|
الوضع الراهن و مهام الماركسيين اللينينيين المغاربة الجزء 7
امال الحسين
كاتب وباحث.
(Lahoucine Amal)
الحوار المتمدن-العدد: 2761 - 2009 / 9 / 6 - 00:03
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
و الحركات الإجتماعية بالمغرب لم تكن مؤطرة من طرف الأحزاب البورجوازية الإصلاحية التي اختارت الإندماج في السياسة الطبقية للنظام القائم و تمرير ما يسمى ب"المسلسل الديمقراطي" الذي وضعت أسسه في مرحلة سنوات القمع الأسود ، و تتدخل الأحزاب "اليسارية" الإصلاحية من حين إلى آخر لدعم هذه الحركة أو تلك في أول الأمر من أجل احتوائها و توجيهها في الإطار السلمي الإستسلامي ، لكونها تلعب دور صمام أمان النظام القائم و تبقى بعيدة عن الجماهير الشعبية إلا في المناسبات الإنتخابية المرسومة لها ، ذلك لأنها و خاصة منها الممثلة في المؤسسات المزورة لم تستطع خلق علاقة راسخة بينها و بين الجماهير الشعبية حتى التي تدعي رفع شعار المقاطعة لا تملك بديلا إلا هذا الشعار ، نتيجة فقدان الثقة من شعاراتها الزائفة التي ترفعها في هذه المباسبات و التي سرعان ما تنكشف أمام الجماهير عند انتهاء المواسم الإنتخابية ، حيث يتحول مناضلو الأحزاب الممثلة في هذه المؤسسات إلى أدوات لسن التشريعات و القوانين في البرلمان و الغرفة الثانية أو أدوات لتنفيذ هذه التشريعات و القوانين في أرض الواقع في الجماعات المحلية ، فتصبح هذه الأحزاب في مواجهة مطالب الجماهير التي رفعت بالأمس جزءا كبيرا منها كشعارات لحملاتها الإنتخابية التضليلية ، و لأنها لا تملك قواعد جماهيرية مضبوطة حيث تسود في أوساطها ظاهرة الإنتقال من حزب إلى آخر كلما ظهرت مصالح المنتخبين بهذا الحزب أو ذاك بعد كل عملية انتخابية ، ذلك هو مصير "النضال السياسي الديمقراطي" الذي تتغنى به الإنتهازية التحريفية بحزب النهج الديمقراطي التي تريد لنفسها أن تكون بطلة هذا الخيار ، و هي تتهلل بكونها تسعى إلى تجميع "الإشتراكيين" حول مشروعها الحزبي البورجوازي الإصلاحي الجديد الذي تريد له أن يكون بديلا عن مشروع "الإشتراكيين التقليديين" في ظل هيمنة النظام القائم. و كان للهوة بين الجماهير الشعبية و النظام القائم بأجهزته التي لها تاريخ مظلم في مجال القمع و مؤسساته المبنية على التزوير و الفساد و شعارات الكائنات الحزبية المزيفة لأزيد من نصف قرن ، كان لذلك كله أثر كبير في دفع الجماهير الشعبية إلى التفكير في مواجهة مشاكلها المحلية التي غالبا ما يستعصى حلها في ظل الإمكانيات المحدودة التي تتوفر عليها و المتطلبات الهائلة أمام التفقير الذي لحقها ، مما يدفعها للبحث عن الأسباب الأساسية لمشاكلها و المسؤولين عنها و التي لا يمكن فصلها عن الأزمات السياسية و الإقتصادية التي يعرفها الأساس الإقصادي للنظام القائم باعتباره تبعيا للرأسمالية الإمبريالية ، و تتحول التنظيمات الذاتية للجماهير الشعبية من تنظيمات قائمة على البحث عن إشباع الحاجات الذاتية للجماهير الشعبية ، بعد نشر ثقافة ما يسمى بدور المجتمع المدني في التنمية من طرف الأحزاب الإصلاحية ، إلى تنظيمات مناضلة تواجه في أول الأمر المسؤولين في المجالس المحلية ، ثانيا في مواجهة أجهزة الدولة الممثلة في الوزارات ، ثالثا في مواجهة النظام القائم باعتباره المسؤول الأول على سن السياسة الطبقية بالبلاد و التي أوصلت الأوضاع إلى ما هي عليها ، و يتحول الصراع السلمي لهذه التنظيمات إلى صراع يتسم بالعنف و العنف المضاد لأجهزة النظام القائم و بالتالي إلى اعتقال المناضلين و محاكمتهم و الزج بهم في السجون ، ليبدأ النضال السياسي من أجل إطلاق سراحهم و الذي غالبا ما يحظى بالدعم الوطني و الدولي عبر جهود بعض المناضلين. و نرى أن الحركات الإجتماعية بالمغرب تتسم بالطابع الإحتجاجي المطلبي ذي البعد المحلي في التنظيم و التأطير و النضال الذي يصل إلى حد المطالب السياسية في بعض الأحيان (تامسينت،صفرو،بومالن دادس، سيدي إيفني،جبل عوام،إيمني ...)، و هي حركات اجتماعية احتجاجية معزولة و لا يوجد بينها تنسيق يذكر رغم محاولة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان لإنشاء تنسيقيات لم تعرف حركة منظمة لكونها تلقت ضغط النظام القائم الذي سخر الأحزاب البورجوازية الإصلاحية "اليسارية للجم حركته ، الشيء الذي حال دون تفعيل برامجها و الهيمنة على أجهزتها من طرف هذه الأحزاب لتحريكها حسب مصالحها الحزبية الضيقة ، للحيلولة دون الوصول إلى تركيز تنسيقات وطنية بين تنظيمات الحركة الإجتماعية الإحتجاجية التي من الممكن أن تلعب دورا أساسيا في تأطيرها و تنظيمها واستمراريتها و بالتالي تحقيق مطالبها ، مما يجعل هذه الأحزاب خارج اللعبة السياسية التي رسمت لها بالإضافة إلى العوائق التالية : 1 ـ التشتت الذي تعيشه الأحزاب البورجوازية "اليسارية" و طابعها الإصلاحي و التي تبقى حبيسة تناقضاتها الذاتية و تناقضاتها فيما بينها ، الشيء الذي يجعلها غير قادرة على الإلتحام بالجماهير و بعيدة عن تحقيق مصالحها ، لكونها لا تعبر عن مصالح الطبقات الشعبية و هي في تناقض مستمر معها ما دامت اختارت دعم السياسة الطبقية للنظام القائم. 2 ـ الصراعات الساسية الهامشية بين مناضلي هذه الأحزاب داخل التنظيمات المحلية النقابية والحقوقية و الجمعوية التي تعرقل العمل النضالي بهذه التنظيمات ، لكونهم لا يملكون النظرية الثورية لتوجيه الحركة الإجتماعية من أجل تثويرها بتنمية الوعي الحسي للجماهير و تطويره إلى مستوى الوعي السياسي و الطبقي ، و فتح المجال أمام الجماهير الشعبية لفرز قياداتها من صلب الطبقة البروليتارية مما يجعل هؤلاء المناضلين الحزبيين الإصلاحيين حبيسي كرزمائيتهم التي ترسمها قياداتها الإنتهازية التحريفية. 3 ـ عدم نضج التنظيمات الذاتية للجماهير نظرا لعدم تجاوزها مرحلة التأسيس التي بلغت إلى حد الساعة أزيد من عقد من الزمان و محدودية فعلها الجماهيري ، إضافة إلى ضعف تأطير أعضائها و التأثير الأيديولوجي للنظام القائم و الأحزاب الإصلاحية عليهم مما يجعل محاولاتهم التنظيمية غير قادرة على خلف فعل نضالي ثوري. 4 ـ عدم انخراط الجماهير الشعبية في التنظيمات النقابية و الحقوقية و الجمعوية التي تبقى رهينة كارزمائية قياداتها التي تسيطر عليها و توجهها وفق مصالحها الحزبية ، مما يعرض هذه التنظيمات لبسط البيرقراطية بداخلها و تغييب الديمقراطية الداخلية و إبعاد الجماهير عن قراراتها و بالتالي إبتعادها عن مصالح الطبقات الشعبية ، لكونها تتسم بالهيمنة عليها أجهزتها من طرف الأحزاب الإصلاحية و إلحاقها بهذه الأحزاب لضبط مسارها النضالي و التحكم فيه. إن بقاء الوعي لدى الجماهير الشعبية في المستوى الحسي من المعيقات الأساسية أمام تطور الحركة الإجتماعية الإحتجاجية بالمغرب لكونها لا تملك القدرة على التنظير و التحليل و التأطير و بلورة الممارسة العملية الثورية ، و ذلك نتيجة سيطرة الفكر الإقطاعي عليها خاصة في أوساط الفلاحين الفقراء و الفكر البورجوازي في أوساط المثقفين و الطلبة و التلاميذ و مكونات البورجوازية الصغرى الأخرى ، مما يجعل التنظيمات الذاتية للجماهير غير قادرة على الإنتقال من مستوى الوعي الحسي إلى مستوى الوعي السياسي بربط قضاياها بتناقضات الأساس الإقتصادي للنظام القائم من أجل بناء حركة ثورية ، مما يتطلب الإنتقال من مستوى العمل الجمعوي إلى العمل النقابي الكفاحي إلى العمل السياسي الثوري الذي يجب أن يقوده المناضلون الماركسيون اللينينيون ، و لن يتم ذلك إلا بفرز قيادات مناضلة ثورية من صلب الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء التي يجب أن تمتلك الوعي الطبقي بمعرفة مصالحها الطبقية و أعدائها الطبقيين ووضع برامجها النضالية وفق الخط و الإستراتيجية الثوريين ، و لن يتأتى ذلك إلا بامتلاك النظرية الثورية و بلورتها في أوساط الجماهير ف"لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية" لينين.
تارودانت في : 01 شتنبر 2009 امال الحسين
#امال_الحسين (هاشتاغ)
Lahoucine_Amal#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوضع الراهن و مهام الماركسيين اللينينيين المغاربة الجزء 4
-
الوضع الراهن و مهام الماركسيين اللينينيين المغاربة الجزء 6
-
الوضع الراهن و مهام الماركسيين اللينينيين المغاربة الجزء 5
-
الوضع الراهن و مهام الماركسيين اللينينيين المغاربة الجزء 3
-
الوضع الراهن و مهام الماركسيين اللينينيين المغاربة الجزء 2
-
الوضع الراهن و مهام الماركسيين اللينينيين المغاربة الجزء 1
-
المادية و دحض الفكر الإنتهازي التحريفي الجزء 8
-
المادية و دحض الفكر الإنتهازي التحريفي الجزء 6
-
المادية و دحض الفكر الإنتهازي التحريفي الجزء 7
-
المادية و دحض الفكر الإنتهازي التحريفي الجزء5
-
المادية و دحض الفكر الإنتهازي التحريفي الجزء4
-
المادية و دحض الفكر الإنتهازي التحريفي الجزء 3
-
المادية و دحض الفكر الإنتهازي التحريفي الجزء 2
-
المادية و دحض الفكر الإنتهازي التحريفي الجزء 1
-
التشكيلة الإجتماعية بسوس العليا /تالوين بالمغرب
-
النضال الطبقي للفلاحين الفقراء بأولوز ضد الإقطاع و الكومبراد
...
-
من كولومنا إلى جبل بوعلام بإفني أيت بعمران 20 ألف متظاهرة و
...
-
التلويح بتهمة التجمهر في الشارع العمومي بدون ترخيص لقمع الأص
...
-
منظور حزب النهج الديمقراطي من الأمازيغية و الصراع الطبقي 3
-
منظور حزب النهج الديمقراطي من الأمازيغية و الصراع الطبقي 2
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|