زهير كاظم عبود
الحوار المتمدن-العدد: 845 - 2004 / 5 / 26 - 05:12
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
كان اول اتصال مباشر لي بواسطة الأنترنيت بالسيد حسن نصر الله المرجع الديني الشيعي في لبنان وزعيم حزب الله اللبناني في تموز عام 2002 حين سألته عن الحكم الشرعي للأيزيدية أثناء بحثي عن الفتاوى الدينية في كتابي الأخير ( الأيزيدية .. حقائق وخفايا وأساطير ) والذي صدر عام 2003 في كردستان العراق ، بالنظر للملابسات والأشكالات والفتاوى التي صدرت من علماء مسلمين تبيح ذبحهم وأستباحة أموالهم وسبي نسائهم ظلماً وعدواناً ، مع أنهم موحدين لله عز وجل ومع انهم صابرين ومفوضين امرهم لله ويجلون الأسلام والمسلمين .
كانت اجابة السيد حسن نصر الله انه لايملك معلومات عن معتقد الأيزيدية وأفكارهم وأحالني للأستفسار من مكتب الخامنئي في ( قم ) الذي قد تتوفر لديه الأجابة المناسبة .
كان أستغرابي في محله من جواب السيد الذي لم تكن له أية معلومة عن ديانة يدين بها أكثر من نصف مليون أنسان منتشرين في العراق وسوريا وتركيا وأيران وجورجيا وأرمينيا واوربا ، مع أنه يفترض به الألمام بالأديان والعقائد كجزء من الثقافة الدينية التي يؤهلها المركز الديني والسياسي للسيد نصر الله .
بالأضافة الى كون السيد نصر الله يتدخل في الشأن العراقي مع عدم معرفته بأمور كثيرة ليس واقع الأيزيدية وحدها مالايعرفه السيد الجليل عن العراق .
و السيد حسن نصر الله وتحت هاجس العداء المفرط والكراهية غير المحدودة للولايات المتحدة الأمريكية التي كانت قد اعتبرت حركة ( حزب الله ) من الحركات الأرهابية وسجلتها ضمن الحملة التي تشنها في محاربة الأرهاب في العالم ، كان نصر الله قد دعى كردة فعل الى مساندة صدام والوقوف معه والدعوة لمصالحته وتناسي المجازر والجرائم التي ارتكبها الطاغية بحق أبناء العراق .
الحقيقة أن السيد نصرالله وهو من اتباع مذهب آل البيت ( ع ) ، ومن القيادات الدينية الشيعية في العالم العربي ، وزعيم حزب طائفي يعتمد العمل المسلح في تحرير أجزاء من بلاده المحتلة من قبل أسرائيل وهو حزب له تأثيره في الساحة اللبنانية دون جدال ، لايمكن بأي حال من الأحوال أن يضع يده أو ثقته بالطاغية الدكتاتور البائد بأي شكل من الأشكال ولامساومة الطغاة والقتلة من الحكام ، كما لايمكن أن يكون ممن لايعرف عن طبيعة هذا الطاغية وشكل النظام القمعي المخابراتي الذي تجسده عقليه صدام البائد ، بالأضافة الى موقف صدام البائد من الجعفرية كمذهب ومن الأسلام كدين ومن علماء المسلمين و من الحركات السياسية والدينية في العراق عموماً ، الا أن الأندفاع تحت ضغط العداء المفرط للموقف الأمريكي دفع السيد بأتجاه المطالبة بمصالحة القاتل ومصافحته والقبول بقيادته وأستمرار سلطته والخنوع له حماية من الأحتلال الأمريكي البغيض ، بأعتبار مايستند عليه السيد أن شر الأحتلال أكثر بشاعة من شر الطغيان ، وأن الحاكم الظالم المسلم خير من الحاكم العادل الكافر .
ومع أن الموقف الذي وقفه السيد نصر الله في الدفاع عن سلطة صدام بأعتبارها سلطة ( وطنية ) ضد الأحتلال الأجنبي تأخذ صورة الدفاع عن الأرض ( الوطن ) وليس عن الأنسان والذي هو أكثر قدسية وقيمة من الأرض ، فانه أصطف دون أن يدري أو يشعر مع جهات تعمل لصالح سلطة صدام ونظام البعث المقبور في المطالبة بدعوات المصالحة مع نظام القتلة والفجور والطغيان في بغداد في الموقف المعادي للفقراء والمضطهدين والمعارضين لسلطة البغي والطغيان في العراق .
كما أنه سجل على نفسه موقفاً متعارضاً مع الأحزاب العراقية الوطنية المعارضة لبقاء صدام البائد في السلطة والأصطفاف بهذه الدعوة مع كل من يمد الطاغية العراقي بأي موقف مساند مادياً أو معنوياً في أيامه الأخيرة ، وأعتبار هذا الموقف ضد خلاص الشعب العراقي من طاغيته ونظامه الدكتاتوري البشع .
كان موقف السيد نصر الله في منتهى الأحراج حين وقف يدعو لنصرة الطاغية ومساندة الجلاد تحت اية مزاعم أو ظروف ، فالحقد على امريكا كان يدفع بالسيد لأعلان هذه المواقف دون أن يدرك انه بهذا الموقف يبتعد عن الموقف السياسي الصحيح الذي يقول ان عدو عدوي صديقي ، ليخسر السيد اغلبية الشعب العراقي وأكثرية الجعفرية في العراق بمساندته لنظام القتل والأرهاب والطائفية الصدامي في أخر أيامه ، ولو تصورنا على سبيل المثال أن الولايات المتحدة قررت معاداة أسرائيل فهل سيقف السيد الى جانب الكيان الصهيوني مدافعاً عنه ومنادياً لمصالحته ضد أمريكا ؟
وحين أعلن السيد مقتدى الصدر تشكيل ميليشياته المدعومة من أيران والممولة مادياً وتسليحياً من الحكومة الأيرانية لحساباتها السياسية المتجردة من مشاعر الأخوة والجيرة والمذهب والأنسانية و المندفعة تحت ضغط نفس العداء للولايات المتحدة الأمريكية ، خشية من التدخل في الشأن الايراني الداخلي ، أو العمل على تغيير السياسة الآيرانية والعمل على أسقاط ولاية الفقيه في أيران ، وانسجاماً مع الموقف الآيراني لم يكن للسيد حسن نصر الله أي خيار سوى الوقوف منسجماً مع الموقف الآيراني الرسمي التي كانت قد وقفت موقفاً مماثلاً لمساندة صدام والدفاع عنه في الأيام الأخيرة قبل هروبة والقبض عليه في جحور العوجة ، حتى وصل الأمر أن يصرح وزير الدفاع الآيراني علي شمخاني أستعداد آيران للدفاع عن نظام صدام البائد عسكرياً أذا تطلب الأمر ذلك ، كما صرح بمثل هذا السيد هاشمي رفسنجاني مدافعاً عن نظام صدام .
حينها تذكرت موقف السيد حسن نصر الله حين أحالني الى قم للأستفسار عن قضية الأيزيدية والتي كان يرى أن اجابتها يجب أن تتم عبر المرجعية الآيرانية .
ويشكل النداء الذي وجهه لفيف من علماء الحوزة العلمية في النجف الأشرف يوم 20/5/2004 الى السيد حسن نصر الله مكاشفة حقيقية لما وصلت اليه الأمور ، بالأضافة الى كشف حقائق لأفعال وبالأسماء لما يحدث للمرجعية العلمية المتمثلة بآية الله السيد علي السيستاني حفظه الله كرمز كبير من رموز المذهب الجعفري في الوقت الحاضر ومرجع ديني كبير وفقيه من فقهاء العصر ، وقد شخص علماء الحوزة قضايا مهمة في هذا البيان على ضوء مطالبة السيد حسن نصر الله مؤازرة المجموعات المسلحة التي تحاول أن تسيء للرموز الجعفرية أو للمراقد المقدسة وللمدينتين المقدستين كربلاء والنجف في العراق ، بما في ذلك عصيان طلب المرجعية بأنهاء القتال داخل في المراقد المقدسة المدن والأنسحاب منها وألغاء كافة مظاهر القوة والسلاح.
وانتهى البيان الى مناشدة السيد أن يقف الموقف الصحيح تجاه مايحدث في العراق ، ومايحدث للمرجعية الرشيدة بالذات فيقول البيان في فقرته الأخيرة :
(( أفلا ترون سيدنا الجليل بعد كل ما تقدم أن التأكيد على مواجهة الاحتلال فقط من دون فضح عصيان جماعة السيد مقتدى لحركة المرجعية العليا المتصدية في العراق يكفي في الدفاع عن العتبات المقدسة . أم أنه إغراء للسيد مقتدى وجماعته بمزيد من التجاوزات على المرجعية وعلى العتبات المقدسة والحرمات .
إن من الخطورة بمكان لمن عرف الحقيقة في ما تقدم وغيره وممن هو قادر على معرفتها بسهولة من خلال الاتصال بمن يعرف من رجالات الحوزة الثقات ومن مكاتب المراجع بل ومن المراجع أنفسهم أن يتكلم عن نصف الحقيقة ويترك نصفها الآخر.
إننا نطالبكم كما هو المعهود فيكم أن تكونوا لسان المرجعية والحوزة العلمية الناطق القادر على حفظ التوازنات السياسية في خطاب يجمع بين إدانة الاحتلال وإدانة من يقدم له الذرائع معاً في آن واحد .
دمتم مسددين مؤيدين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ))
وبعد كل هذا نسأل هل يمكن للسيد حسن نصرالله أن يتخذ الموقف الذي سيعزز دور المرجعية في الأعلان عن موقف يتسم بالحكمة دون أن تتدخل العواطف والأنفعالات من الأحتلال الأمريكي البغيض ؟ ودون أن تكون الأحكام المسبقة ولعبة التوازنات الأقليمية سبباً في مواقف تسبب الدمار لشعب العراق لتحرق بنارها أول من تحرق أتباع مذهب أل البيت وأهل المدن المقدسة في العراق .
أن التعاطي مع الشأن العراقي تتخلله مصاعب كثيرة ، وعلى من يريد أن يتدخل في الشأن العراقي أن يتعرف على حقائق يمكن أن يتم تغييبها ضمن لعبة المصالح الأٌقليمية التي تجد الان في الساحة العراقية مكاناً مناسباً للتصفيات وحل الخلافات وتسجيل المواقف المضادة وتصفية الخلافات الشخصية ، الساحة العراقية الان تعج باللاعبين المختلفين ، والساحة العراقية الان تعج بالأحداث الشائكة والمختلطة ، ولكن حتما لن يصح الا الصحيح وستتصفى الأمور والأحداث ليتم تسجيل المواقف واعادة الحسابات وأعطاء كل ذي حق حقه ، بعد أن يعود العراق عراقياً دون أحتلال ودون أن يتدخل بشأنه الداخلي أحد ، ودون أن يتم السماح للأطراف باللعب ضمن الساحة التي ستكون مخصصة للعراقيين فقط ، وسيتذكر العراقيين والتاريخ العراقي المواقف والتصريحات والأصطفافات بكل انواعها ، وأكثر هذه المواقف بشاعة الوقوف مع الأحتلال والوقوف مع الطاغية البائد .
#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟