|
حدود تدخل السلطة في امور المجتمع العامة و الخاصة
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2773 - 2009 / 9 / 18 - 18:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
منذ بزوغ فجر الحضارات المتعددة المتزامنة كانت ام المتعاقبة و ما قبلها ، و المجتمعات او الشعوب او التجمعات السكانية التي تتوفر فيها مقومات التسمية على انه الشعب او المجتمع على ارض الواقع ، تديرها الية معينة منذ البداية و تطورت بمرور الزمن و تفرعت منها اقسام و فروع و استندت على افكار و مباديء و فلسفات و تغيرت بتطور المجتمع و البقعة التي كان فيها، فسميت بالسلطة او الادارة او الحكم . بطبيعة الحال ، كلما ازدادت نسبة السكان و توفرت المستلزمات المادية الضرورية و بدات المنافسات و الصراعات باشكالها البدائية بداية ، و اعتمادا على البقاء للاصلح و الاقوى و استنادا على القوة ، و هذه دوافع و غرائز متوارثة بعيدة عن العقلانية في التفكير و الانسانية في التصرف و العمل كلما ازدات التدخل بشكل مباشر من قبل اسلطة في حياة الناس . هكذا بدات نشوء مراكز الحكم و التحكم بالناس بعد الاستقرار و بناء المدن و التحضر، حسب مواصفات المرحلة و مستوى معيشة السكان و الواقع الاجتماعي و الثقافي و نوعية العلاقات التي ارتبطت ابناء المجتمع مع بعضها، و مميزاتها ووجود الفئات و الطبقات في تركيبتها و كيفية التعامل معها من قبل السلطات ، و ايمان السلطة نفسها بذاتها و مواصفاتها و مدى عقلانية التصرف مع المجتمع من اجل مصالحها الخاصة قبل غيرها، و من اجل ضمان استمراريتها في التحكم بالمجتمع . اي تعاقب المراحل بدات بشكل عفوي و طبيعي من حيث تقدم نوعية السلطة و افكارها و مبادئها البسيطة ، و تخللت الحكومات من فوضى و ما حدثت من الاحداث و الظواهر الاجتماعية ، و التقدم الالي الذي اثٌر على عملية انتقال نوعية السلطة و تثبيتها على السكة التي دفعت بسهولة في مراحل تاريخية عديدة، الا انه شاب الحكم في العديد من مناطق عديدة من كافة صقاع العالم توترات و فوضى و حروب و اصابت الشعوب بالامراض و الفقر و البأس، و انهارت سلطات و استجدت اخرى ، الى ان وصلنا الى العصور الحديثة وما اكتشفت من المعايير الاجتماعية و الاقتصادية لمعرفة نجاح السلطة في تحقيق اماني و اهداف المجتمع . انما انا بصدد التوصل اليه هو تدخل السلطة و اختلافها عن بعضها في شؤون الشعب ، و لو اعدنا النظر في التاريخ سنرى الادارة و السلطة المطلقة على حياة الشعوب، و حتى تدخلها في شؤونهم الخاصة وفق خلفيات و ما اعتبرت مباديء مثالية غيبية اعطيت بموجبها القدسية للسلطة و موقعها و قطع الطريق امام اي اعتراض لاوامرها مهما كانت جائرة ، اي اصبحت السلطة الهة الارض بكل ما لها من الصفات الالوهية و القدرة على المحكومين، و ليس هناك اي شك على مراحل العبودية و القنانة و الفيودالية و الامبراطوريات و الدكتاتوريات و ما شابهت تلك في العمل و بمسميات عديدة اخرى . و في المقابل انوجدت مجموعات جريئة معارضة في لحظة من الزمن و ضحت العديد منها بما تمتلك، و بروحها من اجل انقاذ نفسها و اجيالها ، و هؤلاء لهم المفخرة في التاريخ القديم و الحديث ، و منهم بدات تُقوى الارادة لاندلاع الثورات و الاحتجاجات بكل الوسائل البدائية المتوفرة في حينه، و وصلت لحد اسقاط الحكومات و احلال البديل. و هكذا الى ان انبثقت الحضارات و اُنشات في العديد من مواقع العالم و استفادت من ثمار اعمال من سبقتهم في العلم و المعرفة، و استنتجت افكار و اثمرت فلسفات و ابنت مواقع و مراكز و مدارس علمية انسانية حضاربة، و منها درست ادارة البلاد و الافكار التي من الواجب اتباعها و الطريقة او الالية التي من المفروض استخدامها، و كلها كانت بهدف خدمة المجتمع و الخروج من العصور البدائية المظلمة. كلما انتقلت البشرية الى مرحلة متقدمة كلما سهلت الطريقة للوصول الى التعاون المشترك و المساوة النسبي لقلة عدد السكان في حينه . و هكذا بدات الافكار و الفلسفات تحل محل ما قبلها كما يجب ان تحل مرحلة معيشية للمجتمع محل اخرى، و صدق توجه نظرية نفي النفي لحد اليوم و اثبتت صحتها. برزت مفاهيم منها لصالح الانسان و جائت وفق افكار و تحليلات متعددة من قبل الفلاسفة و العلماء المحايدين البعيدين عن السلطة و ملذاتها في كل زمان و مكان، و منهم من ضحى بحياته في سبيل بيان الحق، و طغت المصالح و متطلبات سيطرة فئة مستفيدة على نوعية السلطات المتكررة في العالم . الفلسفتان الرئيسيتان اللتان اثبتتا انهما متقابلتين هي المثالية و المادية و ما تضمنان من الافكار . و في كل مرحلة ناريخية ظهرت على الملا المصالح و الدوافع للداعمين لاي منهما و بحجج اما علمية او خيالية نابعة من التفكير المصلحي الذاتي . و برزت الوسائل الضرورية كمفاهيم لادارة الناس ، و الديموقراطية الحقيقية من ابرزها و التي بقت و تطورت لحد وصولها هذا العصر . و قطعت المراحل التاريخية التي وصفتها الكثير من الافكار بضرورة الوجوب و المرور و الانتقال شوطا كبيرا، و تميزت كل مرحلة بصفاتها وما كانت تحتويها من الافكار و التوجهات و الفلسفات و الاليات و السلطات التي اهتمت بها . الى ان وصلنا الى الراسمالية و في مقابلها اليسارية و ما بُحث عنهما و كيفية تطبيقهما و الانتقاد العلمي التي حصلت حول المباديء العامة لكل منهما . و لكن تحليل اليسار للحياة و كيفية التطور و مجيء العصر الجديد، و استقرار المراحل سيطر على ما ادعاه اليمين، مهما شاب بعض مراحلها ماهو خارج التوقعات، فحدث التطور و التقدم الاجتماعي كما فسرته اليسارية ، و شابت المراحل ايضا المعوقات و الردات الطبيعية، و هي محسوبة مسبقا من قبل الفلاسفة و العلماء اليساريين و محللي حياة الانسان و ما فيها و ما ستؤول اليه. و كلما تقدمت الاوضاع في جميع المجالات قلت تدخلات السلطة مهما كانت نوعها في شؤون الشعوب الى ان نتوصل الى مرحلة العدالة الاجتماعية و المساواة و العيش المشترك دون الاحتياج الى سلطة ما في اخر المطاف ، و هذه هي الدروس التي يجب ان تعتبر منها السلطات اليوم لعدم تدخلها الفضيح في اكثر الاحيان في شؤون الفرد الخاصة ايضا .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المسيرة الانسانية بين الظروف الدينية و القومية المسيطرة على
...
-
العقيدة بين المعرفة و الايديولوجيا
-
عام من الازمة المالية العالمية و افرازاتها
-
المبررات النفسية و الفكرية الواهية للنظام الرسمالي
-
التغيير يبدا من النفس و يؤثر على المجتمع عموما
-
الانتخابات النيابية تجمع بعض القوى المناوئة لبعضها ايضا
-
موقف اليسار الملائم ازاء الازمة الايرانية الداخلية
-
تجسيد ثقافة المعارضة الصحية اهم من الحكومة
-
أليس التعداد العام للسكان معيار لبيان الحقائق
-
ما العقلية التي تحل المشاكل العالقة بين الحكومة الفدرالية و
...
-
كيف تنبثق المعارضة الحقيقية الصحية في منطقتنا
-
كيفية التعامل مع العادات و التقاليد و الاعراف المضيقة للحريا
...
-
العمل المؤسساتي يضمن التنمية السياسية بشكل عام
-
لم تتكرر الاعتداءات على امريكا منذ 11سبتمبر الدامي!!!
-
للانتقاد اسس و اصول يجب اتباعها
-
مابين الفكر المنطقي والخرافي و نتاجاتهما
-
استلهام العبرمن القادة التاريخيين المتميزين ضرورة موضوعية
-
اليسارية عملية مستمرة لاتهدف الوصول الى نهاية التاريخ
-
الادعائات المتناقضة للحكومة التركية حول القضية الكوردية
-
الاصح هو تكييف المسؤول الاول مع النظام و ليس العكس
المزيد.....
-
بعد استخدامه في أوكرانيا لأول مرة.. لماذا أثار صاروخ -أوريشن
...
-
مراسلتنا في لبنان: غارات إسرائيلية تستهدف مناطق عدة في ضاحية
...
-
انتشال جثة شاب سعودي من البحر في إيطاليا
-
أوربان يدعو نتنياهو لزيارة هنغاريا وسط انقسام أوروبي بشأن مذ
...
-
الرئيس المصري يبحث مع رئيس وزراء إسبانيا الوضع في الشرق الأو
...
-
-يينها موقعان عسكريان على قمة جبل الشيخ-.. -حزب الله- ينفذ 2
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب ويلتقي ولي العهد
-
عدوى الإشريكية القولونية تتفاقم.. سحب 75 ألف كغ من اللحم الم
...
-
فولودين: سماح الولايات المتحدة وحلفائها لأوكرانيا باستخدام أ
...
-
لافروف: رسالة استخدام أوريشنيك وصلت
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|