|
لماذا تكرهون ليبرمان؟
توفيق أبو شومر
الحوار المتمدن-العدد: 2777 - 2009 / 9 / 22 - 08:39
المحور:
القضية الفلسطينية
إن معظم السياسيين والمحللين والمراقبين يكرهونه ويواظبون على انتقاده في كل مهرجان وفي أية ندوة ، لأنه كما يقول كثيرون عنصري متطرفٌ حاقد على العرب والفلسطينيين وعلى أكثر الإسرائيليين اليساريين أيضا . وكثيرون يكرهونه لأنه وزيرٌ في حكومةٍ يمينية متطرفة يرأسها المتطرف الآخر بنيامين نتنياهو ، وآخرون يكرهونه بسبب كونه زعيم حزب إسرائيل بيتنا المتطرف القريب جدا من حزب كاخ برئاسة سيء الذكر كاهانا ! أما أنا لا أكرهه لأنه الوحيد الذي فضح السياسة الخارجية الإسرائيلية للمرة الأولى ، ولأنه الوحيد بين رؤساء الخارجية الذي أعلن عن مبادئه منذ اليوم الأول له في وزارة الخارجية ، فقد كان مخلصا كل الإخلاص ! وهو الوحيد الذي فتح صندوق الجينزاه السياسي الحريدي للمرة الأولى منذ تأسيس إسرائيل وحتى اليوم ليعلن بصراحة ووضوح عن تأسيس الدولة اليهودية (النقية) الخالية من شوائب الفلسطينيين والأقليات الإسرائيلية الأخرى ! نعم هو الوحيد الذي عرَّى سياسة إسرائيل وأرجعها إلى عهد التكوين اليهودي الأول ، عهد أرض الميعاد، وعهد صك الطابو الرباني الذي منح فلسطين كلها لإبراهيم ولإسرائيل ، وهو الصك الوحيد المعمول به اليوم في العالم أجمع ! " لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر الفرات إلى النيل" ! إذن فليبرمان رجل الألفية الثالثة يستحق أن يمنح جوائز الصدق والوضوح ، جوائز كشف الحقائق وبالأحرى كشف النوايا المخبوءة ! فلماذا تكرهونه إذن ؟! نعم يستحق ليبرمان أن يكون هو الناطق باسم أجداد إسرائيل ، والمتحدث باسم اليهودية ، فقد قال منذ أيام في 24/8/2009 معلقا على آمال الفلسطينيين بإنشاء دولتهم ، وعلى أحلام الدول العربية والأجنبية بالتخلص من كابوس هذه المأساة المستعصية ، وقال معلقا على طموحات أمريكا وأوربا بإزالة الاحتقان في الشرق الأوسط بتأسيس دولة فلسطينية خالية من الاستيطان قال: " إن التوصل للسلام مع الفلسطينيين أمرٌ غير واقعي ، فقد عقدنا سلاما معهم منذ ست عشرة سنة، ولم يتحقق السلام ، وسوف تمرُّ ست عشرة سنة أخرى ولن يتحقق السلام أيضا ، أما أنا فلن أقبل أية مهمة لا أؤمن بها" انتهى قول ليبرمان الصريح والواضح ! لماذا تكرهونه وهو القائل : إن اتفاق أنابولس ليس قانونيا لأنه لم يعرض على الكنيست ؟ نعم إنه ليبرمان المكروه جدا فلسطينيا وعربيا ودوليا ،. ليبرمان هو المهاجر اليهودي الروسي الذي عمل حمالا للأمتعة في مطار تل أبيب ، ثم ارتقى ليصبح حارسا لنادٍ ليلي ، هو ذاته المطلع جدا على العالم السفلي الإسرائيلي ، عالم المافيا والإجرام ، هو ذاته زعيم حزب إسرائيل بيتنا ، وهو ذاته الذي تمكن في بداية هذا العام من الحصول على انتزاع خمسة عشر مقعدا في الكنيست ، وسحب البساط من تحت أقدام حزب العمل العريق ، وحزب الليكود العتيق ! لماذا تكرهون ليبرمان العصامي أيها الفلسطينيون والعرب ؟ إن كل هذا الجاه وكل هذه الهالة وكل الشعبية ، لم تكن لفرط ذكائه ولا لنبوغه ، فهو في الأساس مهاجر روسي فشل في تعلم لغته العبرية ، جاءت شعبيته من " اكتشافه لأهداف الدولة اليهودية الحقيقية" ليس دولة اليهود وإسرائيل ، مما يعني أنه يمكن لغير اليهود أن يحيوا فيها ، ولكنها الدولة اليهودية المعرفة بالألف واللام والتي تنفي كل ما عدا السلالة اليهودية . فهو سليط اللسان ليس على زملائه الوزراء وليس على الشرطة والمحكمة العليا وقادة الأحزاب فقط ، بل إنه سليط اللسان على معظم رؤساء العالم ، فقد جرب مهارته مع الرئيس المصري حسني مبارك، حين قال في خطاب له في الكنيست يوم 29/10/2008 : " إذا أراد الرئيس المصري أن يفاوضنا، فليحضر إلينا، وإلا فليذهب إلى الجحيم" وهو أيضا صاحب المبادرة (المدمرة) وهي ضرب السد العالي في مصر ! وهو نفسه الذي لم يبتسم في وجوه أعضاء الكنيست العرب دبلوماسيا كما يبتسم الآخرون ، بل قال لهم : " أنتم تدعمون حماس والإرهاب ، مصيركم السجن" وهو الذي طالب وما يزال بطرد أعضاء الكنيست العرب ! هو نفسه الذي طالب أيضا بصوتٍ عالٍ وبصراحة ووضوح طرد تسعين في المائة من الفلسطينيين الذين يعيشون في أرضهم منذ عام 1948 إلى الدولة الفلسطينية التي ستقام فيما يتبقى من زوائد أرضية بعد فضلات الاستيطان وجدار الفصل العنصري ! وليبرمان هو نفسه الذي استحدث فكرة أن ينشد الفلسطينيون الأصليون الراغبون في البقاء في بيوتهم وأرضهم في حدود الدولة اليهودية نشيد هاتكفا "الأمل الصهيوني" في كل مدارسهم ، حتى يثبتوا الولاء لدولة إسرائيل ، إذا أرادوا البقاء ! أما العاملون منهم فعليهم أن يقسموا يمين الولاء لإسرائيل كشرط للاحتفاظ بالجنسية الإسرائيلية! ويجب تجريد كل من يرفض أن يقسم قسم الولاء من جنسيته الإسرائيلية ! نعم هو ذاته ليبرمان الذي اشترط على كل من يرغب في العمل في السلك الدبلوماسي الإسرائيلي أن يكون حاصلا على شهادة الخدمة العسكرية أولا ، حتى يُنفى العرب من قطاع السلك الدبلوماسي ، وهم بالمناسبة قلة يعدون على الأصابع ! لماذا تكرهون ليبرمان ؟ وهو الذي أصدر أمرا لكل سفراء وقناصل إسرائيل في الخارج أن يعلقوا صور مفتي القدس الحاج أمين الحسيني وهو يجلس إلى جوار هتلر عام 1941 وذلك لاستعمالها في الرد على كل الذين يطالبون إسرائيل بوقف الاستيطان ! هاهم مفكرو إسرائيل يكشفون النقاب عن سر الكره الذي يحظى به ليبرمان في الأوساط الفلسطينية والعربية والدولية يقول الصحفي إيتان هابر في يدعوت26/8/2009 : " قال أحد مساعدي ليبرمان السابقين وهو إسرائيل حسون: " ليبرمان قادر على فك شيفرة إسرائيل " وأضاف تعلم ليبرمان عندما كان في حملة نتنياهو الانتخابية عام 1990 بأن تعبيرا واحدا ، أو كلمة أو كلمتين قادرتان أن تحدثا تأثيرا هائلا في الناخبين مثل قوله في التعريض ببيرس: " بيرس سوف يقسم القدس" وكان لهذا التعبير مفعول السحر على جماهير الناخبين ! حتى الكاتب ألوف بن في هارتس قال في يوم 26/8/2009 عن ليبرمان وهو يطالب بإزاحته : " ليبرمان مواظب على الإخلاص لشعاراته الانتخابية " مما يعرض سياسة إسرائيل للخطر فيجب إقالته ! إذن هم يكرهون ليبرمان لأنه واضحٌ أنزل السياسة الإسرائيلية من غيبيات سماء الأصوليين الحاريديم إلى أشعة الشمس في الأرض ، لينفذها وزير علماني ! نعم يجب أن نصفق لليبرمان ونشجعه على كشفه المخبوء . وحتى نتيقن من أن ليبرمان هو الوجه الحريدي الأصولي المستقبلي لإسرائيل فلنرَ صعود نجمه وفق استطلاع مركز حوار في جامعة تل أبيب برئاسة البرفسور فوكس يوم 3/7 /2009 في يدعوت الذي أشار إلى ارتفاع شعبية ليبرمان التي كانت في بداية الانتخابات 31% فوصلت 40% فلماذا تكرهونه إذن ؟!!
#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فلسطينيو الرياستين والوزارتين
-
بطلان من السويد بوستروم وبرنادوت
-
انفجار الأبناء في وجه الآباء
-
صديقي الأطرش العربي
-
حردنة إسرائيل
-
جودنرين وعربنرين
-
إعلام صوت إسرائيل وإعلام العروبة
-
استرجاع الذاكرة الفلسطينية
-
نتنياهو بين جامعة القاهرة وبار إيلان
-
نساؤنا الذهبيات
-
إسرائيل دولة المستوطنات
-
قطار خرافات الألفية الثالثة
-
لا تهدروا رصيد مستقبلكم
-
الاحتفال ببلوغ القضية الفلسطينية سن التقاعد
-
ماراثون المفاوضات وأولمبياد المباحثات
-
القرصنة الفكرية وحفظ حقوق التأليف
-
القمع اللفظي للمرأة
-
احذروا إسرائيل الليبرمانية
-
الإعلان سيد الإعلام
-
لاجئ إسرائيلي ولاجئ فلسطيني
المزيد.....
-
أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن
...
-
-سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا
...
-
-الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل
...
-
صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
-
هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ
...
-
بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
-
مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ
...
-
الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم
...
-
البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
-
قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|