|
العقيدة بين المعرفة و الايديولوجيا
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2771 - 2009 / 9 / 16 - 22:53
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
هناك العديد من العقائد و الافكار و ما فرزت منها و استقرت في العديد من المجتمعات على اشكال مختلفة و بتطبيقات و اليات متفاوتة واصبحت طقوسا و شعائر تمارسها نسبة كبيرة من الناس لايمانهم بها عقليا او كعادات و تقاليد و اعراف ثبتت نفسها على المسيرة الاجتماعية للشعوب ، و اكثرها مقدسة لا يجرؤ من يمارسها تركها خوفا او احترازا او ايمانا بعواقبها ، و لاشك ان اكثرية او غالبية مصادرها غيبية او من وراء الطبيعة ، و انتجتها الظروف الاجتماعية و المستوى العلمي و الثقافي الموجود في حينه، و من ثم التفاعلات العامة للنهج العقلاني الباحث عن الحقائق ، او ناتج المعادلات العامة للصراعات التي انبثقت و برزت من تراكمات التغيير و التطور الطبيعي و انتقالات المراحل التارخية المتتالية ، و وصلت الينا سالمة مسلمة و باشكال و الوان مختلفة و جوهر واحد ، و دعمتها في اكثر الاحيان السياسة كيفما كانت،وكذلك الايديولوجيا و طبيعة المجتمع و ضرورات المعيشة ، و كانت المصالح من اهم الدواعم الاساسية لبقائها و ان كانت مضرة للانسان و مسيرته و مايهتم به و ما يمسه . من طبيعة الانسان الخلقية وما يتوارثه هو حبه للاستطلاع و فضوله مع نزعة الامتلاك للاشياء المادية او المثالية التي يعتبرها لصالحه ، و هو يحب في قرارة نفسه ان يؤمن الاخر بما يحمل هو من الافكار و المباديء و العقائد و يحاول بشتى الوسائل اقناع و ارضاء الاخرين لاتباع ما يؤمن به ، و لكن يعمل و يحب على ان يكون بنفسه احسن و اجمل و ارفع شئنا من الاخر مهما كان قريبا منه . و هذا حق طبيعي له ان كان ما يحمله لصالح الانسانية و تطوره ، و لكن و خاصة من الجانب الفكري العقائدي و هو يحمل ما توارثه التاريخ و ان كان فيه من النواقص و السليبات التي تقف في طريق الانسان، و هو يمارسها دون ان يحس بها، و لا يمكن التغيير في اعتقادات هؤلاء، الا نادرا ما نرى من يبرز منهم وهو يقر بخطا ما يحمله و ما ينتهجه و ما يدعيه من الفكر و يؤيد و يعمل على تغييره ، و هذا ما تنعت به الاديان بشتى الاصناف من النعوت و التسميات من المرتد الى الزندقة و الخارج عن الدين و النهج ..الخ. المعلوم ان اية فلسفة او فكر او عقيدة نابعة من مرحلة تارخية معينة بمواصفاتها المرحلية العامة ، و كلما تقدمت العصور تتغير الضرورات و الظروف الموضوعية و الذاتية و تحدث المستجدات، و يمكن ان يخلق الابداع و تحدث القفزات المظلوبة . العقائد و المباديء و الافكار المنبثقة او المولودة من رحم زمان و مكان معينين، تتصف بما كانت تتسم به تلك المرحلة و تتحمل تفسيرات و تحليلات عديدة لما دفعت ابراز ما توسعت لها الطريق و وصلت الى هذا العصر مع التغيير مع انها تحمل من التعقيدات و الاضافات التي اجريت لها نتيجة التقادم و ما يفرضه كل عصر جديد من التحديث و الاصلاح، و لكن التمسك الاصولي وارد في كثير منها و خاصة من الجانب الديني و المذهبي . ان اكثر الافكار و الفلسفات هي ثمرة مخاض التحولات و التفاعلات المتعددة الجوانب لما كان موجودا منها قبل،ا و لا توجد اية منها مولودة او منبثقة من الفراغ او العدم، او لم تستفد مما كانت قبلها و ما وجدت في العصور الغابرة ، و الاديان كما هي العقائد و الفلسفات و الافكار الاخرى تضم في ثناياها و تخرج منها ايديولوجيات خاصة تتميز بالتكيف مع المراحل المتعاقبة سياسيا فقط في اكثرها، اما من الناحية المعرفية العلمية و الاجتماعية لم يحس الانسان بالتكيف الا ببطء شديد في التغيير، و تتعرض للعوائق و العراقيل التي لم تواجهها من الناحية السياسية و ما تخرج منها بصراعات و اطروحات متعددة. اما ما يهم ان يُدرس و يُطرح على بساط المناقشات و البحوث و الاهتمام بها ، في العقائد من الجانبين، و هما ، النظرية التي تُعتمد عليها لتفسيرها و ترويجها ،و التطبيق و كيفية تكيقها و الية العمل و الجوانب المفيدة و الضارة منها . و عندئذ يمكن بحث الموضوع بشكل علمي و واسع و من جميع الجوانب لطرح المقترحات و الحلول للعقد و المشاكل التي تصيب الانسان من جرائها . اكثر العقائد المثالية و منها الدينية، تعتمد من الناحية النظرية و بشكل جوهري على الغيبيات و الثواب و العقاب و ما يختبئه ما وراء الطبيعة و الحياة في الاخرة . و ما تصر عليه الاطراف من نقل فوائد و ايجابيات حتى الطقوس و الشعائرالخارجة منها الى السماء و تُفسر بما تحدث هناك بعيدا عما تضر اكثريتها ماموجود على الارض من الطبيعة و من ضمنها جسد الانسان و روحه، و تفسيرها علميا . و يؤتى بعدد غفير من المبررات و الحجج غير العقلانية لبقائها و ضرورة شرحها و هي في العلي، و كان المس بها و بتفصيلاتها يكشف حقيقتها التي لا تفيد مؤيديها من كانوا، الا انه من الممنوعات لا يسمح التقرب منها . اما من الناحية التطبيقية ، تستخدم كل الوسائل لبيان و توضيح الجانب الايجابي منها لطمس الخقائق و الجانب الخفي الاخر. محاولة تعميم المواضيع دون الدخول في تفاصيل الامورو ما موجود من المفاهيم الممنوعة البحث و التي لا تتوافق مع المتغيرات و المستجدات و المراحل الجديدة تطبيقيا كلها الغاز لابد من بحثها بجرأة في كل الاوقات من اجل فكها علميا . و تصرفاتهم و اصرارهم على عدم تحليل ما تتضمنه هذه العقائد و كيفية تلائمها مع الواقع بشكل مناسب، ستبعد عنها الوصف العلمي و ما يهتم به الانسان الصحي من الناحية المعرفية . الغريب ان الايديولوجيا هي الوسيلة الوحيدة في تفسير العقائد و الاديان بشكل خاص مهما عرٌفوها بشكل اخر. اليوم الواجب الصعب يقع على عاتق العلمانيين و اليساريين بشكل خاص في الخوض بطريقة معتدلة في هذا الموضوع و بيان الجانب السلبي و شرحه و ترويجه، و هو الطريق الامثل و الاصح لرفض هذه العقائد المنتهية الصلاحيات و النافذة التاريخ ، و احلال البديل المناسب ،و محاولة الاهتمام بالجانب المعرفي، و الابتعاد قليلا من الايديولوجيا سيساعد تسهيل التغيير و التخفيف من اثار ما تفرضه العقائد و الافكار و الفلسفات التي مرت عليها الزمن و لازالت ما تفرز منها من الشعائر و الطقوس و المناسبات و ما تخصها مسيطرة على حياة العديد من الشعوب.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عام من الازمة المالية العالمية و افرازاتها
-
المبررات النفسية و الفكرية الواهية للنظام الرسمالي
-
التغيير يبدا من النفس و يؤثر على المجتمع عموما
-
الانتخابات النيابية تجمع بعض القوى المناوئة لبعضها ايضا
-
موقف اليسار الملائم ازاء الازمة الايرانية الداخلية
-
تجسيد ثقافة المعارضة الصحية اهم من الحكومة
-
أليس التعداد العام للسكان معيار لبيان الحقائق
-
ما العقلية التي تحل المشاكل العالقة بين الحكومة الفدرالية و
...
-
كيف تنبثق المعارضة الحقيقية الصحية في منطقتنا
-
كيفية التعامل مع العادات و التقاليد و الاعراف المضيقة للحريا
...
-
العمل المؤسساتي يضمن التنمية السياسية بشكل عام
-
لم تتكرر الاعتداءات على امريكا منذ 11سبتمبر الدامي!!!
-
للانتقاد اسس و اصول يجب اتباعها
-
مابين الفكر المنطقي والخرافي و نتاجاتهما
-
استلهام العبرمن القادة التاريخيين المتميزين ضرورة موضوعية
-
اليسارية عملية مستمرة لاتهدف الوصول الى نهاية التاريخ
-
الادعائات المتناقضة للحكومة التركية حول القضية الكوردية
-
الاصح هو تكييف المسؤول الاول مع النظام و ليس العكس
-
ما وراء ظاهرة التسول في الدول النفطية الغنية
-
من يختار الرئيس الوزراء العراقي القادم
المزيد.....
-
هوت من السماء وانفجرت.. كاميرا مراقبة ترصد لحظة تحطم طائرة ش
...
-
القوات الروسية تعتقل جنديا بريطانيا سابقا أثناء قتاله لصالح
...
-
للمحافظة على سلامة التلامذة والهيئات التعليمية.. لبنان يعلق
...
-
لبنان ـ تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت
...
-
مسؤول طبي: مستشفى -كمال عدوان- في غزة محاصر منذ 40 يوما وننا
...
-
رحالة روسي شهير يستعد لرحلة بحثية جديدة إلى الأنتاركتيكا
-
الإمارات تكشف هوية وصور قتلة الحاخام الإسرائيلي كوغان وتؤكد
...
-
بيسكوف تعليقا على القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان: نطالب بوقف ق
...
-
فيديو مأسوي لطفل في مصر يثير ضجة واسعة
-
العثور على جثة حاخام إسرائيلي بالإمارات
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|