|
اين الحكمة في وضع الأكراد في دائرة الأعداء وهم اصدقاء لشعبنا ؟
حبيب تومي
الحوار المتمدن-العدد: 2761 - 2009 / 9 / 6 - 14:25
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
إن ما ينشر على بعض المواقع ، وبعض ما يصلني عبر التعليقات او الرسائل الألكترونية ، فيها العتبالكبير، بل فيها كيل التهم ، لما اقترفه من اثم او عمالة ، حينما امد يد الصداقة والأخوة مع الشعب الكوردي ، وسرعان ما يسرد لي احدهم شئ من التاريخ او عما سمعه ، ليذكّرني بالماضي الأليم ووطأة احداثه في مجمل العلاقة بين قسم من شعبنا وبين الأكراد فيما مضى . إذا اردنا بشئ من التفصيل بالتمييز بين مكونات شعبنا بشأن علاقاتهم مع الأكراد ، فسنلاحظ عدم وجود تبعات تاريخية او محطات تعمل على تعكير تلك العلاقة بين شعبنا الكلداني والأكراد ، فسهل نينوى بمجمل قراه وبلداته الكلدانيــــــة كانت تربطهم علاقات تجارية واجتماعية مع الأكراد ، ولعل القوش هي خير مثال لهذه العلاقة ، وإن كانت تحدث مسائل او مشاكل فردية فلم يكن لها تأثير على مجرى العلاقات العامة الطيبة التي كانت تتسم بحسن الجوار وتبادل المصالح ، ولقد تعززت تلك العلاقات بعد الثورة الكوردية التي انطلقت في ايلول عام 1961 تحت قيادة القائــد الكوردي المعاصر ملا مصطفى البارزاني . في الوقت الحاضر يشعر الكلدانيون بنوع من الأسف لعدم إنصاف شعبنا الكلداني بما يستحقه في وضع اسم قوميته الكلدانية في دستور كردستان ، وإن الشعب الكلداني سيعمل بالطرق الأصولية والقانونية لاسترجاع هذا الحق وكما هو مذكور في دستور الدولة العراقية الأتحادية . شريحة اخرى من شعبنا وهم الآشوريون ( او بالأحرى قسم من هذه الشريحة ) لهم رأي آخر ، فهم يعودون الى التاريخ لاذكاء عقدة تاريخية ، جرت احداثها في حقبة من الزمن الماضي ، وللوقوف على مجرياتها بشكل صحيح بعيداً عن العاطفة لا بد من العودة الى جذورها الجيوسياسية التي كانت سائدة عبر حوالي قرنين من الزمن . بالعودة الى اصل هذه القبائل هنالك نظريات كثيرة تبحث عن اصل المسيحيين النساطرة في جبال حكاري وتسميتهم في مطاوي الحرب العالمية الأولى بالآثوريين من من قبل رئيس بعثة اساقفة كنتربري عام 1886م . الدراسة التي اطلقها الباحث الدكتور غرانت في اصل النساطرة حيث عاش بينهم حوالي ست سنوات وكان على اتصال بمار شمعون الذي كان مقره في قوجانوس التابعة لقضاء جولامرك ، وقد اعتبر هذا الباحث ان اصل هذا القوم هم من اليهود من الأسباط العشرة التي اعتبرت في حكم الأسباط المفقودة والتي اسرها الأشوريون ، اي ان وجود هذا القوم في تلك الأراضي يعود الى عصور ما قبل الميلاد ، والأثوريون لا يقبلون بتفسير الدكتور كرانت ، وهنالك من يقول انهم من المسيحيين الكلدان الذين هاجروا الى تلك الأصقاع كنتيجة للغزو المغولي في اواخر القرن الرابع عشر . المهم في مقالنا هذا انهم كانوا متوطنين في تلك المناطق منذ ازمان قديمة . وما نريد استخلاصه ان هذا القوم ظلوا يعيشون مع جيرانهم من الأكراد عبر قرون طويلة من الزمن ، ولم يكن ثمة مشاكل جدية تذكر طيلة تلك القرون . برأيي المتواضع ان تلك المشاكل بدأت مع تناكف البعثات التبشيرية والعمل على استمالتهم لهذه الكنيسة او تلك هذا اولاً ، وثانياً كان استغلالهم بدواعي دينية من اجل اهداف سياسية وعسكرية من قبل القوى الكبرى الفاعلة على ساحة الدولة العثمانية والتي وصفت بالرجل المريض . كان هذا القوم قبل البعثات التبشيرية راضياً بواقعه منظماً لعلاقاته مع جيرانه الأكراد ومع الدولة العثمانية وفق قوانين الدولة السائدة مع الأقليات ، لكن البعثات التبشيرية نظرت الى القوم بمنظار آخر حيث يقول ويكرام في مهد البشرية : وقد وجدت البعثة ان الشعب جاهل جهلاً مطبقاً وحتى الأساقفة لا يحسنون القراءة والكتابة ، فهم أعرف بأقسام البندقية من معرفتهم بفلسفة الدين ... هكذا اصبح هذا القوم في مطاوي الحرب العالمية الأولى من ضحايا الحرب ومن الأوراق التي كان كل جانب يحاول استخدامها ويلعب بها وفق مصالحه ، المهم كباقي الحروب يكون لها نتائج محفوفة بالمآسي الأنسانية ، وكان نصيب هذا القوم تهجيرهم من اراضيهم ، وبعد نهاية الحرب فشلت الجهود الرامية الى إعادتهم الى مناطقهم التاريخية ، وقسماً منهم يلقون باللائمة على الأكراد فيما حصل لهم . أقول : إن الحروب هي محطات المآسي في تاريخ البشرية وينبغي علينا ان لا نعيش في الماضي ونترك الحاضر والمستقبل ، فالأنسان ليس ابن ماضيه ، اما حاضره فهو لحظة طارئة ، ولهذا ينبغي النظر الى المستقبل والى الأمام ، من هذا المنطلق نرى الدول الأوروبية التي خاضت اشرس الحروب فيما بينها نشاهدها اليوم قد شكلت الأتحاد الأوروبي المبني على التفاهم من اوسع ابوابه . وفي هذا السياق ايضاً طالعتنا وكالات الأنباء في الأيام القليلة الماضية بقرار تركيا وأرمينيا بوضع حد لخلافاتهما المستمرة منذ قرن من الزمن واتفقتا ، وسط ترحيب دولي ، على تبادل العلاقات الدبوماسية وفتح الحدود بينهما ، وأعلن ذلك عبر بيان مشترك من قبل وزراة الخارجية لكل من تركيا وأرمينيا لوضع حد لحقبة تاريخية مليئة بالمآسي كما هو معروف عن إبادة الأرمن في عهد الدولة العثمانية . بقي ان نقول : ان اقليم كورستان يعتبر اليوم من مناطق التعايش المشترك المثالي للمكونات العراقية ، وينعم هذا الأقليم بمظاهر ونعم الأمن والأستقرار ، كما ان الوجه العلماني للحكم في الأقليم ، وما افرزته النتائج الأنتخابية الأخيرة لبرلمان اقليم كوردستان حيث ساد الطابع التنافس السياسي البحت بعيداً عن الأصطفافات الدينية والعرقية والطائفية . ونأتي الى المهم حيث كان التعامل مع المسيحيين بشكل عام إن كانوا من الآشوريين او الكلدان او السريان او الأرمن بمنطلق انساني وبمعايير ديمقراطية لا لبس فيها ، وحتى التعامل المجتمعي في اقليم كوردستان يبدو اكثر تسامحاً وانفتاحاً على الآخر إن كان من دين آخر أو من قومية أخرى . هذا هو الواقع ، وفي الحقيقة ان التعامل مع شعبنا إن كان من قبل الحكومة او من قبل الشعب كان يسير في هذا السياق لا سيما وقد تعرض شعبنا في مدن العراق للعمليات الأرهابية والى الخطف والتهجير ، وقدم الى اقليم كوردستان ليعيش كمواطن من الدرجة الأولى ، ولا اقول اكثر من ذلك . إن الشعب الكوردي شعب صديق ونحن من مصلحة شعبنا توطيد اواصر الصداقة هذه فأتساءل لمصلحة من تثار حملات التشكيك بهذا الشعب وهذه الحكومة ؟ إن شعبنا يحتاج الى تجسير اواصر الصداقة والمحبة مع كل مكونات الشعب العراقي وفي مقدمتهم يأتي الشعب الكوردي ، وليس من الحكمة ان نعيش في العقلية الماضوية الى ما لا نهاية وننسى المستقبل . إن الحكمة والعقلانية كما قلت تقتضي تمتين الروابط الأجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية وتمتين اواصر العلاقات الأخوية مع كل مكونات الشعب العراقي وفي مقدمتهم الشعب الكوردي الصديق الحميم لشعبنا من الكلدان والسريان والأشوريين والأرمن . حبيب تومي / اوسلو في 5 / 9 /2009
#حبيب_تومي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحن الكلدانيون علينا مراجعة النفس قبل رشق الآخرين بحجارة
-
الاربعاء الدامي رسالة سياسية للحكومة العراقية عبر المفخخات
-
اخي العزيز .. لماذا تتهجم على حبيب تومي وانت لا تقرأ ما يكتب
...
-
بسم الأب والأبن والروح القدس .. هل الواو هنا مفرقة ام جامعة
...
-
حرب التسميات بين ابناء شعبنا من اختراع الأحزاب الآشورية حصري
...
-
الاحزاب الآشورية في حلف غير مقدس لمنع أي حزب كلداني من الفوز
-
لا لحماقة المواجهة بين الجيش العراقي والبيشمركَة
-
فضائية عشتار قناة بروباكندا لقائمة حزب واحد يفقدها المصداقية
-
نحن شعب واحد وقومية واحدة وهي القومية الكلدانية
-
الشعب الكلداني في العراق تفجّر كنائسه والحكومة نائمة
-
الى دعاة الوحدة القومية هلموا نستجيب للدعوة الكريمة للاب الب
...
-
الأستاذ آغا جان وسياسة الجزرة والعصا مع الشعب الكلداني
-
الأحزاب الآشورية تهيمن على حصة المسيحيين من الثروة والوظائف
-
حملكتم الظالمة على الكلدانيين لا توحد الصفوف
-
اين يقف المنبر الديمقراطي الكلداني من المعادلة السياسية لشعب
...
-
خطاب مفتوح الى رئيس وزراء اقليم كردستان الأستاذ نيجرفان البا
...
-
رسالة مفتوحة الى البرلمان الكوردستاني
-
سيبقى عمو بابا حمامة للسلام في سماء الوطن العراقي
-
الزوعا والأنتخابات المقبلة وإرهاب الكتاب من ابناء شعبنا
-
يتعين على السيد يونادم كنا ان يعتذر للشعب الكلداني
المزيد.....
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
-
محكمة مصرية تؤيد سجن المعارض السياسي أحمد طنطاوي لعام وحظر ت
...
-
اشتباكات مسلحة بنابلس وإصابة فلسطيني برصاص الاحتلال قرب رام
...
-
المقابر الجماعية في سوريا.. تأكيد أميركي على ضمان المساءلة
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|