|
عن العروبة
ثائر دوري
الحوار المتمدن-العدد: 845 - 2004 / 5 / 26 - 05:04
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
- العروبة هي الهوية القومية لأمتنا و لا يحق لأي حزب سياسي أو مجموعة أن يحتكر الحديث باسمها . الهوية القومية تخص أفراد الأمة جميعا و لا يحق لأحد أن يشكك بهوية أمته و من يفعل يتم إخراجه خارج الحياة السياسية الشرعية . فلا يوجد حزب فرنسي أو إسباني أو ..... يميناً أو يساراً يقول ببرنامجه بهوية غير الفرنسية أو الإسبانية ........ كلهم يقولون أنهم فرنسيون و بعدها ينطلقون لبرامجهم السياسية يميناً أو يساراً . و كذلك حال الهوية العربية يجب أن تكون خطاً أحمر بعيداً عن أي تشكيك أو استخدام سياسي إلا في وجه العدوان الخارجي على الأمة . على كل الحركات السياسية أن تنطلق من بعد هذه النقطة و تطرح برامجها يميناً أو يساراً . كلنا عرب نقطة أول السطر انتهى ، ثم يتم الانطلاق لوضع تصور للوضع الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي و آفاق المستقبل - العروبة و الإسلام : لا عروبة بدون إسلام . و العرب هم مادة الإسلام و حملة رسالته . لقد تبلورت خصائص الأمة العربية في الوعاء الحضاري الإسلامي ، و بالتالي فقد لعب الإسلام دورا أساسياً في صياغة الخصائص الحضارية لأمتنا . إن التعارض بين العروبة و الإسلام سواء اكتسب بعداً حضارياً أو سياسياً هو غير صحيح و مصطنع . فمن جهة لا تعارض مطلقا بين كون الإنسان عربياً و بين كونه مسلماً . هل يوجد في الشخصية القومية لأمتنا أمر يتعارض مع تعاليم الإسلام ؟ من يعرفه فليدلنا عليه . كما أن العروبة هوية الأمة و الإسلام دين أغلبيتها . هل هناك تعارض بين كون المرء فرنسياً أو إسبانيا أو إنكليزيا و بين كونه كاثوليكياً أو بروتستانتياً ؟ الجواب لا . لماذا إذا عندنا سيكون هذا التعارض ؟! القومية دائرة صغيرة و الدين دائرة أكبر تحتوي القومية . و من الناحية السياسية تتعرض أمتنا العربية إلى نفس ما تتعرض له بقية القوميات التي تدين بالإسلام من هجوم غربي و محاولات إلغاء الهوية الحضارية و كلها تسعى لكسب استقلالها الحضاري ، السياسي ، الاقتصادي . و هذا يجعل الإسلام ببعده الحضاري و تعاليمه الإنسانية عامل توحيد في مقاومة المشروع الغربي الهمجي ، الذي يستهدف إلغاء ثقافات الآخرين و استعبادهم و نهب ثرواتهم . - القومية العربية و قوميات الجوار الإسلامي : تتشارك قوميتنا العربية مع قوميات الجوار و هي ( الأكراد ، الأتراك ، الإيرانيين ، مسلمي شبه الجزيرة الهندية ) بتاريخ و إرث حضاري مشترك و كلها تعاني في النظام العالمي الراهن من الظلم و فقدان استقلالها الاقتصادي و الهيمنة على قرارها السياسي . و بالتالي فإن وحدتها و تعاونها على بناء نهضتها ضرورة ملحة في عالم متوحش تحكمه قيم غير إنسانية . و ليكن التاريخ و الإرث الحضاري الإسلامي الإنساني بقيمه المضادة لقيم الربح و إلغاء الآخرين و استعبادهم ، و المساواة بين البشر بغض النظر عن جنسهم أو لونهم أو عقيدتهم ، ليكن هذا التراث الإنساني رسالة هذه الشعوب التي تدين بالإسلام إلى العالم . و قوميتنا العربية لا تعاني من عقد نقص تجاه أي قومية أخرى ، لأنها قومية أمة ألفية منحت الحضارة الإنسانية الكثير ، و لأنها عبر التاريخ كانت قومية منفتحة على الآخرين تتفاعل مع كل الشعوب و تأخذ و تعطي بدون حساسيات و دون أن تخجل من ذلك . لذلك فلا يضيرها إن حصل الأكراد على كامل حقوقهم القومية ، بعيداً عن عبث الأيدي الخارجية . و لا يضيرها إن تكلم الأمازيج بلغتهم الخاصة ، إن كان ذلك ضرورياً لتطورهم الحضاري و الإنساني . إن قوميتنا العربية ذات أبعاد ثقافية ضخمة لا يمكن اختصارها باللغة فقط ، على أهمية اللغة كوعاء حضاري و وسيلة تواصل إنسانية ضخمة و كأداة للفكر ، و عند تعميق النظرة من قال إن لغات القوميات المحيطة بنا بعيدة عن اللغة العربية ؟! إنها لغات ممتزجة تبادلت الكثير من ألفاظها حتى انك لا تستطيع أن تميز بينها أحيانا . إن اللغة العربية لم تنتشر يوما بالقسر أو بالإكراه بل إن التوسع السلمي هو السائد عبر التاريخ و إن إعادة الاعتبار الحقيقي للغتنا يكون بالتحول إلى منتجين للحضارة الإنسانية و بالتالي ستقبل كل شعوب الأرض على تعلمها ، كما هي حال الإنكليزية اليوم . قوميتنا إنسانية منفتحة على الآخرين و إنّا نرفعها راية نضالية في وجه الفكر المتوحش الذي يحكم العالم اليوم . قوميتنا هذه بريئة من الفكر القومي الغربي القائم على الحساسية من الآخرين لأنه نتاج فكر رأسمالي لا يحقق ذاته إلا بغياب الآخرين . فكر صراعي لا يرى العلاقات بين الشعوب إلا كعلاقات سيد و عبد . أما قوميتنا فترى أن الكون يسع لجميع البشر و أن التنوع و الاختلاف شرط من شروط ازدهار الحياة و عنصر أساسي من إنسانيتها . يجب طي صفحة الخلاف بين القوميات الأربع المتآخية : العرب و الأكراد و الفرس و الترك . و فتح صفحة جديدة يكون عنوانها التآخي و التوحد ضد الغرب الرأسمالي المتوحش و خلق فضاء سياسي – اقتصادي – ثقافي مفتوح يضم هذه الأمم الأربع ، و قابل للتوسع . يكون البشر فيه على قدم المساواة دون تمييز بسبب الجنس أو اللغة أو العرق أو الدين . إن الحدود التي تفصل هذه القوميات هي نتاج العصر الرأسمالي القائم ، لكن هناك من يفكر دائماً بشروط هذا العصر حتى و هو يحاول أن يتحرر منه فيبني برامجه التحررية على أساس أن علاقات هذا العصر هي علاقات أبدية . إن هذا غير صحيح . و إن استمرارنا ببناء برامجنا التحررية داخل شروط العصر يعني إحلال عبودية مكان أخرى . و أوضح مثال على ذلك هو مسألة الحدود بين الدول هناك من يتوهم أنه إذا أقام دولة منفصلة ذات حدود مسيجة عن المحيط يكون قد حقق أقصى طموحاته القومية . و قد ثبت أن تلك الحدود تتحول سريعا إلى سور سجن كبير يضطهد الغرب بواسطة عملائه المحليين ، من حكام و أشباههم ، يضطهد داخله كل عناصر الأمة و يحول الدولة القومية الحلم إلى معتقل كبير يديره خدم النظام العالمي . إن الحدود هي بدعة قومية رأسمالية و علينا أن نرفضها و نعيد بناء فضاء إنساني مفتوح يملك البشر فيه حرية التنقل و الإقامة أينما شاءوا . ألا ما أبأس العالم المعاصر حيث للمال حرية للتنقل أكثر من البشر . ينتقل المال بثانية واحدة من مكان لآخر أما الإنسان فيحتاج إلى جواز سفر و موافقات لا نهائية . و إن الخطوة الأولى الواقعية نحو هذا الحلم الإنساني الكبير هو تحقيق فضاء مفتوح بين هذه الأمم الأربع ، المتآخية بالإسلام ، يرتكز على تاريخها المشترك المستمر لأكثر من ألف عام . و على مصالحها في التوحد للخلاص من ربقة نظام النهب العالمي الذي وقعت بين براثنه . و قبل كل ذلك يرتكز على الإسلام ببعده الحضاري و الإنساني و الديني كأهم عامل توحيد لهذه القوميات .
#ثائر_دوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التصدعات التي خلقتها المقاومة في جسد الاحتلال الأمريكي للعرا
...
-
الوضع العام
-
بعد مرور سنة على الغزو أهداف و دوافع هذا الغزو
-
حماقات علمية و أخرى سياسية
-
دروس عملية تبادل الأسرى
-
عبد الرحمن منيف يكتب روايته الأخيرة
-
معنى أن تكون معارضاً
-
طالبان من أفغانستان إلى باريس
-
البطاطا و الفكر و أشياء أخرى
-
إيران إلى أين ؟
-
خيار البشرية اليوم : إما الهمجية أو مقاومة الإمبريالية
-
عام جديد و طريق جديد
-
وثيقة جنيف : كلما يأس العدو من كسرنا أعادوا له الأمل........
-
ديمقراطية الفكر الإبادي التلمودي
-
ثورة في جورجيا أم مجرد تغيير شكلي ؟
-
ثقافة الجوع و ثقافة الشبع
-
وحدة أطراف النظام الدولي
-
أمريكا من انتظار القيامة إلى صنعها بالسلاح الذري
-
حريق في الحديقة الخلفية للولايات المتحدة
-
نعم هناك إمكانية لعالم آخر بديل لعالم الربح
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|