أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - علي محمد البهادلي - ترميم نفسية الفرد العراقي














المزيد.....

ترميم نفسية الفرد العراقي


علي محمد البهادلي

الحوار المتمدن-العدد: 2774 - 2009 / 9 / 19 - 00:01
المحور: حقوق الانسان
    


إن المجتمعات التي تمر بحقب سوداء ومظلمة تحت سلطة الحكام الدكتاتوريين ، تتعرض لشتى أنواع البلاء من حروب ونقص في الأموال والأنفس والثمرات ، مما يؤدي إلى انهيار البنية التحتية لثقافة وقيم ذلك المجتمع ، ويشيع فيه الجهل والفقر والعنف والسلوكيات الأخلاقية المبتذلة ، فإذا ما حصل تغيير في نظام الحكم فيتوجب على الواعين في المجتمع أن يقوموا بحملة استثنائية لغرض ترميم ما هشَّمه الوضع السابق ، وبالتأكيد سيكون الدور الأكبر يقع على عاتق من يمتلك الإمكانات المادية والعلمية الفنية وهو ما ينطبق على الحكومة والمؤسسات الدينية والثقافية .
إن المجتمع العراقي مرَّ بأعتى الدكتاتوريات التي شهدها التأريخ والمتمثلة بعصابة حزب البعث و"قائده الملهم" صدام ، فهؤلاء لم يدعوا شيئاً في المجتمع إلا وأتت عليه آلتهم الجاهلية الرعناء وأضفت عليه من جهلها وبداوتها ، فالتعليم والأدب والفن والسياسة والرياضة والعسكر كلها أمور يحتل فيها القائد "الضرورة" المرتبة الأولى وبدون منافس ، فمورست سياسة التجهيل وأُعدمت الكوادر المثقفة ، أما من نجا من قبضة الحزب ، فقد هاجر إلى البلدان الديمقراطية ليمارس من هناك نشاطه بحرية وآمان ، أما من بقي في الداخل فهو في سجن مرعب لا يستطيع فيه التفوه ببنت شفة ، وبعد عدة عقود من هذا الوضع المزري نشأ جيل جديد ألقت مصائب الدهر وطوارقه بظلالها عليه ، فهو جيل لم تُفتَح عيناه إلا على مناظر "الزيتوني وصور من المعركة" وأذناه لم تطرب لأشعار أبي الطيب المتنبي وأبي العلاء المعري ، بل اخترقتها أصوات المدافع والقنابل وأشعار" رعد بندر وعباس جيجان" ، ولم يعتد شبابه ارتياد المنتديات الأدبية أو المكوث في المكتبات العامة بل اعتاد لبس البزة العسكرية و"التطوع" في الجيش الشعبي أو الدخول في معسكرات ما كان يُسمَّى بيوم النخوة وجيش القدس ، فماذا نتوقع من هكذا جيل ؟! بالطبع سيتصف هذا الجيل بعدة سمات منها : الفقر والأمية وانحسار دور المثقفين ( هذا إذا بقيت منهم باقية ) وتفشي سلوكيات بدائية قبيحة كالعنف وانعدام ثقافة الحوار وسماع رأي الآخر ، وبروز النعرات الطائفية والعشائرية إلى السطح وانعدام روح المواطنة ، وهذا ما بدا واضحاً على المجتمع العراقي بعد التغيير الذي حصل في نيسان 2003 .
وعلى الرغم من وجود أكثر من عامل أسهم في كبح بعض الآثار التي خلفتها تلك الحقبة السوداء إلا أن الطابع العام هو ما ذكرته من نتائج طبيعية لمجتمع عاش في ظل نظام استبدادي بدوي جاهل يحكم بالحديد والنار .
فعلى جميع الجهات المعنية بالأمر أن تقوم بحملات استثنائية تشبه حملات الإغاثة والإسعاف التي تقوم بها الدول أبان حصول النكبات والكوارث الطبيعية ؛ لئن ما تعرض له المجتمع العراقي يفوق حجمه حجم ما تخلفه الكوارث الطبيعية ولا أبالغ في هذا ، فالنتائج التي تلت سقوط الطاغية صدام خير شاهد على ما أقول ، والخسائر التي تعرض لها الشعب العراقي تتجاوز الخسائر البشرية إلى ما هو أشمل ، فإلى متى سيكون الهاجس الأمني هو المحور في اهتمامات الحكومة العراقية ، فترميم شخصية ونفسية الفرد العراقي هي أكبر أهمية من أي ملف آخر، وأكاد أجزم أن المشاكل الأخرى إما أنها مرتبطة بهذا الموضوع أو أن معالجتها تقل أهمية عن هذا الملف ، فليشد الساسة العراقيون سواعدهم وليركزوا على ترميم نفسية الفرد والمجتمع العراقي قبل أن يتم إعمار الشوارع والبنايات الحكومية ؛ لئن بناء الإنسان يجب أن يسبق إعمار البنايات ، فهي لم توجد إلا لخدمته وراحته .
ولا ننسى الإشارة إلى دور المؤسسات الدينية التي تمتلك قدراً لا بأس به من الإمكانات العلمية والروحية والمادية التي لو أُحسِن استخدامها لسدت ثغرة من الثغرات المهمة ، لا سيما أن موقعها الروحي يضفي على تحركها بين الجماهير طابع القداسة وربما الإلزام فيتجه المجتمع نحو الإصلاح واستعادة قيمه وثقافته المستلبة ، أما مثقفونا فهذا أوان بروزهم وعليهم أن يعوا المسؤولية التأريخية والأخلاقية الملقاة على عاتقهم ، وأن لا يغردوا في سماء لندن أو ستوكهولم ، فبغداد هي الشجرة التي يجب أن يعزفوا من على أغصانها نشيد الثقافة والحضارة . .





#علي_محمد_البهادلي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرشوة والمحسوبية
- نزاهة القوات الأمنية على المحك
- الحصانة مطية الفاسدين
- من المسؤول عن تفشي الرشوة في دائرة الرعاية الاجتماعية
- البرلمانيون وشرعية هيئة النزاهة
- مفهوم السيادة
- استجواب المسؤولين
- قانون الاحزاب متى يبصر النور
- الكرة الان في ملعب النزاهة
- النظام الرئاسي الطريق الامثل لمحاربة الفساد


المزيد.....




- الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح في العالم
- هآرتس: ربع الأسرى الفلسطينيين في سجون -اسرائيل- اصيبوا بمرض ...
- اللاجئون السودانيون في تشاد ـ إرادة البقاء في ظل البؤس
- الأونروا: أكثر من مليوني نازح في غزة يحاصرهم الجوع والعطش
- الأونروا: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال ...
- الاونروا: الحصول على وجبات طعام أصبح مهمة مستحيلة للعائلات ف ...
- الأمم المتحدة: السودان يواجه أكبر أزمة نزوح في العالم
- منظمة حقوقية يمنية بريطانيا تحمل سلطات التحالف السعودي الإما ...
- غرق خيام النازحين على شاطئ دير البلح وخان يونس (فيديو)
- الأمطار تُغرق خيام آلاف النازحين في قطاع غزة


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - علي محمد البهادلي - ترميم نفسية الفرد العراقي