|
الديمقراطية الرأسمالية على حقيقتها التعذيب في سجون العدو الأمريكي في العراق نموذجاً
باسل ديوب
الحوار المتمدن-العدد: 839 - 2004 / 5 / 19 - 04:56
المحور:
حقوق الانسان
لم نفاجأ كما (العالم الحر والمتحضر) بمشاهد التعذيب التي تسربت كالماء من شقوق صخر الضبط الإخباري الليبرالي - الأمريكي من سجن أبو غريب العراقي الشهير ، على يد قوات الغزو الرأسمالي المعولم ، ولا نعتقد أن هذا التسريب يشكل مادة ملائمة لاستغلالها وإظهار وحشية الأمريكيين وزيفهم ، إلا إذا كنا حمقى لهذه الدرجة فما المستغرب في هذا السلوك؟؟؟؟ دولة استعمارية جديدة تستخدم أسلحة فتاكة في مواجهة دولة ضعيفة، وشعبها غير قادر على المقاومة لكثرة ما أصابه منها، ومن جلاده القذر، وقد سبق واستخدمت السلاح النووي ضد المدن اليابانية فهل من الغريب قيامهم بالتعذيب ؟؟؟ وتاريخهم القريب في العراق يشير إلى قصف ملجأ العامرية الذي يعد جريمة ضد الإنسانية، ومجزرة بكل المقاييس، صاروخ لفتح ثغرة في سقف الملجأ، و صاروخ ثان لينفجر بالنساء والأطفال داخله. لنعد إلى تاريخ الأوباش الأمريكيين منذ وطئت أقدام أول أجدادهم تلك الأرض المسماة العالم الجديد، كم هندياً أحمر قتلوا ؟ يجيب العلماء الذين أجروا دراسات تقديرية لما كان عليه سكان تلك الأرض عند وصول البيوريتانيين البروتستانت فقدروهم بحوالي 110 مليون إنسان فقط!! 110مليون إنسان قتلوا من الهنود الحمر ثمناً لصعود إمبراطوريتهم، التي عمدوها بدم السكان الأصليين الممزوج مع صفحات صفرٍ من التلمود والعهد القديم،استندوا إليه في تبرير جرائمهم الخسيسة، وقد تفننوا بقتلهم قبل اختراع أسلحة الدمار الشامل، فقد توصلوا إلى أول سلاح جرثومي في التاريخ، حيث كانوا يقذفون معسكرات الهنود الحمر ومدنهم (كان لديهم حضارة مدنية حقيقية ) بالجثث المصابة بالطاعون والأمراض السارية، حتى تفتك بهم، و كان الأمريكي الأبيض يفخر بجراب تبغه المصنوع من جلد العضو الذكري للهندي الأحمر الأسير، وهكذا بنوا إمبراطوريتهم. وأخر مآثرهم الكبرى كانت فيتنام،التي حاولوا تركيع شعبها وفشلوا، وقد استخدموا أفظع أشكال التعذيب، وقاموا بتصوير عمليات تصفية الأسرى أمام عدسات الكاميرات الفوتوغرافية والسينمائية على عينك يا تاجر، ولم يردعهم رادع، اغتصاب ،كهرباء، حرق بالسجائر، جلد، وغيرها ومع هذا يستغرب العالم المتحضر من انكشاف أمريكا بهذا الشكل، ولماذا الاستغراب من دولة تتنوع فيها أشكال تطبيق الإعدام البغيض بكثرة على خلاف دول العالم، من شنق، وحقن سامة وصعق بالكهرباء، وغيرها، وتطبقها على القاصرين أيضاً،ويمتاز بوش الابن بكثرة تواقيعه على هذه الأحكام ، هم يتفننون بإعدام محكوميهم فما بالهم بأسرى ومعتقلي عدوهم، وحتى وقت قريب إذا كان حظ الملاحق الأسود تعيساً فقد يوقعه بيد شرطي أبيض من تكساس يعاجله بعدة طلقات عنصرية، تخلصاً منه ومن( بشاعته) هذه هي الديمقراطية الرأسمالية على حقيقتها، وهذه هي وعود الحرية، فمن يعبد الدولار ويقدس اللهاث وراء ه، سيرتكب هذه الشناعات، أما عند تسرب المعلومات عما يجري، فتثور ثائرة دعاة حقوق الإنسان من الهمج الجدد، ويذرفون دموع التماسيح على الضحايا، ويظهرون أنفسهم كرافضين لهذه الممارسات رغم أنهم مارسوا أبشع منها، فالاحتلال الذي لا تشكل مسألة التعذيب واحد بالمليون من وحشيته كأصل المشكلة، يغدو أمراً عادياً، أما التعذيب الذي هو أدنى بما لا يقارن من الاحتلال فمسألة عظيمة لها جلسات الاستجواب للمجرم رامسفيلد، وتغطى إعلاميا، وكأنها مشكلة العراق الوحيدة، ويعد بوش العالم بمحاسبة المسؤولين، وهكذا يمضي التضليل الرأسمالي الذي لم يخفى على شعرائنا في الحقبة الاستعمارية الأولى: جهروا بتحرير الشعوب وأثقلت متن الشعوب سلاسلا وحديداً
قتل امرىء في غابة جريمة لا تغتفر أما قتل شعب آمن فمسألة فيها نظر!!! ويتلقف المحوولون ديمقراطياً جلسات الاستماع ليبرهنوا على عظمة الديمقراطية الأمريكية، وليقارنوا ممارسات الأمريكي بممارسات صدام، متناسين أن تقييم الممارسات يجب أن يستند إلى أنساق القيم الخاصة بكل مجتمع فهل يمارس الأمريكيون ذلك على مواطنيهم في بلادهم ؟؟!! الاعتداء على حقوق الإنسان واحد، والمقارنة بين صدام والأمريكيين لا تجوز لاختلاف أنساق القيم الناظمة ولأن الأمريكيين وعدوا العراقيين بالخلاص، فتجاوزوا صدام وممارساته، فمعظم من اعتقله الأمريكيون بريء، ووحشية صدام بالغ فيها إعلام التهيئة للحرب، فغدت وحشية الأمريكيين أقل وطأة نسبياً لكن مع الانفلات الأمني الذي انعدم في عهد صدام، والخراب الذي يتسبب به الغزاة سينسى الجميع وحشية صدام، وستتعمق الأزمة التي ستشعل المقاومة أكثر، وستزيد من وحشية الممارسات الأمريكية التي ما انفك يشير إليها الغزاة بأن ما حدث في فيتنام لن يتكرر، وبالمفهوم الإمبراطوري هذا يعني أننا لن نقبل بالهزيمة، وسنكون أكثر إصرارا على سحق كل رافض لوجودنا لكن الزمن تغير، والبشرية لن تقبل حرباً كهذه، والعراق هو الدولة الوحيدة العضو في الأمم المتحدة (ساهمت في وضع ميثاقها) تحت الاحتلال، ولم يثني العالم كله الغزاة عن الحرب، فهل بعد هذا هنالك مجال للنضال السلمي ؟؟ المقاومة تتقدم وتعميق الأزمة يخدمها أكثر، وهذا يعني أن الأمريكيين مقبلين على وحشية أكثر لكسر الإرادة الوطنية العراقية وواجب كل الأحرار في الوطن العربي والعالم دعمها والدفاع عنها، وحشر الأمريكيين في اتجاه الانسحاب غير المشروط، مما يمكن العراقيين بمساعدة الدول الشقيقة والصديقة من إعادة بناء مؤسسات الدولة الحديثة بعيداً عن ديكتاتورية الفرد أو ديكتاتورية رأس المال التي اكتوى بنارها الإنسان العربي، هذه هي حقيقة الديمقراطية الليبرالية، تمتعوا بالحريات الفردية، ولكن الويل إذا هددتم وجودنا فسننقلب إلى ستالينيين وأكثر، للأوروبيين نكهة أخرى ولكن حيث تتطلب مصالحهم التوحش يبزون الأمريكيين بوحشيتهم فقد رعت فرنسا وبلجيكا مثلاً مجازر رواندا وغيرها ،مما دفع قوى السلام البلجيكية إلى الضغط لسن تشريعات تعاقب أي مرتكب لجرائم ضد البشرية في أي مكان، مكنت من رفع الدعوى على الجزار شارون . حلاوة الديمقراطية الرأسمالية هي شعور المواطن بأنه حر، أو هكذا يشعرونه، ولكن اذاما أدت الديمقراطية إلى تهديد رأس المال، أو سيطرته المطلقة على المجتمع، فستسود أحكام الطوارىء والمكارثية ،وهذا ما عهدناه طويلاً، انتصر الشيوعيون في البرتغال فنزلت قوات الحلف الأطلسي، اقترب الشيوعيون الطليان من من الفوز بالانتخابات فرد الأمريكيون: الأسطول السادس جاهز للنزول على السواحل الإيطالية، فرانكو، وبينوشيه الذي قتل الرئيس المنتخب بإيعاز من كيسنجر بعد تأميم مناجم النحاس التي يسرقها الأمريكيون من شعب التشيلي، فالديمقراطية انحرفت عن مسارها ولامست تخوم رأس المال الذي يماثل الله في قداسته،ويجب معاقبة هذا الشعب الغبي الذي فهم الديمقراطية خطأً. هذه هي حقيقة الديمقراطية الرأسمالية والأمريكية تحديداً، ولكن حتى الحريات الواهية لم يحصل عليها الفرد العراقي، وأصبح الوضع أسوأ مما كان عليه في عهد الطاغية، عشرات آلاف القتلى والجرحى، ومازال الغزاة وأذيالهم ومريدوهم يلهجون بفضائل أمريكا،وتخليصها العراقيين من براثن الطاغية الذي لم يُطل عمر نظامه سوى الأمريكيين. ما يجري في المعتقلات الأمريكية طبيعي جداً والقادم أعظم ومع اشتداد المقاومة سيشتد الإرهاب الأمريكي. في الوقت الذي يثبت المحتل أقدامه، ويرعى مجموعة من الكلاب الضالة، ويسمنها ليفلتها على الشعب العراقي والمقاومة، يبرز الدور العربي والأممي المساند لقضية الشعب العراقي، فعلى منظمات حقوق الإنسان العربية والعالمية أن تشن حملة واسعة ومدروسة لمحاصرة السجانين الأمريكيين ومرتزقتهم، ورفع الدعاوى حسب القوانين الدولية والمحلية التي يمكن لها محاكمة هؤلاء، وعلى رأسهم مجرمو الحرب بوش ورامسفيلد وأبي زيد وكما عاش شارون قلق إلقاء القبض عليه هو وجزارو صبرا وشاتيلا يجب أن يعيش الجندي الأمريكي والقيادي كذلك خطر إلقاء القبض عليه في المطارات الأوروبية، ويجب فتح هذه الجبهة القضائية، واستنزاف العدو معنوياً وإعلامياً، فمعركتنا طويلة وشاقة، ويجب استخدام كل الوسائل المتاحة، والبحث الدائم عن كل ما يشكل ضغطاً على العدو، وعلى المنظمات العربية تحديداً متابعة أوضاع المعتقلين العراقيين والدفاع عنهم وممارسة كل ما يمكن لكشف مصائرهم وما يتعرضون له من تعذيب، لن تنفع سوى القوة بمعناها الشامل في وجه من أطاح بكل المواثيق الدولية واتفاقيات جنيف وشرعة حقوق الإنسان، وإن كنا نريد الديمقراطية حقيقة لبلادنا فعلينا القتال بأظافرنا ضد المشروع الأمريكي – الصهيوني لشرقنا العربي. باسل ديوب - حلب
#باسل_ديوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المقصف الطلابي المركزي في جامعة حلب من الديمقراطية المركزية
...
-
تـــحية للفلوجيين الأمريكيون لم يجلسوا على صفيح عراقي ساخن ب
...
-
الاتحاد الوطني لطلبة سورية منظمة نقابية أم مؤسسة أمنية؟
المزيد.....
-
جوتيريش يعلن احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية
-
العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا بشكل رسمي
-
مقرر أممي: قرار الجنائية الدولية اعتقال نتنياهو وغالانت تاري
...
-
جنوب السودان: سماع دوي إطلاق نار في جوبا وسط أنباء عن محاولة
...
-
الأمم المتحدة تحذر من توقف إمدادات الغذاء في غزة
-
السعودية تنفذ حكم الإعدام بحق 3 أشخاص بعد إدانتهم بجرائم -إر
...
-
ماذا سيحدث الآن بعد إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت
...
-
ماذا قال الأعداء والأصدقاء و-الحياديون- في مذكرات اعتقال نتن
...
-
بايدن يدين بشدة مذكرات اعتقال نتنياهو وجالانت
-
رئيس وزراء ايرلندا: اوامر الجنائية الدولية باعتقال مسؤولين ا
...
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|