ناصر السهلي
الحوار المتمدن-العدد: 840 - 2004 / 5 / 21 - 17:10
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
فكرة: عبد الله الثاني
مكان "الإشاعة": وكالات الأنباء, نقلا عن نيويورك تايمز
المغزى: لننفذ بجلدنا!
من عجائب ومصائب السياسة العربية, الرسمية منها والحزبية, أنها لا تجد ما تفعله مع توالي مصائب الفلسطينيين, وبالتالي كل العرب, إلا العمل وفق الشعار الرجولي جدا " الهريبة تلتين المراجل" ! وبما أن المرجلة في هذه المرحلة أضحت تاجا للصغار والكبار من الذين يجيدون لغة شبيهة بلغتنا حين كنا في المراحل الأولى من دراسة الابتدائية بما كانت تحمله من حرد وزعل ورمي كل الاخطاء على الآخر نكاية, وحتى لا يصيبنا المعلم الصارم بتقريع يتجاوز شدنا من سوالفنا, فإننا ويا للعجب نشهد هذه الأيام صورا متكررة من طفولتنا تقدم إلينا صباحا ومساءا على طبق من جرائد ووكالات أنباء... ليس هذا فحسب, بل أن المسألة تتطلب أحيانا إمعانا من وكالات أنباء قادتنا"العظام" لنفي ما يقوله على لسانهم هؤلاء "المتربصون بنا نحن العرب"!
آخر الصُريعات( على وزن صر عات) التي تفتقت عنها عبقرية السياسة العربية, أنها تجد فيما يجري في فلسطين من قتل وتدمير ما لا يستحق إلا الطلب من ياسر عرفات المحاصر في المقاطعة التفكير عما إذا كان وجوده على رأس المؤسسة الفلسطينية يخدم القضية أم لا!
وبهذه المواقف تدار جل القضايا العربية... نحن هنا لا نتجنى على أحد, بل ننقل الواقع الذي يُدار بعبقرية لم يصل إليها بعد عقل كشاش حمام في أحد أحياء عالمنا العربي المترامي الأطراف... وماذا يضير لو قالوا لعرفات بدل شارون "فضحتنا يا زلمة" وبالتالي "نرجوك ارحل"!
وإذا كنا نبحث عن الحقيقة, وليس عن "ابن عمها", فهي:
الزعماء العرب محرجون قبل قمتهم وبعدها من وجود ياسر عرفات... ليس لأنهم محبطون من سياسة حصاره... بل لأنه يُذكرهم بوجود هذا الكم الكبير من الخذلان والتقصير.. ولأنهم في حقيقة الأمر يريدون العمل العربي المشترك وفق مقولة" كلنا بالهوا سوا"... وهذا يعني, طالما أن هذا الرجل محاصر وطالما أنه يرمز إلى قضية هي مرآة عجزهم فإن إمكانية تطبيق الاتفاقات الجمركية مع "حبيب القلب" شارون الذي يقوم بمهمة تخليصهم من"وجع رأس القضية" تبدو مسألة مُحرجة وبيوت رفح تتهاوى على رؤوس قاطنيها...
ومن حقائق الواقع أن عرفات لم يحصل على 99,99% ... أو أنه على الأقل, اتفقنا أو اختلفنا معه أو عليه, لم يكن من ذات الفصيلة التي جابت طاولات الفحولة في لاس فجاس أو مونتي كارلو أو موناكو... ولم تملك قصورا في الريفيرا أو تقيم 364 يوما في جنيف أو شواطئ الأطلسي في المغرب...الرجل ببساطة لديه أخطاء لأنه يعمل ولأن في شعبه من يمتلك الجرأة على القول " للأعور أعور بعينه".. ولو أن عرفات كان من تلك الفصيلة التي تطالبه يالاستقالة.. ولو كان شعبه ونخب هذا الشعب صامتة على أخطائه بفعل ما تمارسه تلك الأنظمة من تجريد المواطن من جلده وأظافره ولعن سنسفيل قريته وعشيرته إن تجرأ عل انتقاد رئيس المخفر أو الدرك لكنا رأينا عرفات آخر....
ومن الحقائق الأخرى أيضا أن الشعب الفلسطيني الذي بات لا يُطالب بأكثر من حملة "مواء" بدل بيانات "الزمجرة" التي توقفت, لا يجد في الحقيقة إلا نباحا عليه من أنظمة تخر من خوفها كلما اشتمت رائحة الأمريكي بالقرب من خيامها... فتجربة أبو غريب, وعلى نحو يعاكس اتجاه فيصل القاسم , لم يقل النظام العربي شيئا عنها ليس لأنه يفعل أفظع منها.. بل , وليعذرني على سذاجتي فطاحل الأنظمة, ربما تعبر عن مسألة أخرى... مسألة سأقولها وأنا في كامل قواي العقلية... فتلك الأنظمة التي صمتت ربما تأتى صمتها بسبب الخوف من الفضيحة... أية فضيحة؟!
إذا أردتم معرفة ما أقصده بالفضيحة فسأحيلكم إلى ذكائكم والى مسلسل " الدوغري" لصاحبه دريد لحام حيث لا يخلو الأمر من ملفات وصور تحمل ربما كل أنواع العار... أو إلى مبادئ " التسخيم" في طقوس الماسونية العالمية... والباقي أتركه لخيالكم الواسع, الذي لا رقيب عليه لتكتشفوا قصة مسببات الصمت الرسمي على كل ما يدور لهذه الأمة...
وطالما أننا نناقش فكرة بعينها فنحن مدعوون إلى مراقبة ما يجري مراقبة دقيقة, فلو أن الذي يحدث في رفح الفلسطينية حدث0,01% منه ضد الصهاينة في الخليل لاكتشفنا فورا كم هي هذه الأنظمة وحليفهم الأمريكي من أصحاب القلوب "الضعيفة" غرقى النفاق والعمالة... على كل هم يعيشون الفضيحة في غرف نومهم ... المشهد لابد أنه هزلي, فشارون "رجل السلام" بعيون بوش هو المقبول عند الداعين ليتنحى عرفات... شارون الذي يسفك الدم على أنقاض انهيار كل معاني الشرف والكرامة العربيين هو الذي يقول عنه فحول الأنظمة بأنه: الخيار الديمقراطي لشعب إسرائيل!
ويا للعجب, أليس عرفات هو خيار ديمقراطي؟ رغم كل نواقص الديمقراطية الفلسطينية... ثم من ِمن هؤلاء "الديمقراطيون جدا" خيارا شعبيا؟
عار يجللهم...
ليس مصادفة أن تنقل إلينا " أكاذيب الجزيرة" صورتين متطابقتين لفعل القتل الجماعي في تل السلطان بغزة ومدينة القائم بالعراق... ففعل القتل الذي يظهر صور أطفال فلسطين والعراق مثل الدجاج المذبوح وخرفان ولائم السلاطين يُبين العار العربي في رخص الدم, بل في استرخاصه من قبل أشباه الرجال الذين يسلطون كلابهم لتنهش بلحم الأبرياء على امتداد هذا الوطن العربي الكبير, بينما هم ينشغلون بالبحث عن أشلاء "جنود أبرياء" للصهاينة الذين "كانوا قد وقعوا ضحية إرهاب الفلسطينيين"... وسيخرج علينا من ُمنظري " حكام أشاوس" من يقدس الصمت والنوم في جحور العار إلى أن يُخدش صهيوني أو يانكي "مُحرر", ليلقنوا المواطن دروسا في الأخلاق ومكارمها وكيف أن الله نهى عن "التمثيل بالجثث" أو حتى القتل... وسيتلى علينا بيانا في معاني "المقاومة السلمية" من كربلاء والنجف وأقزام فلسطين.. وسيفقئون عيوننا بمناظر ذبح أمريكي "جره قدره" إلينا نحن المتخلفون!
ما هو العار إذا؟
عار النياشين التي تسقط تحت أقدام حفاة رفح من أطفال ونساء... عار من يستسيغ رؤية كل هذا القتل ويسمع الصرخات والأنين من تحت ركام البيوت التي تجرفها بلدوزرات أمريكية في رفح فيزيد من صمته... عار جنود العرب وهم يتحولون إلى أرانب على حدود بلادهم.. وأسود تفدي "القوادين" الصامتين في قصور العار...عار المواطن العربي الذي يلوذ بصمته محتميا "بالحيطان" يدعو ربه لستر جبنه وأرنبة شجاعته... عار من يفتلون شارب رجولتهم أمام نسائهم وينسلون في جبنهم أمام شرطي جائع... عار " يس سير" التي يحفظها دبلوماسيينا المنشغلون بما يقدمه لهم بصاصو سفاراتهم وهم يتقفون أثار مواطنيهم الذين هجروا الأهل والرفاق والأصدقاء... عار نخبتنا التي تجيد خطاب رمادي يتوافق ورؤية الآلهة الصنم... وعار رجال الدين الملتهون بمؤتمرات حوار الطرشان مع الفاتيكان وهم يتحولون إلى كهنوتية صار البوذي فيها أشجع منهم في قول الحق !
إنه العار الذي تغرق في وحله هذه الأمة التي تقبل أن تقودها شلة من النصابين والمغتصبين للأوطان بما فوقها وفي باطنها... وللعار ثمة بقية!
#ناصر_السهلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟