أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - جواد البشيتي - -الصنمية الاقتصادية- لجهة علاقتها بالأزمة المالية العالمية!















المزيد.....

-الصنمية الاقتصادية- لجهة علاقتها بالأزمة المالية العالمية!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2770 - 2009 / 9 / 15 - 13:59
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


في معرض تحليله العلمي والعميق للنظام الاقتصادي الرأسمالي، والذي اشتمل عليه، في المقام الأوَّل، كتابه "رأس المال"، تحدَّث ماركس، وإنْ في إيجاز واختصار، عن ظاهرة "الصنمية السلعية"، مُظْهِراً ومبيِّناً منطقها (الاقتصادي) المتهافِت؛ ثمَّ جاءت الأزمة المالية (والاقتصادية) العالمية، التي انطلقت من "وول ستريت"، لتُظْهِر وتؤكِّد ما تنطوي عليه تلك "الصنمية"، أو "الوثنية"، من مخاطِر على النظام الرأسمالي، وفي زمن "العولمة" على وجه الخصوص.

ومن غير مغالاة أو مبالغة أقول إنَّ المستثمِرين العرب، من أفراد وشركات ودول، هم الأكثر استمساكاً بعقيدة، أو ثقافة، استثمارية، تقوم على "الصنمية السلعية"، مع أنَّ الإسلام كان حرباً على الأصنام والأوثان، أكانت معبودة لذاتها أم تُتَّخذ وسيلة للتقرُّب إلى الخالق.

أمَّا ما حَمَل ماركس على التحدُّث بشيء من الاهتمام عن ظاهرة "الوثنية السلعية"، في زمانه، فهو سوء فهم كثير من الناس للذهب، أو للنقود في أصلها أو محتواها الذهبي، فهذا المعدن الأصفر الغالي الثمين، والذي بنزرٍ منه تشتري بضائع كثيرة، كان يُنْظَر إليه على أنَّه شيء يستمدُّ أهميته أو قيمته الاقتصادية (أو التبادلية) تلك من "خواصِّه الطبيعية"، فالذهب غالٍ؛ لأنَّه ذهب!

قديماً، تفتَّق ذهن أحد المشتغلين بالكيمياء البدائية عن فكرة تحويل الرصاص (في طريقة ما) إلى ذهب، متوهِّماً أنَّ النجاح في ذلك سيأتي لأصحابه بثراءٍ قارونيٍّ؛ ولكنَّه سرعان ما ظهرت له الحماقة في "فكرته الذكية"، فأحد الحكماء تساءل ضدَّ وهمه قائلاً "وهل يظلُّ الذهب ذهباً، أي محتفظاً بما يتمتَّع به الآن من قيمة اقتصادية تبادلية، إذا ما نجحنا في تحويل كل أو معظم ما لدينا من معدن الرصاص إلى ذهب؟!".

لقد جعلوا الذهب صنماً إذ تصوَّروه على أنَّه شيء يستمدُّ أهميته أو قيمته الاقتصادية من ذاته، أي من خواصِّه الطبيعية، ضاربين صفحاً عن حقيقة أنَّه لا يختلف عن سائر البضائع إلاَّ في اشتماله على مقدار أكبر من العمل، فلو لم يسْتَلْزِم إنتاجه عملاً أكثر لتضاءلت قيمته الاقتصادية (التبادلية).

ومع خروج الذهب من السوق، وحلول "نوَّابه وممثِّليه" محله، وفي مقدَّمهم "النقد الورقي"، استفحلت "الصنمية الاقتصادية"، وهبطت بـ "عقيدة الاستثمار" إلى الدرك الأسفل من الخرافة والوهم، فالأصنام المصنوعة من ورق (ليس إلاَّ) حلَّت محل الأصنام المصنوعة من ذهب؛ وصار "المستثمِرون" ضيِّقو الآفاق يحسبون ثرواتهم بالأوراق النقدية، وبغيرها من الأوراق؛ ولقد استبدَّت بـ "عقولهم الاستثمارية" فكرة بلهاء هي أنَّ المال، الذي لا يميِّزوه من "الثروة الحقيقية"، يَلِد (من ذاته، أو من تلقائه) مالاً.

ولو سألْتَ مستثمِراً عربياً "ذكياً" عن "الاستثمار" لأجابكَ على البديهة قائلاً: إنَّه كومة من الأوراق تملكها، فتشتري بهذه "الثروة الورقية" أوراقاً مالية أخرى تسبَّب قانون العرض والطلب برخصها، فتبيعها عندما يتسبب القانون نفسه بغلائها، فتَرْبَح من الفرق بين سعري الشراء والبيع، فتنمو، بالتالي، ثروتكَ الورقية، فينمو بنموِّها إيمانكَ بأنَّ "الثروة" هي المال إذ جاء بمزيدٍ من المال (من خلال لعبة الاستثمار في أسواق المال)!

لقد ارتدَّ المستثمرون من مواطني "وول ستريت"، وأمثالها وأشباهها، عن ديانتهم (الاقتصادية) الأولى، والتي تقوم على مبدأ "العمل، والعمل فحسب، هو مَصْدَر كل ثروة (حقيقية)"، متَّخِذين ممَّا يشبه السحر والشعوذة ديانة (اقتصادية) جديدة لهم، فظهرت "الليبرالية الجديدة" على أنَّها دعوة إلى الإيمان بأنَّ "الأوراق (المالية) لا العمل هي مَصْدَر الثروة"، فهي، أي تلك الأوراق، وفي طريقة سحرية، تتكاثر، فَتَكْثُر ثروات الأمم والشعوب والمجتمعات!

ولكن، ما الذي حَمَلَهم على هذا الإيمان، الذي يَخُطُّه الوهم من ألفه إلى يائه؟

لقد رأوا مستثمراً (في الأسواق المالية) يملك مليون دولار، مثلاً، أو يملك من "الأوراق" ما قيمته مليون دولار، فيشتري، ويبيع، ثمَّ يشتري ويبيع، فيصبح لديه، بعد انتهاء لعبته الاستثمارية هذه، مليون ونصف المليون دولار. لقد رَبِحَ، ونمت ثروته (المالية).

هذا في النصف الأوَّل من المشهد؛ أمَّا في نصفه الآخر فنرى، وينبغي لنا أن نرى، "المستثمِر الآخر"، الذي كان يملك مليون دولار، فأصبح يملك (إذ خسر حتماً في تلك اللعبة) نصف مليون دولار.

"الرابح" هو الذي كان يملك مليون دولار فأصبح يملك مليونا ونصف المليون دولار؛ و"الخاسر" هو الذي كان يملك مليون دولار فأصبح يملك نصف مليون دولار. لقد خسر أحدهما فربح الآخر؛ وهذا الذي ربح لم يربح إلاَّ ما يَعْدِل، مقداراً، ما خسره الآخر.

بهذا المعنى فحسب، يمكننا الحديث عن "الأرباح" و"نمو الثروات" في الأسواق المالية؛ ولكن، هل ربحت (أو خسرت) تلك السوق المالية، والتي قيمتها، في مثالنا الافتراضي هذا، 2 مليون دولار؟

كلاَّ، فهي لم تربح ولم تخسر، فثروتها (أو قيمتها) ظلَّت في الحجم نفسه (2 مليون دولار).
أمَّا لو جئتَ بهذه "الثروة النقدية (2 مليون دولار)"، واشتريتَ بها آلات ومواد أوَّلية.. و"قوى عمل (بشري)"، واستهلكت كل ذلك (افتراضاً) توصُّلاً إلى إنتاج كمية من البضائع، فإنَّ الـ "2 مليون دولار" ستغدو، عندئذٍ، 3 ملايين دولار.

في هذه الطريقة فحسب، يصبح ممكناً جَعْل المال وسيلةً لتنمية الثروة الحقيقية للمجتمع، فـ "الاقتصاد الحقيقي"، أي الاقتصاد المنتِج للسلع في المقام الأوَّل، هو وحده الحيِّز الاقتصادي الذي فيه، وبه، تتحوَّل "الثروة الورقية" إلى "ثروة حقيقية" تنمو في استمرار.

هنا، وهنا فحسب، يُنْتَج "الربح الحقيقي"، فتنمو "الثروة الحقيقية" للمجتمع؛ أمَّا السبب، الذي لا يشكِّك في وجاهته إلاَّ أعمى البصر والبصيرة، فيكمن في "العمل الحي"، الذي هو وحده مَصْدَر الثروة الحقيقية للمجتمع.

بالمال، أي بالنقود الورقية، "تتحقَّق" قيم السلع التي ينتجها المجتمع، فـ "التداول النقدي" هو الذي بفضله "تتحقَّق" تلك القيم. والمال، بتوظيفه في "الاقتصاد الحقيقي"، وعبر "العمل الحي"، تُنْتَج وتنمو الثروة الحقيقية للمجتمع.

والكارثة تَعْظُم مع اتِّساع وتعمُّق انفصال "الاقتصاد الورقي" عن "الاقتصاد الحقيقي"، فكلَّما حُجِبَت "الثروة النقدية" للمجتمع عن "الاقتصاد الحقيقي"، وضُخَّت في أسواق المال والأسهم والسندات..، وكلَّما استبدَّت بالمستثمرين في هذه الأسواق فكرة "المضاربة"، استجمع المجتمع مع اقتصاده الحقيقي مزيداً من أسباب الهلاك، فلا ينجو من أزمة (مالية واقتصادية) إلاَّ ليقع في أزمة أشد وأعنف.. حتى ترجح كفَّة خيار "إعادة البناء من خلال الهدم" على كفَّة خيار "الإصلاح"، الذي يَخُطُّ في وصيته الأخيرة "لا يصلح العطَّار ما أفسده الدهر"!





#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيلول 2009 يتربَّص بالفلسطينيين شرَّاً!
- حكومة الذهبي -خصخصت- حتى -تخصخصت-!
- -ثقافة قضائية- مستمدَّدة من -الأمِّية الديمقراطية-!
- تسع سنوات من حرب -بن بوش بن لادن-!
- -ظاهرة-.. في مؤسَّساتنا!
- خيار -الدولة الواحدة-!
- ليبرمان يقود من الحبشة -حرب المياه- ضدَّ مصر!
- اعْرَف حقوقكَ!
- ثالوث الفساد الاقتصادي البنيوي!
- -دولة الأمر الواقع-.. معنى ومبنى!
- عشاء في -السفارة في العمارة-!
- المقرحي أُفْرِج عنه.. و-الحقيقة- ظلَّت سجينة!
- -الأوتوقراطية التجارية-.. في رمضان!
- جمهوريات -العائلة المقدَّسة-!
- نساؤنا في عهدهن -السيداوي-!
- رمضان على الأبواب.. فَلْتُشْعِلوا نار الغلاء!
- فلسطين لن تكون -إمارة رفح- ولا -إمارة أندورا-!
- الأمير الشهيد الشيخ عبد اللطيف موسى!
- إنَّه قانون شهريار وسايكس وبيكو!
- نماذج نووية جديدة أربعة


المزيد.....




- أردوغان: نرغب في زيادة حجم التبادل التجاري مع روسيا
- قطر للطاقة تستحوذ على حصتي استكشاف جديدتين قبالة سواحل ناميب ...
- انتعاش صناعة الفخار في غزة لتعويض نقص الأواني جراء حرب إسرائ ...
- مصر.. ارتفاع أرصدة الذهب بالبنك المركزي
- مصر.. توجيهات من السيسي بشأن محطة الضبعة النووية
- الموازنة المالية تخضع لتعديلات سياسية واقتصادية في جلسة البر ...
- شبح ترامب يهدد الاقتصاد الألماني ويعرضه لمخاطر تجارية
- فايننشال تايمز: الدولار القوي يضغط على ديون الأسواق الناشئة ...
- وزير الاقتصاد الايراني يشارك في مؤتمر الاستثمار العالمي بالس ...
- بلومبيرغ: ماليزيا تقدم نموذجا للصين لتحقيق نمو مستدام بنسبة ...


المزيد.....

- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - جواد البشيتي - -الصنمية الاقتصادية- لجهة علاقتها بالأزمة المالية العالمية!