أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شريف حافظ - حقائق لمن يريدها دولة إسلامية















المزيد.....

حقائق لمن يريدها دولة إسلامية


شريف حافظ

الحوار المتمدن-العدد: 2758 - 2009 / 9 / 3 - 16:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يحاول الإسلاميون، من وقت إلى آخر، إيهامنا أنهم هم أصحاب الحق الأوحد في تمثيل الإسلام، وهم أبعد ما يكون عن هذا التمثيل. ينادون بالدولة الدينية، ببرنامج هش حول نظام الدولة، وهو لا يُغني ولا يُسمن من جوع. يلعبون على أوتار الجهل والبسطاء، رغم أن الناظر إلى الحاضر والماضي وفي دول إسلامية كثيرة، سيصاب بالدهشة، إلى أن الحلم لا يُمكن أن يصبح حقيقة، بتلك السهولة التي يصورون. فالناظر إلى التاريخ الإسلامي، منذ وفاة الرسول، سيجد إختلاف نُظم الدولة الإسلامية من دولة إلى أُخرى. كما أن هناك حقائق مهمة يجب وأن لا ننساها أو نتخطاها، وإلا وقعنا في المحظور.

أول تلك الحقائق: ثلاثة من الخلفاء الراشدين الأربعة، ماتوا مقتولين. عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي قال له المرزبان، رسول كسرى: "حكمت فعدلت فأمنت فنمت يا عمر"، قُتل من قبل أبو لؤلؤة المجوسي، أثناء إمامته لصلاة الفجر؛ عثمان بن عفان رضي الله عنه، قُتل من قبل أهل الفتنة وكان مقتله مقدمة لأكبر فتنة عرفتها الدولة الإسلامية في ذاك الوقت؛ علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قُتل بيد رجل مُسلم يُدعى عبد الرحمن بن ملجم حيث ضربه بسيف مسموم على رأسه. وقد بدأت الفتنة في عصر عثمان بن عفان رضي الله عنه وإستمرت في كل عصر علي بن أبي طالب. وهؤلاء الخلفاء الثلاثة، هم من المبشرين بالجنة وليسوا من عامة الناس أو ممن يُمكن مقارنتهم بأي شخص يعيش بيننا اليوم، من حيث إسلامهم أو علمهم أو إتصالهم الوثيق برسول الله صلى الله عليه وسلم. فهل من يتواجدون اليوم، يُمكنهم أن يقونا فتنة أشد مما حدث في عصر هؤلاء؟

ثاني تلك الحقائق: لقد أسس معاوية بن أبي سفيان الدولة الأموية على أساس نظام الملك أو ما يُسمى بالتوريث. وقد مضت الأمة الإسلامية من بعده على هذا النهج، في أغلب شئونها، ولم تتكرر مسألة إختيار الخليفة باستخدام الشورى كثيراً كما حدث في عهد الخلفاء الراشدين. ورغم أن هذا حدث في عهد الخلفاء الراشدين، إلا أن إختلافاً كبيراً قد حدث في هذا الأمر في عهد علي رضي الله عنه، مما أحدث الفتنة فيما بعد. فمن أين نضمن حدوث الشورى لإختيار من سيحكُم؟ وكيف نضمن أنه لن يحول الأمر بسطوته إلى نظام توريث؟

ثالث تلك الحقائق: قامت حروب بين المسلمين أنفسهم في بدء الخلافة الإسلامية وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، بين ظهرانيهم، حتى أنه لم يكن هناك إحترام لوجود هؤلاء الصحابة، وقتل منهم أشخاص ومُثل بهم من قبل مسلمين. فعبد الملك بن مروان هو من قُتل في عهده، عبد الله بن الزبير الذي كان خليفة على مكة والحجاز والعراق، في نفس الوقت الذي كان فيه يزيد بن معاوية ثم معاوية بن يزيد ثم مروان بن الحكم ثم عبد الملك بن مروان خلفاء (تتابعاً) في الدولة الأموية التي كانت عاصمتها دمشق. ويجب أن نعرف أن قائد جيش عبد الملك بن مروان، الذي قتل إبن الزبير، كان الحجاج بن يوسف الثقفي، الذي ضرب الكعبة بالمنجنيق وأصابها وهدم بعض أجزائها ليقتحم المسجد الحرام في النهاية ويُمسك بعبد الله بن الزبير. وكان كل هذا في إطار تصارع على السلطة، بين مسلمين، هم أشد قُرباً لرسول الله صلى الله عليه وسلم من الناحية التاريخية.

فكيف لنا أن نضمن عدم صراع، من يريدها دولة دينية إسلامية على السلطة، ثم التحارب وخلق فتنة أشد من فتنٍ سبقت في تاريخ الإسلام في المنطقة؟ وأُذكر، أن من نتكلم عنهم أعلاه، أشخاص كانوا قريبون في المدى الزمني من دولة الرسول عليه الصلاة والسلام. ولا ننسى ونحن نتساءل هنا بتلك الأسئلة، أن مصر ليست حماس وفتح، وأن على مقربة منا إسرائيل، وهنا أحب لمن يقرأ أن يزن ما أقول بميزان شديد الدقة! كما يجب أن لا ننسى أن حماس وهي جماعة مسلمة تابعة للإخوان المسلمين في مصر، قد حولت غزة إلى معقل للبطش ضد كل المخالفين، وهو ما تشهد عليه الأفلام المبثوثة من غزة، وليس إدعاء رخيص!

رابع تلك الحقائق: عند قيام الدولة العباسية، قام أبو العباس السفاح، بقتل كل من طالته يده من أُمراء بني أمية، ولو غدراً. حتى أنه أقام ما يُشابه مذبحة المماليك في قصره، لبعض أمراء بني أمية الذين دعاهم إلى العشاء، فخرج عليهم السيافين وقتلوهم، ثم فُرش السجاد "عليهم"، وجلس أُمراء بني العباس "عليهم"، يأكلون ويتسامرون، بينما المقتولين غدراً يتأوهون في أنفاسهم الأخيرة!! وكانت تلك الوحشية، هي إيذاناً بقيام دولة الخلافة العباسية الإسلامية! وهنا نؤكد على أن الوحشية، لم تخلو من الدولة الإسلامية في بعض عصورها المهمة. فكيف لنا أن نضمن أن مُقيموا الدولة الإسلامية في مصر، لن تحكمهم ثقافة الكره، التي تحكمهم بالفعل اليوم، لدرجة إتهام الناس بما لم يقولوه وتكفيرهم رغم إسلامهم، والوقوف ضد كل مختلف معهم، وليس فقط مع الدولة المصرية؟ ما هي الضمانة، أنهم لن يقتلوا الأقباط والبهائيين، بل والمسلمين من المختلفين معهم؟ بالطبع لا يوجد أي ضمانة لذلك على الإطلاق، وقد ضربت الجمهورية الإسلامية في إيران مثال واضح على هذا، وهي صديقتهم اليوم، فهنيئاً لهم تلك الصداقة وياويلنا منها، إن وصلوا للحكم والعياذ بالله!!

ولقد إنتفى هذا الظلم والبغضاء والقتل غدراً، في أوج الدولة الإسلامية في عصور إزدهارها، ولكنها كانت في تلك الأوقات تمتد بفنوحات على مستوى الأرض، وبالتالي يبقى السؤال: ما الذي ستفتحه الدولة الإسلامية القادمة كي تبقي على إزدهارها وعدم ظلمها وتعديها على الإنسان فيها، وإن إختلف معها أو كانت عقيدته مُغايرة لعقيدتها؟ أم أنها تريدها حرباً شعواء مع كل المحيطين وغيرهم، لتنتهي نهايات الدول الإسلامية، كما سيلي في الحقيقة الخامسة؟

خامس تلك الحقائق: مرت الدولة العباسية بالكثير من الأحداث المماثلة لما مرت به الدولة الأموية، ولكن كانت نهايتها مؤلمة للغاية حيث كانت الدولة قد بدأت تتآكل وينفصل الكثير من الإمارات والممالك عنها، ولم يكن لها من الهيبة لكي تقف في وجه هذا الإنفصال، حتى جاء هولاكو خان، غازياً بغداد وفعل فيها ما فعل وقتل الخليفة المستعصم بالله نفسه (كما قتل صدام حسين من الأمريكان). فما الذي يضمن لنا عدم تفتت الدولة في عصرهم، المرتجى منهم وحدهم، أو أن نصل على أيديهم إلى حال مثل تلك التي وصلت إليها العراق في عصر المستعصم بالله؟ لا شئ يضمن هذا كله بالطبع! ويكفي أن نرى ما يريدون فيما يتعلق بعلاقتنا الخارجية من مقاطعات وقطع علاقات. إنهم يعلنونها حرباً على العالم وهم خارج السلطة اليوم، فما بالكم بما سيحدث وهم داخلها؟ وبالطبع، فان أفغانستان طالبان، شاهدة على مثل تلك الإجراءات، التي يريدون، وهي دولة إسلامية أيضاً بمثل ما يرغبون!

* * *

ما أريد أن أصل إليه هنا، من خلال سرد تلك الحقائق السريعة، هو أن الخلافة الإسلامية لم تكن كلها هي المثل الأعلى المُحتذى. ونحن نتكلم هنا، عن أساطين في التاريخ الإسلامي وليس عن بعض اللاعبون بالدين هنا أو هناك. والمقارنة بين المتواجدين اليوم، من مستغلي دين وبين الرسول عليه الصلاة والسلام، غير ممكنة على الإطلاق. كما أن المقارنة بين هؤلاء وبين الخلفاء الراشدون أو من تبعهم، لأمر صعب. كما أن ظروف الأمة، يما فيها من أمور مُعقدة ومشاكل عميقة وخيوط متشابكة، لا يُمكن أن تُقارن حتى بأحلك لحظات الخلافة الإسلامية الماضية، لأن العصور مختلفة بالكامل، وأساليب الحل متباينة وأدوات التعامل متغيرة.

إن إدعاء من يقولوا بالدولة الإسلامية ورغبتهم في بناءها، لهو إدعاء كاذب، لأنهم بالإضافة إلى أنهم لا يُمكن مُقارنتهم بمن ذكرت أعلاه، يريدون الدولة الإسلامية في حد ذاتها فقط، لأنهم لم يتكلموا أبداً من قبل عن حلول وبدائل للمشاكل المتواجدة اليوم. هم دائماً يتكلمون فقط عن شكل ما لنظام يريدونه، ويطلقون عليه إسلامي، رُغم أنه لا يوجد ما يُمكن أن نقول عليه "وحده" بأنه نظاماً إسلامياً. وبالتأكيد، ستصبح مصر العلمانية، التي يحكمها العدل والحرية والمساواة بالإضافة إلى حرية العقيدة، شديدة القرب إلى الدولة الإسلامية الحديثة، عنها إلى الدولة الإسلامية التقليدية. بل إن الدولة الإسلامية التقليدية التي كان يحكمها معاوية بن أبي سفيان، ليست بقادرة اليوم على مواكبة أوضاع العصر. والثابت، أنه لا يوجد دولة إسلامية ذات شكل واحد راسخ على مر العصور منذ دولة الخلافة الراشدة وحتى اليوم.

كما أن نماذج الدول الإسلامية اليوم، ليست مُشجعة على الإطلاق. وليأتي من يريد الدولة إسلامية، بنموذج يمكننا أن نستشهد به اليوم، من بين تلك الدول المتواجدة على الساحة، كي نعرف كيف نناقشه. ولكنه لن يجد! فنحن نعرف ما يجري في الدول الإسلامية اليوم، والوثائق الدولية متوفرة ومنتشرة إن كان لا يعرف، ويريد الإستمرار في التضليل. والإسلاميون يعرفون أيضاً، أن المسلم يمارس شعائره في الدول العلمانية الغربية ويحصل على حقه، بأفضل مما يحصل عليه في الدول الإسلامية المزعومة، ولكنها المُكابرة التي يستمرون فيها!!

لقد عرضت عرضاً مُختصراً في هذا المقال، لحقائق معروفة في الدولة الإسلامية لدي الرعيل الأول ولدي من تبعهم. فان كان هناك مُكذب فليقول ويكتب. ومن رأى في نفسه قُدرة على أن يُقيم دولة مثل دولة الرسول صلى الله عليه وسلم، رغم أن الكثير من الخلفاء من بعده من أعظم من أنجبت الأمة لم يستطع، فليقول لنا من هو وكيف سيقيم دولة لا يحدث بها ما حدث في دول الأعاظم من الناس في التاريخ الإسلامي. من يريد فليتكلم من واقع السيرة الإسلامية وبالتاريخ. وأرجو ألا يُقارن نفسه بأعاظم الرجال لأنه لن يستطع، ولكن ليقول لنا كيف سيقيم دولة في هذا العصر الإشكالي الكبير، بحيث لن تحدث فيها ما حدث فيما سبق من عصور لم تكن فيها العلاقات الدولية بهذا التعقيد. لقد كان بيدي الخلفاء المذكورين، وملئ كيانهم، كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وحدث ما حدث. فما الضمانة ألا يتكرر ما حدث من قبل من لم يعاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟!




#شريف_حافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنها العنصرية وليس الدين!
- الاحتيال باسم الله
- إعادة تعريف الليبرالية
- أهل الذمة قبل أهل الملة
- أطالب بالعدل والحق فى قضية -القمنى-
- ألا يؤمنون بآية -إقرأ-؟
- صدام الصنم والإله
- عذراً مسلمى الصين!
- هل يريد الفلسطينيون دولة حقاً؟
- أمة ينقصها الإخلاص!
- مروة الشربينى وتمثيلية تقديرنا للحياة
- تجنيد الجهل في الإعتداء على النفوس
- أزمة المعارضة المصرية
- ماذا يريد الإخوان؟
- بناء الدولة الحقة في العالم العربي
- خطايا حزب البعث السورى ضد فلسطين والعرب والعروبة
- ثورة الحرية الإيرانية
- الوصفة السحرية لطبق المهلبية
- الدين ليس ديكتاتورية
- تلخيص مشكلة وطن فى تيه المعانى


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شريف حافظ - حقائق لمن يريدها دولة إسلامية