|
الفساد الثقافي ....
سميع اومر رشيد
الحوار المتمدن-العدد: 2779 - 2009 / 9 / 24 - 22:59
المحور:
الصحافة والاعلام
أن الفساد الثقافي ، هو اخطر أنواع الفساد على الإطلاق ، إذ أن نظيره إداريا كان أم ماليا فإن ثمة إجماع على إدانته و تسن الدول التشريعات و القوانين لملاحقته و قطع دابره . بينما يتمتع الفساد الثقافي بحصانة ما يسمى بـ"حرية الرأي" تارة و بـ" حرية الإبداع" تارة أخرى ، تستطيع أن تأمل وتتفاءل إن فسد كل شيء إلاّ الثقافة! وتزداد قتامة الأشياء، وتسودّ الآفاق حين تمتد آفة الفساد السرطانية إلى الخلايا الثقافية، فتنقسم بلا ضابط، وتنتشر بلا رادع ولا علاج! ليس في هذا الكلام مبالغة، وليس فيه تيئيس؛ بل محاولة أخرى لتأكيد المؤكد، وللإشارة إلى حال مقروءة ومعيشة، وهي بلا شك قائمة يلاحظها المتعاملون مع الوسط الثقافي، ويعاني من أعراضها الكثيرون من المثقفين، ويمارسها الكثيرون من المشتغلين في الثقافة على اختلاف مواقعهم وأدوارهم... ولا يتوقف الأمر على المسؤولين الثقافيين غير المؤهلين للمهمات كثيفة المتطلبات، واسعةِ العلاقات، شمولية المتابعة، متعددة الكفاءات، شاسعة الأمداء، عميقة التأثيرات... ولا على الذين يتحملون جريرة تسييدهم، ولا على المحررين الثقافيين الذين يروّجون لمن يحرق الرماد، ويتجاهلون مرارات احتراق اليخضور، ولا على الإعلام الثقافي الذي تتراوح أمراضه بين الجهل والارتجال والتصيّد والتراشق... وتنفيذ المهمات بأي حال! كما لا يتوقف الأمر على من هم أصحاب غايات سوداء وأرصدة قاتمة، يهرعون إلى تبييضها ثقافياً عبر برامج ومسلسلات ومسابقات ومهرجانات ولافتات ورعايات... بل يدخل في صلب المثقف الذي يشار إليه باللهفة والتوق والأمل، كما يلاحق بالشماتة والتهمة والإدانة..! المثقف الذي يريق مداده ويجيّر قلمه ونبرته وسلوكه ومواقفه جهةً أخرى غير الحقيقة والكرامة والموضوعية... ومهما كان الثمن الذي ينتظره... المثقف الذي يستطيع أن يشوه الوقائع، ويزوّر الأفكار، ويسفّه المواهب، ويخيّب الرؤى، ويحرّف المبادئ.... المثقف الذي يستخدم إمكانياته وكفاءاته (ومواهبه) لتغطية البؤر الفاسدة، وإقناع المتابعين أن الروائح زكية، والمشاهد تنطوي على إبداعات غير منظورة... المثقف الذي يجور على الفن بإجازته ما ليس فناً، أو بتعيين من يقوم بذلك أو ترشيحه، ويمتدح من لا يستحق، ويكتب ويحكم وفق توجيهات ورنين وموائد... وصولاً إلى المتلقي الذي يصفق للناشزين، ويحتفي بالسذّج، ويكرّم السطحيين... بحجة الفهم والوضوح والتشجيع والمناسبة! المتلقي الذي يتكاسل عن السعي حتى للتفكير أبعد مما لديه. ويشارك في الموكب الذي يسير بلا رؤيا ولا رصيد، ويبادر إلى الاتهام، والإلغاء مشاركة مع (مثقفين) آخرين. أو تيمناً بهم، أو صوناً لمواقعهم، أو إرضاء.. ومن علامات المثقف المفسد التغني بالديمقراطية واتهام الآخرين بشرفها، وممارسة كل ألوان الانتهاك فيها، والتمتّرس حول أنانيات ومكاسب ونفوذاً للنيل من الآخرين، كما يتغنّى بعض المثقفين بالمطالبة بحرية الرأي، وإعطاء حق التعبير لهم أو لسواهم، ولكنهم هم بنفسهم يتعدون على حريات الشخصية لاشخاص اخرين وذلك عن طريق مقالاتهم الغير موضوعية مليئة بالتشهير والتكذيب بدون متابعة مصدر الخبر اوالمعلومة والتأكد من صحتها, ليست الثقافة حكراً على أحد؛ مسؤولاً أو مبدعاً أو متلقياً، وهي ليست ترفاً أو عملاً إضافياً نتقاضى ثمنه حتى دون أن نؤديه، وليس شعاراً نرفعه ونتاجر باسمه، ونهادن ونتمسح، ونغيّر قناعاتنا، ونسوّغ ذلك بالمعرفة والصداقة والإحراج والخوف من ردود الفعل... ليست الثقافة عنواناً لصفحات فارغة نملؤها بما تيسّر، وما يريح وما يرضي.. أو يدوَّن إنجازاً، ويحكي سيرة خاوية، ويقول ولا يقول... ليست الثقافة ميداناً واحداً أو شطراً محدداً، أو زاوية، أو جهة... يمكن أن نبدّلها إذا ما نَتُنَ هواؤها أو أسن ماؤها... الثقافة هاجس وحاجة ورغبة وتوق ونزعة ووسواس... وفساد أية خلية من خلاياه شيوع للمرض الذي يصعب الإفلات من أظلم نتائجه...
#سميع_اومر_رشيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السعودية.. مصرع شخص وإصابة 10 آخرين في تصادم 20 مركبة والمرو
...
-
شاهد.. مروحية عسكرية تشتعل بعد هبوط اضطراري في كاليفورنيا
-
هل الطقوس التي نتشاركها سر العلاقات الدائمة؟
-
السعودية: حذرنا ألمانيا من المشتبه به في هجوم ماغديبورغ
-
مصر.. البرادعي يعلق على زيارة الوفد الأمريكي لسوريا
-
اعتراض ثلاث طائرات أوكرانية مسيرة فوق شبه جزيرة القرم
-
RT تعلن نتائج -جائزة خالد الخطيب- الدولية لعام 2024
-
الدفاع الصينية: الولايات المتحدة تشجع على الثورات الملونة وت
...
-
البابا بعد انتقادات وزير إسرائيلي: الغارات الجوية على غزة وح
...
-
-اشتكي لوالدك جو-.. مستخدمو منصة -إكس- يهاجمون زيلينسكي بعد
...
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|