تعليق: 5/6/2002
شيوع الجريمة من ثمار نهج السلطة وممارساتها
تضطر صحف النظام بين آونة واخرى للحديث عن شيوع الجريمة والسرقة والقتل العمد تحت الحاح تفاقمها ولتبرئة ذمة النظام ورموزه من مسؤولية تفاقمها وارتباط ذلك بالفلتان الامني السائد في البلاد.
وتسعى صحف النظام الى إلقاء مسؤولية شيوع هذه الظواهر الخطرة على المواطن تارة وعلى ما تسبب به الحصار تارة اخرى. لكن من الواضح ان ارتفاع نسب الجرائم ليس مرده شظف العيش فقط، بل ايضا اجراءات السلطة الاستبدادية وما يرافقها من اساليب عنيفة وممارسات تعسفية، وانتهاك صارخ للعدالة حتى للقوانين التي سنتها السلطة بنفسها..
وكثيرا ما تتعالى شكوى المواطنين من انتهاك العدالة في المحاكم ذاتها، ومن تواطؤ القضاة وهضم الحقوق نتيجة انتشار الفساد والرشوة في صفوفهم. ومعروف سوء عاقبة ما سمي بـ "التمويل الذاتي" الذي فرض على الدوائر الرسمية، والذي حو ل المحاكم ومؤسسات القضاء عمليا الى مؤسسات تجارية، فيما صار اعوان السلطة وتجار الحروب والاثرياء يتحكمون بمجريات القانون وفق المصالح والاغراض الشخصية ووفق اهوائهم.
وتعترف صحف النظام اضطرارا بشيوع وانتشار الفوضى والجرائم وكثرة عصابات تسليب المواطنين في وضح النهار، وبان اغلب ممارسيها هم من موظفي الدولة او ممن كانوا في الاصل من الموظفين، وبالتواطؤ والتنسيق مع اجهزة الشرطة.
لذلك وبالرغم من توسع الاجهزة الامنية وتنوع مسمياتها من افواج الطوارئ، والفدائيين، واجهزة الامن والاستخبارات والمخابرات، وجيش القدس، والشرطة والمكافحة الى اخرها من التسميات فان جرائم السرقة ارتفعت بشكل غير مسبوق، وارتفعت ايضا عمليات السطو المسلح وجرائم القتل وسرقة السيارات. وما هذا الا دليل على الفلتان الامني المنظم الذي تغذيه السلطة نفسها، وهي تضع اشتراطات حماية نفسها فوق كل اعتبار. وعلى سبيل المثال لا الحصر فان ما سجل من ارتفاع حاد في نسب سرقة السيارات تحت التهديد بالسلاح - وفق ما تنشره صحف النظام - يجري على مرأى من مديرية مكافحة اجرام سرقة السيارات والتي اضطرت السلطة في النهاية الى غلقها بفعل نتانة الفساد الطاغي فيها وماسجل من شكاوي كثيرة ضد المسؤولين فيها ومنتسبيها.
وتبقى الجريمة تنتشر وتزدهر في ظل انشغال الاجهزة القمعية بتأمين الحماية لمقرات السلطة وتعزيز الحراسات لمراكز الاحتفالات ولجداريات ونصب الطاغية فضلا عن مواصلة وتصعيد حملات قمع المواطنين وملاحقتهم، وتطويق المدن والاحياء السكنية ومداهمتها، في مسعى لادامة الشعور بالخوف في صفوف الناس، ولشل اي تحرك من جانبهم ضد السلطة الغاشمة وفي سبيل الخلاص منها.