علي هيثم
الحوار المتمدن-العدد: 2783 - 2009 / 9 / 28 - 22:03
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هل القرآن صالح لكل زمان ومكان ؟؟؟؟
باستعمال طريقة للبرهنة تسمى في المنطق "البرهنة بالمثال المضاد" سنبين بما لا يدع أي مجال للشك أن القرآن ليس صالحا لكل زمان وليس صالحا لكل مكان.
1) تقول الآية القرآنية"فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم" في زمننا هذا؛ زمن حقوق الإنسان والمواثيق الدولية التي تحفظ كرامة الإنسان وتمنع الرق هل يمكن أن ننكح بملك اليمين ؟؟؟؟أي هل يجوز الذهاب إلى أسواق النخاسة وشراء جواري ومضاجعتهن ؟؟أو هل يجوز أثناء الحروب مثلا سبي النساء واغتصابهن؟؟كما يأمرنا القرآن. قطعا لا يجوز. القرآن يتضمن إذن تشريعا لا يمكن تطبيقه في عصرنا .لأن الإنسانية وصلت مستوى أرقى في التشريع أصبح معه الرق وامتلاك الإنسان لأخيه الإنسان جريمة تعاقب عليها القوانين الوضعية التي تطمح إلى تحقيق العدل والمساواة بين الناس. بلغت الإنسانية مستوى في التشريع صار معه الرق ممنوعا منعا كليا وليس ممارسة وضع لها فقهاء الإسلام قوانين وضوابط تحكمها.
2) وتقول الآية القرآنية:
التوبة (آية:60):
"إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم "
إن قصة عمر بن الخطاب مع تطبيق هذه الآية معروفة للجميع حيث أن عمر عمد إلى إلغاء العمل بها فيما يخص إعطاء نصيب المؤلفة قلوبهم .رغم أ هذه آية عمل بها النبي في حياته وعمل بها الخليفة أبو بكر الذي جاء مباشرة بعد النبي وقبل عمر.أي أن الآية كانت صالحة في زمن النبي ولم تعد لها صلاحية في زمن عمر.لم تصمد صلاحية الآية أكثر من بضع سنوات .فكيف يبقى لها أي مفعول بعد أربعة عشر قرنا؟؟
3) وتقول الآية القرآنية:
المائدة (آية:38) :
"والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيز حكيم "
هذه أيضا آية أوقف عمر العمل بها في زمن اختلف عن زمن نزولها.أما في زمننا هذا فأصبح مجرد التفكير في تطبيقها يجلب على صاحبه الكثير من الشبهات.
هذه ثلاثة أمثلة مضادة تبين أن هناك آيات في القرآن ليست صالحة لكل الأزمنة. فلماذا يكذب علينا البعض بالقول بأن القرآن صالح لكل زمان؟؟؟؟
الخليفة عمر كان يراقب تاريخ انتهاء الصلاحية قبل أن يستهلك المنتوج الذي ساهم في إنتاجه بنفسه.فما أحوجنا اليوم إلى يقظة عمر.
4)" وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل" إذا أردنا تطبيق هذه الآية في المناطق القطبية من الكرة الأرضية فسنكون أمام معضلة حقيقية حيث يطول النهار إلى مدة تتعدى الشهور فهل يمكن للبشر أن يصوموا في هذه المناطق بالطريقة التي تصفها الآية؟؟؟؟طبعا لا إذن هذا دليل قاطع على أن القرآن ليس صالحا لكل مكان.
5)"إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر"يقول بن كثير : قَوْله تَعَالَى " إِنَّ شَانِئَك هُوَ الْأَبْتَر " أَيْ إِنَّ مُبْغِضك يَا مُحَمَّد وَمُبْغِض مَا جِئْت بِهِ مِنْ الْهُدَى وَالْحَقّ وَالْبُرْهَان السَّاطِع وَالنُّور الْمُبِين هُوَ الْأَبْتَر الْأَقَلّ الْأَذَلّ الْمُنْقَطِع ذِكْره قَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَقَتَادَة نَزَلَتْ فِي الْعَاص بْن وَائِل وَقَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق عَنْ يَزِيد بْن رُومَان قَالَ : كَانَ الْعَاص بْن وَائِل إِذَا ذُكِرَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول دَعُوهُ فَإِنَّهُ رَجُل أَبْتَر لَا عَقِب لَهُ فَإِذَا هَلَكَ اِنْقَطَعَ ذِكْره فَأَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ السُّورَة وَقَالَ شِمْر بْن عَطِيَّة نَزَلَتْ فِي عُقْبَة بْن أَبِي مُعَيْط وَقَالَ اِبْن عَبَّاس أَيْضًا وَعِكْرِمَة نَزَلَتْ فِي كَعْب بْن الْأَشْرَف وَجَمَاعَة مِنْ كُفَّار قُرَيْش.
أي أن العاص بن وائل(أو عُقْبَة بْن أَبِي مُعَيْط أو كَعْب بْن الْأَشْرَف) كان يعاير النبي بأنه لا خلف له من الذكور فرد الله عليه بوصفه بالأبتر .فهل تبادل الشتائم له صلاحية في عصرنا هذا؟؟
6)" وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ۚ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ" نزلت في شأن كعب بن عجرة لما عاني من وجود قمل في رأسه؟؟؟في تفسير بن كثير نقرأ ما يلي:وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل حَدَّثَنَا أَيُّوب عَنْ مُجَاهِد عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى عَنْ كَعْب بْن عُجْرَة قَالَ : أَتَى عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أُوقِد تَحْت قَدْر وَالْقَمْل يَتَنَاثَر عَلَى وَجْهِي أَوْ قَالَ حَاجِبِي فَقَالَ " يُؤْذِيك هَوَامُّ رَأْسك ؟ " قُلْت نَعَمْ. قَالَ : " فَاحْلِقْهُ وَصُمْ ثَلَاثَة أَيَّام أَوْ أَطْعِمْ سِتَّة مَسَاكِين أَوْ اُنْسُكْ نَسِيكَة "
في عصر الصابون والحمامات الساخنة والعطور ووسائل النظافة المتعددة والجيدة انقرض القمل من رؤوس البشر بفضل علوم وتكنولوجيا اخترعها الكفار والحمد لله أو للعقل كما تريدون , لم تعد لنا حاجة في هكذا آيات.والله أعلم
7)لما نزلت الآيات"والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون"قَالَ عَبْد اللَّه بْن رَوَاحَة يَا رَسُول اللَّه قَدْ عَلِمَ اللَّه أَنِّي مِنْهُمْ. فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى : " إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات " احتاج الله إلى تنبيه عبد الله بن رواحة ليستثني الذين آمنوامن أولئك الذين يقولون ما لا يفعلون.ومن الذين في كل واد يهيمون
وفي تفسير الطبري نقرأ: حَدَّثَنَا اِبْن حُمَيْد , قَالَ : ثَنَا سَلَمَة وَعَلِيّ بْن مُجَاهِد , وَإِبْرَاهِيم بْن الْمُخْتَار , عَنْ اِبْن إِسْحَاق , عَنْ يَزِيد بْن عَبْد اللَّه بْن قُسَيْط , عَنْ أَبِي الْحَسَن سَالِم الْبَرَّاد مَوْلَى تَمِيم الدَّارِيّ , قَالَ : لَمَّا نَزَلَتْ : { وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعهُمْ الْغَاوُونَ } قَالَ : جَاءَ حَسَّان بْن ثَابِت وَعَبْد اللَّه بْن رَوَاحَة , وَكَعْب بْن مَالِك إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَهُمْ يَبْكُونَ , فَقَالُوا : قَدْ عَلِمَ اللَّه حِين أَنْزَلَ هَذِهِ الْآيَة أَنَّا شُعَرَاء , فَتَلَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : { إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات , وَذَكَرُوا اللَّه كَثِيرًا , وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْد مَا ظُلِمُوا , وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيْ مُنْقَلَب يَنْقَلِبُونَ }
نحن هنا أمام معضلة حقيقية الله ينزل آيات قرآنية لم تثبت صلاحيتها إلا مدة وجيزة ليتم تصحيحها مباشرة بعد ملاحظة من بعض الشعراء .وهي ملاحظة وجيهة قام على إثرها الله بتدارك خطئه حيث وصف حلفاء نبيه بأوصاف لا تليق بهم.مما جعلهم يبكون ويحتجون وعلى إثر اعتراضهم تم إرضاؤهم .
8) إلى أي شيء تصلح السورة التالية: " تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ مَا أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ سَيَصْلَىٰ نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ"؟؟؟ هجاء لأبي لهب ولامرأته وتوعده وتهديده ؟؟؟كيف ينزل الله إلى مستوى أبي لهب ليقول له تبت يداك؟وما الغاية في أن يستمر المسلمون في تكرار نفس الكلام؟؟
9) أما الخاتمة التي لا بد منها فهي الآيات:" يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي أتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفورا رحيما "
الله يحلل لنبيه ما ملكت يمينه من جواري سباهن أو اشتراهن بماله الحلال ويحلل له كل امرأة مومنة وهبت نفسها للنبي شريطة أن يقبل النبي أن يستنكحها وفي هذه الحالة تكون المرأة خالصة للنبي من دون غيره ولا يجوز نكاحها بعد وفاته.هذا مثال لقرآن صالح للنبي وحده في زمانه وفي حياته ولن تتكرر صلاحيته أبدا ما دام هو تشريع على مقاص النبي يدخل في أدق تفاصيل حياته الشخصية ويحلل له النكاح بملك اليمين والنكاح بالهبة ولا عبرة منه بالنسبة لنا إطلاقا.
كفى كذبا لمن يرددون بأن القرآن صالح لكل زمان ومكان.
في الأخير أدعو القراء الكرام إلى وضع لائحة تفصيلية بالآيات التي انتهت مدة صلاحيتها لنصيغها في موضوع لاحق.
#علي_هيثم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟