أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - المواطن فى مدرسة الحكومة














المزيد.....

المواطن فى مدرسة الحكومة


أحمد سوكارنو عبد الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 2769 - 2009 / 9 / 14 - 20:25
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تقوم الحكومة بين الفينة والفينة بإصدار القوانين لتقويم سلوك المواطنين غير أن كل ذلك لن يحقق الهدف إذا لم تقدم الحكومة "بالمعنى الشامل للكلمة" القدوة فى الالتزام السلوكى واحترام القوانين المعمول بها. نحن تلاميذ تعلمنا ونتعلم السلوك فى مدرسة الحكومة. لعل القارئ يتساءل لماذا قلت مدرسة الحكومة ولم أقل المدارس الحكومية. لا نقصد هنا مدرسة تابعة للحكومة يتخرج فيها أطفالنا بل نقصد المعنى المجازى للكلمة، أى التصرفات والسلوكيات التى يأتى بها بعض مسئولى الحكومة بكافة مستوياتها بدءا من المجالس المحلية وانتهاءا بالوزارة المركزية. لا شك أن هذه السلوكيات "السلبية والايجابية" يتأسى بها المواطن العادى فى إدارة شئونه الخاصة.

لا نبالغ إذا قلنا إن المسئول، أى مسئول، لا يضع فى الاعتبار رضا المواطن ولا يعنيه احترام القوانين واللوائح المنظمة للعمل. لعل الشغل الشاغل للمسئول هو كيفية كسب ود وتعاطف ورضا وإعجاب رئيسه عندئذ تراه وقد علت وجهه أسارير الفرحة والسعادة. أما إذا لم يرض عنه رئيسه فتراه متجهما عبوسا تعبر قسمات وجهه عن هموم وغموم،. فالمسئول عن قرية أو حى أو مدينة لا يتوانى عن قيادة حملة لتنظيف الشوارع والطرقات ورشها بالمياه النقية استعدادا لزيارة رئيسه المباشر أو غير المباشر وفور انتهاء الزيارة تعود ريمة لعادتها القديمة. أتذكر أن وزيرا للتعليم العالى كان يقوم بافتتاح مدينة جامعية فى إحدى المحافظات الجنوبية وعبر عن إعجابه بمستوى النظافة والنظام الذى يسود طرقات وغرف المدينة الجامعية حيث تتراص الأسرة البيضاء وعليها بطاطين من نوعية فاخرة. لقد انتابتنى الدهشة حين رأيت ما رأيت فانزويت جانبا لأتحدث إلى أحد المسئولين عن هذا الأمر فقال لى إن كل ما شاهدته سوف يختفى قبل أن يغادر الوزير بوابة المبنى.

ومن السهل التعرف على قيمة القوانين فى نظر بعض المنتسبين للحكومة، فهى لا تساوى قيمة الأوراق التى كتبت عليها أو الحبر الذى كتبت به. إذا كنت لا تصدق فانظر إلى سلوك بعض سائقى السيارات التى تقل المسئولين الحكوميين، فهم لا يعيرون اهتماما لقواعد المرور التى تطبق على سائر المواطنين. لقد رأيت بأم عينى سيارات حكومية وهى تخالف كل مادة من مواد القانون، من عدم ارتداء الحزام والتحدث فى المحمول والوقوف صفا ثانيا وثالثا والسير فى عكس الاتجاه والزجاج "الفاميه". وبالإضافة إلى ذلك فإن بعض مسئولى المصالح الحكومية قلما يطبقون القوانين الخاصة بالعمل، فكل رئيس مصلحة يتحايل لكى لا يطبق القوانين التى لا تتفق مع أهوائه الشخصية. من المعروف أن القوانين تنظم الوقت المحدد لإنهاء خدمة موظفى الحكومة، فمنهم من يحال إلى التقاعد فى سن الستين ومنهم من يتقاعد فى سن الخامسة والستين كخريجى الأزهر ورؤساء مجالس إدارات الصحف القومية. هذه القوانين ضرب بها عرض الحائط حيث كانت النية تتجه للإبقاء على رئيس مجلس إدارة مؤسسة كبرى تجاوز المدة القانونية لسن المعاش وكادت الخطة أن تنجح لولا الحكم القضائى الذى أعلن إنهاء مدة خدمته.

من الملاحظ أن المواطنين على دراية ومعرفة بانتهاكات القوانين التى يرتكبها بعض مسئولى الحكومة سواء فى الشوارع أو فى المؤسسات المختلفة، وهذا يدفع المواطن إلى الشك فى جدوى القوانين ويتفنن للهروب من تطبيقها. وهذا أيضا يفسر سر فشل القوانين جديدها وقديمها حتى الآن فى إعادة الانضباط للشارع المصرى، فمازال المواطن يرتكب المخالفات تلو المخالفات غير مبال بالجزاءات التى قد تصل إلى الغرامة والحبس. كما أن المواطن لا يحترم مواعيد العمل ويختلق الذرائع للانصراف قبل الموعد المحدد وحتى إذا حضر فى موعده فإنه يقضى نصف اليوم متحينا الفرصة لقضاء اكبر فترة ممكنة من دون أن يؤدى عملا مفيدا.

وليس من العجب العجاب أن تنتقل ظاهرة أداء العمل من اجل إرضاء المسئول إلى سلوك مكتسب لدى المواطن. لقد تحولت ظاهرة تنظيف الشوارع والمؤسسات احتفالا بقدوم مسئول كبير إلى سلوك تطبقه بعض ربات البيوت اللائى يصلن الليل بالنهار لينظفن المنازل ويرتبن الأثاث إذا كانت الأسرة بصدد استقبال زائر. لعل التجربة التالية تؤكد نفس المعنى: كنت أقود سيارتى متجها إلى المنزل وكان يجلس بجوارى أحد الأصدقاء وبعد أن مررنا بسلام من كل نقاط التفتيش فوجئت بصديقى هذا يطلب منى نزع حزام الأمان، فقلت له لماذا؟ فقال: لأنه لا توجد نقاط تفتيش فيما تبقى من المشوار. ما يهمنا فى هذا الحوار هو أن السلوك الإنسانى فى مجتمعنا لا يحركه الاقتناع بأن هذا التصرف أو ذاك يعود علينا بالنفع بل يحركه الخوف من سلطة تستطيع أن توقع العقاب أو الخوف من تلقى الانتقاد. فنحن نضع الحزام خوفا من الغرامة ونحن ننظف ملابسنا ومنازلنا حتى لا نكون موضوعا للنميمة. روز اليوسف، عدد 1255، 17 أغسطس 2009م، ص9.





#أحمد_سوكارنو_عبد_الحافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- امتحان لمن يرغب فى تمثيل النوبة؟
- جمال مبارك وقضايا النوبة
- مطالب النوبة بين الماضى والحاضر
- أهل النوبة ولفظة برابرة
- رجال الأعمال وانتخابات الأندية الرياضية
- سياسة إسرائيل الإعلامية
- قضايا التعليم بين الطلاب والمعلمين فى مصر
- وقوع العقوبة والإفلات منها
- أين مشاعر المودة بين أفراد الشعب الواحد؟
- جنوب أفريقيا: من العنصرية إلى العالمية
- المنتخب المصرى وتجربة كأس القارات
- الإعلام ورجال السياسة فى بلاد العم سام
- شعار أوباما: نعم نستطيع ... أن نتحاور
- انتبهوا أيها السادة...
- من هم العبيد ومن هم الأسياد فى مصر؟
- حزب الله أم حزب إيران؟
- هل يمكن التخلص من السرقات الفكرية؟
- الصحافة وروز اليوسف وملف النوبة
- أزمة القيادة فى النوبة
- هل من سبيل للقضاء على الشكاوى الكيدية؟


المزيد.....




- -خليه يقاقي- حملة شعبية في المغرب لمواجهة -ثورة- أسعار الدجا ...
- بن سلمان يتحدث عن مخاوفه من الاغتيال: تطبيع العلاقات مع إسرا ...
- هجوم بطائرة مسيرة أوكرانية على بيلغورود الروسية: تضرر مبنى س ...
- -لانسيت- الروسية تصطاد -سترايكر- الأمريكية في مقاطعة كورسك
- بنك أهداف قد يشمل استهداف طهران.. سلاح الجو الإسرائيلي يعلن ...
- ملك المغرب يوشح العداء سفيان البقالي بوسام العرش من درجة قائ ...
- وزير الخارجية المصري يبحث مع نظيره الأمريكي آخر المستجدات في ...
- نبيه بري: حصول حرب كبرى أم لا الأمر متوقف على الأيام القليلة ...
- نتنياهو يقرر إرسال وفد كامل لمحادثات قـطر
- حماس: فقدنا الثقة بقدرة واشنطن على التوسط في محادثات وقف إطل ...


المزيد.....

- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سوكارنو عبد الحافظ - المواطن فى مدرسة الحكومة