أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل حاجي نائف - التناقض الفكري والتناقض السببي















المزيد.....

التناقض الفكري والتناقض السببي


نبيل حاجي نائف

الحوار المتمدن-العدد: 2767 - 2009 / 9 / 12 - 13:35
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


التناقض الفكري
مفهوم التناقض كما طُرحه هيراقليطس، هو تعبير عن جوهر الأشياء , وهو الصيرورة والتغير، فالشيء وحدة متناقضات ناتجة عن الصيرورة والحركة . وكذلك في المنطق الجدلي يُعبّر التناقض عن المصدر الباطني للحركة ومبدأ التطور ، فهو يشير إلى أن الأشياء في حركتها وتفاعلاتها مع بعضها تفصح عن تناقضات ، عن حدود متعارضة يرتبط كل منهما بالأخر بحلقات توسطية مؤلفة وحدة الظاهرة أو الموضوع، وهذه العناصر هي في وضع تفاعل أوصراع ينفي بعضها بعضاً ، وهذا الصراع بين المتناقضات يمهد الطريق إلى الأمام وينكشف كمبدأ للتطور والحركة . فمنطق التناقض كما عبر عنه هيغل في منظومته الجدلية، والتي يرى من خلالها أن فكرة التناقض هي «الفكرة ـ الأم»، فهو أساس كل حركة وكل صيرورة وتطور ، فقط بقدر ما يحوي شيء من الأشياء تناقضاً، يكون هذا الشيء قادراً على الحركة وعلى الفاعلية . في نظره يطرح هذا المنطق الأشياء على أنها ليست مستقلة عما عداها وهي مرتبطة بالكل وتنتسب إليه، وتبعاً لذلك فإن الشيء ليس «ذاته» وإنما «مغاير لذاته»، مادام يحوي في داخله مبدأ سلبه أو نقضه، وهذا هو معنى الحركة التلقائية الداخلية بنظر هيغل، فالمتناهي مثلاً هو ذاته متناقض من حيث يستبعد اللامتناهي ويفترضه في الوقت ذاته كحقيقة له (للمتناهي)، فكل علاقة واقعية برأي هيغل إنما هي علاقة تناقض . وهذا المفهوم للتناقض يقصد به الصيرورة والتطور , أوالتفاعل والتأثير المتبادل , أو الجدل كما يسمونه .
ولكن أرسطو قصد بالتناقض عدم الاتساق في التفكير، وأُسس القانون المنطقي الشكلي للتناقضات بمعنى : أن الشيء لا يمكن أن يكون موجوداً أو غير موجود في الوقت ذاته ، وهذا تابع لمبدأ ( الهوية ) إذ ليس بالإمكان إعطاء تعريفين متعاكسين أي متناقضين في وقت واحد لشيء واحد .
وأيضاً يجب أن لا تتناقض النتائج مع المقدمات , فأذا كانت المقدمة :
كل أنسان فان هي صحيحة
وسقراط أنسان
فيجب أن تكون النتيجة هي سقراط فان وسيموت , وإذا لم يمت سقراط , أي لم تتفق النتيجة مع المقدمة , فهنا يحدث تناقض , فأما المقدمة غيرصحيحة أو النتيجة غير صحيحة .
فالتناقض الفكري ينتج عندما تتناقض النتائج مع المقدمات المعتمدة , أي تنفيها أولا تتطفق معها , وهذا يؤدي إلى حكم خاطئ على المقدمات , فالتناقض هو الذي يؤدي إلى الخطأ بالحكم على نتيجة مقدمات موضوعة . وهذا ما نعتمده كمفهوم للتناقض .
في المنطق والرياضيات يمكننا تحاشي التناقض الفكري بدرجة تامة إذا لم يحدث أخطاء في المعالجات الفكرية .
والتناقض الفكري لدينا تشكل أو تكون بالاعتماد على التناقض السببي , والتناقض الفكري يتضمن التناقض السببي . فالتفكير المنطقي يقصد به عدم تنافض الأفكار مع بعضها فكرياً , ولكن المهم عدم التناقض السببي , أي عدم تناقضها مع بعضها تجريبياً واقعياً , وذلك من أجل تحقيق أهدافنا ومشاريعنا , فتحاشي التناقض السببي الواقعي هو المهم .
السببية
إن هدف ودور المعرفة هو استباق نتائج الأحداث بهدف التحكم بها أوتعديلها بما يناسبنا . فالتوقع أوالتنبؤ الذي هو أساس المعارف وهو الذي ينتج السببية .
فالسببية هي : تحديد وتعيين واختصار أو اختزال للعوامل والمؤثرات الكثيرة , أي الأسباب المتعددة الكثيرة بسبب واحد أساسي وأهمال باقي الأسباب , من أجل القيام بتحديد وتعيين الاستجابات المناسبة . فالأسباب تختزل بسبب واحد ( أو عدد قليل من الأسباب ) يتم التركيز عليه والتعامل معه .
واعتماد أهم العوامل والمؤثرات وجعله السبب في الحوادث هو أهم عمل لعقلنا . فالتحكم بالأسباب أوالعوامل هو ما نعتمده في كافة تصرفاتنا من أجل تحقيق دوافعنا وغاياتنا .
ومهمة المعارف والعلوم هي تحديد هذه الأسباب . فيقولون فتش عن السبب وتحكم به في تغيير مجرى الحوادث . ولكن هذه الآلية لها حدود فهي لا تسمح لنا التعامل الفكري مع اللانهاية واللاتناهي , وهي أيضاً لا تسمح لنا بتصور وجود سبب أول فيجب أن يكون هناك سبب قبله , فلكل وضع أو حادثة أو شيء يجب وجود سبب .
نحن نستطيع التحكم في سير الحوادث وبالتالي بالنتائج عن طريق العمل على إدخال مؤثرات جديدة أو حزف مؤثرات أو تغيير الأوضاع , لتوجيه سير الحوادث نحو وضع معين نريده .
فالأنسان ( وكذلك الكثير من الكائنات الحية ) لهم القدرة على الفعل نتيجة التفكير , والتأثير على سير بعض الحوادث الطبيعي والتحكم فيه وتوجيهه نحو وضع معين يريدونه , وهذا ما جعل الإنسان يشعر أن له إرادة بالتالي حرية العمل والقدرة على التحكم في الأشياء والأوضاع للوصول لوضع معين يريده . وهو يشعر أن يستطيع التخطيط و وضع الأهداف , والعمل على تحقيقها .
التناقض والتضارب السببي
ينتج التناقض السببي عن عدم صحة أو توافق نتائج العوامل ( أوالأسباب ) مع الهدف الموضوع , أو إعتماد أسباب لا تحقق أو تعيق تحقيق الهدف الموضوع مثال :
عمل الآلات الميكانيكية أو الأجهزة الكهربائية أو الإلكترونية . أن عمل الألة وقيامها بالعمل المخصصة له وحصول النتائج المطلوبة , يستدعي عدم حصول أسباب تناقض أو تمنع أو تعيق عمل الآلة المخصصة له .
وكذلك استمرار حياة ونمو أي كائن حي يستلزم عدم حدوث عوامل أو مسببات تمنع أو تعيق استمرار حياته ونموه , مثل المرض أو تضرر الأعضئه أو أجهزته الحيوية .
فمعالجة المرض , وأصلاح أعطال الآلات والأجهزة , وإصلاح أي فشل لمشروع زراعي أم صناعي . . , يستلزم إزالة الأسباب التي أدت لذلك .
إن تحقيق أي هدف أو مشروع أوغاية يستلزم توفر العوامل والأسباب اللازمة , بالإضافة لعدم حصول تناقض أو تضارب سببي يعيق تحقيق ذلك .
فالمشاريع الهندسية والصناعية والعمرانية والزراعية , وكذلك التجارية والاجتماعية , كلها تتحاشى التناقض والتضارب السببي , وتكون نتائجها مرتبطة بمدى تحقيق ذلك .
وفي حالة المشاريع الهندسة والصناعية والعمرانيةغالباً يمكن تحقيق ذلك إذا اعتمدت المعارف والعلوم الدقيقة اللازمة لتحاشي التضارب السببي .
وفي المشاريع الزراعية والبيولوجية وفي الطب , يكون تحقيق ذلك أصعب ولكنه ممكن الوصول لنائج جيدة عند اعتماد المعارف الدقيقة المتوفرة .
أما في مجالات الاجتماعية الاقتصادية والسياسية فالأمور معقدة جداً نظراً لكثرت العوامل والأسباب وتشابكها , لذلك تحقيق ذلك يكون نسبته متواضعة .
دور وأهمية المعلومات ودقتها في التعامل مع التناقض السببي وإزالته .
التناقض السببي لا يمكن إزالته إلا بوجود معلومات دقيقة عن العوامل أوالأسباب , والتعامل معها بدقة وفاعلية . وحسب دقة وموضوعية المعلومات تكون درجة احتمال تحقيق الهدف الموضوع وتلافي التناقض السببي .
والمنهج الهندسي يعتمد بشكل أساسي على دقة و واقعية المعلومات والاختبار والتأكد من دقتها لتحاشي التناقض السببي الذي يعيق تحقيق المشاريع .

نحن نعرف أن إمكانية حصر كافة العوامل والأسباب لأي وضع , بصورة تامة ومطلقة مستحيل , فنحن نسعى لتحقيق التعامل مع أكبر كمية متاحة من العوامل والأسباب , ومراعات عدم تناقضها أو تضاربها مع مشاريعنا وأهدافنا . ومدى نجاحنا في ذلك مرتبط بكمية ودقة معارفنا , ودقة تنفيذنا ومراعتنا لتحاشي التناقض والتضارب السببي .
" لقد ألحّ "ماخ " على التخلي عن مفهومي السبب والنتيجة بمعناههما التقليدي وتعويضهما بمفهوم الدالة , كما هو وارد في الرياضيات . ولقد بين التحليل بأن ما يسمى بالسبب ليس إلا عنصر مكمل لمركب معقد من العوامل والظروف التي تحدد مجتمعة النتيجة . ويعتبر ماخ أن أبسط مكون للوجود هو العلاقة وليس العنصر الفرد . فلا يمكن إدراك عناصر الطبيعة إلا من حلال علاقة . وتعتبر الدالة الوسيلة الأكثر ملائمة من غيرها للتعبير عن ظواهر الطبيعة باعتبارها علاقات , شريطة أن نتمكن من وصف وقائع الطبيعة بواسطة كمّيات قابلة للقياس .
وكذلك يقول " شليك " ينبغي للعلم الحديث أن يتبنى العمل بفكرة العلاقة الدالية بين الكيفيات القابية للقياس , وأن يتخلى عن فكرة العلاقة السببية التقليدية ."

هناك أوضاع يظهر فيها التناقض السببي بشكل واضح , وهناك أوضاع يكون التناقض السببي فيها غير واضح أو يصعب اكتشافه , وهناك أوضاع يظهر أن فيها تناقض سببي , ولكن التدقيق فيها يظهر عدم وجود تناقض سببي فيها .
وعندما تكون الحوادث أو الأسباب احتمالية لعدم استطاعة حصر الأسباب اللازمة , يلجأ إلى اعتماد نسبة الاحتمال في اختيار الأسباب أو التصرفات وهذا ما يفعلة غالبيتنا , فالتاجر والسياسي وكل إنسان في ممارسته العلاقات الاجتماعية أو الاقتصادية , يعتمدوا الاحتمالات المتوقعة الأفضل لهم . في تلك الأوضاع لا تتوفر الأسباب الدقيقة والصحيحة , فيعتمد على الاحتمالات المتوقعة , وحسب توفر المعلومات والخيارات المتاحة .
سؤال : ما مدى تأثير المعرفة على السببية ومسار الحوادث وتكوّن المستقبل ؟
أن الإرادة البشرية أو ما يسمى الحرية هو ناتج عن حدوث تغذية عكسية تؤدي إلى تحرك المستقبل وعدم ثباته إلى أن تتوقف دارة التغذية العكسية أو يحدث الوصول إلى توازن واستقرار والقيام بأفعال معينة تقرر وتحدد المستقبل .
فالتخطيط والغائية وتوجيه مسار الأحداث باتجاه هدف أو غاية معينة هو بمثابة نشوء تغذية عكسية بين الحاضر والمستقبل الذي يتم توقعه أو تصوره من جهة والمستقبل الواقعي الذي يحصل بالتدريج , وهذا يؤدي إلى توجيه مسار الأحداث باتجاه الهدف الموضوع , فكلما حدث انحراف مسار الأحداث عن الأتجاه إلى الهدف تحدث تأثيرات يؤدي إلى إعادة توجيه مسار الأحداث باتجاه الهدف .
إي التغذية العكسية هي التأثير المتبادل بين الحاضر والمستقبل المتوقع أو المتصور , الذي يصبح حاضر يؤثر في المستقبل المتصور الذي يليه وهكذا دواليك إلى أن يتم الوصول أو تحقيق المستقبل الهدف الموضوع .






#نبيل_حاجي_نائف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللغة المحكية واللغة المقروءة
- ما تفكر فيه
- كيف تطور العقل البشري
- السعادة فن تذوق الحياة
- الرهاب الاجتماعي
- التفكير التسلسلي والتفكير المتوازي
- السببية , والحرية , والهوية , عند هيوم
- التعامل مع النجاح والفشل
- الإشاعة والإعلام
- 2 - تأثيرات الأزمة الاقتصاديةعلى الدول العربية
- هيوم أعظم المفكرين
- الأزمة الاقتصادية أسبابها و تأثيراتها
- أسس الإرادة (2)
- أسس الإرادة (1)
- القوى والدوافع التي تحركنا وتتحكم بنا
- كيف نتصور الوجود , الوجود الذاتي والوجود الموضوعي
- الدولة الناجحة والدولة الفاشلة
- التطور والارتقاء أصبح الآن اجتماعياً وثقافياً وتكنولوجياً ول ...
- قانون القيمة
- نحن والآخر والصراع


المزيد.....




- بدولار واحد فقط.. قرية إيطالية تُغري الأمريكيين المستائين من ...
- عوامل مغرية شجعت هؤلاء الأمريكيين على الانتقال إلى أوروبا بش ...
- فُقد بالإمارات.. إسرائيل تعلن العثور على جثة المواطن الإسرائ ...
- واتسآب يطلق خاصية تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
- بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل إسرائيلي في الإمارا ...
- إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام المختفي في الإمارات
- هكذا يحوّل الاحتلال القدس إلى بيئة طاردة للفلسطينيين
- هآرتس: كاهانا مسيحهم ونتنياهو حماره
- -مخدرات-.. تفاصيل جديدة بشأن مهاجم السفارة الإسرائيلية في ال ...
- كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نبيل حاجي نائف - التناقض الفكري والتناقض السببي