الاتحاد
الحوار المتمدن-العدد: 843 - 2004 / 5 / 24 - 03:54
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
من الصعب فهم وتفهّم المديح الذي كاله قضاة محكمة "العدل" العليا لجيش الاحتلال امس الاول. ففي اثناء بحث الالتماس الذي تقدّم به عدد من مؤسسات حقوق الانسان الاسرائيلية تحت مطلب وقف ممارسات الجيش بمنع العلاج الطبي عن اهالي رفح (ضحايا ساديّة نفس الجيش)، وجد القاضي اهرون براك من الملائم امتداح الجيش لأنه "استخلص العبر" بشأن معاملة المدنيين، حسب رأيه.
لكن جهات أخرى زوّدت الرأي العام بمعلومات مغايرة تمامًا. فمدير وكالة الغوث الدولية (اونروا) بيتر هانسن قال أمس بعد جولة ميدانية في رفح أن الدمار الذي خلّفه الجيش يستدعي اعادة اعمار "تفوق قدرة" الوكالة. وشبّه ما رآه بعينيه من تخريب بما سبق ان اقترفه جيش الاحتلال في مخيّم جنين. بالاضافة، فقد تحدث العديد من المسؤولين الطبيين في القطاع المحتل عن شدة وطأة جرائم الحرب التي اقترفها الجيش (الذي يمتدحه براك).
ومع كل الوزن الاعتباري لكلام القاضي، فلا يمكن إلا تصديق ما يقوله ممثل الأمم المتحدة، والعاملون الفلسطينيون في مجالات حساسة أولها الطبية والصحية. وهو يدحض تماما ما تقوله المحكمة. ومن أجل هذا تكفي الشهادات والتقارير والصور والافلام الصحفية المصوّرة التي تعكس حجم التدمير الهائل/ الجريمة البشعة. فلماذا يعتقد رئيس السلطة القضائية ان الجيش "استخلص العبر"؟ وبأية "أدوات" حساسة – مهنيًا وأخلاقيًا – توصّل الى هذا الاستنتاج "المحايد"؟!
لقد تلقينا، أمس، دليلا واضحًا جديدًا على ان هذا الجيش الذي يدوس كل المتعارف عليه حتى مما وقّعته اسرائيل من مواثيق دولية، لم يتعلّم، أو يرفض ان يتعلّم أنه يجب احترام حياة البشر، وليس الاستهتار بها وسحقها بالدبابات والبلدوزرات. فقد قتل هذا الجيش (الذي يمتدحه براك) الطفلة روان أبو زيد (3 سنوات) بطلقتين في الرأس عندما خرجت، أمس، الى دكان قريب لشراء قطعة حلوى..
المحكمة العليا تصرّ دائما على أن رصيدها هو ثقة الجمهور بها. فهل تزداد الثقة بالمحكمة عندما توفّر "درعًا" لجيش الاحتلال الاسرائيلي وهو في واحدة من ذروات عنفه البشع؟ أم أن المحكمة تنجرّ انجرارًا خلف أجواء فاشية (فاشية!) تشرعن جرائم حرب يومية يندى لها الجبين، جبين كل من لا يزال يملك ضميرًا (حيًا)؟!
(الاتحاد)
#الاتحاد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟