النظام الرأسمالي إلا أنه طور هذا الإنتاج في عصر الثورة الصناعية. و بعد سيطرة الرأسمال الصناعي على الرأسمال التجاري ظهر التناقض الأساسي بين الرأسمال و العمل نتيجة تبضيع قوة عمل البروليتاريا من طرف الرأسماليين من أجل مزيد من الربح ، و بالتالي تكديس قوة العمل المسلوبة من الطبقة العاملة على شكل رأسمال صناعي بتكثيف استغلالها ، ليصبح هذا العمل المكدس أي الرأسمال أداة للسيطرة على العمل الحي أي العمال مما زايد تضاعف الثروات في أيدي البورجوازية على شكل رأسمال ، فالرأسمال إذن نتاج تكديس قوة عمل العمال المستغلين بالمعامل و المصانع بعد جعلها بضاعة ينم التحكم في أسعارها من طرف الرأسماليين في سوق العمل، و نتج عن هذا الإستغلال المكثف بروز أهمية القيمة الزائدة أي الربح المتزايد في النظام الرأسمالي طبقا لجشع الرأسماليين ، و هذه القيمة الزائدة الناتجة عن نزع جزء كبير من قوة العمل أصبحت القانون الأساسي للإقتصاد الرأسمالي في مرحلة المزاحمة الحرة بين الرأسماليين ، و في ظل تطور أدوات الإنتاج تم خلق المزاحمة بين العمال لعرض قوة عملهم للبيع بعد تدني الأجور و تزاد العمال المطرودين من العمل ، و هكذا يكون العمل الحي /العمال وسيلة للحفاظ على العمل المكدس/الرأسمال الذي تمت سرقته من قوة عمل الطبقة العاملة عبر زمن طويل من الإستغلال المكثف في المعامل و المصانع ، الشيء الذي مكن الرأسمال من الإستمرار في استغلال العمل من أجل التنمية و التطور مع تطور أدوات الإنتاج و أساليب الإستغلال ، و هكذا أصبح شرط وجود الرأسمال مقرون بشرط وجود العمل المأجور و لا يمكن للرأسمالية أن تستمر في التنمية و التطور إلا بوجود القيمة الزائدة التي تعتبر القانون الأساسي للإقتصاد الرأسمالي . و وجود القيمة الزائدة في الإقتصاد الرأسمالي لم يكن إلا نتيجة عدم قدرة البورجوازية بعد صعودها إلى الحكم على نفي التناقض الأساسي بين ملكية وسائل الإنتاج الخاصة التي أصبحت رأسمالية و العمل الذي يتسم بالصفة الإجتماعية ، مما فند جميع ادعاءات البورجوازية حول قدرتها على إسعاد البشرية بعد نجاح الثورات البورجوازية بأوربا ، و نتج عن تطور الرأسمالية في مرحلة المزاحمة الحرة إبراز دور القيمة الزائدة/الربح يشكل جشع كحافز بين الرأسماليين من أجل مزيد من الإستغلال المكثف للطبقة العاملة ، و مع بروز فائض الإنتاج نتيجة فوضى الإنتاج و المزاحمة الحرة و الأزمات الناتجة عن ذلك تنامى تكثيف استغلال الرأسمال للعمل و برز الإستعمار للسيطرة على السوق التجارية العالمية ، مما نتج عنه بروز مرحلة الإحتكارات الكبرى التي يسعى فيها الرأسماليون إلى توفير أقصى ما يمكن من القيمة الزائدة/الربح ليس فقط انطلاقا من استغلال الطبقة العاملة في بلد واحد بل و في جميع بلدان العالم باستغلال الشعوب و ثرواتها ، و ظهرت الإمبريالية كأعلى مراحل الرأسمالية الحديثة إلى الوجود لتمارس استغلالها على شعوب العالم و خاصة البروليتاريا و الفلاحين بعد التمركز الحاصل في الصناعة و الفلاحة على السواء ، مما أدى إلى التمركز في البنوك التي لعبت دورا هاما في انتقال الرأسمالية إلى المرحلة الإمبريالية بظهور الرأسمال المالي و سيطرته على السوق التجارية العالمية ، هذا ما آلت إليه الثورات البورجوازية خلال القرنين 18 و 19 و نحن اليوم نعيش امتداداتها في عصر أعلى مراحل الرأسمالية الإمبريالية. و بعد الثورات البورجوازية برزت منظور الإقتصاد السياسي في إنجلترا الذي حاول تحليل الوضع الإقتصادي الجديد في عصر الرأسمالية كما برزت الأفكار الإشتراكية بفرنسا كنقيض الرأسمالية ، إلا أن الإقتصاد السياسي الإنجليزي و الإشتراكية الفرنسية لم يتطورا ليصلا إلى حد النقد العلمي للنظام الرأسمالي إلا بعد بروز نقد الفلسفة الألمانية للوضع العالمي الجديد ، و برزت الماركسية التي تنهال من هذه المصادر الثلاثة و أنتجت النقد العلمي للرأسمالية أو ما يسمى بالإشتراكية العلمية التي سميت بالماركسية من طرف إنجلس و التي طورها لينين في أطروحته حول الإمبريالية ، و برز الصراع الطبقي بين البروليتاريا و البورجوازية على أسس علمية و تم تتويجه بانتصار الثورة الإشتراكية بروسيا في 1917 بقيادة لينين و واصل ستالين البناء الإشتراكي في بلد واحد و توسيع هذا البناء ليشمل دول شرق أوربا بعد الإنتصار في الحرب الإمبريالية الثانية ، و تعتبر الثورة الإشتراكية نقيض الثورة البورجوازية و التي انهالت من صلب التناقض الأساسي في الرأسمالية الحديثة بحكم شروط الحياة المادية التي نتجت عنها في مراحلها العليا و هي الرأسمالية الإمبريالية ، و الثورة الإشتراكية نقيض الرأسمالية الإمبريالية التي تعتمد في استغلال البروليتاريا على الإحتكارات الكبرى عبر سيطرة الرأسمال المالي على الرأسمال الصناعي ، و بالتالي تعتبر الإحتكارات الكبرى التي تميزها نقيض المزاحمة الحرة التي تميز الرأسمالية القديمة و اللتان ( أي الإحتكارات و المزاحمة ) تتعايشان معا جنبا إلى جنب في المرحلة الإمبريالية ، مما أبرز دور القيمة الزائدة في حدها الأقصى عبر القارات عن طريق سيطرت التروستات و الكارتيلات و السنديكات في السوق التجارية العالمية بتجاوز استغلال البروليتاريا إلى استغلال الشعوب بأكملها . و قامت الثورة الإشتراكية بالإتحاد السوفييتي من أجل القضاء على الرأسمالية الإمبريالية و برزت أهمية الإقتصاد الإشتراكي و ذلك ببروز أهمية القضاء على الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج كأساس الصراع ضد الرأسمالية الإمبريالية ، و بالتالي بروز أهمية القضاء على القيمة الزائدة التي تعتبر أساس القانون الإقتصادي الرأسمالي خاصة في أقصاها العليا ، و برزت أهمية قانون الإقتصاد الإشتراكي و الذي يتجلى في توفير أقصى الحاجات المادية و الثقافية للشعب كله ، هكذا اكتشف ستالين هذا القانون الأساسي الذي يحكم النظام الإشتراكي و الذي من خلاله تم القضاء على جميع الفوارق الطبقية ، مما جعل جميع القانون المتفرعة عن القيمة الزائدة في النظام الإقتصادي الرأسمالي كالعمل المأجور و الإنتاج البضاعي و غيرهما تنتفي مع بروز القانون الأساسي للإقتصاد الإشتراكي ، و لكن لم يتم القضاء نهائيا على قانون القيمة في النظام الإشتراكي في الإتحاد السوفييتي إلا أن تم الحد من تأثير مفعوله على الإنتاج الإشتراكي ، و ذلك عبر دور الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج التي قضت على المزاحمة و فوضى الإنتاج و الأزمات و الحد من سيطرة الإنتاج البضاعي ، و طرح على الإقتصاد الإشتراكي القضاء على الإنتاج البضاعي في الفلاحة و لكن بالتدريج عبر أسس الثورة الإشتراكية التي وضعها لينين و هي :
ـ عدم تفويت الظروف الملائمة للاستيلاء على الحكم؛ فعلى البروليتاريا أن تستولي على الحكم دون أن تنتظر حتى تكون الرأسمالية قد توصلت إلى خراب ملايين المنتجين الفرديين الصغار والمتوسطين.
ـ نزع ملكية وسائل الإنتاج في الصناعة وجعلها ملكاً للشعب.
ـ أما المنتجون الفرديون الصغار والمتوسطون فيجمعون بصورة تدريجية في تعاونيات إنتاجية، أي في مؤسسات زراعية ضخمة، هي الكولخوزات.
ـ تطوير الصناعة، بجميع الوسائل، وإقامة الكولخوزات على أساس تكنيكي حديث، هو الأساس التكنيكي للإنتاج الكبير؛ وعدم نزع ملكية الكولخوزات، بل بالعكس، تزويدها، بشكل وافر، بأعلى طراز من التراكتورات وسائر الآلات.
ـ لأجل تأمين التحالف الاقتصادي بين المدينة والأرياف، بين الصناعة والزراعة، يحافظ، إلى حين، على الإنتاج البضاعي (التبادل عن طريق البيع والشراء)، بوصفه الشكل الوحيد المقبول ـ لدى الفلاحين ـ للعلاقات الاقتصادية مع المدينة، وتطور التجارة السوفييتية على مداها، تجارة الدولة والتجارة التعاونية والكولخوزية على السواء، مع إزالة الرأسماليين، على أنواعهم، من ميدان التجارة.
و بالتالي تم وضع البرامج السنوية و السنوات الخمس التي وضع ستالين أسسها بالقضاء على الإقتصاد اللامتكافيء الذي يميز الرأسمالية على أساس :
ـ أن تعكس البرمجة بصورة صحيحة مقتضيات قانون تطور الاقتصاد الوطني المتناسق.
ـ أن تأخذ بعين الاعتبار، من جميع النواحي، مقتضيات قانون الاشتراكية الاقتصادي الأساسي.
فالتناقض بين الثورة الإشتراكية و البورجوازية يحتم وضع قانون الإقتصاد الإشتراكي الذي ينهال من صلب هذا التناقض :
ـ القانون الأساسي للإقتصاد الرأسمالي يرتكز على الحد الأقصى للقيمة الزائدة. ـ القانون الأساسي الإقتصاد الإشتراكي يرتكز على توفير الحد الأقصى من حاجات المجتمع المادية و الثقافية.
أما جميع القوانين الفرعية للقانون الأساسي للإقتصاد الرأسمالي كالمزاحمة و فوضى الإنتاج و العمل المأجور و الريع و المضاربات و غيرها فستزول في ظل هذا القانون الذي اكتشفه ستالين في دولة دكتاتورية البروليتاريا بعد الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج.
تارودانت في : 29 شتنبر 2009
امال الحسين
#امال_الحسين (هاشتاغ)
Lahoucine_Amal#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحد بين الثورتين البورجوازية و الإشتراكية
-
النظام العالمي الراهن و المهام الثورية
-
المنظور الإشتراكي للنظام العالمي الحالي ج5
-
المنظور الإشتراكي للنظام العالمي الحالي ج4
-
المنظور الإشتراكي للنظام العالمي الحالي ج3
-
المنظور الإشتراكي للنظام العالمي الحالي ج2
-
المنظور الإشتراكي للنظام العالمي الحالي ج1
-
الماركسية اللينينية و أسس الثورة الإشتراكية ج 5
-
الماركسية اللينينية و أسس الثورة الإشتراكية ج 6
-
الماركسية اللينينية و أسس الثورة الإشتراكية ج 4
-
الماركسية اللينينية و أسس الثورة الإشتراكية ج 3
-
الماركسية اللينينية و أسس الثورة الإشتراكية ج 2
-
الماركسية اللينينية و أسس الثورة الإشتراكية ج 1
-
الوضع الراهن و مهام الماركسيين اللينينيين المغاربة الجزء 12
-
الوضع الراهن و مهام الماركسيين اللينينيين المغاربة الجزء 11
-
الوضع الراهن و مهام الماركسيين اللينينيين المغاربة الجزء 8
-
الوضع الراهن و مهام الماركسيين اللينينيين المغاربة الجزء 9
-
الوضع الراهن و مهام الماركسيين اللينينيين المغاربة الجزء 10
-
الوضع الراهن و مهام الماركسيين اللينينيين المغاربة الجزء 7
-
الوضع الراهن و مهام الماركسيين اللينينيين المغاربة الجزء 4
المزيد.....
-
الشرطة الألمانية تعتقل متظاهرين خلال مسيرة داعمة لغزة ولبنان
...
-
مئات المتظاهرين بهولندا يطالبون باعتقال نتنياهو وغالانت
-
مادورو يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»
-
عز الدين أباسيدي// لعبة الفساد وفساد اللعبة... ألم يبق هنا و
...
-
في ذكرى تأسيس اتحاد الشباب الشيوعي التونسي: 38 شمعة… تنير در
...
-
حزب الفقراء، في الذكرى 34 لانطلاقته
-
تركيا تعزل عمدة مدينتين مواليتين للأكراد بتهمة صلتهما بحزب ا
...
-
تيسير خالد : سلطات الاحتلال لم تمارس الاعتقال الإداري بحق ال
...
-
الديمقراطيون لا يمتلكون الأجوبة للعمال
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|