أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - محمد أبو الرب - الفضاء العربي وانبجاس المعنى في الميديا














المزيد.....

الفضاء العربي وانبجاس المعنى في الميديا


محمد أبو الرب

الحوار المتمدن-العدد: 2766 - 2009 / 9 / 11 - 16:26
المحور: الصحافة والاعلام
    


- واقع الفضاء الإعلامي العربي
- جدلية الواقع والدراما في باب الحارة

يثار في النقاشات الفكرية ذات الصلة بقضايا الإعلام والثورة التقنية تساؤلات متجددة حول الدور الذي باتت تتبوأه وسائل الإعلام في تعاملها مع " الواقع"، أهي ناقلة أم مشكلة له؟
لم تعد النظرة إلى دور وفعالية وسائل الإعلام تقف عند حدود النظرية النقدية التواصلية في سياقها الهبرماسي على وجه الخصوص، فوسائل الإعلام لا تعزز فقط الافتراضات حول دور الإعلام في بروز وتعاظم مكانة المتلقي السلبي الذي يتم افتعاله وتفعيله ضمن فهم النقدية التواصلية الهبرماسية للعقل ألأداتي على حساب العقل النقدي، وإنما أيضا تتحمل جانبا من المسؤولية عن بروز أنماط سلوكية جديدة يعتقد أن الأشكال الإعلامية المرئية على وجه الخصوص ملهمة لها؛ من خلال افتعالها في منطقة لا وعي المتلقي بشكل أكبر من الأشكال التقليدية.
في حالة الفضاء الإعلامي العربي " الطارئ"، فإن التنافس على الرأي العام ولَد عجزا لدى غالبية هذه الوسائل عن إدارة العلاقة بين الأشكال الإعلامية ومضامينها من جانب، والموضوعات المطروحة في سياقاتها الاجتماعية من جانب آخر.
وبعبارة أخرى، فإن الأشكال الإعلامية الجديدة ضمن ما يسمى بـ" تلفزيون الواقع" كالبرامج الحوارية و السرديات المهجنة مثل المسلسلات التاريخية والمترجمة، لا تقود فقط إلى تدويل هذا الإعلام والحيلولة دون تمثيله للهويات الثقافية القائمة، وإنما أيضا إلى تأزيم المرجعيات الثقافية العربية.
إن اختلافنا مع هكذا ظواهر في سياقها العربي تحديدا ينبع من كونها طارئة على الفضاءات الاجتماعية والسياسية والثقافية القائمة، وبالتالي فإن ما يترتب عليها سيكرس الفجوة بين ما هو واقع وما يقدم للجمهور، عبر نظم العلاقة بين فعل التلقي والعقل ألأداتي. وبتكرار الفجوات تتكرس حالة انفصام بين المتلقي وواقعه؛ كونه انفتح على فضاءات جديدة لا يستطيع اختبارها في واقعه بظروفه وشروطه القائمة. من هنا يتعزز الافتراض بأن نتاج التعرض لأشكال تقنية مرئية على وجه الخصوص، وضمن حالة الفضاء الطارئ الذي يتعارض مع واقع المتلقي، سيؤدي في النهاية إلى محاولات تعويضية من قبله- أي المتلقي - عما لا يستطيع تحقيقه في سياق واقعه، أي أنه سيتقمص واقع الشاشة وليس ما هو موجود فعليا.
وليس غريبا ما قاله الفنان السوري زهير رمضان من أن مسلسل باب الحارة - والذي يؤدي فيه دور أبو جودت، رئيس مخفر الشرطة- استطاع منع التجوال في الضفة وغزة بينما عجزت إسرائيل عن ذلك. فحدود تأثير الدراما وإن كانت بلاغية هنا إلا أنها تخترق وتتجاوز حدود الواقع، وفي ذلك اتفاق مع ما قاله المفكر الفرنسي ريجيس دوبريه من أن الأقوال- وهنا الدراما- في عصر الميديا تمتلك قدرة التأثير بشكل أكبر من الأفعال.
إن السياق الجديد الذي اتخذه الجزء الرابع من مسلسل باب الحارة لم يكن عفويا، خصوصا تحول المحور الرئيسي للمسلسل من مناقشة طبيعة العلاقات الاجتماعية السائدة في الحارات الشامية إلى مواجهة قوات الاحتلال الفرنسي، وما ترتب عنه من حصار أريد له أن يحاكي حصار غزة.
وتتجلى حالة المحاكاة الدرامية إلى حد التطابق الظاهري من حيث ظروف كل من حالتي الحصار كمنع دخول الطعام والمواد التموينية، إضافة إلى الاعتماد على الأنفاق في إدخال احتياجات المحاصرين .
وقد يكون في تقديم أسرة المسلسل الشكر لوزير الداخلية السوري ومسئولين آخرين عما قدموه من دعم في سبيل إنجاح المسلسل مؤشرا على طبيعة العلاقة بين الجزء الرابع على وجه التحديد والأجندة السياسية الدرامية التي يحملها وبين مواقف سياسية أريد لها أن تحضر في المسلسل.
مما لا شك فيه أن الأدوار الدرامية لمشاهد البطولة التي قام بها الرجال والنسوة في الحارات الشامية ستقود إلى اختلاق صور ذهنية لدى المتلقين تفوق فعاليتها فعالية الصورة المادية، فالصورة الدرامية بشكل أو بآخر تعتمد على المحاكاة وغالبا ما تسعى لسلب دلالات المحاكى وتقمصها. وخطورة استخدامها في سياق باب الحارة نابع عن اختلاق لمحور استبدالي لأدوار البطولة التاريخية بالأدوار الحالية، مما يعني أن واقع الشاشة سيتفوق على الواقع المادي وفقا لاعتبارات تقنية يملكها الخطابي المرئي تتيح له شرعية الظهور على حساب الواقع المادي.
وسياسيا يمكن فهم فعالية خطاب البطولة في هكذا أعمال درامية من منطق محاكاتها للمواقف السياسية القائمة، بمعنى أن سوريا تقاوم حالة الحصار على غزة من خلال الدراما، إلى جانب احتضانها لبعض قادة الفصائل الفلسطينية، لكن من غير المعلوم إن كان الدعم المادي بالسلاح والمال كما ظهر في باب الحارة له ما يقابله في الواقع. ثم إلى أي حد يشبه تجسيد الواقع السوري في ظل الضغوط الدولية بواقع الحصار الدرامي على باب الحارة؟ وقبل كل ذلك، ما هي مبررات تحويل سياق المسلسل بشكل كامل؟ هل المقصود إخضاع المشاهد لواقع تقني وحالة فضائية تتجاوز البحث في ما هو واقع؟ ألا يصدق هنا كلام دوبريه- السابق الذكر- من أن الأقوال أصبحت تمتلك قيمة أكبر من الأفعال؟
نخلص مما سبق للقول بأن بعض وسائل الإعلام التي تقدم سواء الأعمال الدرامية المترجمة أو تلك التاريخية التراثية، تعزز في مجملها حالة ضياع المشاهد، فالمتلقي العربي وفي ظل ظروفه الراهنة لا هو قادر على الانتقال لنمط الحياة الذي تبشره به المسلسلات التركية، ولا هو قادر على العودة إلى تاريخ تقني مشكل في أزقة الشام وأحيائها القديمة، وهذا ما يكرس حالة الانبجاس الفعلي. فتقييم حالة الفضاء العربي " الطارئ" نابع من افتراض أن الكم الكبير من المعلومات التي تبثها وسائل الإعلام تقابلها محدودية في إنتاج المعاني. وبلغة بودريار، فإن فعل الانبجاس في المعنى هو نتاج لعدم قدرة الميديا على تعويض الخسارة الحادة في الدلالة" فبدل أن يعمل الإعلام على إنتاج المعنى، فإنه يستنفذ ذاته في إخراج المعنى.. إننا نعيش في عالم يتضاءل فيها المعنى، فيما تزداد المعلومات أكثر فأكثر".



#محمد_أبو_الرب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - محمد أبو الرب - الفضاء العربي وانبجاس المعنى في الميديا