|
العرب وجثة النظام الصدامي !
سهر العامري
الحوار المتمدن-العدد: 839 - 2004 / 5 / 19 - 05:09
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لازال بعض من العرب يحلم بعودة النظام الصدامي لحكم العراق من جديد ، ذلك النظام الذي أطعم هذا البعض من جهد وعرق العراقيين الكثير ، وفي عملية اختلاسة خسيسة رأتها الدنيا كلها ، ومن خلال الرشى والهبات المذهلة التي كان صدام يسفح بها هنا وهناك ، هذه النعمة ! جعلت بعضا من العرب لن يصدق للان أن صداما قد خرج من باطن الارض كجرذ صبّ الامريكان في جحره ماء حارا فخرج ينشد الحياة ، والحياة فقط ولاغير ، وقد ذهبت عنه جميع الالقاب التي اشترها باموال فقراء العراق ، وعاد لا بطل قادسية ، ولا بطل تحرير قومي ، ولا حتى بعوضة تقرص ! لكن البعض هذا من لا يريد أن يصدق كل هذا ، ولا زال يمني النفس بتلك الايام الخوالي ، حين كان يصفق طويلا لصدام ، ليحل عليه المال والثراء المتصل ، ولا فرق في أن يكون المال هذا دولارات امريكية خضر ، أو كوبونات نفط حمر، فالمال هو المال ، وتحيا الأمة العربية ! وفلسطين عربية ! ولتسقط الشيوعية ! حلم عودة النظام الصدامي للحكم في العراق لم يراود عقول الصغار من هؤلاء البعض فقط ، والذي تمنى احدهم ، وهو محام ٍ أردني يريد أن يتوكل للدفاع عن مجرم العرب ، وبسذاجة الاطفال ، على قوات الحلفاء أن تعيد الوضع في العراق الى ما كان عليه قبل زوال الحكم الصدامي ، بل وصلت هذه السذاجة في المطالبة الى عقول ملوك ورؤساء عرب ، فإذا كان الاخ الرئيس ! علي عبد الله صالح ، الرئيس اليمني ، والذي قبض من صدام في احدى زيارته للعراق مليار ومئتين الف دولار امريكي من أموال شعبنا المنهوبة ، وفي عرس قومي ، عروبي احتفلت به اذاعة وتلفزيون اليمن الشمالي وقتها ، يتبنى ذات المطالب التي كان صدام يرددها ، وهي عدم قيام احزاب في العراق على اساس عرقي أو طائفي ، وكأن الاخ الرئيس ! وصدام ما كانا عرقيين ، وطائفيين في وقت واحد، هذا المطلب وغيره تضمنته مبادرة يمنية ! عن الوضع في العراق ، كانت ستُقدم الى مؤتمر القمة العربية المزمع عقدها في تونس عما قريب ، والتي جوبهت برفض قاطع من قبل وزارة الخارجية العراقية ، ممثلة بشخص وزيرها هوشيار زيباري ، مما اضطر الجامعة العربية الى رفض تلك المبادرة ، الرفض الذي ترتب عليه زعل الاخ الرئيس الذي اعادت له الامم المتحدة جزيرة حنيش ، بعد أن سلبها منه أفورقي في وضح النهار ، وهو ذليل ، صاغر ، وبسبب من هذا الرفض قرر هو مقاطعة جلسات مؤتمر القمة العربية القادمة ، والاكتفاء بارساله لوزير خارجيته 0 لكن الغريب في الامر أن يظهر علينا الملك عبد الله ، والذي عاش في الغرب ، وتدرب تدريبا عسكريا بين احضان قوات حلف الاطلسي في قواعده من المانيا ، والذي عمل الامريكان ، واخواله الانجليز مجدين في تنصيبه ملكا على الاردن ، واغتصاب حق عمه ، الحسن بن طلال ، في ولاية العهد ، وذلك بعد وفاة والده ، الملك حسين الذي كان أحد عملاء دائرة المخابرات الامريكية المرموقين ، والذي صلى على جثامنه اربعة من الرؤساء الامريكيين ، أقول : لقد ظهر علينا الملك عبد الله حالما مثل غيره من الحالمين العرب بعودة النظام الصدامي ، وصاروا كلما قتل الارهابيون القادمون من الاردن ومن غيره احد القادة العراقيين يردون سبب ذلك لغياب جيش صدام ، واجهزته القمعية ، ويطالبون بعودتها ، وينفخون في جثة النظام الصدامي التي تعفنت منذ ما يزيد على سنة ، حتى لكأن المرء الفطن يستطيع أن يربط بين الجرائم الارهابية التي ينفذها عرب وبالتعاون مع فلول صدام الذين يوفرون لهم قواعد انطلاق في العراق ، وبين كل تصريح يصدر من مسؤول عربي ، كالملك عبد الله ، يلقي بالائمة على حدوث مثل هذه الجرائم على الضحية ، وليس على هؤلاء القتلة المجرمين الذين يوفرون لهذا المسؤول أو ذاك حجة المطالبة بعودة فلول صدام الى الحياة السياسية في العراق من جديد ، وبذريعة هي أن الذين كانوا قد انتموا الى حزب البعث في العراق ، انما انتموا من أجل أن يحصلوا على وظيفة يعيشون منها ، كما راح يردد الملك عبدالله مثله مثل ايتام صدام ، وفاته أن اكثر من أربعة ملايين عراقي لم يفقدوا وظائفهم ، وبيوتهم وحسب ، وإنما فقدوا وطنهم ، وهربوا من جحيم نظام صدام ، دون أن يرف جفن لعين الملك ، ولا للاخ الرئيس ! ولا لعمرو موسى الطائفي ! ومما يطالب به الملك الغر ، الضرير هو أن يكون حاكم العراق الجديد من الذين كانوا يتفيئون بفيء حكم صديقهم المجرم ، الحميم ، صدام ، الذي كان هو أول من باعه للامريكان ، وذلك حين سمح لطلاع الجيوش الامريكية أن تتخذ من الاردن قاعدة تجسس على جيش صدام قبل نشوب الحرب الاخيرة باشهر ، والسبب الذي يدعو الملك الغر في أن يطرح هذا المطلب هو كون بعض العراقيين ممن يسعى للوصول الى قمة هرم السلطة فيه الان كان في خارج العراق ، وهذه سبة باعتقاد الملك ، ولو كان هو قد التفت الى التاريخ من قرب ، لما ردد عبارات ترددها بعض من وسائل الاعلام العربية البائسة ، مثل جريدة الحياة التي تبكي صداما ونظامه بعين بعيدة ، أو مثل بعض عملاء صدام من الاعلاميين العرب ، ولوجد الملك أن اجداده قد جاءوا من الخارج ، وعلى دبابة أنجليزية ، وحكموا شرق الاردن ، كما أن أحد اجداده ، وهو الملك فيصل الاول ، قد أتى به الانجليز من الخارج ، ونصبوه ملكا على سورية أولا ، ثم على العراق ثانية ، وهل يريد الملك أن ازيده امثلة على من أتى من الخارج ثم حكم بلده ، فمن التاريخ القريب يأتي في المقدمة الامام الخميني الذي عاد حاكما لبلاده بعد نفي في العراق ، مضت عليه ست عشرة سنة ، ومنهم الجنرال الفرنسي ، ديغول ، الذي وصل الى الحكم في فرنسا على ظهور دبابات الخلفاء بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها ، وها هو التاريخ أمام الملك ليجد فيه من الامثلة الكثير ، فلماذا يريد الملك عبد الله ، وغيره من اتيام صدام من العرب أن يُحرم على عراقي الخارج ، الذي اضطروا ، وتحت ارهاب وظلم نظام صدام الساقط ، الى مغادرة العراق ، ما حُل لغيرهم من ابناء شعوب أخرى غادروا بلدانهم ، وعادوا حكاما لها ؟ أما جيش صدام الذي يبكي عليه الملك عبد الله فلم يكن جيشا أعده صدام ليدافع به عن الشعب العراقي والعراق ، وإنما كان هو اداة قمع بيد النظام ، طالما استخدمها في محو قرى عراقية باكملها ، ولولا هذا الجيش والاجهزة القمعية الاخرى التي بناها صدام لما استطاع البقاء جاثما على صدر العراق والشعب العراق طوال هذه السنوات العجاف ، واداة عدوان اعتدى به على شعبين جارين للعراق هما ايران والكويت ، وليكن في علم الملك ، بعد ذلك ، أن الجيش العراقي قد حل نفسه، وهرب قبل أن يصل جند بوش الى العاصمة العراقية التي احتلوها بدبابتيين لا غير ، وكان أول الهاربين قائد هذا الجيش ، صدام حسين الذي فرّ الى حفرة لم تحمهِ ، كما يعلم جلالة الملك ! أما سياسية اجتثاث البعث التي هي مطلب اغلب العراقيين ، ليس سياسة عمياء لا تفرق بين بعثيّ برىء ، وبين بعثيّ مجرم يلجأ عند الملك عبد الله ، وعند حكام بعض دويلات الخليج ، والبعثيون العراقيون هم عراقيون ، والحكام العراقيون الجدد أولى بهم من حاكم غير عراقي ، مثل الملك عبد الله ، الذي يبكي على الثلاثمئة مليون دولار نفطا ، كان صدام يقدمها للاردن شهريا ومجانا دون موافقة الشعب العراقي على ذلك ، ويبكي كذلك على الايام التي حول فيها المجرم صدام العراق الى سوق للمنتجات الاردنية الرديئة المادة والصنعة ، بعد أن حطم صدام كل وجه من أوجه الصناعة العراقية التي تتخطى الصناعة الاردنية جودة وتاريخا ، والملك يخشى اخيرا من أن حكام العراق الجدد سيحكمهم برمان ، وصحافة حرة ، سيحرمان عليهم أي تبديد لثروة العراقيين من دون موافقة من ممثلي الشعب 0 لقد ذهبت – ايها الملك – تلك الليالي التي كان يرمي بها عدي بن صدام ، صديقك ، سبعين الف دولار تحت أقدام راقصتكم الشهيرة : سماهر ، وفي ليلة واحدة ، لتخرج علينا صحفكم التي كان صدام يمولها في صباح اليوم التالي ، تتصدرها مانشيتات عريضة تقول : انظروا ! إنه الكرم العراقي ! ورغم أن العراقيين معروفون بالكرم ، لكن كرمهم ليس ككرم القاتل عدي الذي صار رميما مثل نظام أبيه ، لقد مات نظام صدام - ايها الملك - ولن يعود ، وابدا لن يعود ايها الملك !
#سهر_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من اللاهوت الى الواقعية السياسية !
-
ظرف الشعراء ( 17 ) : الأحوص
-
على تخوم أبي غريب !
-
من سيرهب من ؟
-
البازار يستعجل رحيل الصدر !
-
ويقتلون بالذهب !
-
ايتام عفلق ودفاع آل ثالث !
-
ظرف الشعراء ( 16 ) : الوليد بن يزيد
-
من وحي الذكرى !
-
ظرف الشعراء ( 15 ) : إبن هرمة
-
الارهابيون العرب من الفلوجة الى الزبير !
-
حكومة عراقية !
-
ظرف الشعراء ( 14 ) : ذو الرّمة
-
مفلس من مفلسين !
-
صدام الصغير شيوعيا !
-
ما بين الفلوجة وكربلاء !
-
لن يكون العراق ورقة ضغط بأيديكم !
-
الصميدعي والمهمات المنتظرة !
-
كيف تفهم المواقف ؟
-
كاظمي قمي كان الشرارة !
المزيد.....
-
في ظل حكم طالبان..مراهقات أفغانيات تحتفلن بأعياد ميلادهن سرً
...
-
مرشحة ترامب لوزارة التعليم تواجه دعوى قضائية تزعم أنها -مكّن
...
-
مقتل 87 شخصا على الأقل بـ24 ساعة شمال ووسط غزة لتتجاوز حصيلة
...
-
ترامب يرشح بام بوندي لتولي وزارة العدل بعد انسحاب غايتس من ا
...
-
كان محليا وأضحى أجنبيا.. الأرز في سيراليون أصبح عملة نادرة..
...
-
لو كنت تعانين من تقصف الشعر ـ فهذا كل ما تحتاجين لمعرفته!
-
صحيفة أمريكية: الجيش الأمريكي يختبر صاروخا باليستيا سيحل محل
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان مدينة صور في جنوب لبنا
...
-
العمل السري: سجلنا قصفا صاروخيا على ميدان تدريب عسكري في منط
...
-
الكويت تسحب الجنسية من ملياردير عربي شهير
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|