|
ظروف العمالة الاجنبية في دول الشرق الاوسط
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2774 - 2009 / 9 / 19 - 19:22
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
ما استوقفني حقا في هذا الصباح عندما مررت كسابل طريق في مدينتي، و اجبرني على اعادة التفكير فيما نحن نعيش و ما تحتوي هذه الحياة من التناقضات و الفروقات من جميع الجوانب الاقتصادية و الاجتماعية و دخلت في ثناياها طويلا ، و ما ارغمني الخوض في المعادلات الطويلة العريضة و ما اهتمت به العلماء و الفلاسفة ، و مانحن عليه من انعدام المساواة و العدالة الاجتماعية ، و اعدت ما لي من المعلومات المتواضعة عن نظريات و افكار ماركس و العلماء اليساريين و هلمجرا من الصعود و النزول في التفكير و ما هو الصح و الخطا، و اعدت الى الارض و الواقع بعد فترة، والسبب لكل ذلك هوما تعايشته في لحظة سريعة عندما التقيت بعامل تنظيف من الشرق الاقصى و هو قاطع لالاف الاميال مجبرا من اجل ايجاد لقمة العيش هنا. احسست ان الظروف التي اجبرت هذا المغلوب على امره على ان يكون بعيدا عن اهله و احبائه و خاصة في يوم و هو يؤمن به و يحترمه و يامل ان يكون مع ابناءه هو يوم العيد ، الظروف القاهرة من مرٌ المعيشة و ما فرضته عليه من المعايير المزدوجة لمسيرة الحياة من قبل الانظمة العالمية و لم يجد بدا الا الاقدام على هذا العمل، و تخيلت لو كنت انا في بلده و في نفس الحال ، ماذا كنت اعمل، و هذا لا يعني انني عشت في احسن الحال ، بل انني ايضا ذقت مرارة الوضع المعيشي الصعب منذ نعومة اظافري ، الا انني كنت وسط اهلي و في بلدي و احسست بالاغتراب ، و سالت ماذا يحس هذا العامل الكادح الان. غير ان اصراري على الاجتهاد و الاتكاء على قوة الارادة دعمني من تحسين خطواتي و لم اجبر على الرحيل و ترك بلدي و التي لم احس انني مواطن ايضا لمدة طويلة و حتى الخلاص من الدكتاتورية او بالاحرى الى الانتفاضة الاذارية لعام1991 ، و ما انا اعيش فيه و لم يفارقني لحظة هو، لماذا توجد كل هذه الفروقات الطبقية منذ الازل و كيفية ازالتها، و التي ساهمت العديد من العلماء في ايجاد حل لهذا السؤال لحد اليوم . لاشك ان النظام العالمي و ما سارت عليه الناس و الاوضاع الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية و الثقافية المختلفة مجتمعة، من الاسباب الجذرية في اختلاف مستوى المعيشة من منطقة لاخرى ، الا ان عدم ادراك الانسان بالفكر و العقلية الانسانية العامة و التمسك بالافكار و التوجهات المرحلية او الجزئية او التعصبية من العوامل الرئيسية لاستمرار العالم على هذه الحال، و توسع الهوة و الفجوات الكبيرة بين الفقر و الغنى بين البلدان كما هو الحال بين ابناء الشعب الواحد، مثلما تحاول الانظمة القصيرة الافق و الانانية في النظر الى الناس في كافة صقاع العالم على انهم الرعية، و كأنها هي المتميزة و تعمل بكل جهدها من اجل استغلال الفروقات و ما تذهب اليهم من فائض قيمة العمل، اينما كان العمل وفق مباديء الراسمالية العالمية، و الا الخسائر التي منيت بها المؤسسات الاقتصادية الراسمالية العالمية جراء الازمة المالية العالمية كانت تكفي لانقاذ اغلبية الدول الفقيرة من وضعها المتردي . و لا يمكن اغفال ما تصر عليه المؤسسات التابعة للقوى الراسمالية من تجسيد و ترسيخ مبادئها و انظمتها في كل بقاع العالم، و تتكلم باسم الانسانية و هي بعيدة عنها . اما في هذه المنطقة التي تتصف بمجموعة من الخصائص و تمتلك ثروات كفيلة باحسن العيش لمواطنيها رغم الخلل و وجود الفقر المدقع فيها ايضا، الا ان الوضع المعيشي على حال تختلف كثيرا عن الدول الفقيرة، و الخلل حاصل كنتيجة لما تجثم على صدور المواطنين من السلطات التي لا تهمها الا سلطتها و استدامة سيطرتها و خنوعها للدول الراسمالية الكبرى و محققة لمتطلباتها من اجل اسنادها امام شعبها ان استنهضوا. و من جانب اخر، ما موجود من العادات و التقاليد المنتشرة و الصفات التي تمتلكها و كيفية المعيشة و المصروفات و الاسراف المتبع من العوائق امام حرية الطبقة الفقيرة و اجراء التغيير في حياتها، ماذا يقول هذا العامل المسلم الاتي من الشرق الادنى و هو يؤمن بالعادات و التقاليد التي يعتنقه من خلال دينه و مذهبه و هو يتمنى ان يكون مع اهله و يهنئهم بالعيد و ايمانه باهمية تلك الخطوة لهم، و العوز و الفقر اجبره على الاقدام لخطوة ليست بمحض ارادته، و هو الان يعيش في حالة نفسية يرثى لها مما بائن على محياه من الاشتياق و الحنين و الولع لاطفاله، و لكن ليس بيده الحيلة الا ان يشتكي الى الله لينقذه و لا يعلم من هو المسبب لحاله و العامل الذي فرض عليه و معه الملايين ليجبروا على مثل هذه الحياة و المعيشة. و الاشد اسفا ان جشع اصحاب الاعمال و فكرهم الضيق و قصر نظرهم و ايمانهم بالربح و الخسارة فقط في ظل نظام يوفر لهم من الاسناد القانوني لما يعملون و كيف يتعاملون بدون اي اطر يحدد تعاملهم معهم، مما يدعهم ان يستغلوهم في وضح النهار دون ان يكون هناك اي رادع . اذن، المقصرون عديدون و في مقدمتهم النظام العالمي الجديد و متطلبات الراسمالية العالمية، و التخلف و الوضاع الاجتماعية المتخلفة مع عدم التساوي و الاختلاف في الثروات و الواردات بين البلدان و الطبقات ايضا، و المستوى الثقافي المتدني و سيطرة الغيبيات من اهم العوامل المؤدية بهم الى الحضيض. و كا ن لابد لهذه الدول النفطية الثرية بالذات ا تقر قوانين مستندة على توجهات و افكارا و خلفيات انسانية التي تؤمن بتساوي و تكافؤ الانسان، و ليس ماموجود حاليا من التعامل مع هؤلاء على اي اسس و انما جاءت الفروقات متوارثة منذ بداية الخليقة و كما يدعون بانها حكمة الحياة ، و لابد من وجود هذه الطبقات ليقدم الثري الصدقة الى الفقير و يمن عليه ، و ما ثبتت من الحلول المرحلية المعتمدة على النظرة الاستعلائية و المثالية ليست بحلولجذرية ما لم تتجه العالم الى الافكار و النظريات الانسانية التوجه و العقيدة و الايمان و ليس اي حل غير ذلك و باليات مدروسة و علمية.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مستقبل اليسار الكوردستاني و مصيره
-
حدود تدخل السلطة في امور المجتمع العامة و الخاصة
-
المسيرة الانسانية بين الظروف الدينية و القومية المسيطرة على
...
-
العقيدة بين المعرفة و الايديولوجيا
-
عام من الازمة المالية العالمية و افرازاتها
-
المبررات النفسية و الفكرية الواهية للنظام الرسمالي
-
التغيير يبدا من النفس و يؤثر على المجتمع عموما
-
الانتخابات النيابية تجمع بعض القوى المناوئة لبعضها ايضا
-
موقف اليسار الملائم ازاء الازمة الايرانية الداخلية
-
تجسيد ثقافة المعارضة الصحية اهم من الحكومة
-
أليس التعداد العام للسكان معيار لبيان الحقائق
-
ما العقلية التي تحل المشاكل العالقة بين الحكومة الفدرالية و
...
-
كيف تنبثق المعارضة الحقيقية الصحية في منطقتنا
-
كيفية التعامل مع العادات و التقاليد و الاعراف المضيقة للحريا
...
-
العمل المؤسساتي يضمن التنمية السياسية بشكل عام
-
لم تتكرر الاعتداءات على امريكا منذ 11سبتمبر الدامي!!!
-
للانتقاد اسس و اصول يجب اتباعها
-
مابين الفكر المنطقي والخرافي و نتاجاتهما
-
استلهام العبرمن القادة التاريخيين المتميزين ضرورة موضوعية
-
اليسارية عملية مستمرة لاتهدف الوصول الى نهاية التاريخ
المزيد.....
-
الفينيق يُطلق حملته السنوية بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة ال
...
-
نقابة الصحفيين الفلسطينيين تطلق حملة صحفيات بزمن الحرب
-
الحكومة الجزائرية : حقيقة زيادة رواتب المتقاعدين في الجزائر
...
-
تأكيد المواقف الديمقراطية من الممارسة المهنية وعزم على النهو
...
-
وزارة المالية العراقية : موعــد صرف رواتب المتقاعدين في العر
...
-
“اعرف الآن” وزارة المالية تكشف حقيقة زيادة رواتب المتقاعدين
...
-
مركز الفينيق: رفع الحد الأدنى للأجور في الأردن: استثمار في ا
...
-
تعرف على موعد صرف رواتب الموظفين شهر ديسمبر 2024 العراق
-
تغطية إعلامية: اليوم الأول من النسخة الأولى لأيام السينما ال
...
-
النقابة الحرة للفوسفاط: الامتداد الأصيل للحركة النقابية والع
...
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|