أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صادق إطيمش - نعيم التعددية وجحيم الأحادية القسم الثاني















المزيد.....

نعيم التعددية وجحيم الأحادية القسم الثاني


صادق إطيمش

الحوار المتمدن-العدد: 2756 - 2009 / 9 / 1 - 22:14
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


نعيم التعددية وجحيم الأحادية ـ القسم الثاني
تطرقنا في القسم الأول من هذه المداخلة إلى الأسس ، وخاصة الدينية منها ، التي نستند عليها في مواجهة الخطاب الديني المعادي للتعدية والداعي إلى ألأحادية من خلال التنكر للآخر والذي يرفع الشعارات الداعية إلى رفضه أو إنصهاره ، خطاب الإسلام السياسي هذا الذي يتجه لتوظيف العنف والإكراه ضد الآخر بغية إجباره على التخلي عما يؤمن به بالقوة. وعلى هذه الأسس أيضاً نناقش خطاب الإسلام السياسي لنثبت بأن هذا الخطاب وكل ما ينجم عنه من تصرفات العنف والإكراه ضد الآخر المختلف عنه ما هي إلا مخالفات واضحة للتعاليم الدينية التي يدّعي هذا الخطاب الإلتزام بها . وإنه يتحرك بالوجهة المعاكسة للمشيئة الإلهية التي أقرت الإختلاف وشرعنت وجود الآخر لا تهميشه أو إقصاءه .
وعلى هذه الأسس أيضاً نؤكد بان خطاب الإسلام السياسي اليوم سواءً في وطننا العراق أو في المجتمعات الإسلامية الأخرى ما هو إلا وسيلة وليست غاية . إنه وسيلة من وسائل إستغلال الدين للوصول إلى تحقيق الغاية السياسية في السلطة وبالتالي التحكم بمصير الناس بطرح الشعارات وتطبيق الأفكار التي تتناقض وما يدَّعونه من إلتزامهم بالدين وتعاليمه . وأمثلة دولة الطالبان المقبورة وولاية الفقيه ودكتاتورية عمر البشير لا تزال أمثلة واضحة لمشروع الإسلام السياسي هذا . هذه النماذج من الأنظمة الدكتاتورية المصحوبة بالتخلف الفكري تؤكد إطروحة الترابط بين مفاصل التنوع السياسية والثقافية والدينية والقومية . وهذا التنوع هو الوحيد الجدير بإنتاج ثقافات متنوعة تتعايش من خلال التعامل مع معطيات القرن الحادي والعشرين من عمر البشرية . فمَن الذي يدعو إلى الأحادية ويقف بوجه التنوع...؟
منظرو الأحادية واعداء التنوع هم أولئك الأفراد والجماعات المنتظمة في منظمات أو العاملة على إنفراد والذين يتحركون ضمن تصور فكري ومنهج إكتسبوه بشكل لم يؤهلهم للنقد والتحليل ومن ثم بلورة هذا النهج والفكر المُكتَسَب . أي بعبارة أخرى إنهم يمثلون حالة الجمود الفكري الغير مؤهَل لإستيعاب أي شيئ آخر غير ذلك الذي جرى تلقينه لهم ضمن فترات زمنية تطول او تقصر . وهذا النوع من التفكير تناولته بعض المدارس الإسلامية بالنقد ، طالبة التأكيد على توظيف العقل ورفض التلقين والنقل . إلا أن مشكلتنا اليوم في المجتمعات الإسلامية هي إستمرار نهج التلقين كوسيلة من وسائل التعريف بالدين ، وهنا يستطيع المرء أن يتصور الخط الذي يسير عليه المجتمع من خلال هذا النوع من العلاقة بالدين . يبدأ هذا الخط التربوي بالتلقين الذي تمارسه العائلة منذ الولادة ، إذ أن طفل العائلة الإسلامية يولد مسلماً ، خاصة إذا كان الأب مسلم ، ولا قدرة لهذا الطفل ان يشاء ذلك أو يأباه . وبعد وصول هذا الطفل إلى عمر معين ، عمر الدخول إلى المدرسة ، تتنوع عنده مصادر التلقين إلا أن مضمونها يظل واحاً ( في المدرسة الحفظ عن ظهر قلب دون اللجوء إلى التحليل ) . وإذا إنطلقنا من النظرية القائلة بأن التراكمات الكمية تؤدي إلى تغيرات نوعية ، فإن ذلك ينطبق تماماً على شخصية هذا الإنسان الذي تلقى التلقين حتى بلوغه سن الرشد القانوني حيث يتحول هذا التلقين إلى حقيقة مطلقة لا تتقبل الآخر . القناعة بهذه الحقيقة المطلقة تدفع المؤمن بها إلى السعي لنشرها وذلك باستعمال نفس الأساليب التي توصل بها هذا المؤمن إلى حقيقته المطلقة هذه ، أي أساليب التلقين والتكرار بعيداً عن التحليل العلمي الفلسفي . هذا النوع من السعي لنشر الحقيقة المطلقة قد يؤدي إلى الإصطدام بمن يطلب المزيد من المعرفة حول هذه الحقيقة المطلقة ، خاصة تحت ظروف تعدد وسائل إكتساب المعرفة اليوم . طلب المزيد حول هذه الحقيقة قد يُواجَه من قبل الساعي لنشرها باستعمال العنف حيث أنه لا يمتلك الوسيلة العلمية التي تؤهله الإستجابة لهذا الطلب ، إذ ينتابه شعور التحدي للآخر الذي لا يؤمن بما آمن به هو. إذن : البيت ـــــــــــ> المدرسة ــــــــــــــ> التلقين بالحقيقة المطلقة ــــــــــــــــــ> ألإيمان بالحقيقة المطلقة الخالي من التحليل ــــــــــــــ> السعي لنشر الحقيقة المطلقة بنفس الأساليب التي تعلمها المؤمن بها ـــــــــــــــ> طلب المتلقي المزيد من المعلومات حول هذه الحقيقة المطلقة ــــــــــــــــ> عدم القدرة على الإستجابة لمثل هذا الطلب ــــــــــــــــــ> اللجوء إلى العنف لنشر الإيمان بهذه الحقيقة المطلقة التي أصبحت غاية بذاتها ــــــــــــــ> يؤدي إستعمال العنف إلى إلغاء الآخر .
وهكذا نرى ضيق الشرنقة التي يتحرك ضمنها المؤمنون بأحادية الحقيقة التي يمثلونها ، ويتناسب هذا الضيق تناسباً طردياً مع ما يتوفر من وسائل المعرفة الحديثة التي تقود إلى كثرة علامات الإستفهام هذه التي تقود بدورها إلى العنف المؤدي إلى إقصاء الآخر . وليس غريباً عنا المقولة التي يرددها دعاة الحقيقة المطلقة هؤلاء والتي تنص على أن " لا جدال في الدين ."
فما العمل إذن أزاء ذلك ...؟
إن البرامج التعليمية المدروسة بشكل علمي حديث والمعمول بها في كافة المراحل التربوية والدراسية يمكن أن تكون المدخل الأساسي لحل هذه الأزمة . من الطبيعي ان هذه المهمة صعبة جداً ولا يمكن تحقيقها بفترة زمنية قصيرة وبالتالي فلا يمكننا إنتظار الحلول السريعة لمثل هذا التعقيد الذي نراه اليوم في مختلف مفاصل المجتمعات الإسلامية . كما أن درجة تطور المجتمع تلعب دوراً أساسياً في تقبل العملية التعليمية الجديدة التي تهيئ لهذا التطور . وهكذا نرى مدى الترابط بين الإثنين بحيث لا يمكننا الإهتمام بجانب دون الآخر . إلا أن البدء بالتعليم المُبَرمَج برمَجة علمية سواءً من خلال المناهج الدراسية أو التربية العائلية أو ضمن المؤسسات الدينية سيكون المدخل الجيد لمعالجة أُحادية الفكر والمنهج .
التعليم يجب أن يتم بشكل يضمن وصول الفكر النقدي إلى المتلقي وهنا سنرى مخططاً معاكساً تماماً للمخطط أعلاه والذي تم بموجبه إكتساب الحقيقة المطلقة ، مخططاً معاكساً لسير وبلورة الفكر الأحادي .
التعليم الذي نسعى إليه يجب أن يكون تعليماً نقدياً ، وهذا لا يتم إلا من خلال وضع الفلسفة كمادة اساسية في كافة المراحل الدراسية . إن هذا النوع من التعليم سيقود بالضرورة إلى سلوك المنهج التحليلي باكتساب العلم والمعرفة ، المنهج التحليلي الذي يتلقى العلم من خلال كيف ....ولماذا....وليس من خلال التلقين . هذا النوع من إكتساب العلم يثير لدى المتلقي سلوك منهج المقارنة ، هذا المنهج الذي سينجم عنه طرح عدة حقائق ، لا حقيقة واحدة ، كمواد للمقارنة ، اي التنكر لمبدأ الحقيقة المطلقة . إن سلوك منهج المقارنة هذا يؤدي بالضرورة إلى التعامل مع الحقائق المطروحة للنقاش ، وهذا يعني اللجوء إلى المحاورة مع متلقي هذه الحقائق ( الفرضيات ) المختلفة وبالتالي قبول الآخر والتعامل معه . أي :
التعليم النقدي من خلال الفلسفة ـــــــــــــــــ> يؤدي إلى سلوك المنهج التحليلي من خلال كيف و لماذا ـــــــــــــــــــ> هذه الأسئلة تؤدي إلى التعامل مع فرضيات عديدة ـــــــــــــــ> سلوك منهج المقارنة بين هذه الفرضيات ـــــــــــــــــ> عدم وجود فرضية أو حقيقة واحدة ـــــــــــ>التعامل مع هذا الحقائق أو الفرضيات من خلال التعامل مع متلقيها ــــــــــــ> القبول بالآخر والتعامل معه .
فلو وضعنا هذين المخططين جنباً إلى جنب لوجدنا ما يمكن ان تقود إليه العملية التعليمية إستناداً إلى المنهج الذي تسلكه هذه العملية ومدى تأثير هذا المنهج على الكيان الإجتماعي العام . وعلى هذا الأساس فإنني ارى ان الواجب الوطني يدعونا جميعاً لطرح مسألة إعادة النظر بالمناهج التعليمية في كافة مراحلها موضع التفعيل العملي ، ووضع برامج جديدة تنسجم وما نصبو إليه من تقدم وما نسعى إليه من حضارة في هذا الوقت الذي تتزاحم فيه الأمم على تحقيق اكثر ما يمكن تحقيقه من وسائل العيش الرغيد في عالم يسوده السلام وتنتشر فيه المحبة بين الشعوب على إختلافها .
الدكتور صادق إطيمش





#صادق_إطيمش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نعيم التعددية وجحيم الأحادية القسم ألأول
- لقطات من المهرجان الثقافي العراقي في برلين
- شموخ الثقافة العراقية في برلين
- أحزاب ألإسلام السياسي بالعراق .....قد فشلت وحان رحيلها
- هدية الشعب الكوردي إلى النائب البرلماني أسامة النجيفي
- واضربوهن....مرة أخرى / القسم الثاني
- واضربوهن....مرة أخرى / القسم الأول
- الفقهاء بين التيسير والتعسير
- إبن عربي رائد العلم الحديث
- نَفس عراقي أصيل يتهاوى أمامه الرقعاء
- النقاب ، ورقة خاسرة أخرى يلعبها الإسلام السياسي
- مِن هالمال....حَمل إجمال
- تخبط ملالي ولاية الفقيه
- أولُ غيث أكاذيب ولاية الفقيه
- مآزق منظري ولاية الفقيه القسم الثالث
- مآزق منظري ولاية الفقيه القسم الثاني
- مآزق منظري ولاية الفقيه القسم الأول
- ديمقراطية الإختيار بين الأرنب والغزال في ولاية الفقيه
- - أشو ياهو التكضه صار صدام.......وأكو صدام بس لابس إعمامه -
- خطابان في الميزان


المزيد.....




- عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - صادق إطيمش - نعيم التعددية وجحيم الأحادية القسم الثاني