|
الغلاء ونضالات تنسيقيات مناهضة الغلاء
عبد السلام أديب
الحوار المتمدن-العدد: 2759 - 2009 / 9 / 4 - 15:02
المحور:
الادارة و الاقتصاد
أجرت الصحافية بمجلة مغرب اليوم السيدة فوزية الخطابي حوارا صحافيا مع عبد السلام أديب حول نضالات تنسيقيات مناهضة الغلاء، وكان من المفروض أن يصدر يوم الجمعة 04 شتنبر 2009 لكن يبدو أن الطريقة النقدية لمضمون الحوار لم يحضى بقبول هذه المجلة البرجوازية، وفيما يلي نص الحوار
سؤال رقم 1 - هل يمكن القول أن التنسيقيات نجحت في تحريك المجتمع ؟ جواب: إن تنسيقيات مناهضة ارتفاع الأسعار وتدهور الخدمات العمومية، والمكونة من مناضلين ينتمون لأحزاب سياسية ومركزيات نقابية ومنظمات حقوقية وجمعيات متعددة كجمعية أطاك المغرب وجمعيات المعطلين، وحركات احتجاجية كثيرة ومناضلين مستقلين، استطاعت أن تشكل منبرا تعبر من خلاله الجماهير الشعبية عن رفضها لسياسة التفقير والتجويع وضرب القدرة الشرائية للمواطنين وتصفية المرافق العمومية كالتعليم والصحة والسكن والنقل والماء والكهرباء.... ثم إن التنسيقيات التي كانت تعقد اجتماعاتها العامة بشكل مفتوح وتتخذ بها البرامج النضالية الشهرية من ندوات ووقفات احتجاجية ومسيرات شعبية ومراسلات المسؤولين، حظيت بترحيب واسع من طرف المجتمع نظرا لكونها تناضل من أجل الحفاظ على قوتهم اليومي في الوقت الذي كانت فيه الأحزاب السياسية والهيئات النقابية تسعى فقط لخدمة مصالحها الذاتية والتموقع في دواليب السلطة بل والدفاع بصيغة أو بأخرى عن السياسات الحكومية التي أغرقت البلاد في الفقر والبطالة وغلاء المعيشة وأجهزت على ما تبقى من خدمات أساسية. فالجماهير الشعبية وجدت في حركة التنسيقيات التي تدافع عن حقوقها الاقتصادية والاجتماعية تعويضا لها عن اندثار الوظيفة الحقيقية للأحزاب والنقابات، ومن ثم عرفت هذه التنسيقيات تطورا وانتشارا واسعا بحيث بلغ عدد التنسيقيات على المستوى الوطني حوالي 90 تنسيقية بالإضافة طبعا للجنة المتابعة الوطنية. سؤال رقم 2 - ماهو دور جمعيات حماية المستهلك إذ نراها جمعيات صورية فقط وليست لها أي فعالية؟ جواب: تختلف تنسيقيات مناهضة الغلاء وتدهور الخدمات الاجتماعية عن جمعيات حماية المستهلك من عدة جوانب، لذلك لا يمكن مقارنة التنسيقيات بهذه الجمعيات، فالتنسيقيات عبارة عن شبكة من المناضلين ينتمون لمختلف الهيئات والشرائح الاجتماعية هدفها الأساسي هو الاحتجاج على السياسات الحكومية التفقيرية وإحداث ضغط اجتماعي معنوي قوي عليها من أجل إيقاف الزيادات الخرقاء في أسعار المنتجات والخدمات الأساسية ومن تم المطالبة، من جهة، بإيجاد مناصب الشغل لمئات الآلاف من الشباب حاملي الشهادات وحاملي السواعد المعطلين ومن جهة أخرى تطبيق السلم المتحرك للأجور لمواكبة ارتفاع الأسعار ورفع الأجور والحد الأدنى للأجور للعمال والفلاحين والموظفين والمستخدمين... أما جمعيات حماية المستهلك فهدفها هو إصدار التقارير وتنظيم الندوات حول مجال الاستهلاك وحماية المستهلك ومن تم التعبير عن رضاها أو عدم رضاها عن واقع الاستهلاك ووضع معايير الجودة والأسعار لاحترام المستهلك ومراسلة الجهات المعنية بالأمر لأخذ اقتراحاتها بعين الاعتبار، لذلك فدور هذه الجمعيات هو مجرد دور تحسيسي. بينما تكمن أهمية التنسيقيات في دورها الاجتماعي الضاغط القوي على الحكومة لدفعها إلى الاستماع لنبض الجماهير الشعبية المكتوية بنار الغلاء والمهددة بالفقر والجوع، وحملها على التراجع عن خدمة مصالح الرأسماليين فقط. سؤال رقم 3 - كيف يمكن حماية المستهلك من الغلاء الذي يعيشه مؤخرا؟ جواب: الغلاء يقوم على سياسة تضخمية إرادية للحكومة، فهو من جهة يشكل ضريبة غير مباشرة على ذوي الدخل المحدود والكادحين والجماهير الشعبية المسحوقة، ومن جهة أخرى يشكل مصدرا لتحقيق أرباح قصوى للشركات الرأسمالية الاحتكارية والمضاربين في البورصات، وقد أصبحت هذه السياسة تستعمل في جميع البلدان الرأسمالية والدول التابعة لها في ظل الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، فهي تصريف جزئي لأزمة النظام الرأسمالي وتعويض للبرجوازية عن تدهور معدلات أرباحها بسبب عدم قدرتها على تصريف فائض وفرة منتجاتها والأموال المتراكمة في خزائنها. فالحكومات إذن، ومن بينها الحكومة المغربية، مضطرة للخضوع لمطالب رأس المال المحلي والدولي واعتماد سياسات لا شعبية لتدبير أزمة الرأسمالية، علما حكومات الدول الرأسمالية تتضمن رأسماليين كبار، ومن تم فإن سياساتها لن تكون إلا في خدمة مصالح الرأسماليين. لذلك لا يمكن تعديل سياسات هذه الحكومات الرأسمالية إلا عن طريق الاحتجاجات المنظمة للطبقة العاملة والكادحين والمسحوقين على السياسات المتبعة التي تخدم من جهة مصالح طبقة الرأسماليين والحكام فقط، ومن جهة أخرى تضرب حقوق الطبقة العاملة وعموم الكادحين، وبالتالي تشكل ضغطا من شأنه التخفيف شيئا ما من معانات هذه الطبقة المستغلة. ويمكن ملاحظة مدى فعاليات الاحتجاجات التي تقوم بها النقابات والجماهير في أوروبا وأمريكا، حيث تنتهي في الغالب إلى خضوع الحكومات لمطالب العمال. فهي بكل وضوح مسألة صراع طبقي. سؤال رقم 4 - هل النقابات الأخرى لها دور في محاربة الغلاء؟ جواب: إن المشهد النقابي المغربي يشهد نوع من التمييع لا مثيل له، فقد تعددت النقابات كما لو أن مصالح العمال مختلفة ومتعددة، حتى أصبح لكل حزب نقابتهّ، وفي الوقت نفسه نشاهد أن وضع العمال في تدهور مستمر منذ الاستقلال، ثم إن النقابات حتى وإن عبرت في بياناتها عن ادانتها للغلاء الذي يصيب بالدرجة الأولى الطبقة العاملة فإن ذلك يبقى مجرد شعارات، بل فشلت هذه النقابات حتى في انتزاع زيادات في الأجور محسوسة ثم انها لا تتوافق الا نادرا في مجال تنسيق جهودها للنضال الموحد لانتزاع حقوق العمال. إذن فمن المفروض أن تلعب النقابات دورا في محاربة الغلاء، لكن واقع التشتت، والتبعية البيروقراطية النقابية غير المباشرة للحكومة، يحبط أي دور قوي لهذه النقابات في محاربة الغلاء والرفع من الأجور.
#عبد_السلام_أديب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المخلفات المأساوية للأزمة وآفاق التجاوز
-
تفريغ الأزمة على حساب الطبقة الكادحة
-
عقد من الأداء الاقتصادي، أية حصيلة؟ 1999 - 2009
-
تجاوز الماركسية للفكر البرجوازي المتعفن
-
تعفن النظام الرّأسمالي العالمي وطابعه الطفيلي يستدعي قلبه
-
الأزمة، وضعية العمال وقانون الشغل، الغلاء وحقوق الإنسان
-
أزمة الإمبريالية وفرص الثورة البروليتارية
-
يا عمال العالم ويا شعوبه المضطهدة انتفضوا
-
الصراع الطبقي ووحدة نضال البروليتاريا الجديدة
-
إضراب النقل جاء نتيجة للإفلاس السياسي
-
ماذا عساي أن أفعل لوكنت مكان وزير الاقتصاد والمالية لإنقاذ ا
...
-
القروض الاستهلاكية أداة سياسية لتدبير أزمة النظام الرأسمالي
...
-
لماذا مقاطعة الانتخابات الجماعية ل 12 يونيو 2009
-
ارتفاع الأسعار عصف بكل الزيادات في الأجور
-
الحملة التطهيرية شكلت عملية انتقامية وسط التحالف الطبقي الحا
...
-
قانون حرية الأسعار فشل في ضبط السوق
-
قراءة نقدية سريعة في مشروع ميزانية 2009
-
في الذكرى الستين للاعلان العالمي لحقوق الانسان
-
الأزمة المالية وآفاق الرأسمالية المأزومة
-
الحد من الجريمة والإجرام لا يعالج بالوسائل الأمنية
المزيد.....
-
أسعار النفط عند أعلى مستوى في نحو 10 أيام
-
قطر تطلق مشروعا سياحيا بـ3 مليارات دولار
-
السودان يعقد أول مؤتمر اقتصادي لزيادة الإيرادات في زمن الحرب
...
-
نائبة رئيس وزراء بلجيكا تدعو الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات
...
-
اقتصادي: التعداد سيؤدي لزيادة حصة بعض المحافظات من تنمية الأ
...
-
تركيا تضخ ملايين إضافية في الاقتصاد المصري
-
للمرة الثانية في يوم واحد.. -البيتكوين- تواصل صعودها وتسجل م
...
-
مصر تخسر 70% من إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر
...
-
البنك الأوروبي: التوترات التجارية تهدد الاستقرار المالي لمنط
...
-
مصر.. الكشف عن خطط لمشروع ضخم لإنتاج الطاقة الهجينة
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|