|
لا -مانيكان- بعد اليوم..
جمال الهنداوي
الحوار المتمدن-العدد: 2778 - 2009 / 9 / 23 - 22:41
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كثيرة هي المعارك التي خاضها المتأسلمون وقوى الاسلام السياسي في عالمنا ..وكثيرة هي مواقعهم وصولاتهم في سوح الوغى الاجتماعي ..فبعد الانتصار – او الهزيمة..لا يهم – في معارك تقبل الرأي الأخر واحترامه ..ترادفت الرايات في وقائع متعددة ومختلفة تتباين في توجهاتها وفي شدتها ..وان كانت تشترك جميعها في خاصية الافراط في اضاعة الوقت والجهد..وفي انها يمكن ان يطلق عليها .. بدون ادنى تأنيب ضمير ..الاضحوكة.. وكان للمرأة دائما النصيب الاوفى من هذه المعارك المظفرة والغزوات المباركة..حتى لتظنهم مصابين بفوبيا المرأة السوية الفاعلة .. ولو كان الأمر بيدهم...لوأدوا النساء احياءً تخليدا لسنة اسلافهم العظام في الجاهلية.. فهي اما ان تكون من دعاة الالتزام التام بحكمة الدرب المؤدي من البيت الى القبر..او ان تكون "رذيله"يتوجب الحذر والحيطة منها.. واول اساليب الوقاية منها –اي المرأة - تبدأ بتعتيمها بالداكن والواسع من الثياب وتقنين هذا التغليف الابداعي بدواعي الامر بالمعروف او الدعوة الى الفضيلة..مثل القرار الحمساوي الشهير" بإلزام المحاميات ارتداء الجلباب وكسوة من القماش الأسود (عباءة المحامين المعروفة بالروب) وغطاء الرأس او المنديل" على اعتبار ان القرار" جاء لتنظيم أوضاع العمل في السلطة القضائية وإظهار المحامين بمظهر لائق في المحاكم" و فرض الزي الشرعي (الجلباب والحجاب) على طالبات الثانوية في غزة ابتداءً من الموسم الجديد .. ولكن وحتى تحت هذه الظروف..فان نقل المعركة الى ميدان دمى عرض الملابس يوحي بان دعاة الاسلام السياسي قد تجاوزوا انفسهم هذه المرة.. واثبتوا عبقرية لافتة في التمكن من اقتحام مجالات جديدة باستمرار للتحريم والتنكير.. فلقد أصدرت بعض الحركات– تحت مسمى قوى الاسلام السياسي – قرارات مظفرة تتعلق بمنع عرض الثياب المعروفة باسم "المانيكانات" في واجهات العرض الأمامية بالمراكز التجارية، خصوصا إذا كانت تلك المجسمات مكتملة الملامح، أو تشبه البشر . وعدم السماح بها الا في حالة طمس ملامح التمثال، كأن يتم إزالة الرأس نهائياً، او عرضه منفصلاً، على أن يتم طمس معالمه من الأنف والفم وغيرهما. واعتمد هذا التحريم بصورة اساسية –خصوصا في فقرة قطع الرأس- على الحديث الذي رواه أبو داود و الترمذي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” أتاني جبريل فقال: إني كنت أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت عليك البيت الذي كنت فيه إلا أنه كان في باب البيت تمثال الرجال، وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب، فمر برأس التمثال فليقطع فليُصَيَّر كهيئة الشجرة، ومر بالستر فليقطع ويجعل منه وسادتين منتبذتين يوطآن، ومر بالكلب فيخرج، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك الكلب جرواً للحسن أو الحسين.. ورواية عبد الله بن عمر(رضي الله عنه) أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "إن الذين يصنعون هذه الصور يُعذَّبون يوم القيامة، يقال لهم أحيوا ما خلقتم". وقال عبد الله بن عباس: سمعت محمدًا ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: "مَنْ صوَّر صورةً في الدنيا كُلِّف يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ". ولقد اتفق أن المراد بالصور في هذه الأحاديث هي التماثيل المجسمة، التي تكون على هيئة ذي الروح والحياة كالإنسان والحيوان. فكان لا بد الان من حملة صارمة على صنع التماثيل التي كانت تُتخذ في أول الأمر للعبادة والإشراك بالله. وتتخذ الان في عرض الملابس النسائية.. وتلت تلك القرارات حملات لراجلين يجوبون الأسواق ويراقبون محالّ بيع الملابس النسائية تحديداً، فيلبسون «المانيكان» أكياساً سوداء في الرأس، ويمزقون صور العارضات عن مغلفات الملابس النسائية الداخلية. ولترصين معطيات هذه الحملة.. استند بعض العلماء ايضا في تحريم هذه الدمى لمعطيات"عقلية" في كون ان هذه التماثيل المنتشرة قد تحققت فيها مضاهاة خلق الله-سبحانه وتعالى – حيث يقول مفتي محافظة خان يونس وعضو اللجنة العليا للافتاء بفلسطين" أفلا ترى أنك لو مررت على هذه التماثيل ، فإنك تشعر لأول وهلة أنك أمام إنسان حقيقي ؛ رجلٍ أو امرأةٍ ؟ ثم ألم تسمع أن بعض الناس عندما مرَّ على واحد من هذه التماثيل ، ظنه رجلاً ، فَرَدَّ عليه السلام .؟!"ويضيف مزايدا على القرار "أما تـماثيل النساء التي تـُفَصِّل أعضاء الـمرأة ، وتبـرز مفاتنها ، فلا يـجوز استعمالُها أو نصبُها مطلقاً ؛ سواء قـُطع رأسها أو لم يقطع ؛ لـما فيها من الفتنة والفساد" اما عن صور النساء على مغلفات ملابس النساء الداخلية ..فانها"صورة شيطـانية فاضحة فاتنة ، تفسد الأخلاق ، وتدعو إلى الرذيلة".. وقبل ان ندخل في الحيرة التي يسببهت التفكير في ماهية هذا " الشئ " الذي يخشى عليه من الافتتان بتمثال بلاستيكي مقطوع الرأس..يجب ان نسجل اكبارنا وتقديرنا للقرارات التقدمية التي اصدرتها حكومة احمدي نجاد "العلمانية" بالاكتفاء بوضع الحجاب على رأس"المانيكان" النسائي دون قطع رأسه..
#جمال_الهنداوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فاروق حسني..خيبة جديدة للعرب..
-
الدكتورة هالة مصطفى والمحرقة الانتقائية..
-
تهمة الاستقواء بالخارج..بين النظام و الشعب
-
لا تنتظروا شيئاً من منتظر..
-
طائفية المنجز الابداعي..
-
المعادلة الصعبة ما بين ذوات الارواح..وذوي العقول..
-
القذافي..والصاروخ..
-
نعم..نعم..للمحكمة الدولية..
-
الرياضة..والزعيق العنصري المقيت..
-
صعدة..دارفور اليمن السعيد..
-
عندما يبلغ الاخ العقيد أشده..
-
الجنس مقابل الغذاء
-
الفرد الحر..وثقافة التقليد
-
اسلامية الشيخ وعلمانية حماس..
-
مكابدات سيد القمني مع مجتمعه..
-
الغاء الآذان الشيعي..والوعي الوطني العراقي..
-
فلنقل كلا لسد -اليسو-..
-
كيف نصدق تاريخاً دوّن بهذه الطريقة؟!
-
معاً ضد سياط الجلاد
-
الفقيه العلماني.. عبثية الاصلاح الديني..
المزيد.....
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|