|
ماهيّة ما يسمى بالثقافة الأسلامية
جمان حلاّوي
الحوار المتمدن-العدد: 2763 - 2009 / 9 / 8 - 19:31
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
نحن نعرف أن لكل شعب أو تجمع بشري وبسبب من وعيه الجمعي تصورا"ورأيا" في الوجود وفي حركة الحياة ، وهو ما يسمى بثقافة ذلك الشعب أو التجمع الإنساني , كما قرأنا وما نقل لنا من ثقافات الشعوب الإغريقية التي ساهمت بشكل مباشر في رفع الوعي البشري للشعوب الأخرى إلى مصاف الرؤيوية الواضحة للوجود أمثال أرسطو وسقراط وأبيقور وغيرهم , أو ثقافات تحمل نفحا" من التحضر والديمومة لشعوب اندثرت لكن اعمالها لم تزل شاخصة تحمل رؤى للكون والوجود وإجابات لتساؤلات الإنسان القديم كالحضارة السومرية والفرعونية وحضارة المايا و الأنكا التي تتبعت حركة الشمس والنجوم ووضعت لها جداول وتقاويم غاية في الدقة ..الخ . إن الثقافة هي مفهوم مرتبط بنمط نظرة شعب معين تربطه الأرض والقاعدة الاقتصادية ووسائل إنتاج أسباب البقاء إضافة إلى المصير المشترك والدفاع المشترك بسبب الترابط الاقتصادي المشترك ، أي أن الثقافة هي البنية العلوية لتواجد شعب معين حضاريا" وبالتالي فأن هذا المصطلح يخص تحديدا" مفهوما" ماديا" ( هو الشعب ) ولا يمكن أن يكون واجهة لايديولوجيا معينة أي لا يمكن أن نقول عن الفلسفة البوذية بأنها ثقافة بوذية أو الديانة المسيحية بأنها ثقافة مسيحية ، وبنفس المفهوم لا يمكن أن نصف الديانة الإسلامية بالثقافة الإسلامية !! إن الأسباب واضحة بعدم شمول الأيديولوجيات بالمفهوم الثقافي ، فالثقافة هي محاكاة للواقع وأجوبة مادية للوجود وحسب مستوى الفهم العام لشعب ذلك العصر عكس الايدولوجيا التي هي اعتقاد بثوابت غير مادية لا تمس ولا تتغير وغير قابلة للنقاش ، أي حين يرد في ا لنص التوراتي أو الإنجيلي والقرآني اسم يهوه أو الرب أو الله فالكلمة تمثل ذاتها ومغلـّفة بذاتها ولا وجود لها في الواقع المادي . وبما أن العقل هو واقع مادي وجزء من الوجود وحركته فلا يمكنه بالتالي تفسير هذا المغلف وتحليله وحل لغزه ، كون هذا المغلف خارج الوجودي المادي الواقعي وان كل ما هو خارج الوجود لا وجود له سوى في عقل المبتدع كلازمة ترميزية للواقع في تصورات فانتازية تحل إشكالات فئة مستفيدة وليس نهجا إنسانيا لتفهم الوجود المحيط متمثلا بحضارة ذلك الشعب وبالتالي يمثل ثقافته ومنهجه في الحياة وحسب فهمه لها .
لذلك نرى أن هناك تنافرا" بين ثقافة شعب أو تجمع إنساني ما وبين الايديولوجيا الدينية المطعونة في صميم ذلك الشعب وبالتالي كانت هناك دائما صراعات أدت إلى ثورات وحروب طاحنة بسبب عدم تقبل ثقافة شعب ما لهذه الايديولوجيا الدينية أو تلك وهي بالتالي حروب ذات أسباب اقتصادية كون الدين هو ركيزة الفئة المستفيدة للسيطرة على اقتصاد الشعب وجهده بفتاوى وإصحاحات وآيات تركز على تلك الفئة المتمثلة بالسلطة العليا ، وما كان الظلم يوما على شعب ما إلا وكان الدين سندا لذلك الظلم ، وما كان استعبادا واستغلالا ما إلا وكان الدين نصيره بفتاوى تجيز ذلك الظلم وذلك الاستعباد والاستغلال ، والتاريخ الإنساني الحقيقي ( وليس تاريخ الملوك والسلاطين ) يحدثنا بثورات شعوب ناضلت وانسحقت بسبب فتاوى أجازت للسلطة المتجبـّرة باستغلال الناس وتسخيرهم وسرقة جهدهم كثورة سبارتاكوس ضد الاستعباد الثيوقراطي الروماني ، وثورة زنج جنوبي العراق وثورة الصفـّارين والقرامطة ضد الحكم الثيوقراطي الاقطاعي العباسي ، والثورة الصناعية الكبرى في أوروبا ضد الكنيسة ، و كومونة باريس، والثورة البلشفية ضد روسيا القيصرية ،وثورة ماو تسي تونغ ضد الاقطاع الصيني المغلف بترّهات الآيديولوجيا البوذية والكونفوشيوسية ، إنها ثورات شعوب حقيقية مضطهدة ضد سارقي جهدها باسم الدين وأيديولوجيته ، فكيف نسمي تلك الإيديولوجيات الدينية ثقافة شعب؟ كيف نسمي الإيديولوجية الإسلامية التي أجازت استعباد الشعوب المغلوبة كشعب الشمال الإفريقي الامازيغي ، والشعب الاسباني ، وشعوب شرق إفريقيا وزنجبار من الزنوج ، وشعوب وسط آسيا، وحولت إنتاجهم المحلي إلى موارد دار أموال المسلمين القابع في قصر الخليفة ليلعب فيها ويعيش حياة بذخ وترف كقصص ألف ليلة وليلة ، كيف نسميها ثقافة إسلامية ؟ !! ولنوضح أمرا" هنا بأنه لم يكن للإسلام ثقافة أصلا" ، من أين جاء الإسلام بالثقافة؟ هم بدو لا يجمعهم رباط ، كل يتفاخر بنفسه ويهاجم جاره ؛ قبائل تعلـّمت الغزو ، وطمّعها محمد ومن أتى من بعده بالغنيمة لتستبيح أراضي وحقوق الشعوب الغافلة التي لم تعهد الصحراء وما تحوي من همج برابرة فراشها التراب وطعامها يرابيع الصحراء ، وتهجم كالذئاب المتوحشة .. من أين جاءت هذه القبائل الهمجية بالثقافة ؟. فالثقافة هي منهج الشعب الموحد الذي ينتج أساليب بقاءه وحماية مصالحه كما أسلفت ، والإسلام كآيديولوجيا مطروحة لم توحد القبائل قبل غزو العراق والشام ، بل تعلمت من تلك الشعوب بعد غزوها واستباحة تراثها.. تعلـّمت التحضر والاندماج المدني !
الإسلام هو نهج للغزو والسلب والتهديد والوعيد ، وما نقرأه من إبداعات شخصية جاء بها الفيلسوف المسلم فلان أو علاّن فهم من زجـّوا عنوة في الإسلام بعد غزو أراضيهم واستباحة وجودهم ، وهم جميعا من بلاد فارس أو أواسط آسيا كأبن سينا وسيبويه والخوارزمي .. كانت إبداعاتهم تمثلهم كمبدعين وليس كونهم مسلمين ، لكن الثيوقراطية الحالية وبسبب من المحاولة اليائسة للتقارب مع الواقع المتحضر، والاستمرار الكسيح في مجاراة الحياة المتطورة جعلوا من الموالي المكروهين والذين اعتبروا وقتها مواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة في الدولة الإسلامية آنذاك ، أضحوا ألان هم خزانة علم الإسلام وان لولا الإسلام ما كانوا ليبدعوا هكذا !! ترهات وضحك على عقول المغفلين . إن التاريخ الذي درسناه في المدارس ومازال يدرّس لأبنائنا ، وما نشاهده في التلفزيون من خلال الأفلام كفلم الرسالة وغيره هو تاريخ مزيف وتافه سطـّره كتبة بلاط الملوك أملوه عليهم ليكتبوه وكما يريدون كمحمد بن جرير الطبري صاحب (تاريخ الأمم والملوك ) الذي يمجـّد الخلفاء ، والذي يصف ( علي بن محمد / صاحب الزنج والذي قاد اكبر ثورة تحررية في التاريخ القديم ضد العباسيين في العراق وهي ثورة الزنج ) يصفه بالخبيث! إذ انىّ لنا أن نصدق أن تجار ورأسماليي يثرب ( أو المدينة ما تسمى بالمنورة ) أن تسلـّم اقتصادها ومقاليد أمورها هكذا بلحظة وبكل الرضا والامتنان إلى شخص غريب هارب من مدينته ومطارد من عشيرته ، وهم التجار الذين يمتلكون ويمسكون باقتصاد الجزيرة العربية بالكامل ، وهم العرب المعتزون بانتمائهم القبلي ولهم تقاليدهم العشائرية أن يقبلوا بغريب ومن عشيرة غريبة عنهم ليترأسهم ، أي تاريخ سطحي سخيف هذا يريدونا أن نقبله !!
إن الدين أو أية آيديولوجيا أخرى لا يمكن وصفها بالثقافة بل هي دائما" هراوة بيد الفئة والطبقة المتسلـّطة ، وهي دائما" العصا المعيقة لعجلة التقدم. لذا من غير الممكن أن نقبل أو نسمح أن توصف الآيديولوجيا الإسلامية بالثقافة الإسلامية كما هو متداول في الكتب والصحف والإعلام ، يجب أن ننتبه إلى هذا الخطأ الفادح .
#جمان_حلاّوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أيقونات الانحطاط
-
ليس هناك مفهوم حياتي لديهم غير الكذب والدعارة
-
حوار الأديان أم تعريتها وتقويضها
-
أزمة المثقف العربي مع ما يسمى بالمقدس
-
المرأة في النص الإلهي
-
الدين الإلهي أم العلمانية هي النور المبين والحصن المتين ( رد
...
-
العمّ الأكبر والمجتمع اللامنطقي
-
الثقافة والصرح الثقافي ، وعاصمة الثقافة !
-
دروس في العلمانية 3 : (التحليل المادي للفكر الديني )
-
دروس في العلمانية 2 (الايدولوجيا الدينية والصراع الطبقي)
-
دروس في العلمانية
-
البصرة وغزّة
-
الدين الإلهي أم العلمانية هي النور المبين والحصن المتين
-
في ذكرى سقوط الهمجية وولادة الحوار المتمدن
-
تأبين روزخون
-
ماهيّة ( الثقافة الإسلامية )
-
فتوى اللحيدان
-
ثلاثي الانحطاط البشري
-
ممارسة الطقوس .. عبادة , أم مازوخية التراكم القمعي
-
مليكة مزان والربّ ( ظاهرة شعرية اسمها مليكة مزان )
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|