|
أيلول 2009 يتربَّص بالفلسطينيين شرَّاً!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 2769 - 2009 / 9 / 14 - 14:04
المحور:
القضية الفلسطينية
من 13 أيلول 1993 إلى (؟) أيلول 2009.
وحده "اليوم"، والذي رَمَزْتُ إليه بأداة الاستفهام الموضوعة بين قوسين، هو المجهول، فـ "الإحساس"، والإحساس فحسب، هو ما يخبرني بأنَّ أيلول 2009 سيكون، من وجهة نظر القضية القومية للشعب الفلسطيني، "المأساة (الكبرى)"، التي من أحشاء المهزلة الكبرى (في 13 أيلول 1993) جاءت، وكأنَّ "أيلول" يأبى أن يكون للفلسطينيين صديقاً!
إنَّه "الإحساس" الذي أتمنى أن يخيب، وأن يكون من نوعه الخادع.. وإنَّ أوَّل ما يخبرني به هذا "الإحساس" هو أنَّ هذا "الأيلول" لن يخلي المكان لتشرين الأوَّل، بأوراقه الصفراء الخريفية، ولو كانت من "السياسة" مصنوعة، قبل أن نرى في "الصورة" الرجال الثلاثة (أوباما ونتنياهو وعباس) مجتمعين في "عاصمة" الأمم المتحدة، نيويورك، يُطْلِقون "أنابوليس جديدة"؛ ولكن في اتِّجاه "دولة فياض"، هذه المرَّة؛ ولقد نجا بيريز من الموت، هذه المرَّة، ليخبرنا ما رأى في "ثواني غيبوبته".. لقد رأى في فياض، وبعد انقضاء زمن لا يزيد عن سنتين، "بن غوريون فلسطين"، فرحم الله هرتزل فلسطين"، ورحم معه "حلم فلسطين".. ولو كنتُ مكان عباس لَغَضِبْتُ على بيريز ورؤياه!
وقبل أن يرى بيريز هذا الذي رآه في "ثواني غيبوبته"، وعندما "تبنَّى" فياض فكرة، أو اقتراح، سولانا، والمطبوخ مع طهاة آخرين، في مقدَّمهم طهاة الرئيس أوباما، واعداً الفلسطينيين بدولة في، أو بعد، سنتين، قُلْتُ إنَّ عباس هو "المفاوِض"، وإنَّ فياض هو "الباني؛ ولكن يبدو أنَّ بيريز لا يقيم وزناً، هذه المرَّة، لا للمفاوضات، ولا للمفاوض، فـ "الدولة" تقرَّر قيامها (دولياً وإقليمياً..) أكانت هناك مفاوضات أم لم يكن؛ أنجحت المفاوضات أم لم تنجح!
نتنياهو (ومعه حتى ليبرمان) سوف "يجمِّد الاستيطان"؛ وسوف يُعْلَن ذلك عمَّا قريب. أمَّا الدليل الوحيد على أنَّه قد "جَمَّد" فلن يأتينا من "الواقع"، وإنَّما من "بيان" تُخْبرنا فيه إدارة الرئيس أوباما أنَّها، وآخرين، يقبلون (بتحفُّظ أو من دونه) الطريقة التي فيها لبَّى نتنياهو مطلب "وقف كل نشاط استيطاني"!
ولن نعترض؛ لأننا سنرى، في النصف الآخر من "المشهد"، أنَّ العرب لم يُلبُّوا "مطلب التطبيع الأوَّلي والموازي" إلاَّ بما يشبه، ويَعْدِل، تلبية نتنياهو مطلب "وقف كل نشاط استيطاني"، فهذه "التلبية" من حجم تلك؛ وعلينا جميعاً أن نقبل هذا "الحل الوسط" إلى أن يصبح ممكناً الصعود أكثر في "سُلَّم هذا الحل الوسط".
وأذْكُر أنني قلت من قبل، أي بعد ثبوت رفض السعودية أن تعطي حكومة نتنياهو من "التطبيع" ما أرادته وطالبت به، إنَّ نتنياهو لن يلبِّي إلاَّ قليلاً مطلب "وقف كل نشاط استيطاني (في الضفة الغربية والقدس الشرقية)"، مستذرعاً بالرفض السعودي (وغير السعودي وإنْ كان دونه درجة وشدَّةً).
حتى هذا "التجميد"، والذي فيه من "الشكل" ما يفوق "المحتوى" أضعافاً مضاعفةً، لن تطيق حكومة نتنياهو احتماله زمناً طويلاً.
ولا ريب في أنَّ حاجة، أو اشتداد حاجة، حكومة نتنياهو إلى إنهاء "التجميد"، وإلى الاستئناف السريع للنشاط الاستيطاني الحر من كل قيد، هي التي فيها يكمن التفسير والتعليل لتَوافُق الأطراف جميعاً على حسم "النزاع الحدودي (في الضفة الغربية بين إسرائيل والفلسطينيين)" أوَّلاً، وعلى جناح السرعة.
إنَّ حل مشكلة "الحدود الدائمة" بين إسرائيل والضفة الغربية هو "الهدف الأوَّل" الكامن في أساس كل ما يُبْذَل الآن من جهود ومساعٍ دبلوماسية وسياسية..، فحكومة نتنياهو تحتاج إلى "نتيجة نهائية سريعة"، تسمح لها بأن تقول، بعد شهور من "التجميد الاستيطاني"، إنَّ هذا الحيِّز من الضفة الغربية قد أصبح بعد، وبفضل، حل مشكلة "الحدود الدائمة" جزءاً من إقليم دولة إسرائيل، التي يحق لها، بالتالي، أن تنشط فيه استيطانياً كما تشاء ويحلو لها.
أمَّا مقوِّمات الحل النهائي لـ "النزاع الحدودي" فهي: أن تُعيَّن "الحدود الدائمة النهائية" استناداً إلى "خط الرابع من حزيران (1967)" في الضفة الغربية، في ناحيتها الغربية، وأن يتبادل الطرفان أراضي، فتُعوِّض إسرائيل من أراضيها الفلسطينيين خسارتهم من أراضيهم (الحدودية في الضفة الغربية) والتي يتركَّز فيها الاستيطان اليهودي، وأن تستمر المفاوضات في ملف القدس (الشرقية، وفي ملف اللاجئين) بعد قيام الدولة الفلسطينية، واعتراف إسرائيل بها.
ويكفي أن يُتَّفَق على تأجيل حسم النزاع على القدس (الشرقية) إلى ما بعد حسم "النزاع الحدودي"، وقيام الدولة الفلسطينية، واعتراف إسرائيل (مع المجتمع الدولي) بها، حتى يتضح لنا أكثر معنى "حل مشكلة الحدود الدائمة"، فالقدس الشرقية، والتي ضخَّمتها إسرائيل إقليمياً إذ ضمَّت إليها كثيراً من أراضي الضفة الغربية، لن تكون (إلى أجل غير مسمى) جزءاً من الحل لمشكلة "الحدود الدائمة"؛ والاستيطان اليهودي في القدس الشرقية، بمساحتها الإسرائيلية، سيستمر وينمو الآن وغداً بدعوى أنَّ النزاع على المدينة المقدسة لم يُحْسَم بعد، ولن يُحْسَم إلاَّ عبر مفاوضات تستمر (إلى أجل غير مسمى) بعد قيام الدولة الفلسطينية (ذات الحدود الدائمة لا المؤقَّتة).
نتنياهو "المتشدِّد" سيقول للفلسطينيين "أجِّلوا التفاوض في ملفيِّ القدس واللاجئين، وخذوا في المقابل، وسريعاً، دولة ذات حدود (غربية) دائمة (لا مؤقَّتة)"؛ ونتنياهو "المرن" سيقول لهم في الوقت نفسه "إسرائيل ستعترف بدولتكم (مع المجتمع الدولي عند إعلان قيامها) من دون أن نشترط عليكم الاعتراف بإسرائيل على أنَّها دولة يهودية (تخصُّ "الشعب اليهودي" فحسب) ومن دون أن نشترط على العرب تطبيعاً كاملاً لعلاقتهم بنا".
هذا "الحل"، حجماً ونوعاً، هو "الممكن (واقعياً)" وقد تحوَّل إلى "حقيقة واقعة"؛ أمَّا "المتعذَّر"، أو "غير الممكن"، منه الآن، وهو مشكلتا اللاجئين والقدس الشرقية، فسيكون مدار مفاوضات لا يعلم إلاَّ الله وقت وكيفية انتهائها.
و"المفاوِض الفلسطيني" يمكنه عندئذٍ أن يدَّعي أنَّ الفلسطينيين قد نالوا "الدولة"، المعترف بها دولياً وإسرائيلياً، من غير أن يتنازلوا عن "حقوق اللاجئين"، وعن القدس الشرقية"؛ لأنَّ القضيتين ستكونان، أو ستظلاَّن، مدار مفاوضات حتى يظهر "الاتِّفاق" إلى حيِّز الوجود؛ ومن غير أن يعترفوا بإسرائيل (التي اعترفت بدولتهم) على أنَّها دولة يهودية.
وكأن طهاة هذا "الحل" يقولون، أو يريدون أن يقولوا: دعوا الزمن والواقع يحلاَّن ما استعصى على التفاوض السياسي حلُّه، فالدولة الفلسطينية التي قامت، والتي تُبنى شيئاً فشيئاً، ستتولَّى حل ما يمكنها حله من مشكلة اللاجئين الفلسطينيين؛ وقد تتفاهم مع إسرائيل على بعضٍ من "الحلول الدينية" لمشكلة الحرم القدسي، وعلى بعضٍ من "الحلول الإدارية" لمشكلة "الأحياء العربية" في القدس الشرقية؛ وقد تُحل، في هذا السياق وذاك، مشكلة "العاصمة"؛ وقد تَسْتَنْفِد (الدولة الفلسطينية) كثيرا من الجهد والوقت في مفاوضات "الوحدة بين شطريها"؛ وقد تنمو، في هذا المناخ، شجرة التطبيع العربي مع إسرائيل.
وفي العودة إلى "التمني"، أقول أتمنى أن يخيب هذا "الإحساس"، فينزل "أيلول (2009)" برداً وسلاماً على الفلسطينيين، وقضيتهم القومية!
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حكومة الذهبي -خصخصت- حتى -تخصخصت-!
-
-ثقافة قضائية- مستمدَّدة من -الأمِّية الديمقراطية-!
-
تسع سنوات من حرب -بن بوش بن لادن-!
-
-ظاهرة-.. في مؤسَّساتنا!
-
خيار -الدولة الواحدة-!
-
ليبرمان يقود من الحبشة -حرب المياه- ضدَّ مصر!
-
اعْرَف حقوقكَ!
-
ثالوث الفساد الاقتصادي البنيوي!
-
-دولة الأمر الواقع-.. معنى ومبنى!
-
عشاء في -السفارة في العمارة-!
-
المقرحي أُفْرِج عنه.. و-الحقيقة- ظلَّت سجينة!
-
-الأوتوقراطية التجارية-.. في رمضان!
-
جمهوريات -العائلة المقدَّسة-!
-
نساؤنا في عهدهن -السيداوي-!
-
رمضان على الأبواب.. فَلْتُشْعِلوا نار الغلاء!
-
فلسطين لن تكون -إمارة رفح- ولا -إمارة أندورا-!
-
الأمير الشهيد الشيخ عبد اللطيف موسى!
-
إنَّه قانون شهريار وسايكس وبيكو!
-
نماذج نووية جديدة أربعة
-
في -الأجندة الخاصة- وأصحابها!
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|