الزواج الأحادي شريعة مدنية

جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2769 - 2009 / 9 / 14 - 18:31
المحور: المجتمع المدني
    

كل أو غالبية المعارضين العرب للزواج الأحادي ينطلقون من مقولات خاطئة عن المسيحية والزواج ويعتبرون الزواج الأحادي شريعة مسيحية يريد العالم الغربي المسيحي الفاتيكاني تصديرها للإسلام , وهذه معتقدات خاطئة والصحيح أن الزواج المتعدد نظام متخلف قبلي قديم كانت قد نتجت عنه أشكال القرابة الدموية وأشكال العائلة النووية (النواتية) .

زواج المحارم أو العائلة الدموية cosanguine family هو الذي تلى مرحلة الإباحية الجنسية , وهذا إعتقاد ساد في القرن التاسع عشر الميلادي من التطوريين , والمسؤول عن شيوع مثل هذه المعتقدات العلمية العالم الأمريكي (لويس مورجان) , فالتطوريون جميعهم يقولون بأن (دائرة الزواج) بدأت واسعة متسعة لكل أشكال القرابة , يعني كان الأب يتزوج من ابنته والأم تتزوج من ابنها , وبعد ذلك تراجع هذا الشكل وأصبحت البنت تتزوج من الأخ الشقيق وليس من الأب فأول أشكال التحريم ( تابو) كانت فقط بين الأب والإبنة وبين الأم والإبن ومن ثم تراجع هذا الشكل وبقي كما قلنا مختصراً على زواج الأشقاء من بعضهم البعض مع ثبوت الزواج من ابنة الأخت وابنة الأخ , ومن ثم تراجع هذا النوع من الزواج من خلال اتساع دائرة (التابو) , ومع مرور الزمن وبفعل التطور أصبحت هذه الدائرة أقل اتساعاً حتى ظهرت بالشكل الذي عليه نحن الآن.

وبعد هذه المرحلة إشترك عدة رجال بإمرأة واحدة أو عدة نساء برجل واحد ومن ثم تراجعت هذه الأشكال من التعددية في الزواج بفعل تقدم وسائل الإنتاج الغذائية التي مدّت العائلات بالأغذية فحصل الذكور على فائض انتاج من الإناث فتركوا الزواج من المحارم وتراجعت أشكال القرابة الدموية .


والموضوع أن التعددية في الزواج نظام قديم عقيم ومتخلف نشأ مع نشوء الانسان ومع تطور الانسان الثقافي تراجعت مثل تلك الزيجات وعليه يقيس التطوريين تقدم المجتمعات , فكلما كانت هنالك تعددية كلما كان هنالك تخلف وكلما قلّت وضاقت دائرة الزواج كلما كا نت المجتمعات متقدمة .


ففي الإسلام مثلاً تعددية في الزواج وفي المجتمع المدني العصري رفض بات لكافة أنواع التعددية في الزواج , وكان قبل الإسلام عدة أنظمة للزواج كانت هذه الأنظمة تتسع كلما انحدرنا في تاريخ العائلة إلى الخلف , وهذه الأنواع من الزيجات بدأت بمرحلة مشاعية إباحية ليست في الجنس وحسب وإنما في الجنس والثروة الوطنية , فكان كل شيء مشاع ومع مرور الزمن أصبحت المشاعية محدودة فقط على العائلات الدموية , فكان الآباء يزوجون أبناءهم من بنا تهم وبناتهم من إخوانهن وهذا النوع هو cosanguine family زواج المحارم , نتجت عنه أشكال القرابة للعائلة الممتدة الكبيرة , فأصل نشوء العائلة الممتدة هو زواج المحارم وهذه العائلة الممتدة هي (القبيلة , العشيرة) وما زالت العائلة الممتدة العشيرة والقبيلة تلقي بظلالها علينا وبمشاكلها فهي ضد التنمية التي تعني الحرية , فالفرد في العائلة الممتدة متخلف لا يستطيع تحقيق ذاته , فكل أشكال الزواج التعددية متخلفة تعيق حركة التقدم نحو بناء مجتمع مدني قائم على الحرية الفردية وحق الفرد في ممارسة رغباته ونزواته الفكرية والعاطفية , إن شكل الزواج التعددي هو متخلف وقديم وعقيم .


ولنلاحظ سوية أن المجتمع الأوروبي المدني لا توجد به عائلات كبيرة وعشائر وقبائل بل توجد فيه مؤسسات مجتمع مدنية وأحزاب سياسية تَحلُّ محل العشائر والقبائل , بينما في دولنا العربية الإسلامية هنالك عشائر تعيق حركة الأحزاب السياسية وتعيق وتضعف من قدرات المثقفين في تمثيل الشعب أمام مجالس البرلمانات العربية .

#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات