|
الحركة العمالية و النقابية بالمغرب و متطلبات المرحلة
امال الحسين
كاتب وباحث.
(Lahoucine Amal)
الحوار المتمدن-العدد: 846 - 2004 / 5 / 27 - 04:17
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
أول ما يجب الإشارة إليه في هذه المحاولة هو كونها تهدف إلى خلق فضاء للحوار حول تجربة الحركة العمالية و النقابية بالمغرب خلال أربعة عقود من الأزمات أفضت إلى واقع مزري في ظل هجوم العولمة الليبرالية المتوحشة ، و ثاني ما يمكن تسجيله هو كون الحركة النقابية تضم في صفوفها مناضلين يساريين جذريين يتميزون بالحيوية و الكفاحية ، و اعتبارهم من فئة عمرية شابة استطاعت بناء تجربة نقابية مكافحة أفرزت قيادات ذات كفاءة عالية خاصة في المركزيتين الإتحاد المغربي للشغل و الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، و أمام تحديات الهجوم على مكتسبات الطبقة العاملة يطرح على الساحة النقابية و على المناضلين النقابيين اليساريين الجذريين بالخصوص ضرورة قراءة تجربة العمل النقابي ببلادنا ، في ظل التحولات العالمية و الجهوية و المحلية لرسم آفاق نضال الحركة العمالية و النقابية و وضع استراتيجية العمل للخروج من الأزمة الحالية . التنظيمات النقابية المستهدفة : إن التنظيمات الأكثر تمثيلية في الساحة النقابية هي أربع مركزيات نقابية لكونها تتوفر على "شرعية تاريخية و نضالية" ، جعلت الدوائر الرسمية تعتبرها المحاور الأول و الممثل الشرعي للطبقة العاملة ببلادنا ، و إلى جانب هذه التنظيمات توجد النقابات الحزبية الصغرى و الصفراء التي لا تشكل قوة وازنة على الرغم من بروز نقابة تابعة لحزب العدالة و التنمية ذات تمثيلية في اللجن الثنائية بقطاع التعليم في بعض المناطق ، نظرا لأزمة التنظيم بهذا القطاع و النفور من العمل النقابي نتيجة النكسات التي تجرعها نساء و رجال التعليم خلال نضالاتهم التي تم استغلالها لأهداف سياسوية ، تم خلالها الهجوم على المكتسبات التاريخية و الزج بالمناضلين الساريين النقابين في السجون في مرحلة سنوات الرصاص ، من أجل ضرب تحالف الطبقة العاملة و الطبقة البورجوازية الصغرى بقطاع الخدمات و التي يشكل فيه التعليم العمود الفقري . إن أهم ما يميز المركزيات النقابية بعضها عن بعض هو مدى ارتباطها بالأحزاب و نوعية منخرطيها و هي تختلف حسب ما يلي : 1. الاتحاد المغربي للشغل و تتميز بشبه استقلالية عن الأحزاب و هيمنة بيرقراطية و لها تواجد وازن في القطاع الخاص بعد انسحاب نقابتي التعليم و البريد منها منذ السبعينات من القرن العشرين . 2. الكونفدرالية الديموقراطية للشغل و تتميز بتواجد المناضلين اليساريين الجذرين في قياداتها و لها تواجد وازن في قطاع الخدمات و يشكل التعليم العمود الفقري لها . 3. الاتحاد العام للشغالين بالمغرب و يتميز بهيمنة حزبية مباشرة من طرف حزب الاستقلال و جل منخرطيها لهم ارتباط مباشر بالحزب خاصة كوادرها. 4. الفيدرالية الديمقراطية للشغل و تتميز بهيمة حزبية مباشرة من طرف الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية المتواجد بالحكومة منذ التناوب المخزني و جل منخرطيها مرتبطون بالحزب خاصة كوادرها . إلا أن كل المركزيات النقابية الأربع تلتقي في كون البيروقراطية هي السمة العامة في العلاقات الداخلية بين الأجهزة المسيرة و القواعد نتيجة حسابات سياسوية ضيقة ، كما أن علاقاتها بالأحزاب تطرح إشكالية جدلية النقابي و السياسي و كيفية تدبيرها لصالح الطبقة العاملة مع اعتبار التنافس الحزبي إن لم نقل الصراع الذي يؤثر سلبا على مصالح الطبقة العاملة .
علاقة النقابي بالسياسي في التجربة النقابية المغربية : بعد ظهور العمل المأجور بانجلترا في القرن 14 و انتشاره في أوربا مع الثورة الصناعية و بروز مفاهيم البورجوازية نقيض مصالح الإقطاع و انتصار الثورة البورجوازية في نهاية القرن 18 ، برز أول إعلان عالمي لحقوق الإنسان الذي أقر الحقوق المدنية و السياسية و برز النظام الرأسمالي الذي عمل على السماح بتأسيس الجمعيات و الروابط المهنية و الحرفية و التعاونيات و النقابات ، نظرا لكون الرأسمال في حاجة إلى تطور نسبي في علاقات الإنتاج بعد التطور الهائل لوسائل الإنتاج ، و خاصة حاجته إلى طبقة عاملة متحررة من قيود عبودية الإقطاع لتنمية الرأسمال ، و تطور العمل النقابي بعد انتفاضات الطبقة العاملة مع بروز مفاهيم الاشتراكية التي أقرت الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية . و إلى حدود نهاية العشرينات من القرن الماضي لا يمكن الحديث عن العمل النقابي بالمغرب ، كل ما هنالك هو مقاومة الفلاحين الفقراء ضد تحالف الإقطاع و الاستعمار المباشر الذي استولى على أراضيهم بعد القضاء على المقاومة ، و دخلت البوادي في هدوء نسبي و ظهرت طبقة عاملة مغربية بالمدن إلى جانب البورجوازية المتوسطة ، و تمت محاصرة حركة الطبقة العاملة المغربية بإصدار ظهيرين الأول سنة 1936 يمنع الانتماء النقابي للطبقة العاملة المغاربة و الثاني سنة 1938 يجرم الانتماء النقابي لها ، و في منتصف الأربعينيات تحالفت الطبقة العاملة بالمدن و الفلاحين الفقراء بالبوادي مع البورجوازية الوسطى بالمدن في ظل الحركة الوطنية ضد تحالف الإقطاع و الاستعمار المباشر ، و تعتبر انتفاضة 8 دجنبر 1952 تضامنا مع الطبقة العاملة التونسية بعد استشهاد المناضل النقابي فرحات حشاد خير دليل على نضج الحركة العمالية و النقابية المغربية ، و تم تتويج نضالات الطبقة العاملة بتأسيس نقابة الاتحاد المغربي للشغل في مارس 1955 في السرية و التي لعبت دورا أساسيا في مقاومة الإستعمار المباشر . و خلال هذه المرحلة يمكن تسجيل جدلية النقابي و السياسي في اتجاهه الصحيح الذي يهدف إلى تغيير الوضع السياسي القائم لصالح القوى ذات المصلحة في التغيير لعبت فيه الطبقة العاملة الدور الرائد، إلا أن مؤامرة 1956 بين تحالف الإقطاع و البورجوازية من جهة و الاستعمار المباشر من جهة ثانية أجهض نضالات الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء و الكادحين . الجذور التاريخية لأزمة العمل النقابي : خلال الفترة ما بين 1956 و 1960 تم حسم عدة صراعات سياسية لصالح النظام المخزني، فبعد تصفية جيش التحرير بعد اغتيال مؤسسه عباس المساعدي و عزل البوادي عن المدن و بالتالي عزل الطبقة العاملة عن حليفها في النضال المتجلى في سند الفلاحين الفقراء ،أصبح الإقطاع و البورجوازية الكومبرادورية ينفر بالحكم في ظل النظام المخزني وكيل الرأسمال المركزي ، الذي عمل على توجيه الاقتصاد في اتجاه التصدير في إطار التبعية ا لرأسمالية و جعل عائداته في حفنة من الإقطاع و البورجوازية الكومبرادورية ، و تم الإجهاز على مطالب الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء و الكادحين و لضرب العمل النقابي تمت تصفية الإتجاهات اليسارية في صفوف الحركة الوطنية بعد الإنشقاقات الحزبية و النقابية خلال سنوات 1959 و 1961 و 1975 و 1978 و 2002 بعد تأسيس حزبين الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ثم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية و انشقاقه الأخير ، مما نتج عنه تأسيس مركزيات نقابية : الاتحاد العام للشغالين بالمغرب و الكونفدرالية الديمقراطية للشغل و أخيرا الفيدرالية الديمقراطية للشغل إلى جانب الإتحاد المغربي للشغل . و خلال هذه المراحل التاريخية عرف العمل السياسي التقدمي تراجعا تلو الآخر خاصة في عهد حكومة التناوب المخزني و عرف العمل النقابي تنازلا تلو الآخر خاصة بعد ما سمى باتفاقية فاتح غشت 1996 و 30 أبريل 2002 المشؤومتين ، و مع المرحلة الثانية من حكومة التناوب المخزني دخل العمل النقابي في مرحلة الجمود بعد دخول المركزيات الأربع فيما يسمى بالسلم الإجتماعي على حساب مصالح الطبقات الشعبية و المصادقة على مدونة الشغل الرجعية التي تشرعن استعباد الطبقة العاملة ، و ما وصلته الأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية من تردي بسبب الهجوم على مكتسبات الطبقات الشعبية ليس إلا نتيجة تآمر الاحزاب البرلمانية و المركزيات النقابية التابعة لها . استراتيجية النضال النقابي المكافح : و يبقى على عاتق المناضلين اليساريين الجذريين العمل على تطوير أدائهم في المجال النقابي و ذلك بالإلتحام مع الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء خاصة بالمركزية النقابية الاتحاد المغربي للشغل ، نظرا لما توفره من فرص الإشتغال لكونها ذات قواعد عريضة تضم في صفوفها طبقة عاملة في حاجة إلى التأطير في ظل ما تعيشه البيروقراطية داخلها من أزمات ، لدعم الخط الكفاحي داخل هذه النقابة و الذي يقوده اليساريون الجذريون والدخول في تحالفات مع المناضلين اليساريين الجذرييين بالكونفدرالية الديمقراطية للشغل ، في أفق بناء تحالف القطب الديمقراطي الجذري مع الحركة الحقوقية و النسائية و الحركة الأمازيغية ، و الذي يجب أن يقوده تحالف تجمع اليسار الديمقراطي ، من أجل النضال لإسقاط مخطط العولمة الليبرالية المتوحشة و وكلائها في أفق بناء وحدة اليسار الجذري و المساهمة في بناء حزب الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء . إن تجربة الخط الكفاحي داخل الاتحاد المغربي للشغل و الذي يسير في اتجاه بناء تحالف الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء و الكادحين مع البورجوازية الصغرى للدفاع عن مكتسباتها التاريخية ، يجب أن يرتكز على استراتيجية النضال الجذري من أجل بناء مجتمع اشتراكي و الذي لا يمكن تحقيقه إلا عبر ما يلي :
ـ النضال من أجل وحدة الطبقة العاملة في أفق بناء حزبها الطبقي . ـ بناء قطب ديمقراطي جدري يضم كل الطبقات التي لها المصلحة في التغيير .
و تعتبر المحاور التالية مجالا حيويا لبناء تحالف الطبقة العاملة و الفلاحين و الكادحين و البورجوازية الصغرى بتنظيمات المجتمع المدني :
النضال من أجل وضع دستور ديمقراطي . النضال من أجل إسقاط مدونة الشغل الرجعية . النضال من أجل إسقاط م يسمى بالميثاق الوطني للتربية و التكوين. النضال من أجل إسقاط مخطط خوصصة المؤسسات الوطنية. النضال من أجل إقرار حقوق المرأة العاملة و الطفل . النضال من أجل إسقاط القوانين المجحفة في حق الشعب المغربي و على رأسها قانون الإرهاب و قانون الأضراب و قانون الأحزاب و غيرها .
تارودانت في : 22 ماي 2004
امال الحسيـن
دور المجتمع المدني في حماية حقوق الإنسان في ظل العولمة المتوحشة
.I توطئة تهدف هذه المحاولة إلى خلق فضاء لحوار فكري جاد حول ما يطرحه الموضوع من تساؤلات في الوقت الحاضر و ضبط ما يطرحه من مفاهيم جديدة أصبحت تروج في جميع الأوساط بما فيها الشعبية و وضع استراتيجية لتفعيل المجتمع المدني في ظل ضعف اهتمام الشبيبة بالمساهمات الفكرية في هذا المجال مما نتج عنه شيوع بعض الأفكار المغلوطة و الفهم الخاطئ لبعض المفاهيم السائدة في المجتمع المعاصر و نشر مغالطات تحارب ثقافة حقوق الإنسان بسبب فقدان الشبيبة لتنظيماتها الذاتية في الوقت الذي نن بحاجة إلى نشر ثقافة حقوق الإنسان و التربية عليها في ذل التحولات الدولية و تداعياتها على شعوب الدول الفقيرة و عدم فعاليات تنظيمات المجتمع المدني و تملص المجتمع السياسي من دوره في المجتمع و الإشكالية المطروحة أمام هذه الوضعية هي : ضعف أداء المجتمع المدني أمام الهجوم المنظم على حقوق الإنسان من طرف العولمة المتوحشة ، و لا بد من ضبط المفاهيم الثلاثة المتضمنة في هذه الإشكالية . - العولمة : هي نظام سياسي ، اقتصادي و عسكري يعتمد نظام السوق و تنقل الرساميل بدون حواجز و يضع حواجز أمام تنقل الأفراد و يشرعن لاستغلال ثروات الشعوب بدعوى التراث المشترك للشعوب و هو أقصى أشكال تطور الرأسمالية الإمبريالية . - حقوق الإنسان : هي الحقوق الطبيعية و التاريخية المتأصلة في طبيعة الإنسان و هي كل ما يمكن أن يصون كرامة الإنسان و لا يمكن بدونها أن يحيا الإنسان حياة كريمة و هي طبيعية لأن الإنسان يولد حاجيات طبيعية لا بد من إشباعها كما أن الطبيعة توفر له خيرات من حقه أن يتمتع بها ، و هي تاريخية لأن الحقوق التي تتمتع بها اليوم لم تأت دفعة واحدة بل جاءت بعد النضال المرير للشعوب و سالت من أجلها دماء كثيرة و سقط ضحيتها شهداء كثيرين . - المجتمع المدني : هو كل التنظيمات الذاتية للجماهير و التي توجد في موقع المطالبة و الحماية و الدفاع عن حقوق الإنسان من جمعيات و منظمات حقوقية و نقابية و ثقافية و نسائية و تنموية و غيرها و كذا التنظيمات السياسية التي ليست في موقع السلطة و المتشبثة بحقوق الجماهير . .II أجيال حقوق الإنسان و عوائق العولمة المتوحشة إن حقوق الإنسان كما تمت الإشارة إلى ذلك تطورت عبر مراحل تاريخية و خلال محطات تاريخية اتسمت بتحولات أساسية و التي شهدتها التكوينات الاجتماعية التي عرفت ثلاثة أنظمة سياسية و اقتصادية و اجتماعية أساسية فخلال مرحلة النظام الإقطاعي الذي سادت فيه علاقات العبودية تم غياب هذه الحقوق في ظل الحكم المطلق و مع تطور الصناعة مع الثورة الصناعية الأوربية ظهرت مفاهيم البورجوازية نقيض مصالح الإقطاع و برزت معها النواة الأولى للمجتمع المدني الذي عرفت منعا من طرف أنظمة الحكم المطلق بأوربا و مع انتصار الثورة البروجوازية بفرنسا ظهر أول إعلان عالمي لحقوق الإنسان و ظهر معه الجيل الأول من الحقوق – الحقوق السياسية و المدنية ، و تم السماح من جديد بتأسيس المعيات و النقابات و التعاونيات و الروابط المهنية و الفكرية و بالتالي الأحزاب السياسية الليبرالية . جاء هذا الانفراج بعدما أصبحت الرأسمالية التنافسية في حاجة ماسة إلى تطور نسبي في علاقات الإنتاج بعد التطور الهائل الذي شهدته وسائل الإنتاج فلم تعد في حاجة إلى قيود العبودية الإقطاعية بل إلى طبقة عاملة متحررة من أجل تنمية الرأسمالية و هنا جاءت ضرورة نشر مفاهيم البورجوازية كالحرية و المساواة و الملكية و الديمقراطية و الاقتراع العام الذي يعطي إسهاما نسبيا للشعب في السلطة مما ساهم في تكوين تكتلات داخل البرلمان و الروابط المهنية و الحرفية و الفكرية التي تحولت إلى أحزاب سياسية . و مع ظهور الجيل الأول من الحقوق تنامي دور المجتمع المدني في حماية هذه الحقوق مع بروز التناقض الحاصل في النظام الرأسمالي حيث جشع الرأسمال و ركوضه وراء الربح أدى إلى استغلال الطبقة العاملة مما أدى مرة أخرى إلى ظهور مفاهيم الاشتراكية مع صدور البيان الشيوعي و تأسيس جمعية العمال العالمية و ظهر الجيل الثاني من الحقوق – الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية التي ترتكز على حقوق الطبقة العاملة لحمايتها من استغلال الرأسمال و قامت ثورات عمالية أبرزها ثورة 1917 بروسيا و 1949 بالصين حققت خلالها الطبقة العاملة انتصارات باهرة . و مع تنامي الرأسمالية الامبريالية تنامت تناقضاتها التي عصفت بحقوق الشعوب خلال الحربين العالميتين و التي أدت فيهما الطبقة العاملة ثمنا باهضا و أسفرت عن بروز نظامين عالميين متناقضين خلال فترة الرب الباردة التي أعقبت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بباريس عام 1948 و استمرت الحرب الباردة أربعة عقود تنامى خلاها المجتمع المدني و سقطت التجربة الاشتراكية المطبقة و ظهرت العولمة المتوحشة كأقصى أشكال تطور الرأسمالية الإمبريالية و برز معها الجيل الثالث من حقوق الإنسان – الحق في التنمية و الحق في البيئة السليمة و الحق في التراث المشترك و الحق في السلم - . من هنا نرى أنه كل ما تطور النظام الرأسمالي إلا و برزت ضرورة حقوق جديدة تبعا لمستوى الاستغلال الذي يفرضه هذا النظام على الطبقة العاملة و بالتالي ضرورة تطور المجتمع المدني الذي أصبح اليوم يسير في اتجاه عولمة النضال ضد استغلال العولمة المتوحشة . و نشأت منظمات عالمية تدعو إلى توحيد النضال كمنظمة ITTAC التي تناضل ضد سلبيات العولمة المتوحشة ، و تعتبر محطة سياطل ضد اتفاقية التجارة العالمية و جنوى بإيطاليا محطتان أساسيتان في عولمة النضال ضد العولمة المتوحشة . و يعتبر اجتماع قمة البديل 2000 بجنيف ما بين 22 و 25 يونيو 2000 لممثلات و ممثلي المجتمع المدني من 60 دولة أروع ما أنجزه المجتمع المدني باعتبار مستوى القضايا المطروحة و خاصة القضايا الاجتماعية و الديمقراطية و البيئة و الميز العنصري ضد الأجانب و المساواة بين المرأة و الرجل . .III المجتمع المدني المغربي و عوائق العولمة إن الرأسمالية الامبريالية المتمثلة في العولمة المتوحشة تسعى إ لى تخطي الحواجز من أجل الوصول إلى ثروات الشعوب الفقيرة عبر تفكيك الدولة القومية و هكذا تعمل على رفع شعار الديمقراطية و حقوق الإنسان و دور المجتمع المدني في التنمية بعدما عبدت الطريق إلى ذلك منذ بداية الثمانينات من خلال سياسات التقويم الهيكلي التي طبقتها على الدول التابعة و من بينها المغرب عبر توصيات البنك العالمي و صندوق النقد الدولي من خلال القروض التي تثقل كاهل الشعب المغربي و فرض سياسة اجتماعية و اقتصادية تخدم الرأسمال المركزي و تضرب الحقوق الأساسية للجماهير خاصة في مجال التعليم و الصحة و الشغل و السكن . و مع بروز العولمة المتوحشة لجأت الدول الإمبريالية بقيادة أمريكا إلى تكتيك جديد قديم هو دور المجتمع المدني كأداة مباشرة للوصول إلى ثروات الشعوب بتحويلها إلى وكيل بديل لحكومات الأنظمة التابعة للرأسمال المركزي بعدما أحست بخطورة تنامي المجتمع المدني الحقيقي في الدول الفقيرة الذي سيتجاوز يوما حكومات الأنظمة في هذه الدول و هكذا تأسست جمعيات و منظمات تابعة على غرار جمعيات السهول و الوديان و الجبال التي تحظى بالحماية و الدعم المادي و المعنوي للنظام المخزني . تاريخيا بدأ بروز دور المجتمع المدني بالمغرب في بداية الثلاثينات بعد أن قضى تحالف الإقطاع و الاستعمار على مقاومة الفلاحين مع سقوط جبل صغرو و بروز طبقة عاملة بالمدن تحاول تنظيم نفسها في تنظيمها الذاتي للدفاع عن حقوقها و حمايتها من استغلال الرأسمال كما برزت بورجوازية صغيرة شكلت تحالفا مع الطبقة العاملة في ظل ما يسمى بالحركة الوطنية ضد تحالف الإقطاع و الاستعمار و لعب الفلاحون دورا هاما في هذا التحالف الذي أرغم الاستعمار المباشر على التخلي عن السلطة المباشرة . و خلال مرحلة الاستقلال الشكلي دخلت لبورجوازية في تصفية حساباتها السياسية مما سهل على النظام المخزني تفكيك تحالف الطبقة العاملة و الفلاحين و بالتالي عزل المدن عن القرى لتسهيل ضرب الحقوق السياسية و المدنية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية للشعب المغربي بعد ضرب تنظيمات المجتمع المدني الحقيقية – إ. و. ط. م ، اليسار الجديد ، ج. م. ح. إ. ، الحركة الأمازيغية ... و في ظل العولمة المتوحشة عمل النظام المخزني على : - التخلي عن مسؤولياته لاجتماعية في التعليم و الصحة و الشغل و السكن - التملص من دوره الأساسي في تردي الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية - تفريغ المجتمع السياسي من دوره في توجيه الاقتصاد الوطني - التعتيم و قمع المجتمع المدني الحقيقي الذي تنامى خلال العقدين الأخيرين من القرن 20 كما و كيفا أمام هذه الوضعية التي ذهب ضحيتها حقوق الطبقة العاملة و الفلاحين و عموم الكادحين يأتي دور المجتمع المدني الحقيقي و المتمثل في الحركة النقابية المكافحة ، الحركة الحقوقية ، الحركة النسائية ، الحركة الطلابية ، الحركة الأمازيغية ، حركة المعطلين ، الجمعيات التنموية و الوداديات السكنية ... اليسار الجديد و الجذري ، و المرتبط بقضايا الجماهير في الدفاع عن حقوق الإنسان في ظل الهجوم المنظم للعولمة المتوحشة و حلفائها . .IV استراتيجية تفعيل المجتمع المدني قبل رسم أية خطة عمل لا بد من الرجوع إلى تجارب المجتمع المدني ببلادنا و التي لها أثرها في حركة المجتمع و هنا لا بد من الإشارة إلى أحداث هامة : 1. مسيرة فبراير 1991 بالرباط تضامنا مع الشعب العراقي 2. مسيرة مارس 2000 بالرباط ضد تأنيث الفقر 3. مسيرة 7 أبريل 2002 ، الرباط لنصر انتفاضة الشعب الفلسطيني هذا بحد يعتبران أروع ما قدمه المجتمع المدني ببلادنا لما له من دلالة تضامنية تتعدى الحدود الوطنية لتدخل ضمن الحركة الدولية ضد هجوم العولمة المتوحشة على حقوق الجماهير كما يعبر عن مدى قوة و تطور حركة المجتمع المدني بالمغرب . كما أن المسيرة الاحتجاجية للحركة النقابية المكافحة بالرباط ضد مدونة الشغل الرجعية و الوقفات الاحتجاجية للمعطلين و الجمعية المغربية لحقوق الإنسان و المنتدى المغربي من أجل الحقيقة و الإنصاف و الحركة الأمازيغية تعتبر بحق أروع ما أنجزه المجتمع المدني بالمغرب باعتبار مستوى القضايا التي يطرحها سواء على مستوى الحقوق السياسية و المدنية أو على مستوى الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية . لكن تعامل النظام المخزني مع حركة المجتمع المدني إما بمحاولة الاحتواء أو بالقمع الممنهج في حالة الفشل من الاحتواء يتطلب من تنظيمات المجتمع المدني مزيدا من العمل على التحالف ضد هجوم العولمة المتوحشة و حلفائها لحماية حقوق الإنسان و الدفاع عنها و ذلك من أجل : - وضع دستور ديمقراطي يضمن حقوق الإنسان - مدونة شغل ديمقراطية تصون حقوق العمال - مدونة الأحوال الشخصية تصون حقوق المرأة - مناهضة خوصصة القطاع العام - مناهضة الميثاق الوطني للتربية و التكوين - ضمان الحقوق الأساسية من تعليم و صحة و شغل و سكن - محاسبة المسؤولين عن الجرائم السياسية و الاقتصادية
تارودانت في 15/11/2001 أمال الحسين
#امال_الحسين (هاشتاغ)
Lahoucine_Amal#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حركة المجتمع المدني بالمغرب في مواجهة قوى الاستعلال الجديدة
-
أهمية التربية على حقوق الإنسان في الممارسة الديمقراطية
-
التحرر الوطني و النضال الديمقراطي الجذري
-
بيان المختطف عمر الوسولي
-
موقع العمل الحمعوي في استراتيجية العمل الشبيبي
-
المشروع التنموي للقوى البشرية و نضال الفلاحين الفقراء
-
فاتح ماي بالمغرب
-
مؤتمر النهج الديمقراطي والتنظيم السياسي المنشود
-
إجلاء الحقيقة في ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان - الجز
...
-
الحركة العمالية و النقابية و دور اليسارفي المرحلة الراهنة
-
إجلاء الحقيقة في ملف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان
-
مشروع ورقة حول الامازيغية و الصراع الطبقي
-
مكافحة الإرهاب وآثاره السلبية على حقوق الإنسان
-
واقـع المتضرريـن من سـد أولـوز و حماية الحق في التنمية
-
العمل التنموي بالبوادي والأحياء الشعبية وحماية الحق في التنم
...
-
آفاق الحماية والنهوض في المرحلة الراهنة
-
القوى المنتجة وعلاقات الإنتاج في التكوينات الاجتماعية التناح
...
-
الأمازيغية و النضال الديمقراطي الجذري
المزيد.....
-
وزارة المالية العراقية تكشف عن تفاصيل رواتب المتقاعدين لشهر
...
-
“الحكومة الجزائرية” تكشف زيادة رواتب المتقاعدين وموعد صب الر
...
-
زيادة رواتب المتقاعدين في العراق+ رابط الاستعلام الجديد.. وز
...
-
مركز الفينيق ومعهد غرب آسيا وشمال إفريقيا (WANA) يوقّعان مذك
...
-
رئيس عمال مصر يتوجه بالتهنئة إلى «سامى سعدون» بمناسبة ترشيحه
...
-
مركز الفينيق ومعهد غرب آسيا وشمال إفريقيا (WANA) يوقّعان مذك
...
-
أوضاع اجتماعية واقتصادية رديئة لأعوان الوكالة الوطنية لحماية
...
-
تأجيل اضراب نقل المحروقات الى يومي 19 و20 ديسمبر 2024
-
الامين العام في ندوة لجامعة المعادن و الإلكترونيك :
-
دراسة: سوق العمل في ألمانيا يحتاج إلى المزيد من المهاجرين
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|