|
محاولة عقيمة أخرى لتكريس الجلبي زعيما طائفيا بعد تصفية الصدر!
علاء اللامي
الحوار المتمدن-العدد: 846 - 2004 / 5 / 27 - 03:48
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
في عددها الصادر يوم عشرين من شهر مايس /آيار الجاري نشرت جريدة كونتر بنتش الأمريكية مقالة مطولة تحت عنوان ( الحقيقة بخصوص أحمد الجلبي ) بقلم الصحافي المعروف "آندرو كوكبورن " الذي ألف بالاشتراك مع باتريك كوكبورن الكتاب الشهير "صدام الخارج من تحت الرماد" والمطلع جيدا على الشأن العراقي . وتتضمن المقالة متابعة بالأدلة والأرقام والحجج وأسماء المصارف لمسيرة وممارسات الجلبي اللصوصية والمجموع التقريبي للسرقات والاختلاسات التي قام بها والأساليب الجديدة والخطيرة لتبيض الأموال التي كان يلجأ إليها . ومن هذه المقالة المهمة نقتبس فقرة خطيرة تفضح اللعبة الجديدة التي يلعبها أحمد الجلبي باشتراك مع مجموعة من السياسيين الطائفيين الشيعة بعد الطلاق العلني المزعوم الذي حدث بينه وبين سلطات الاحتلال الأمريكية .لنقرأ هذه الفقرة الخطيرة والمترجمة حرفيا من المقالة المذكورة ثم نعود بعد ذلك إليها محللين مستقرئين :
(( ... وفي خضم هياج الجلبي ضد إقصائه من السلطة ، بدا أنه يمهد عمليا لانقلاب بتجميعه لتحالف سياسي شيعي وبهدف معلن هو تقويض حكومة الإبراهيمي حتى قبل أن تشكل . أخبرني اليوم مراقب سياسي عراقي مطلع ويعرف الجلبي جيدا ( انه – الجلبي - قام بتعبئة قوى لإفشال مبادرة الأمم المتحدة مروجا لهذه القوى إن الإبراهيمي هو جزء من مؤامرة سنية ضد الشيعة ..) و هذا المشروع ليس شديد الغرابة كما يبدو للوهلة الأولى فقد جند الجلبي تأييد شيعي مهم يضم آية الله بحر العلوم - أحد أقطاب مجلس الحكم – وعضوين آخرين أقل شأننا ومن ضمن مؤيدي المشروع جناح حزب الدعوة المستبعد من العملية السياسية لسلطة الاحتلال – وهذا الجناح يؤيد في الوقت نفسه مقتدى الصدر – وكذلك حزب الله .والكل تجمعوا في مجلس شيعي أعلى تحت سيطرة الجلبي وعلى غرار النموذج اللبناني الطائفي..ويشير مراقب عراقي مطلع على أوساط الشيعة السياسية إلى : ( عاجلا وليس آجلا سيقتل مقتدى الصدر وهذا سيترك عشرات بل مئات الألوف من مؤيديه يبحثون عن زعامة جديدة ، و إذا تقمص أحمد دور الضحية فسيستطيع لعب هذا الدور . إن حلمه - الجلبي - كان دائما أن يكون زعيما طائفيا شيعيا .. انتهى الاقتباس )) في ضوء مضمون الخبر أعلاه يمكن للمتابع لمجريات الأحداث إن يشكك بالقطيعة المعلنة التي حدثت بين الإدارة الأمريكية و عميلها المقرب والمحمي من قبل وزارة الدفاع أحمد الجلبي ، وقد شكك البعض فعلا بهذه القطيعة حتى قبل أن تظهر الأخبار الأخيرة حول تحالف الجلبي و خطط الأمريكان لاغتيال الصدر وتدمير تياره ، ورجحوا أن تكون الإدارة الأمريكية في صدد مسرحية سياسية هدفها تلميع الجلبي وتقديمه بقناع جديد هو قناع الاستقلالي الداعي إلى استرجاع السيادة الكاملة .غير إن من المستبعد - و لا نقول من المستحيل - ترجيح هذا التشكيك إذ يبدو أن القطعية حقيقية على الأقل مع جناح الخارجية الصاعد في الإدارة الأمريكي على حساب جناح الصقور في وزارة الدفاع المثقل بجراح المواجهة مع المقاومة العراقية ، وأن الجلبي يلعب الآن على حسابه الخاص وبقواه الذاتية المحدودة هو وحلفاؤه الطائفيون المدعومون من بعض أجنحة النظام الحاكم في إيران وذلك لعدة أسباب منها : أن الإدارة الأمريكية اقتنعت تماما الآن بأن الجلبي بات ورقة سياسية محترقة ، أو هو كما قال أحد معلقي جريدة النيويورك تايمز يوم الجمعة الماضي ( شخصية مصابة بالطاعون السياسي تدمر كل من يقترب منها وتنهيه سياسيا ) الأمر الذي انتبه إليه عبد العزيز الحكيم زعيم حزب المجلس الأعلى فلم يبادر إلى التورط مباشرة في المسعى الجديد للجلبي . وثانيا لأن الإدارة الأمريكية تعيش تحت ضغط ظروف سياسية وعسكرية صعبة جدا وتحاول ربح الوقت بأقصى ما تستطيع من قوة ولن تمارس ترف اللعب مع الجلبي على مسرحه الخاص في حين أن لديها عدد من الساسة العراقيين الخام أو المقَنَّعين جيدا بقناع الوطنية وبعضهم خارج مجلس الحكم و الذين لهم رصيد جماهيري محسوب بعناية بخلاف الجلبي الذي لم يناهز عدد الذين الأشخاص الذين تظاهروا دفاعا عنه وتضامنا معه في بغداد قبل أيام ركاب حافلة بغدادية واحدة من ذات الطابقين في حين يمكن لزعيم عصابة متوسطة لسرقة الدجاج أن يقود وينظم مظاهرة أكبر من تلك . وثالثا وأخيرا فقد جربت الإدارة الأمريكية الورقة الطائفية عدة مرات في العراق ولم تعد عليها بالفائدة المرجوة بل إن بعض مستعمليها الدائمين أخذوا بنفض أيديهم منها ومن هؤلاء مثلا قيادة حزب المجلس الأعلى / عبد العزيز الحكيم والذي نأى بنفسه كما قلنا قبل قليل عن طبخة الجلبي الجديدة واكتفى بأن أرسل أحد كشافته وهو ممثل حزب الله الذي هو في الآن ذاته عضو في قيادة المجلس الأعلى فكان أن اعتقلت سلطات الاحتلال قياديا كبيرا في هذا الحزب هو حسن الساري . أما محمد بحر العلوم فوزنه السياسي لا يزيد خردة عن وزن الجلبي ذاته ولكنه قد يكون مفيدا كقطعة ديكور من الناحية الإعلامية لكونه عضوا في مجلس الحكم ووالد وزير النفط وذا علاقة جيدة بالتيار الخاتمي في إيران .هذه الأسباب الثلاثة مجتمعة تجعل من الصعب تصديق أن الإدارة الأمريكية تقوم بإعادة تأهيل للجلبي وتدفع المرء إلى الأخذ بالاحتمال الآخر الذي يذهب إلى أنه يشترك مع عدد من القوى الطائفية الشيعية وبدعم إيراني في عميلة بناء تحالف سياسي طائفي يحاول أن يغتنم فرصة تصفية قيادة مقتدى الصدر فيطرح نفسه بديلا عنها في محاولة لملأ الفراغ الناتج بفعل التصفية .ومن الطبيعي إن لا تقف الإدارة الأمريكية في وجه تحول كبير يصب في مصلحتها في نهاية المطاف حتى إذا كان على رأسه الجلبي وتحالفه الطائفي الجديد في المجلس الشيعي . ومن الممكن الاعتقاد بأن حزب المجلس الأعلى الذي مارس ضبطا جيدا للنفس بعد أن حرض طوال الشهر الماضي ضد غريمه الفعلي وعدوه الحقيقي المتمثل بتيار الصدر سينتظر الجلبي وحلفائه عند أول منعطف سياسي بعد الثلاثين من حزيران موعد الانتقال الشكلي للسلطة من قيادة الاحتلال إلى الحكومة المؤقتة ليجهز عليهم أو ليستعملهم كبوابين للعمارة الطائفية التي يطمع لبنائها من جماجم العراقيين . أما دعوة الجلبي لحضور حفل العشاء الذي أقامه عبد العزيز الحكيم لممثل الأمين العام للأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي يوم الجمعة 21/5/ فهي تبدو كمحاولة مصالحة فات أوانها للمصالحة أو إنها مجرد عرض للقوة السياسية التي بدأ البعض يروج لها تحت اسم " البيت الشيعي " الذي تفتق عنه العقل الطائفي العقيم والمختل وظيفة وتكوينا ! إن إصرار سلطات الاحتلال وبالتالي الإدارة الأمريكية على حسم موضوع تيار الصدر وإزالة تأثيراته تعكس قلقا حقيقيا من أن هذا التيار لن يزول بسهولة من الميدان السياسي حتى إذا أفلحوا في إزالته من الميدان العسكري غير أن هذا الإصرار وبفعل الصمود والتضحيات التي قدمها شباب جيش المهدي سيكون محفوفا بالمخاطر وسيجعل الأمريكان يستعجلون اغتيال الصدر وامتصاص المرحلة التي ستلي هذه الجريمة الكبرى ومن ثم سيفكرون بإعادة المياه إلى مجاريها بينهم وبين لجلبي وبيته الطائفي . من الواضح والمؤكد أن نجاح الأمريكان في اغتيال الصدر لن يمر دون عقاب قد يتجاوز الأمريكان أنفسهم خصوصا بعد الخذلان والتواطؤ الذي قامت به قيادات شيعية و مرجعيات مهمة فكادت تكلل بالعار اسم الطائفة الشيعية العراقية التي كانت الصانع الحقيقي لتاريخ العراق الثوري طوال عدة قرون لولا الوقفة الشجاعة والصمود البطولي للمقاومين الأبطال في جيش المهدي ضد الهمج المحتلين ، وعلى هذا فلنا أن نتوقع أن عمائم متواطئة مع الاحتلال ستتدحرج وأن رؤوس كثيرة ستتساقط على أيدي الصدريين مما سيضع الحكومة المؤقتة التي تركض الإدارة الأمريكية نحوها على عجلات الإبراهيمي فوق كف عفريت . وباختصار فإن هذا التصعيد الأمريكي سيؤدي إلى توجيه ضربات قاسية إلى حلفاء الأمريكان سواء كانوا من القوى التقليدية كالمجلس الأعلى أو في تحالف الجلبي الجديد والذي لا مستقبل له . أما تيار الصدر و بعد أن بذر السيد مقتدى خلال المواجهة الملحمية التي قادها ضد الاحتلال بذور الوحدة الوطنية والتآخي الكفاحي بين المكونات الرئيسية في المجتمع العراقي معليا من شأن التآخي بين العرب العراقيين من الشيعة والسنة الذين يمثلون أكثر من ثمانين بالمائة من السكان فإنه حتى إذا فاز قائده بالشهادة سيكون التيار الأوفر حضا لإطلاق حركة جماهيرية واسعة النطاق ترسل بأصنام الطائفية وفي مقدمتها الجلبي وتحالفه الموبوء إلى المتحف وتعيد طرح مفردات الصراع مع الاحتلال الأجنبي أو الحكم العميل الذي سيختبئ خلفه بالشكل الصحيح والوحيد وبوصفه : صراع بين محتل أجنبي وحركة تحرر وطني مستقلة . ولسوف يخضع الوضع العام في العراق طوال العام الثاني الجاري من عمر الاحتلال لموازنة دقيقة مؤداها : كلما تعمق الخط الوطني والاستقلالي للمقاومة انحشر الطائفيون من الشيعة والسنة في الزاوية واقترب العراق من الاستقلال وهزيمة الاحتلال ، وكلما تعمق واتسع التآمر الطائفي أو نشطت التيارات السلفية الرجعية في تطبيق شعاراتها الظلامية والدموية انحشر الوطنيون في الزاوية وتقدم المشروع الاحتلالي خطوات إلى الأمام وهذا ما لن يسمح به الشعب العراقي وحركته الوطنية الاستقلالية مهما عظمت التضحيات وتفاقم التآمر الطائفي .
للاطلاع على المقالة كاملة باللغة الإنكليزية وعلى عدد جريدة الكونتربنتش اضغط على الرابط أدناه :
http://www.counterpunch.org/chalabi05202004.html
#علاء_اللامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصة السيد العلوي والطبيب القواد .
-
حين ينعت اليساري الكادحين في تيار الصدر بالرعاع !
-
من رفض وثيقة السلام في النجف وكربلاء: السيد الصدر أم مهندس ا
...
-
النفاق الطائفي بين قبة ضريح علي بن أبي طالب ومقر الجلبي !
-
الفضائيات العربية تمارس تعتيما طائفيا على المقاومة في الجنوب
...
-
الدرس السادس والأربعون : المستثنى وأسلوب الاستثناء
-
المؤتمر التأسيسي ماله وما عليه
-
بمقتل مقتدى سيسقط التشيع الفارسي وسيصعد التشيع العربي العراق
...
-
المبسط في النحو والإملاء : الدرس الخامس والأربعون : أدوات نص
...
-
المؤتمر التأسيسي العراقي القادم مخاطر ومحاذير : لكيلا تستبدل
...
-
صدام في محكمة آل الجلبي تحت العلم الأزرق ؟
-
عَلم ودستور ومجلس حكمهم ... كل ٌّ عن المعنى الصحيح محرَّف
-
المبسط في النحو والإملاء الدرس الرابع والأربعون : الفعل المض
...
-
توثيقات بخصوص صهيونية سالم الجلبي .. و ردود أخرى !
-
هل ينقذ الناخبُ اليهوديُّ بوشَ الابنَ من المصير العراقي لأبي
...
-
عملاء الاحتلال يعاقبون شرطة البصرة وشعبها .. لماذا ؟
-
المبسط في النحو والإملاء الدرس الثالث والأربعون : الحال
-
باي باي مجلس الحكم ..مرحبا تكنوقراط !
-
التضامن الوطني أقوى من الهلوسات الطائفية !
-
من أجل تحقيق دولي في المجازر الأمريكية في الفلوجة والعراق كك
...
المزيد.....
-
شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب
...
-
خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
-
وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا
...
-
جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
-
زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
-
كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
-
مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
-
ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
-
مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
-
جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|