|
وصية عبد العزيز الحكيم حجة عليه !
جمال محمد تقي
الحوار المتمدن-العدد: 2771 - 2009 / 9 / 16 - 11:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لو كانت وصية حجة الاسلام المغفور له السيد عبد العزيز الحكيم محصورة بابنه وعائلته وربما حزبه ايضا او مقلديه لكان الامر عاديا جدا ، وربما يمر طبيعيا في ظل تواتر الحديث عن ضخامة التركة وتعدد انواع مصادرها واصولها ، وربما تجيء للتاكيد والتذكير برغبات الفقيد التي لا تخرج عن احكام الشرع والتقليد الشيعي المتوارث والذي يعطي الابن الاكبر عرف الانابة والاسبقية في احتلال مكان ومكانة الاب المنتقل الى جوار ربه ، حتى دون الحاجة لوصية مكتوبة ، خاصة وان الابن قد مارس تلك الانابة اثناء حياة الاب نفسه ، وعلى رؤوس الاشهاد ، ولان للوصية هنا دلالات مادية ومعنوية شاملة فهي ستكون مقرونة حتما بوصاية الفقيد على ما يوصي به وخاصة في المسائل العملية والمؤثرة على اقل تقدير كالمناصب ، والممتلكات ، والبرامج ، وخرائط الطرق ، اي انها تفترض مقدما ان للموصي ولاية على ما يوصي به وبالتالي فهو يريدها وصاية مركبة تصعد بالخاص الى العام وبالعكس ! لكن الذي حصل ان وصية حجة الاسلام السيد عبد العزيز الحكيم تجاوزت الخاص الى العام وجعلته ـ اي العام ـ تحت وصاية الخاص في حسبة مبنية على الاعتقاد بتناسل العصمة المحمية بمنطق اتقاء شر التفسير المنطقي للعلائق من خلال فرض الوصاية عليها ، ولي عنقها وبما يلائم تطلعات الاوصياء الجدد للمجلس الاسلامي الاعلى الذي ينظر لنفسه وكأنه الذراع السياسية للمرجعية !
تحاول الوصية تثبيت حكم وصاية الفقيه على تطلعات العراقيين عندما تعتبر الالتزام باحكام المرجعية ضرورة لا بد منها في واحدة من اهم بنودها والتي تطالب ابناء الشعب العراقي بالعمل وفق توجيهاتها ، وعدم التخلف عنها كونها الامتداد الشرعي ـ للحكم الاسلامي ، الالهي ـ ممثلا بوكالة الايات العظام والحجج القريبة منها !
حسب شروحات السيد عادل عبد المهدي لقناة الفرات الفضائية الناطقة باسم المجلس ، عن الوصية ومعانيها واهميتها ، فانه يعتبرها عصارة للفكر الجهادي للفقيد وهي تشكل وثيقة برنامجية وخارطة طريق ليس للمجلس فقط وانما لكل ابناء الشعب وقوى العملية السياسية لمواصلة سيرها لتحقيق كافة اهدافها التي اغتنت وبزخم استثنائي فاق ما كانت تحلم به نفس القوى ايام معارضتها للنظام السابق ، ويضيف قائلا : ان الذي قدم منها هو مختصر عنها ، لان الفقيد كتبها بالتفصيل وعلى عدد كبير من الصفحات ، اما موضوعة التوصية بالزعامة لعمار الحكيم فانها تحصيل حاصل ، لانه عمليا اناب عنه في مكانه وفي كل المجالات التي تستدعي ذلك وكان عمار اهلا لها ، وعليه تم اختياره وبالاجماع ! هنا يحاول السيد عبد المهدي ابعاد فكرة التوريث الديني والسياسي عن عملية تنصيب عمار كبديل عن والده في كل مهامه العامة ، قافزا على حقيقة ان هناك نص صريح في الوصية يوصي لعمار بوراثة مواقع الوالد الراحل ! سنستعرض هنا بنود الوصية المختصرة ال 13 وبالترتيب كما جاء في وصف عادل عبد المهدي القيادي البارز في المجلس ، ونائب رئيس جمهورية العراق ، اما النصوص فهي مأخوذة مباشرة عن قناة الفرات الناطقة باسم المجلس ، وسنترك للقراء الكرام تقدير مدى صواب وانسجام طروحاتنا عنها من عدمه ، اي سنسرد بنود الوصية دون اي تعليق عليها !
وصية حجة الاسلام والمسلمين السيد عبد العزيز الحكيم للشعب العراقي :
1 ـ تعميق الصلة باهل البيت ، واتباع نهجهم ومواصلة احياء مناسباتهم ! 2 ـ احياء الشعائر مظهر مهم للتعلق باهل البيت ، وفيه تتحقق وحدة العراقيين ! 3 ـ ضرورة الالتزام بالمرجعية الدينية والعمل وفق توجيهاتها وعدم التخلف عنها كونها الامتداد الشرعي ! 4 ـ اهمية احترام اصحاب الاديان والمذاهب الاخرى والتعايش معهم في ظل وصايا اهل البيت والدستور! 5 ـ ازالة النظام الصدامي نعمة ونصر الهي توج بتضحيات العراقيين ! 6 ـ ضرورة الاهتمام بالانتخابات واختيار العناصر الكفوءة والمؤمنة بالدستور بوصفه المرجعية القانونية ! 7 ـ على المسؤولين العراقيين اتقاء الله في خدمة الشعب وحماية وصيانة ممتلكاته ! 8 ـ ضرورة الاعتناء بالفقراء والشباب وعوائل الشهداء وحل مشاكلهم ! 9 ـ احذر من تعرض البلاد لغزو فكري وثقافي من وسائل اعلام منحرفة ! 10 ـ على المؤسسات الوطنية والنزيهة مواجهة الغزو الثقافي وفضح زيف الاعلام المعادي للعراقيين ! 11 ـ اوصي بالتعاون مع المجلس الاعلى ومنظمة بدر ومنظمة شهيد المحراب ومنظمة محاربي الاهوار الذين تبنوا لاول مرة في تاريخ العراق العمل المسلح ضد النظام الصدامي والتي لها الفضل الاول في التخلص من نظام الطاغية ! 12 ـ السيد عمار الحكيم وصي لي بعد رحيلي لما يتمتع به من قدرة للتصدي وفي كافة المجالات ! 13 ـ اطلب من عموم العراقيين الاعزاء ، والمؤمنين الكرام وبالخصوص الذين عملوا معي ايام المعارضة ، اطلب منهم جميعا ان يبرئوا ذمتي ويعذروني عن اي قصور وتقصير !
خلاصة : من الواضح جدا ان الوصية تستثمر مناسبتها للتعبئة السياسية وتحديدا للتحشيد الانتخابي القادم ، بعد فقدان المجلس لسيطرته شبه الكاملة على مجالس االمحافظات في الانتخابات الماضية ، وايضا نتيجة لاتساع دائرة المشككين بولائه للعراق ، وعليه فان الانتخابات العامة القادمة تشكل مفصلا مهما لاعادة الاعتبار لحجمه وثقله وبالتالي سلطته ، وهي ستكون معيارا لاغنى عنه لتحقيق ذاته كونه اكبر حزب شيعي يحكم باسم الطائفة الى جانب اغلب القوى الاخرى صاحبة ذات التوجه والجذور ، خاصة وان حزب الدعوة بزعامة المالكي وبعد نجاحه المنفرد بانتخابات مجالس المحافظات ، راح يطرح نفسه منفردا كونه البديل الانسب لحكم العراق مستبعدا نفسه عن الحلف الطائفي الذي كان يقوده المغفور له عبد العزيز الحكيم ، وترتكز دعواته على اقامة اوسع حلف انتخابي غير طائفي تحت يافطة قائمة دولة القانون ، ثم تسرب ان شرط المالكي كان قاسيا على حزب الحكيم حين جرت محاولات اعادة بناء الائتلاف الانتخابي السابق والذي تم الاعلان عن اعادة تكوينه دون حزب المالكي هذه المرة ليكون تحت قيادة كاملة لحزب الحكيم بمعية حزب الجعفري الجديد والصدريين والفضيلة والجلبي والمستقلين ، فقد طالب المالكي بنسبة 51 % من المردود الانتخابي العام للائتلاف مما يعني ضمانه مقدما للسيطرة على الائتلاف وبالتالي على اهم مفاصل الحكم في العراق ومن دون منغصات كالتي تحصل اليوم بسبب من تعادليات نسب وحصص القوى المؤتلفة والتي لا تتيح عمليا الفرصة لاتخاذ مايلزم من قرارات لانها تستدعي التوافق اولا مما يؤخرها واحيانا يشلها ، ومن الواضح ان حزب الحكيم قد رفض شرط المالكي هذا لانه سيقزمه اكثر وبمعزل عن نتائج الانتخابات ، لذلك فالتنافس سيكون قويا وعنيفا بين الطرفين وكلهما يخشى الاخر ويخشى المفاجئات التي ستكون غير سارة لاحدهما حتما او لكليهما معا عندما تجعل الناس ينقمون اكثر على مجمل العملية السياسية واحزابها التي سيطرت على الحكم منذ احتلال العراق وحتى الان ! ان الحملة المدروسة الجارية لاستثمار رحيل عبد العزيز الحكيم وخاصة في الاوساط الريفية الجنوبية لاغراض انتخابية ، مستمرة ، وتتسارع كلما اقترب الموعد المقرر ، في ذات الوقت الذي يحشد فيه المالكي جهاز الدولة ليكون عونا له لانتزاع اكبر قدر من الاصوات ، اما الوصية ذاتها فهي تصب بهذا الاتجاه الذي يجعل من المجلس الاسلامي الاعلى وعمار الحكيم عنونا للائتلاف المبارك ايرانيا لضمان بقاء الحال على ما هو عليه في العراق الجديد !
#جمال_محمد_تقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العراق الجديد والدراما التلفزيونية !
-
هل تعلمت امريكا من درس 11 سبتمبر ؟
-
حكومة المالكي مصابة بامراض نفسية الاسقاط والتقمص !
-
في عراق اليوم يقتلون القتيل ويمشون بجنازته !
-
أسئلة من صميم علمانيتنا - اي من صميم دنيانا-!
-
انتقاد اسرائيل جريمة بحق السماء !
-
تنتخبني لو افجرك ؟
-
قناع الدين سوف لن يستر العورات الفاضحة لاصحابه !
-
الفكرة المقلوبة عند العزيز شامل عن التطورالاجتماعي وعوائقه !
-
ليس من الشرف الاساءة للعزل في معسكر اشرف !
-
هذه المرة مراوغة وزوغان ياشامل !
-
انتخابات السيد مأمونة ومضمونة!
-
العنوان ليس واضحا ويحتاج الى تفصيل يا شامل !
-
علمان ونشيدان لبلاد ضاع علمها ونشيدها !
-
عندما تتوحد الارض ويتقاتل الناس بأي مقياس نقيس الوحدة ؟
-
حتى نكون على بينة المشكلة الحقيقية ليست مع الاسلام !
-
النفط سلاح في معركة تقسيم العراق !
-
ابن رئيسنا سفير فوق العادة !
-
بلاد نشفت إلا من النفط والثورة !
-
هل سينكسر خنجر اوباما وهو يطعن الشبكة الحديدية ؟
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|