أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحداد - نار نور















المزيد.....

نار نور


محمد الحداد

الحوار المتمدن-العدد: 2772 - 2009 / 9 / 17 - 13:56
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


هذا درسنا الثاني بثاني يوم بالمدرسة بصفنا الأول الابتدائي ، ومثلما كان درسنا الأول دار دور مقدمة حول ما سنتعلمه من دروس بمدرستنا ، ومثلما عرفنا بأننا لن نتعلم أبجدية القراءة ، بل أبجدية الحياة ، لذا لا تنتظرون مني التحدث حول أبجديات الكتابة مطلقا .
من أهم أبجديات الحياة هي الأخلاق ، فلأننا جزء من مجتمع بشري ، ولأن البشر كما يقال علميا أنها حيوانات ناطقة عاقلة ، ولأن البشر لا يستطيعون العيش آحاد ، بل هناك ضرورة لوجود المجتمع البشري ، لأنه لو عاش كل فرد لوحده دون مراعاة لباقي الأفراد ، لانتفت الحاجة لهذه السلسة من الدروس ، وربما احتجنا لدروس أحادية أخرى تعنى بالظروف الجديدة التي يعيشها كل فرد لوحده .
نعود لنقول بما أننا نعيش مجتمعين ، شئنا أم أبينا ، فهناك مجتمع يحتضننا ، وحتى لو دخلنا غيابي السجن ، أو مستشفى للأمراض النفسية والعقلية ، فكذا سنجد مجتمعا خاصا ، له قيم خاصة ، وأخلاق خاصة ، وتصرفات تنبع عنها ، تختلف بقدر ما عما ألفناه داخل مجتمعاتنا .
وبما أننا حيوانات عاقلة ناطقة ، أي أننا لسنا بنباتات لنبقى بحالة الثبوت المكاني كما هو حال أكثر النباتات ، بل لنا حرية الحركة ، والتي تترتب عليها حرية تغيير المجتمع بسبب تعارض قيمه أو سلوكياته معنا ، أو لوجود قيود ضدنا تقلل من مجال حريتنا وممارساتنا ، أو لأي سبب آخر قد لا يكون اجتماعيا ، أو ربما اقتصاديا .
وبما أننا نمتاز بالعقل ، أي وجود ديناميكية تحليل للمستقبلات الشعورية عن طريق الحواس واللغة ، ولا شعورية عن طريق الانطباع ، كذا عملية الفكر والتأمل ، والتي تؤدي إلى بناء الأفكار ، واتخاذ القرار ، وتحليل للنتائج . من كل ذلك كان المجتمع البشري أكثر تعقيدا من أي مجتمع حيواني منظم آخر ، كالنحل والنمل مثلا .
بنتيجة وجود المجتمع البشري تكون حتمية وجود أخلاق مجتمعية تربط بين أفراده ، وتنظم علاقاتهم مع بعض ، وتضع رؤى لحلول المشاكل الطارئة بين أفراده ، والتي يمكن البناء عليها لحل المشاكل المتأزمة فيه .
كذا الحتمية الخلقية للمجتمع لا تعني بالضرورة أن منظومة الأخلاق هذه هي من الرقي والتحضر بحيث لا يمكن نقدها ، أو إيجاد البديل الحضاري عنها ، هنا نصل لضرورة تعريف وتحليل منظومة القيم ، وعلى أي أساس جذري يمكن مقارنتها ، ومن ذا الذي يحدد تلك الأسس ، وهل أن هذه المنظومة هي قائمة بذاتها ، وهل هي سواء عند الكل ، أم تختلف الرؤية باختلاف الرائي .
موضوعة الأخلاق شغلت الفلاسفة والمفكرين من عصور سحيقة ، وظهرت مدارس فكرية عديدة حولها ، وتحليلات كثيرة ، ونتائج عديدة ، كذا أن منظومة القيم شغلت الأديان جميعا ، بقسميها الرئيسيين ، الأديان التوحيدية الإلهية ، والأديان الوضعية متعددة الآلهة ، كلاهما ركز بصورة عالية على الأخلاق ، بل والبعض منها أعتبرها جزءا رئيسيا بالإيمان داخل ذلك الدين ، وأعتبر الخارق لمنظومة القيم تلك خارج من ملة ذلك الدين ، بل والعدو الأول له .
منظومة القيم هذه تقسم بشكل عام إلى قسمين رئيسيين مميزين ، فهناك منظومة الأخلاق النظرية ، وهي تعنى بالفكر عامة ، وأداتها العقل والمنطق ، ومستخدمها الفيلسوف والمفكر ، والأخلاق الاجتماعية ، أو علم الاجتماع الأخلاقي .
كذا نرى ثلاث مستويات لمنظومة القيم ، فالفئة الأولى ، وهم فئة الفلاسفة والمفكرين الذين يناقشون منظومة القيم كمنظومة مستقلة بذاتها ، ويكون العقل والمنطق والفكر المجرد أداتها وأساسها ، وهو بحث دائم عن قيم عليا مثالية ، وعن معيار خلقي عالي ، يصعب بكثير من الأحيان إيجاد تطبيق عملي داخل المجتمع لتلك القيم ، أي أنها هدف أسمى يحاول المفكر أن يضع المجتمع بأكمله على طريق الوصول إليه .
وبهذا المستوى نراه ينقسم لمستويين ثانويين ، المستوى الوصفي والمستوى المعياري ، فالوصفي هو العادات التي تعود المجتمع على ممارستها ، بينما المعياري هي المنظومة الفكرية الخالصة التي قد لا نجد لها تطبيق واقعي داخل المجتمع ، أي هي مثالية .
لذا نرى المفكر يحاول دائما إسقاط المستوى الوصفي على المعياري ليجد مدى الفرق والتباعد بينهما ، وبالنتيجة مدى ابتعاد المجتمع عن القيم العليا المثالية .
كما نجد فئة الكتاب الذين ينتقدون الحالات التطبيقية داخل المجتمع ، كالفساد المالي مثلا ، هؤلاء يدورون بالمستوى الثاني ، أي أنهم لا يناقشون القيمة الخلقية لذاتها ، بل التطبيق العملي لها .
وهذا ما يؤدي بالمفكر أو الفيلسوف أن يأخذ هذه القيمة ويرفعها لمستوى الفكر المحض لإيجاد القيمة الحقيقية المجردة لتلك المفردة الخلقية ، ويشذبها من عيوبها ، ثم يعيدها لمستوى التطبيق .
بينما نجد مستوى ثالث للقيمة الخلقية وهي عند المطبقين ، فهم لم يفكروا بالمعنى المجرد للقيمة الخلقية كالفلاسفة ، ولا بها كقيمة تطبيقية مضرة أو نافعة للمجتمع كالكتاب والصحافة والإعلام عامة مثلا ، بل هم يمارسونها عن اقتناع جبروتي لأن الكل يمارسها ، أو لأن القانون يجب ذلك ، أو لأنها من ضرورات الدين ، أو لأن هذا ما وجدوا عليه آبائهم .
من هنا نجد أن مدى انحدار أي مجتمع يعتمد على متغيرات متعددة ، وليس هناك سبب واحد يمكن تحديده بالضبط ، فأولا يبدأ الانحدار بعدم وجود فلاسفة أو مفكرين على مستوى راقي وعالي يضعون للمجتمع قيم أخلاقية عليا ، يحاولون الوصول بمجتمعاتهم إليها .
كذا أحد الأسباب هو عدم وجود الكتاب والإعلام والصحافة الناضجة الواعية ، التي تناقش قيم المجتمع الخلقية الخاطئة بالاستناد إلى قيم عليا ، فكأن يكون موجودا هكذا كتاب ، ولكن تم شراء ذممهم مثلا ، أو أنهم وجدوا رفضا من المجتمع ، أو تهديدا من فئات مجتمعية بالتصفية الفكرية أو الجسدية ، وبالتالي ترى الكاتب يناقش على استحياء منظومة القيم التطبيقية المجتمعية .
ومن أهم الأسباب الرئيسية هم أصحاب الفئة الثالثة المطبقة للمفردة الخلقية ، أي هم باقي أفراد المجتمع ، فكلما زاد الجهل بهذه الفئة ، وعم الفقر الفكري ، وزاد العوز الاقتصادي لدى هذه الفئة ، كلما زادت طرديا قيم خلقية بالية ومنحطة ، و ضحل بالضرورة قيم ومفردات خلقية راقية .
محمد الحداد
17 . 09 . 2009









#محمد_الحداد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دار دور
- التوريث والتأبين
- المقرحي والأربعاء الدامي
- الجمهورية الخامسة ج 2
- الجمهورية الخامسة
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 7
- مروة و التمييز العنصري
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 6
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 5
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 4
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 3
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة ج 2
- قراءة نقدية لخطاب أوباما في القاهرة
- اعترافات البغدادي تشمل سوريا ، مصر والسعودية
- من الشمولية الى الديمقراطية – الجزء الثاني
- من الشمولية إلى الديمقراطية
- الإرهاب من منظور ليبرالي – الحلقة الأولى
- أدياننا ومعتقداتنا في العراق - الجزء الثاني
- أدياننا ومعتقداتنا في العراق
- الطقس الديني وسيلة لغسل الدماغ الجمعي ، الليبرالية - الجزء ا ...


المزيد.....




- الكويت تدين اقتحام وزير إسرائيلي المسجد الأقصى
- “نزلها واستمتع”.. تردد قناة طيور الجنة الفضائية 2025 على الأ ...
- كيف تنظر الشريعة إلى زينة المرأة؟
- مجلس الإفتاء الأعلى في سوريا.. مهامه وأبرز أعضائه
- الرئيس بزشكيان: نرغب في تعزيز العلاقات مع الدول الاسلامية ود ...
- ضابط إسرائيلي سابق يقترح استراتيجية لمواجهة الإسلام السني
- المتطرف الصهيوني بن غفير يقتحم المسجد الأقصى
- اكتشافات مثيرة في موقع دفن المسيح تعيد كتابة الفهم التاريخي ...
- سياسات الترحيل في الولايات المتحدة تهدد المجتمعات المسيحية
- مفتي البراميل والإعدامات.. قصة أحمد حسون من الإفتاء إلى السج ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد الحداد - نار نور