أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - جوان آشتي - كردستان والعراق : خياران ثالثهما كارثة















المزيد.....

كردستان والعراق : خياران ثالثهما كارثة


جوان آشتي

الحوار المتمدن-العدد: 840 - 2004 / 5 / 21 - 18:22
المحور: القضية الكردية
    


مع اقتراب موعد تسليم السيادة للعراقيين ( 30 حزيران ), وعلى الرغم من مرور شهرين على توقيع مجلس الحكم العراقي لـ ( قانون إدارة الدولة العراقية المؤقت ) ـ الدستور المؤقت ـ لم ينه هذا التوقيع الجدال حول مستقبل الدولة العراقية, بل وأدّى إلى تصعيد هذا الجدل واتّخاذه, أحياناً, منحى عدائياً حاقداً ضد حقوق الشعب الكردي المتضمنة في هذا الدستور بشكل خاص وحقوق الشعب الكردي بشكل عام. وكان تردد بعض أعضاء مجلس الحكم في التوقيع, ومن ثم تأجيله, والتّحفظ على بعض بنوده عند التوقيع, قد شكّل مدخلاً إلى نوع من التحريض والتأجيج ضد الكرد على خلفية اختلاق ما يمكن تسميته بعقدة ( الفقرة جـ ). والحقيقة إن فضيلة الفقرة ( جـ ) تكمن في كونها تضمن حق ( الأقلية ) حيال احتمالات طغيان الأكثرية, فحق النقض/ الردع يكفل أخذ الأغلبية موقف الأقلية بعين الاعتبار وسعيها إلى التوافق والتشارك, والديمقراطية بقدر ماهي حكم الأكثرية هي ضمان حق الأقلية, فكيف إذا كانت ( الأقلية ) كما هي الحال هنا هي عبارة عن شعب كامل.
والواقع يكتسي الدستورـ كأرقى قانون لتنظيم المجتمع ـ أهمية قصوى لكونه الركن الأساسي الذي تبنى عليه مسائل في تحديد شكل الدولة وطبيعتها, وتعيين مضمونها وعلاقتها بالمجتمع, وطبيعة العلاقة بين السلطات وحدود صلاحيتها, وعلاقة الدين بالدولة, وبالتالي موقع الشريعة والقانون الوضعي في المجتمع, وغيرها من المسائل الحيوية التي تهم الدولة والمجتمع.
ولذلك ينبغي للدستور أن يكون تعبيراً قانونياً عن المشتركات العامة التي يجري التوافق عليها من قبل جميع المواطنين, والمكونات المختلفة الداخلة في النسيج المجتمعي في حالة التنوع الإثني والديني والمذهبي ـ كحالة العراق ـ أي أن يكون معبراً عن " الكلية المجتمعية " بتعبير الفكر السياسي.
وفي حالة العراق الراهنة, والجدال الدائر حول الدستور المؤقت وعقدة ( الفقرة جـ ), تتركز مخاوف ( المناضلين ) و( المجاهدين ) ضد هذا الدستور المؤقت و( مكاسب) إقليم كردستان و( امتيازاته ) حول تهديد وحدة العراق وانفصال الأكراد ـ طبعاً لا يذكرون اسم كردستان, وكأن الأكراد, إذا ما انفصلوا, سيسبحون في الفضاء ـ . ولذلك لا بأس من أن نناقش مسألتي :
وحدة العراق, و( انفصال الأكراد ) أي استقلال إقليم كردستان.
بداية لابد من القول أن ( وحدة ) العراق على مدى العقود الثمانية الماضية لم تكن شرعية, وذلك لأنها لم تكن قائمة على العدل, كقيمة أساسية من القيم الأخلاقية, والذي كان يستدعي أن تكون هذه الوحدة قائمة على الاختيار الحر, لا الخيار القسري, فالطواعية هي الشرط الضروري لشرعية العقد الاجتماعي الذي يحكم العلاقة بين المجتمع والدولة, فكيف إذا كان هذا العقد بين شعبين في ( دولة ) تضم وطنين. فالواقع أن العراق الحالي يضم وطنين : العراق العربي المتعدد المذاهب والأديان, وإقليم كردستان المتعدد القوميات والأديان والمذاهب. وكانت قد جرت عملية إخراج الأكراد من الدولة عبر عدم أخذ إرادتهم بالاعتبار, وبذلك أُخرجت الدولة ذاتها عن مضمونها ومحتواها عبر انتفاء شرط التشارك, وكفّت ( الدولة ) أن تكون كذلك ( أي دولة ), وجُعلََت سلطة مُسْتَملكة من قبل طغمة مستبدة تهدف إلى ديمومة الاستحواز على القوة والثروة, الأمر الذي لا يتحقق من دون استعباد ( العباد ) من دون اعتبار لانتماءاتهم. ولا يغيّر من هذه الحقيقة بشيء, لا الاعتراف بالثنوية القومية للعراق في دستور 1959 ( المادة الثالثة ), أوالدستور الذي كان معتمداً إلى ما قبل سقوط صدام ( المادة السادسة ) لأن هذا الاعتراف بالوجود لم يكن مقترناً بالاعتراف بالحق في تقرير المصير, مثلما لا يغير من هذه الحقيقة بشيء موقف الحركة التحررية الكردية المتمسك بالوحدة والرافض للـ ( الانفصال ) أي الاستقلال لأن ذلك الموقف لم يكن مبنياً على اعتبارات ما يحق لكردستان, وإنّما على اعتبارات ما يمكن أن يتحقّق لها في ظروف جيوبوليتيكية غير مؤاتية لحل ناجز للقضية الكردية.
ولجعل وحدة العراق شرعية لابدّ من تحقيق شرط الاختيار الطوعي للاتحاد بين الإقليمين العربي والكردستاني ( الفيدرالية ) والذي لا يمكن أن يكون ذو مغزى ومحتوى ومصداقية من دون أن يكون خيار حق تقرير المصير بأرفع معانيه ( الاستقلال ) متاحاً بنفس فرص الاختيار الطوعي. وهنا لابدّ من التأكيد على مسألة أن يتمتع شعب كلّ من الإقليمين بحقه في تقرير مصيره, دون أن يتمتع بحق فرض إرادته على الآخر. فمن حق الشعب العربي أن يقرر مصيره ( عبر الاستفتاء مثلاً ) فيما إذا كان يريد البقاء في إطار فيدرالي مع كردستان أو أن يستقل بكيانه, وإنّما ليس من حقه أن يُستفتى على مصير إقليم كردستان الذي ينبغي أن يترك لشعب الإقليم, وإلاّ تحول الأمر إلى إملاء إرادة شعب على آخر, وهذا لا يختلف عن الاحتلال بشيء.
إذاً يمكن الحديث عن خيارين متاحين أمام شعبي كردستان والعراق:
أوّلهما : فيدرالية عراقية ـ كردستانية قوامها دولة اتحادية ديمقراطية علمانية قائمة على التشارك الحر والطوعي, تضمن حقوق الشعبين على قدم المساواة وتمنحهما حيزاً واسعاً من الاستقلال الإقليمي على شتّى الصُّعد, وتكفل الحقوق المشروعة لبقية المكونات القومية والدينية والمذهبية للإقليمين, وخاصة في إقليم كردستان حيث هناك تنوع إثني, إذ أن معيار موقف الكورد من الديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان لا يتحدّد بالعلاقة مع العرب كقومية أكبر حجماً, بقدر ما يتحدّد بالموقف من حقوق الأقليات القومية في كردستان, هذه الحقوق التي ينبغي على الكرد أن يكونوا أفضل وأكثر من يتبنّاها ويضمنها. ولذلك ينبغي للصيغة الفيدرالية أن تكون وطنية بمعناها الجغرافي, بعد إزالة افتراء التاريخ على الجغرافيا. وأمام صعوبة المرحلة التي يمر بها العراق والتربص المتعدد الجهات به, يمكن لهذا الخيار أن يكون اختياراً وطنياً مشتركاً يحمي الشعوب العراقية, متّحدة, من المخاطر الهائلة تتهدّدها.
ثانيهما : أمّا إذا تعذّر التوافق على قيام هذه الفيدرالية القائمة على الاختيار الحر, يكون البديل هو ممارسة شعب كردستان لحقه في تقرير مصيره عبر استفتاء حر يشترك فيه كل مكونات شعب كردستان واحترام نتائج الاستفتاء كوسيلة ديمقراطية وحضارية ـ تجدر الإشارة إلى حركة الاستفتاء في كردستان كتعبير عن الوعي السياسي الديمقراطي الحضاري لشعب كردستان وتمسكه بحقوقه بالسبل الديمقراطية السلمية ـ وفي حال اختار شعب كردستان, بإرادته الحرة, استقلاله عن العراق, ينبغي احترام هذه الإرادة, وإجراء عملية ( الانفصال ) بين الإقليمين بشكل سلمي ( على طريقة تشيكوسلوفاكيا السابقة ), والاحتفاظ بأقوى الصلات والعلاقات ومعاهدات التحالف والتعاون والمصالح المشتركة التي ينبغي تجسيدها كتعبير عن عمق الترابط والتواشج بين الشعبين.
في حين أنّ الفشل في اختيار أحد الخيارين السابقين, ومحاولة الطرف الأكبر الإبقاء على صيغة الاستتباع والهيمنة, وتجاهل إرادة الطرف الأصغر ( بمعايير المساحة والسكان ), تحت أية ذرائع سيولّد ردود فعل من جهته ضد محاولات الاستتباع والهيمنة, الأمر الذي سيفتح الطريق أمام دخول العراق إلى دوامة من العنف مجدّداً, والقضاء على الجهود الطيبة التي بُذلت منذ سقوط النظام الصدامي, في سبيل التوافق الذي تُوّج بالدستور المؤقت, وفتح العراق أمام مساعي الاستباحة التي تسعى إليها أطراف عديدة ـ خاصة الدول المحيطة بالعراق, وبشكل أخصّ الدول التي تقتسم كردستان ـ تهدف إلى جعل العراق ساحة لتفريغ مشاكلها, وتطبيق أجنداتها. وأمام واقع العراق الحالي من الافتقار إلى المؤسسات وضعف ( السلطة المركزية ), وغياب الجيش, والحدود المفتوحة, فإنّ أيّ احتمال لصراع داخلي عنفي في العراق يعرّضه لعاصفة تذري رياحها كلّ العراقيين, وتأخذ طموحاتهم في الحرية والديمقراطية والسلام والتنمية في مهبّها. وهذه هي الكارثة بعينها.

جوان آشتي ـ كاتب كردي



#جوان_آشتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المجموع - حينما يكون دالاً على التشرذم
- سوريا في علاقتها مع أكراد( ها ) : عكس الاتجاه
- أحدات المناطق الكردية في سوريا: أبعد من شهوة القتل
- القضية الكردية في سوريا والتغيُّر في العامل الكردستاني
- القضية الكردية في العراق و العتب العربي
- العراق, إذ تُهدَر هويته وتُفرَض الوصاية على دوره


المزيد.....




- آليات الاحتلال تطلق النار العشوائي على خيام النازحين في مواص ...
- الأونروا: نصف مليون شخص في غزة معرضون لخطر الفيضانات
- -هيومن رايتس ووتش-: استهداف إسرائيل الصحفيين في حاصبيا جريمة ...
- عدنان أبو حسنة: منظمات الأمم المتحدة ليست بديلا عن الأونروا ...
- تشديد أمني وحملة اعتقالات تستهدف مسيرة لأنصار عمران خان في ب ...
- منخفض جوي على غزة.. أمطار غزيرة وأمواج البحر تغرق خيام الناز ...
- قائد الثورة : اصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو غير كاف بل يجب ...
- قائد الثورة: لا يكفي صدور احكام اعتقال قيادات الكيان الصهيون ...
- حملة اعتقالات بالضفة تطال 22 فلسطينيا بينهم صحفي وجريح
- هيومن رايتس:-إسرائيل- استهدفت صحافيين بلبنان بأسلحة أميركية ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - جوان آشتي - كردستان والعراق : خياران ثالثهما كارثة