متابعة: 27/5/2002
محنة بغداد في ظل "امانة بغداد"
يسهب الكثيرون من مسؤولي امانة بغداد في سرد الاعمال اليومية التي يدعون ان دوائرهم تقوم بها..
وصحافة النظام كعادتها تذر الرماد في العيون مدارية المسؤولين ومتسترة على العيوب وطامرة الحقيقة. في حين يتلمس المواطن يوميا غمط حقوقه عبر تردي ما يتلقى من خدمات باجور ورسوم مرتفعة، وعبر استمرار الاهمال وتفاقم المشاكل.
فقد تحدثت مجلة "الف باء" الحكومية في تحقيق تحت عنوان ؛امانة بغداد تعترف« عن فشل امانة العاصمة في تنظيف العاصمة رغم امتلاكها 700 سيارة حوضية و1100 حاوية وارتال لاتنتهي من الاليات والمعدات ورغم ضخامة وارداتها، خاصة مما تجبيه من ضرائب ورسوم تجلد بها ظهور المواطنين. وتعد الامانة، حسب صحافة النظام، اغنى دائرة حكومية تسهم في تسمين واردات الدولة ومع ذلك فهي تتباكى وتحاول تبرير قلة الايدي العاملة لديها بعدم القدرة على دفع اجور اعلى من الاجور التي تدفعها حاليا والتي لا تغري احدا على العمل في اقسامها ، خاصة في مجال النظافة.
وتنقل "الف باء" عن مسؤولي الامانة قولهم ان لديها 345 عامل نظافة فقط! وهؤلاء لا تتوفر فيهم الشروط الصحية ويتقاضى اغلبهم اجرة يومية هذا في حين توجد ببغداد 476 محلة سكنية بازقتها ومحلاتها وشوارعها الرئيسية والداخلية!
والانكى من ذلك اعتراف المسؤولين في الامانة بان التجارب السابقة المريرة مع متعهدي النظافة اثبتت فشلها الذريع. حيث غرقت الاحياء السكنية بالنفايات والفضلات، رغم كل مايدفعه المواطنون من رسوم متصاعدة، ورغم استغلال الامانة سيارات الشحن الخاصة بهم، وبالضد من ارادتهم، في حملات العمل الشعبي المزعوم. ويبرز الاخفاق في جميع ميادين الخدمات، ومنها اخفاق المجاري التي تدفع رسومها مع وصولات الماء فبعد زخة مطر آذار ونيسان غرقت حتى شوارع الاحياء الراقية! وعلقت دائرة المجاري اخفاقها على انقطاع الكهرباء وقلة المضخات المتوفرة، علما ان صحف النظام لم تخل من اشارات خجولة تسرب المضخات من مخازن الامانة الى ارصفة السوق السوداء.
من جانب اخر فان 75 الى 80% من شوارع العاصمة تشكو من التخسفات. الا ان الامانة وجدت في اكذوبة "التدبير العراقي" وسيلة لجلد المواطنين باسم التمويل الذاتي، وقد طالعتنا صحف النظام مؤخرا على سبيل المثال، باخبار ارصفة تجارية يقوم باكسائها المواطن المبتلى الذي "يورق" لسداد كلفتها!
وعلى صعيد اخر فان دوائر الصحة والبيئة تحمل الامانة مايلحق بالانسان من ضرر في صحته، اذ كثيرا ما اكدت ضآلة الخدمات التي تحافظ على البيئة والصحة والانسان. هذا فضلا عن الاجراءات والظواهر ذات المفعول العكسي تماما ، ومنها:
< قطع الاشجار في الحملة الاخيرة لتوسيع الشوارع.
< تكاثر برك الماء الآسن، والمستنقعات في اغلب الاحياء والمناطق السكنية.
< انعدام النظافة، وانتشار تلال النفايات وما تجلبه من ذباب وقوارض وامراض وروائح كريهة.
< شحة المياه وعطل شبكات الاسالة القديمة واختلاط مياه الشرب مع المياه الثقيلة ووصول الماء الى طالبيه محملا بالشوائب.
ذلك غيض من فيض "المكارم" التي تتفضل بها امانة بغداد يوميا على ابناء بغداد، فتسمم حياتهم وتفاقم محنتهم، وتشدد في الوقت نفسه من سخطهم المشروع ليس على الامانة والمسؤولين فيها فحسب، بل وقبل ذلك وبعده على النظام الحاكم، الذي تتبعه هذه الامانة ومسؤولوها، والذي لا سبيل لخلاص الناس من المعاناة المستمرة، الا بالخلاص منه مرة ونهائيا !