أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ليث الحمداني - اانطباعات اولية من المشهد العراقي - هموم المواطن عبدالسادة....هموم فقراء العراق














المزيد.....

اانطباعات اولية من المشهد العراقي - هموم المواطن عبدالسادة....هموم فقراء العراق


ليث الحمداني
(Laith AL Hamdani)


الحوار المتمدن-العدد: 844 - 2004 / 5 / 25 - 04:04
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


في الطريق الى بغداد كانت القائمة طويلة...استخدمت كما اعتدت خلال سني الغربة مفكرة لادراج اولويات لقاءاتي بالناس الذين احببتهم واحبوني وكانوا يسعون لمعرفة اخباري خلال سنوات الغربة..وبعضهم كانت اخبارهم قد انقطعت عني تماما.
كان عبدالسادة واحدا من الذين احتلت اسماؤهم قائمتي ،عراقي بسيط جاء به اخاه الذي كان يعمل حارسا في الوزارة في عام 1970 لتعيينه باي عمل بسيط .....كان قد انهى خدمته العسكرية وككل الفقراء تزوج مبكرا ويعيل عائلة من من ثلاثة انفار زوجة وطفلتين ، وتمكنت من تعيينه بوساطة صديق طيب واكتشفت فيه بعد ايام من مباشرته العمل ساعيا في القسم الذي نعمل فيه كل صفات فقراء العراق طيبة وامانة وسعي لمصادقة الناس وهموم تنم عن حاجة حقيقية لامفتعلة ،سالته مرة ان كان على استعداد للعمل بعد اوقات الدوام الرسمي فملء الفرح وجهه
مجيبا بالموافقة، وكانت فرحته اكبرحين علم بان العمل معي في مشروع اعلامي صغير كنت احد مؤسسيه وبمرور الاشهر اصبحنا اصدقاء يحكي لي همومه اليومية البسيطة التي لاتتجاوز لقمة العيش وغرفة السكن النظيفة وتربية البنات ، واحدثه عن طموحاتي وافكاري بالنسبة لامثاله ، حين انهار التحالف الذي سمي بالجبهة الوطنية وبدأت حملات الاعتقال والاسقاط كان اكثر الناس قلقا علي بعد اهل بيتي ، ويوم استدعينا الى الامن العامة بقي حتى ساعة متاخرة ( كما روى لي حراس الوزارة فيما بعد ) ينتظر نتائج ذلك الاستدعاء ، وحين عدت الى عملي بعد ايام جاءني بقهوة الصباح واغلق الباب خلفه حذرا وانطلق ليسمعني شتائم لحزب البعث وسلطته توصل صاحبها للمشنقة يومها ،وحاولت اسكاته وتحذيره كان كل همه ان يتضامن معي ، وحين سقط مريضا ثم اجريت له عملية جراحية زرته في داره بمدينة الثورة ، كان البؤس والفقر يحيط به في غرفته الوحيدة في البيت الذي يشاركه به شقيقه واطفاله، وهو على فراش المرض تحامل على نفسه وسالني ببساطة هل تعتقد ان اوضاعنا ستتحسن في يوم ما يااستاذ ؟
اطرقت خجلا لانني لم اكن املك الاجابة الشافية ولانني لم اعتد الاجابة بالشعارات .
استمرت علاقتنا اليومية الى ان دار دولاب الدم في قادسية العار واستدعي لخدمة الاحتياط تاركا وراءه زوجة وطفلتان وفقر لايعالجه مرتب اصبح بسبب التضخم لاقيمة له..كان يزورنا في اجازاته الشهرية وكنت حين اساله :كيف حالك ياابا زهرة ؟
كان يجيب بالم( الحمد لله عايشين من قلة الموت !!)
وكانت الاجابةتعمق جرحي من الانظمة الى لاتحس بالفقراء..
عادت العبارة الى ذاكرتي بقسوة يوم جاءنا نبأ اسره من قبل القوات الايرانية ، ذلك الاسر الذي استمر سنوات عديدة عاد بعدها مع اول وجبات العائدين من الاسر بقايا انسان ، حين زرته للتهنئة بالسلامة كان صوته اكثر حزنا وهو يشتم صدام حسين وسجانيه في الاسر في الوقت نفسه ، كانت الغرفة ذاتها لكن مظاهر البؤس اكثر من ذي قبل، بعد سنوات الغربة والمنفى ادخل البيت نفسه والغرفة ايضا زائرا لارى البؤس والشقاء في كل زاوية من زواياه قبلني بدموع صادقة لاتعرف النفاق ، كان الكبر قد اخذ منه اسنانه الامامية مهدمة ووجهه مليئا بالتجاعيد حتى لتظنه سبعينيا وهو لم يتجاوز السابعة والخمسون سالته: كيف حالك
لم يجبني اكتفى بالصمت المعبر عن الاحتجاج
الم تتحسن الاوضاع ياابا زهرة ؟ كررت السؤال
الحمد لله خلصنا من العسكرية !!
ولكنك كبرت على الجيش في السنوات الاخيرة !!
اووه عمي الله وكيلك لو مو اضم روحي جان اخذوني بجيش القدس !!
وكيف هي امور المعيشة ؟
عايشين من قلة الموت....قالها بالم من جديد بعد كل هذه السنوات ..
عبدالسادة نوذجا لكل كادحي العراق الشرفاء شيعة وسنة مسلمين ومسيحيين عربا وكردا وتركمانا واشوريين وارمن ممن لم تتلوث ايديهم بسرقة اموال الدولة ابان الانهيار ولم يلمسوا حتى الساعة أي تغيير في حياتهم اليومية الصعبة ...
قال لي وهو يودعني خارج المنزل ( عمي لاتسمع حجي ديمقراطية وحرية ومدري شنو شوف ابعينك بعدنا عايشين بنص المزابل ..كل شي ماتغير بس الوجوه والفقير عايش من قلة الموت )
حين كان السائق يقطع الشلرع المؤدي الى خارج المدينة كنت اتلفت حولي فاجد اطفالا حفاة يلعبون بالقرب من المياه الاسنة ، وعربات تجرها حيوانات تذكرك بالعصور الوسطى ...
لم اكن اتوقع معجزة للفقراء خلال عام واحد ولكني توقعت التفاتة تعيد لهم الامل بالحياة فلم اجدها ...
كان صدام حسين يوزع المليارات لكي يتوجه المرتزقة بطلا للعروبة تاركا شعبه وسط هذه المعاناة ..وجاء الاحتلال جالبا معه( الحواسم ) والمرتشين واصحاب ( الكومشنات ) الشرعية ومازال السؤال قائما :
متى يحس فقراء العراق ومعدميه انهم يعيشون في بلد يسبح على بحيرة من الثروة ؟ ومتى يكف المترفين عن اللعب بمشاعر هؤلاء الناس تارة باسم القومية وطورا باسم الدين والطائفة والعقيدة والموروث .

ليث الحمداني- كندا



#ليث_الحمداني (هاشتاغ)       Laith_AL_Hamdani#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- انطباعات اولية من المشهد العراقي
- سقوط الكذبة الكبيرة
- التخصيص بين (صديق الرئيس فولي) وصديقنا - يعقوب
- بعيدا عن أحاديث الديمقراطية والتعددية وحقوق الإنسان ما زال ف ...
- دفاعا عن فضائية أبو ظبي محاولة لفهم العمل الإعلامي وظروفه بع ...
- اتحاد الصحفيين العرب البيان المتأخر.. والتغيير المطلوب!
- مواقع الإنترنت العراقية ´- مطلوب قطع الطريق أمام الراقصين في ...
- ملاحظات حول مستقبل العمل الصحفي في العراق
- البحث في أعماق الزمن عن زعامات نظيفة اليد
- موسيقى الأغنياء التي تذبح الفقراء
- العراقيون يكرهون الدكتاتورية، ولكنهم يكرهون الاحتلال أكثر


المزيد.....




- دام شهرًا.. قوات مصرية وسعودية تختتم التدريب العسكري المشترك ...
- مستشار خامنئي: إيران تستعد للرد على ضربات إسرائيل
- بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن ...
- ما هي النرجسية؟ ولماذا تزداد انتشاراً؟ وهل أنت مصاب بها؟
- بوشيلين: القوات الروسية تواصل تقدمها وسط مدينة توريتسك
- لاريجاني: ايران تستعد للرد على الكيان الصهيوني
- المحكمة العليا الإسرائيلية تماطل بالنظر في التماس حول كارثة ...
- بحجم طابع بريدي.. رقعة مبتكرة لمراقبة ضغط الدم!
- مدخل إلى فهم الذات أو كيف نكتشف الانحيازات المعرفية في أنفسن ...
- إعلام عبري: عاموس هوكستين يهدد المسؤولين الإسرائيليين بترك ا ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - ليث الحمداني - اانطباعات اولية من المشهد العراقي - هموم المواطن عبدالسادة....هموم فقراء العراق