أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حمزة الجواهري - ورقة إيران ما قبل الأخيرة في العراق















المزيد.....

ورقة إيران ما قبل الأخيرة في العراق


حمزة الجواهري

الحوار المتمدن-العدد: 840 - 2004 / 5 / 21 - 18:09
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


العودة لسياسة إجتثاث البعث وتصفية العناصر المسلحة هو الحل الأكثر منطقية من غيره والأقل خسارة.

استقراء الواقع:

يمكن قراءة أبرز ملامح الفترة الحالية من خلال الواقع الميداني للعمليات وكذا الواقع السياسي لما فيه من حركة دءوب من قبل الأمم المتحدة وممثلها الإبراهيمي، والأحزاب والحركات السياسية المؤتلفة بداخل مجلس الحكم إلى جانب تحركات سريعة جدا للقوى من خارج المجلس. من خلال كل هذه التحركات نستطيع أن نرصد لغة خطاب تقريبا موحدة بين أعضاء المجلس وإن اختلفت حدة التباين بين الأطراف، فهي تدعوا إلى حل مسألة الصدر حلا سلميا وتجنب العنف من خلال وساطات، أو مساعي سلمية. وهكذا بدأت سياسة الوساطات السياسية، فما أن تفشل الواحدة منها حتى تبدأ وساطة أخرى لتفضي هي الأخرى لطريق مسدود كنتيجة لتعنت الصدر من ناحية وإصرار الأمريكان على اعتقاله وجلبه حيا أو ميتا مع استمرار تطويق المدينتين المقدستين النجف وكربلاء. من جانب آخر نجد إن الحل السحري في الفلوجة الذي لا أحد يفهم كيف تم؟ ولماذا تم بهذه الطريقة؟! التي تبدو مذلة للأمريكان، ولم يبدوا أية نوع من أنواع التعنت في حل المسالة مقابل وساطة بسيطة أعقبها دخول قطعان ولو رمزية من الحرس الجمهوري بملابسه الزيتوني وعلمه الذي يحمل الله أكبر بخط صدام إلى المدينة!!!! بذات الوقت يدخل الإبراهيمي مسلحا بمشروع لم يعرف عنه أحد شيء سوى ردود الفعل الغاضبة من أعضاء مجلس الحكم والكثير من المطلعين على المشروع، ولم تلبث ردود الفعل أن تظهر للعلن حتى تهدأ النفوس دون أن يعرف أحد السبب الحقيقي للغضب أو الهدوء المفاجئ. رافق هذه التغيرات الدراماتيكية في المشهد العراقي مسألة إعادة تأهيل بعض البعثيين ممن شملهم قرار إجتثاث البعث، ذلك المشروع الذي مازال كثير من الأطراف في مجلس الحكم ترفضه رفضا قاطعا، وأعيد لهم الاعتبار بمنتهى السهولة، وكأن البعث كان غاية بالإنسانية وليس ذلك الحزب الشمولي البهيمي الهمجي الذي أغرق العراق بالدماء والدمار ومازال يفعل فلوله نفس الشيء حتى هذه الأيام!!!!!!

التحول في الموقف الأمريكي:

ربما يكون السبب الأقرب للواقع هو إن الأمريكان وجدوا إن الصدر يشكل تهديدا حقيقيا لهم ربما أكثر من التهديد الذي يمثله البعث، وذلك بعد أن استطاع الصدر من السيطرة على مختلف مدن الجنوب خلال يوم واحد ولم تصمد أمامه الشرطة العراقية ولا الدفاع المدني ولا قوات التحالف المتواجدة بتلك المحافظات، هكذا بدا الصدر بآخر صورة له جعلت من الأمريكان يعيدون النظر بموقفهم منه، خصوصا بعد أن تم لهم تقليم أظافر البعث، وبذات الوقت فإن المشروع العربي قادم على يدي الإبراهيمي من جديد، هذا إلى جانب حقيقة يدركها الجميع المتمثلة ببرغماتية الأمريكان، خصوصا وإن العناصر الجديدة التي أعيد لها الاعتبار على أتم الاستعداد لتحقيق المصالح الأمريكية وتنفذ كل المشاريع الذي جاءوا من اجلها. هذه السباب الأربعة ربما تكون هي السبب وراء التحول الأمريكي المفاجئ إزاء البعث والجيش القديم، خصوصا وإن وراء الصدر مشروع إيراني كبير لا يمكن تجاهله بأي حال من الأحوال.

الصدر يتعملق بسرعة مذهلة:

لم يعر الأمريكان لمقتدى الصدر أهمية كبيرة منذ اليوم الأول الذي برز مع جماعته المشاكسة واستمر بالعمل وتنقل من مرحلة إلى أخرى بتصاعد غاية بالسرعة، من مجموعة صغيرة مسلحة في النجف لا تزيد على 300 إلى 400 مسلحة ببنادق رشاشة بسيطة، إلى تأسيس حكومة ظل حسب مقاييس ومواصفات ولاية الفقيه الأكثر تشددا على غرار حكومة الطالبان في أفغانستان ومن ثم الانتقال إلى تأسيس جيش المهدي الذي يعد اليوم أكثر من ستة آلاف مقاتل مع تطور كبير بأنواع الأسلحة المستخدمة من قبل هذا الجيش، فهم يملكون الأر بي جي والهاون وأنواع من الصواريخ المحمولة ومئات السيارات والمقرات والعملاء ذات الطابع المخابراتي ومحاكم وقضاة لم تعرف لهم علاقة بالقضاء يوما ما قبل إنشاء محاكم الصدر. كل هذا والأمريكان غاضين الطرف عنه وكأنه غير موجود، إلا من بعض المواجهات وفي مناسبات قليلة جدا خلال عام، في حين هو كان يستفز الجميع بتصرفاته الأشبه بالطالبانية من ارتداء الحجاب الأسود من قمة الرأسي إلى أخمص القدم، والقتل لمن يعارضه وتشكيل المحاكم التابعة له في مختلف المدن وتأسيس السجون وما إلى ذلك من الأفعال المستفزة لأية سلطة كانت في البلد، فقد طرح نفسه، غير مبال بأحد، من انه السلطة الشرعية وغيره ليس لهم حق بأي شيء. كل هذا ومذكرة اعتقاله كانت قد صدرت منذ العام الماضي خلال شهر آب، بقيت في أدراج القاضي الذي أصدرها ولم يحملها احد ليعتقل الصدر، ولكن ترك يفعل ما يشاء كأنه شيئا لم يحدث!!!!!

الصدر يتصدر الأحداث:

فجأة بعد إعادة الاعتبار للكثير من أعضاء البعث المفصولين حسب قانون إجتثاث البعث وتوقف العمليات في الفلوجة ودخول أبطال المقابر الجماعية منتصرين للمدينة التي كانت عمليا قد سقطت بالكامل على يدي جنود المارينز، توقف كل شيء وتحول اهتمام الأمريكان فجأة نحو النجف!!!! كان أمرا غاية بالغرابة!!!

تمترس الصدر واتباعية في النجف وكربلاء بين الناس وبداخل المراقد المقدسة، وهذا ما سيشل حركة الجنود الأمريكان مدعيا الدفاع عن هذه المراقد. ولا ندري ما إذا كان أتباعه فعلا مصدقين لهذا النوع من الادعاء أم لا؟ بالرغم من الدعوات المتكررة للصدر بالخروج، سواء كانت شديدة اللهجة أو متراخية من المراجع الدينية. والدعوات كانت أحيانا على شكل تظاهرة شعبية داعية الصدر بالخروج من هذه الأمكنة ومن داخل المدن لكي لا يعرض الناس والممتلكات والأماكن المقدسة للضرر، لكنه مصرا على تجاهل كل شيء، وبذات الوقت نجد أن بعض الأحزاب مصرة هي الأخرى على أن يكون الحل سلميا. من ناحية أخرى نجد الحاكم الأمريكي يدخل مع مجلس الحكم بجلسة عاصفة محذرا كل الأطراف المعارضة لاعتقال الصدر من أنه سيكون بمثابة قنبلة موقوتة ستنفجر يوم تسليم السلطة في نهاية حزيران، ولكن يبقى المعارضون على إصرارهم، ويبقى الموقف متأزم وحسب، وعلى مستوى العمليات يكاد أن يكون الأمر مشابها لما يجري خلف كواليس السياسة، ألأمور متأزمة ولكن شبه راكدة إلا من بعض المناوشات في هذه المدن.

إن تحذير بريمر ربما يحمل حلا لتلك الألغاز المحيرة المتمثلة بالمواقف الغريبة لكل الأطراف سواء كانت أمريكية أو عراقية، فعملية مراجعة الأحداث ربما أيضا تحمل بعض إجابات ولكن تبقى غير مؤكدة.

شمشون تحت أنقاض المعبد:

الموقف الإيراني ربما يعتبر من المواقف الأكثر تأثيرا في العراق، فمنذ اليوم الأول لظهور الصدر ظهورا قويا وهو يؤسس لدولته الطالبانية أو ما يشبه ذلك، قلنا وقتها، وفي عدة مقالات، إن إيران هي من يدفع الصدر ولكن لم يقبل منا أحد ذلك الأمر، وقد وصلني العشرات من الرسائل متسائلة أو حتى غاضبة من هذا التجني على دولة ربما ستكون هدفا لأمريكا، وإن ما كنت أتوقعه نوعا من التحريض ضد هذه الدولة الإسلامية. ولكن ها هي الأحداث تثبت بشكل قاطع ولا يقبل الشك من أن الذي يقف خلف الصدر هو إيران بكل قوتها وأموالها ودعمها السياسي واللوجستي نظرا لطول الحدود بين العراق وإيران التي تصل إلى أكثر من ألف ومائتي كيلو متر، معظمها غير مأهولة وغير مستوية وتسمح بشكل جيد جدا إيصال كل ما يراد له أن يصل إلى الصدر وجماعته. أما الدعم السياسي والإعلامي من إيران لهذه المجموعة أصبح اليوم قويا بحجة حماية العتبات المقدسة في النجف وكربلاء، في حين هم من يدفع الصدر وجماعته للاحتماء بهذه العتبات والمدن المقدسة غير آبهين بأمن سكان هذه المدن الذين صاروا رهائن لدى الصدر وجماعته، تلك المليشيات التي تقتل كل من يقف بوجهها أو يعترض عليها، وصار الناس يخشون بطشهم. إيران تراهن على هذه الآلة الصدرية في العراق لإغراقه بالدم ومن ثم التقسيم من أجل إفشال المشروع الأمريكي ولو على حساب الشعب العراقي، فتقسيم العراق سيكون أمرا محتوما يوم تسليم السلطة، حيث الجنوب كله سيجبر أن يكون صدريا، أو بالأحرى إيرانيا، دون أن يكون هناك من يستطيع أن يردع هذه الجماعة التي لا تفكر بشيء سوى تنفيذ أوامر الزعيم الشاب الذي يدفع بسخاء لكل من يحمل السلاح معه، ذلك بظل جوع معتق قد انتهى من تقطيع الأمعاء ولم يبق من أتباعه سوى أشباه رجال مع رهط من بقايا فدائيي صدام ورجال مخابرات في النظام المقبور.

الخط الثاني لإيران:

يجب أن لا ننسى إن هناك خطا ثانيا وراء الصدر أكثر قوة وثباتا من الخط الأول قد أوكلت له مهمة أن يكون المرجعية الدينية البديلة يوم يتم لهم السيطرة على مدن الجنوب وتختلط الأوراق، وقتها لم يعد أحدا يعرف من هو المدرسي؟ أو من هو السيستاني؟ هذا إذا بقي هناك سيستاني في ذلك الوقت. هذه المجموعة، أو الخط الثاني أكثر قوة وتنظيما ويمتلك الشرعية الدينية التي تؤهله أن يكون مرجعية دينية قوية مدعومة بمليارات إيران من أموال الخمس والزكاة مع قدر كبير من أمول الدولة الإيرانية ذاتها، بذات الوقت لديه جمع كبير من رجال الدين الذين ينتمون لمنظمة العمل الإسلامي ذات التوجه الإيراني، أي إنهم يعتنقون فكر ولاية الفقيه، وهم يعملون بمنتهى الهدوء في كامل مدن الجنوب الصغيرة منها والكبيرة منذ اليوم الأول لسقوط التمثال، وربما سيكون هذا الخط هو الورقة الأخيرة لإيران في العراق.

المأزق والمواقف الجديدة:

هذا هو التحدي الحقيقي الذي وجد الأمريكان أنفسهم أمامه فجأة بعد قبولهم أمر نقل السلطة للعراقيين قبل أن ينتهوا من تصفية هذه القوى الفاعلة والتي تسعى لمصادرة كل شيء بضربة واحدة خلال أيام قليلة جدا.

وهو بذات الوقت، قد يكون السبب وراء ذلك التحول الأمريكي الغير مدروس المتمثل بإعادة الاعتبار إلى الكثير من فلول البعث من مدنيين وعسكريين. فربما كان الأمريكان يفكرون إن التهديد الجديد بإعادة الاعتبار إلى بعض فلول النظام يمكن أن يكون كافيا ليتخذ الشيعة موقفا بالضد من مقتدى الصدر خشية أن يكون التحول الأمريكي ضدهم تحولا كبيرا، ذلك كون الجميع ضمن هذه المنطقة من المؤيدين للأمريكان أو يتخذون موقف الحياد.

ولكن من يعرف أسلوب التفكير لرجال الدين الشيعة، فإن موقفهم أمام هذا التحول الأمريكي سوف لن يكون موقفا مهادنا وسريع الاستجابة بنعم كما حصل مع مقاتلي الفلوجة وفلول البعث، ولن نتوقع منهم أن يقفوا وهم يرتجفون خوفا في حين هم يحملون الكثير من الأوراق لإتمام اللعبة. فإعادة الاعتبار لمقتدى الصدر في هذه الحالة سيكون الورقة الأقوى بأيديهم، ما لم يعيدهم هذا التحول إلى المربع الأول حين كان معظمهم يحمل مشروع ولاية الفقيه تحت عمامته وهو يفاوض على حكومة ديمقراطية كأمر يعتبروه أهون الشرور المحيطة بهم، بظل هذا التهديد الجديد المتمثل بعودة أبطال المقابر الجماعية للمشهد العراقي بهذه الطريقة السريعة والغير مفهومة، فالعودة أفضل بكثير من أي خيار آخر بالنسبة لهم، وهذا ما حصل، على ما أعتقد غير جازم.

هذا يفسر أيضا الموقف الرافض لرجال الدين لإنهاء الأمر بحل جيش المهدي واعتقال زعيمهم مقتدى الصدر بالطرق العسكرية، حيث إنهم سيخسرون بهذا الحل خط الرجعة إلى مواقفهم القديمة والاحتماء تحت العباءة الإيرانية كما كانوا بالأمس، وبذات الوقت، نستطيع أن نفهم حقيقة الموقف المتراخي لرجال الدين غير المسيسين إزاء مقتدى الصدر، ويفسر أيضا عدم حماسة الفضائيات العربية لما يجري في النجف وكربلاء، فالوقوف مع مقتدى الصدر كما وقفوا مع البعثيين الذين اعتصموا بالفلوجة، يعني الوقوف ضد مصالح حكوماتهم التي تهتم بشيء آخر غير الذي يلعبه الصدر ومن وراءه الإيرانيين، حيث أن العرب وإيران على طرفي نقيض من مسألة العراق وانتقال السلطة إلى العراقيين، لذا نلاحظ هذا التراخي في المواقف العربية الرسمية غير المؤيدة بشكل حماسي للصدر، بالرغم من أنهم يعتبرون إن المقاومة بكل أنواعها ضد الأمريكان مشروعة، فالرئيس المصري قد تنبه فجأة إلى حقيقة إن خروج الأمريكان من العراق سيجعل من العراق مقسما لا محال، والجامعة العربية لم تعلق ولو بتعليق واحد لصالح الصدر.

هذا ما يتعلق بالقوى الدينية من الشيعة، ولكن هل هو ذات الموقف بالنسبة للقوى العلمانية؟ يبدوا الأمر مختلف عليه، فاليسار لا يجد بولاية الفقيه ولا الصدر ما يمثله بأي حال من الأحوال، فاليسار أصلا لا علاقة له بالطائفية ويمقتها مقتا شديدا كما يكره أيضا أن يعود البعث بجلباب جديد إلى العراق، أما موقف القوى القومية فهو مطابق للمواقف العربية جملة وتفصيلا، وهو أيضا في حيرة من أمره كما اليسار، بما يتعلق الأمر بالخيارات المرة، فهؤلاء لهم مشاريع مختلفة تماما، إما إنجاح المشروع العظيم بإقامة نظام ديمقراطي أو الدخول في دورة جديدة من النضال قد تدوم أكثر من نصف قرن آخر. أما باقي العلمانيين فهم منقسمين، منهم، الجلبي مثلا، يميل كثيرا لمواقف الشيعة المتدينين ويكاد يتطابق مع موقف حزب الدعوة الرافض لنظام ولاية الفقيه والرافض أيضا بشدة لعودة البعث وإرضاء الرغبات العربية المريضة في شكل العراق القادم، وهو موقف غير منسجم مع مشروعه بأي حال من الأحوال.

يجب أن لا ننسى إن إصرار الأطراف المتصارعة على مواقفها سيغذي الخطر الأكبر الذي بقي العراقي يفخر إنه لم ينجر له لحد الآن وهو الحرب الطائفية، فالتمادي بالمواقف الحالية يعني إن العراق سينجر بالضرورة إلى حرب طائفية وهذا ما يريده العرب وإيران على حد سواء، وما يخشاه العراقيين جميعا.

الصدر وحده مستفيدا:

المستفيد الوحيد من هذا الوضع هو الصدر الذي بقي معزولا شيعيا وعراقيا منذ اليوم الأول لسقوط التمثال وحتى تحولات الفلوجة المذهلة، فهو اليوم يجد نفسه أمام وضع جديد فيه من يميل إليه، ولكن بذات الوقت أمامه الخطر الأكبر هو أمريكا، والتي لن تسمح بأي حال من الأحوال قيام دولة ولاية الفقيه في العراق، ولن تسمح بانهيار مشروعها وتنهزم أمام هذه المؤامرة العربية الإيرانية المشتركة والتي ستؤدي إلى تقسيم العراق في نهاية المطاف، ولا يوجد في الوقت الحالي تصور لمستقبل العراق غير التقسيم، ما لم تقوم الولايات المتحدة بمناورة سياسية تتناسب مع حجمها وإمكانياتها المتاحة، خصوصا وإنها هي الطرف الأقوى في العراق لحد الآن وسوف لن تتنازل عن هذا الموقع بسهولة لأي لاعب مهما كان نوعه وشكله.

خارطة العنف السياسي:

لو نظرنا إلى خارطة العنف السياسي المسلح في العراق، لوجدنا فقط هناك طرفين، هما فلول البعث ومعهم كل المرتزقة العرب والقاعدة ويدعمهم تيار سياسي متمثل بعلماء الدين من بقايا ما يسمونهم الأمامية بالجيش المنحل مع رهط من التنظيمات الشكلية لبقايا البعث المهزوم. من الجانب الثاني نجد هناك مليشيا الصدر مدعومة بإيران وبعض الحركات التي مازالت تعمل بالسر.

المجموع لا يزيد على أربعة عشر ألف مسلح بأي حال من الأحوال.

في واقع الأمر إن المسلحين من الطرفين لا يزيد على ستة إلى سبعة آلاف لكل طرف، ولكن كلا الطرفين ينتهج نفس النهج وهو إرغام الناس العزل من السلاح على تبني مواقفهم واتخاذهم من الناس دروعا بشرية قسرا. في الواقع لم يتجاوز العدد الإجمالي في كل مدينة كبيرة على مائتين إلى أربعمائة حسب حجم المدينة، ولكن هذا العدد مهما كان ضئيلا فإنه مؤثرا جدا في الشارع العراقي، وباستطاعتهم أن يسوقوا الجميع كما يشاءون لأنهم يستعملون أساليب غير شريفة بإجبار الناس على تبني مواقفهم أو توفير الملاذ الآمن لهم.

هؤلاء فقط يريدون أن يجروا العراق إلى حرب طائفية وفي النهاية تقسيم العراق.

الحل البديل الأسهل:

لم يعد أمام الأمريكان سوى أمر واحد، وربما ليس له بديل، وهو إنهاء مليشيا الصدر مع العودة للمشروع القديم الذي بدأ ولم ينتهي وهو مشروع إجتثاث البعث بشكله القديم وتطبيقه بشكل كامل يرضي الجميع دون الإلتفات إلى الرغبات العربية المريضة. وبهذا الحل سيكون ممكنا أن يعيد الأمريكان الثقة التي فقدها الكل بهم بعد التحول المفاجئ إزاء البعث. ربما سيكون ذلك ممكنا ولكن يحتاج إلى وقت ربما سيطول، لأن فقدان الثقة يحدث خلال لحظة ولكن لكي تعاد فإنها تحتاج إلى وقت طويل.

ولكن هل بقي من وقت، حتى نهاية حزيران، كاف لكي تفعل أمريكا ذلك وتعيد الثقة بها؟ خصوصا وإن الأمر لم يعد بيد أمريكا بالكامل، وذلك بعد دخول الأمم المتحدة على الخط وتوليها أمر انتقال السلطة بالوقت المحدد؟ أضف إلى ذلك حقيقة قد اكتشفوها هذه الأيام وهي أمر الدخول إلى العتبات المقدسة، ربما دخولهم سيخرج عموم الشيعة وخصوصا البسطاء منهم عن حالة الحياد التي هي الأساس في كل ما يحدث الآن، فلولا الحياد الشعبي، لما استطاع الأمريكان من دخول العراق وإسقاط السلطة خلال أقل من ثلاثة أسابيع، وبدون الحياد الشعبي أيضا سوف لن يستطيع الأمريكان من تحقيق أي هدف مهما كان صغيرا مادام البعث قد أعيد له الاعتبار. فهل وضع الأمريكان هذا الأمر بحساباتهم؟



#حمزة_الجواهري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا نريد لنكون شعبا هادئ الطباع ومنسجم
- أبو غريب، دروس في الديمقراطية – 1 & 2
- العرب يدافعون عن حقوق الإنسان في العراق؟! من يصدق ذلك؟!؟
- كالمستجير من الرمضاء بالنار
- مصمم العلم له أيضا مقال
- الإبراهيمي، فلم أقوى من سنكام
- هل حقا هزمت أمريكا أمام عمائم الشيطان!؟
- دروس مأزق نيسان
- كيف يمكن التعامل مع المليشيات في العراق
- من ينقذ أهل العراق من براثن البعث والمغامرين؟
- رسالة تهديد من بن لادن
- العربي كما القطة التي أكلت أبنائها حبا بهم
- السيناريو المرعب ولكن بمشيئة أمريكية 1 & 2
- مداخلة حول العراق العربي والعراق المسلم
- المراكز الإعلامية الجديدة للعراق في إسرائيل
- مراجعة لردود الفعل على قانون إدارة الدولة
- انتفاضة الحياد - خامسا
- انتفاضة الحياد - رابعا
- انتفاضة الحياد - ثالثا
- انتفاضة الحياد - ثانيا


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - حمزة الجواهري - ورقة إيران ما قبل الأخيرة في العراق