الاء الجبوري
الحوار المتمدن-العدد: 2763 - 2009 / 9 / 8 - 22:18
المحور:
سيرة ذاتية
قصص حقيقية
رونق ... رسالة الى ابي في العالم الاخر
بقلم / الاء الجبوري
التمييز بين الرجل والمرأة منذ الطقولة مشكلة تواجه المراة والمجتمع , هكذا يربى الولد والبنت فقائمة الممنوعات حاضرة للبنت ومنها ما هو حق طبيعي وانساني كالتعليم الذي تقل اهمية للفتاة بسب مفهوم شائع في مجتمعنا وهو اللاجدوى من تعليم البنت لانها ستتزوج ( وتعبش برقبة رجل ) اي ان الهدف من التعليم هو الجانب المالي فقط وليس بناء واعداد ام متعلمة قادرة على اعداد جيل طيب الاعراق اضافة الى ظروف العراق السياسية والاقتصادية في تغير مستمر يصل في بعض الاحيان الى كوارث كمئات الالاف من الارامل العراقيات اللواتي تغلب عليهن سمة الامية او التعليم الاولي الذي لابساعدها في ايجاد فرصة عمل تحميها وايتامها من الفقر , قصتنا الحقيقية هي قصة رونق التي عاشت وعانت هذه المفاهيم الخاطئة لكنها قاومتها بالعلم والمثابرة والتحدي لتكون صحفية ناحجة ومتحدية خطورة الساحة الاعلامية العراقية وهي فاعلة في عائلتها ونموذج ايجابي وكذلك ستكون المرأة العراقية لو فسح المجال لها وهذا مااثبتته الاعلاميات العراقيات ومنهن من استشهدت في سبيل ايصال الحقيقة ومنهن من هجرت او لوحقت على ايدي الظلاميين اللذين لايعرفون معنى الاعلام الحر ويرفضونخروج المرأة من قمم الجهل والظلم .... والحكم الاخير للقاريء
رونق .... رسالة الى ابي في العالم الاخر
كنت صغيرة جدا حين ادركت لانني انثى افقد الكثير من الاشياء التي احبها فقد منعنا والدي من اللعب في الشارع لاننا بنات فسجن طفولتنا في جدران البيت في ومازلنا طفلتين في الاحساس البنية الجسدية بينما اخوتي الذكور يمارسون طفولتهم بحرية فلم يبق امامنا انا واختي الا المدرسة التي كانت متنفسا لنلعب فيها وندرس بدون ممنوعات كوننا اناثا فقط في هذا المحيط , كنت ادرس بجد وفي كل سنة اكون الاولى فاحمل شهادتي والفرح يطير بي الى حضن امي اما ابي فلايهمه هذا الامر او حتى يعرف به بعكس والدتي التي كانت تعتبر العلم اساسا في بناء حياة البنت والولد وكانت تردد انا معلمة فيكيف يكون اولادي اميون , اما ابي كان يلقن اخوتي بانكم ما دمتم ستصبحون رجالا في المستقبل فالتعليم غير مهمة ماجعل اخوتي يكرهون المدرسة وينصرفون الى اللعب والتسكع مع اصدقائهم , ليت ابي توقف عند هذا الحد بل كانت ثائرته تثور مرتين في السنة في امتحانات نصف السنة والامتحانات النهائية اذ يقرر ان نترك الدراسة انا واختي فشعاره اننا سنكبر ونتزوج والزوج ملزم بعيشتنا وتدخل امي كان يحول دون تنفيذ القرار بعد معانات طويلة , هكذا كانت سنوات الدراسة سنوات من الالم والرعب لايثيره ابي الا في ايام الامتحانات التي تحتاج من الطالب الوقت والجهد ورغم ذلك نجحت وبمعدل جيد وبدات مرحلة الكلية فوجدت ابي لم مانع بل كان مشجعا لي اذ كنت الوحيدة من ابناءه وبناته وصلت الى الكلية ولم يبقى غير سنة على اختي لتلحق بي بينما اخوتي الثلاثة لم يصلوا الى الثالث المتوسط ولم يتعلموا حرفة تعيلهم في حياتهم ومحاولات امي معهم لدفعهم الى الدراسة باءت بالفشل فكان مشهدان امام والدي , ابناءه الثلاثة الذين ميزهم علينا كونهم ذكورا ونحن اناث شباب عاطلون عن العمل بلا حرفة او قدرة على تحمل المسؤلية , ادرك ابي هذا وتاكد انه جنى على اخوتي ولم يصنع منهم رجالا رغم انه كان يعتبرهم الرجال الذين فضلهم الله على النساء درجة بالفطرة وليس لمميزات معينة ولكن عندما صرعه المرض ولم يجد اخوتي من حوله بل وجد زوجته وبنتاه يتأوهن لالمه ويدرن حوله كالعصافير , كان يتولى الامور المادية ولكن مرضه جعل عائلتنا المكونة من سبعة اشخاص تعيش على مايتقاضاه ابي من راتب تقاعدي واخوتي وجودهم مثل عدمه ولكن امي انقذت الموقف عندما عادت الى التعليم بعد ان حرمها ابي منه ورفض رفضا قاطعا العودة الى العمل اذ كان يقول لها جنتك بيتك وليس في عملك ورضخت والدتي التي كانت تتصف بشخصية قوية وذكية تجيد الحوار والتعامل مع رجل مثل ابي لرغبته ولكن تغير الوضع جعل ابي يوافق على عودتها للعمل , اما انا فقد بدأت العمل في صحيقتين مع دراستي في كلية الاعلام كي لااثقل كاهل عائلتي بمصاريف الكلية , وجدت ابي يشجعني وهو يراني كالنحة بين الكلية والصحيفتين رغم الانفلات الامني الخطير الذي يجتاح الشارع العراقي وكان يتفتت من الداخل وهويرى ابناءه في لهو عنه وعن مصلحتهم , لم تستمر معاناة ابي في سنوات عمره المتاخرة لانه رحل الى العالم الاخر وها انا ذا ياأبي ارسل لك رسالة الى العالم الاخر والى كل من يميز بين ابناءه وبناته على اساس النوع .
ابي لقد استعرت نار الطائفية والايدي الخفية ورائها للتحول الى قضبان من التهديد والخوف , سجن الرجال في بيوتهم والخروج يعني القتل بيد لانعرفها ولسبب نجهله فسجن اخوتي الثلاث في البيت وصارنا نحن نساء البيت مثل كل النساء العراقيات ندبر امور البيت الداخل والخارج وعبرنا ودخلنا مناطق خطرة وخرجنا منها ولكن احد اخوتي لم يستطيع الخضوع لتهديد الطائفية فبدأ الخروج من البيت فتعرض للخطف اثنين من اخوتي للختطاف وبعد رحلة من المعاناة اطلق سراحهم اما اخي الاصغر فقد خدعه احد اصادقائه ليشهد زورا وانكشف امره وحكم عليه بالسجن سنة ونصف , ذهبنا انا وامي واختي لزيارته في السجن فكانت رحلة من العذاب فعلينا تحمل الاهانات والتجاوزات كوننا عوائل المدانين حينها قلت لاخي رغم انك تصغرنا انا واختي سننا الا انك كنت تتبختر برجولة كاذبة ووتصرخ فينا انا رجل ... رجل (وانتن نسوان ناقصات عقل ودين ) انظر الى ما انت فيه نحن نزورك في السجن وانت كنت تزورنا قي الجامعة , اتمنى ان تعيد حساباتك وتقرأ الحياة من جديد , اما امي فقد تحركت بشكل دؤوب لتجد وظيفة لاخوي فجمعت ما استطاعت من مال لتدفعه لمن يساعدها في ايجاد وظيفة وفعلا تطوعا الى سلك الشرطة وبين الحزم والعطف كانت تتعامل معهم امي حتى جاء اليوم الذي قال فيه اخي الكبير كنت اظن لانني رجل انا افضل من المراة ولكن امي واختاي اثبتن انهن افضل منا بكثر واشجع ورفعنا رأسنا وكن سندا ومقوما لنا , عزز موقف اخوتي هذا عملي وانطلقت في العمل مراسلة صحفية في احد القنوات الفضائية الذي كنت اخاف ان يمنعني عنه اخوتي ولكن الرغبة في الانجاز والبناء على المستوى الشخصي كانت كبيرة فلم تمنعي الانفجارات والمناطق المتوترةامنيا عدم العمل فيها واذكر ان عبوة ناسفة انفجرت بالقرب مني على بعد عشرة امتار لكنها لم تمنع المصور او تمنعني من تغطية الحدث بكل مافيه من ماسي وعدت للقناة بسرعة وبينما انا اشرح الحادث لسكرتير التحرير وجدته تسمر امامي ودعاني للجلوس ثم قال انت تنزفين هناك شظايا زجاج على جانب رقبتك ,عندها فقط احسست بالالم وحرارة الدم وفوجئت باحد زملائي وهو يكاد ينهار لما راه ولكنه مكبل بعيون الناس , في اليوم التالي زارنا احمد ليخطبني وتزوجنا رغم المشاكل التي واجهتنا واريد ان اعلم ابنائي وبناتي ان الله خلق الناس كاسنان المشط في الحقوق والواجبات , ومازلت مستمرتا في العمل الصحفي الذي اريد ان اخدم فيه بلدي عموما والمرأة خصوصا لان المرأة العراقية لديها الطاقة على الابداع والقدرة اذا ماربيت على انها انسان وليس كائن ينظر له بدونية .
#الاء_الجبوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟