|
الوضع الراهن و مهام الماركسيين اللينينيين المغاربة الجزء 6
امال الحسين
كاتب وباحث.
(Lahoucine Amal)
الحوار المتمدن-العدد: 2760 - 2009 / 9 / 5 - 14:54
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
إن الحركات الإجتماعية و المعرفية في علاقة جدلية دائمة عبر التاريخ في ظل تعدد المصالح وتناقضها بين الطبقات الإجتماعية المتناقضة ، بعد نشأة الأسرة و الدولة و ظهور النظام الإقطاعي و توظيف عامل المعتقد أيديولوجيا في العلاقات الإجتماعية ، و تعتبر القرون الثلاثة الماضية أهم المراحل التاريخية التي عرفت فيها الحركة الإجتماعية و المعرفية تفاعلا هائلا لم تشهده البشرية من قبل ، حيث تم القضاء على النظام الإقطاعي الذي قام مقامه النظام الرأسمالي و بالتالي القضاء على العبودية الإقطاعية التي قامت مقامها العبودية الرأسمالية ، مما نتج عنه بروز صراع دائم بين الحركة الإجتماعية و المعرفية البورجوازية و الحركة الإجتماعية و المعرفية الإشتراكية ، و لم يحدث ذلك إلا بعد تحقيق أربع ثورات اجتماعية هائلة : الثورة الإنجليزية عام 1689 و الثورة الأمريكية عام 1776 و الثورة الفرنسية عام 1789 و أروعها الثورة البولشيفية عام 1917 ، و كان لهذه الثورات الأربع أثر كبير في تسريع دينامية الحركة الإجتماعية في تفاعل دائم مع الحركة المعرفية التي رافقتها في علاقة جدلية دائمة ، إلا أن هذه الثورات الإجتماعية و المعرفية لم تسلم من التناقضات التي تحكم سيرورة الحركة و بلغت التناقضات مداها في ظل تعدد المصالح و تناقضها بين الطبقات المتصارعة في المجتمعات الرأسمالية ، الشيء الذي نتجت عنه كوارث إجتماعية تجلت خاصة في الحربين الإمبرياليتين الأولى و الثانية ، نتيجة الصراع بين الرأسمال و العمل و بين الإمبرياليات فيما بينها. لقد تم تحقيق ثورة اجتماعية و معرفية إشتراكية في القرن 19 و التي تم تتويجها في بداية القرن 20 بقيام الثورة البولشيفية ، التي جاءت لحسم الصراع القائم بين الرأسمال و العمل بعد انتصار مفاهيم البورجوازية على مصالح الإقطاع ، و ذلك ببروز الحركة المعرفية الإشتراكية المناقضة للحركة المعرفية البورجوازية نتيجة الحركة الإجتماعية الإشتراكية ، و بالتالي بروز المنتظم الإشتراكي المناقض للمنتظم الرأسمالي الذي أحدث التوازن في الصراع الطبقي في ظل جدلية تناقضات الحركة الإجتماعية و المعرفية ، و برز المنتظم الإشتراكي نتيجة الصراع القائم بين الرأسماليات الإمبريالية فيما بينها من جهة وبينها و بين الحركة الإجتماعية و المعرفية الإشتراكية من جهة ثانية ، و كان للولادة القيصرية للمنتظم الإشتراكي بعد نتائج الحرب العالمية الثانية أثر كبير في ضعفه و بالتالي انهياره خاصة بعد التخلي عن النظام الإشتراكي و إعادة بناء الرأسمالية بالإتحاد السوفييتي نتيجة الخط الإنتهازي التحريفي ، إلا أن الحركة المعرفية الإشتراكية التي تأسس النظام الإشتراكي على أنقاضها بقيت صامدة رغم كل النكسات التي عرفتها بعد انهيار المنتظم الإشتراكي ، فكان لابد من الحركات الإجتماعية الضرورية من أجل بعث الحركة المعرفية الإشتراكية ، ولم يتأتى ذلك إلا بعد بروز الوجه الحقيقي للرأسمالية الإمبريالية التي تسعى إلى السيطرة على السلطة السياسية و الإقتصادية و الهيمنة الأيديولوجية البورجوازية بالقوة العسكرية على الطبقات الإجتماعية المناقضة للبورجوازية ، و كان للطبيعة التناحرية للنظام الرأسمالي أثر كبير في سقوط الإمبريالية الأمريكية وحليفاتها الغربية في مستنقع الحروب (العراق،أفغانستان،السودان،الصومال...) بعد كشف زيف شعاراتها حول الديمقراطية و حقوق الإنسان و محاربة الإرهاب الشيء الذي دمر الرأسمال المالي. فإذا كان الإستعمار و الحروب صمام أمان الرأسمالية الإمبريالية للخروج من أزماتها المزمنة في بداية نشأتها فإن الإستعمار و الحروب اليوم تشكل مصدر أزمات الرأسمال المالي ، فكانت الحرب بين الإمبرياليات لتقسيم العمل غير ممكنة لأنها قد تعصف باقتصادياتها الشيء الذي يفسر عدم قدرة أمريكا على الدخول في حرب القوقاز ضد روسيا/الإمبريالية الحديثة ، ذلك لأن الإستعمار و الحرب في أفغانستان والعراق أنهك كاهل أمريكا و حلفائها و من المستحيل تجنيد الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء بالمستعمرات كما هو الشأن في الحربين الإمبرياليتين الأولى و الثانية و فتح جبهات مباشرة مع الإمبرياليات الناشئة ، هكذا برزت الأزمة المالية بأمريكا و انتشرت في باقي البلدان الرأسمالية كطبيعة للأزمات التي تلازم النظام الرأسمالي باعتباره نظاما تناحريا ، و كانت أزمة الرأسمالية أزمة مالية في عصر الإمبريالية أعلى مراحل تطور الرأسمالية التي يهيمن فيها الرأسمال المالي على الرأسمال التجاري و الصناعي. و كان لابد من بعث الحركة الإجتماعية الإشتراكية التي تؤسس لبعث الحركة المعرفية الإشتراكية من أجل التوازن في الصراع الطبقي بين الحركة الإجتماعية و المعرفية الرأسمالية و الحركة الإجتماعية والمعرفية الإشتراكية في ظل وحدة التناقضات الأساسية للحركة ، ذلك ما نراه اليوم في أمريكا اللاتينية التي تعرف حركات اجتماعية اشتراكية متنامية تميزت بالدفاع عن الإستقلال المالي عن الرأسمالية الإمبريالية ، و برزت مع صمود التجربة الإشتراكية بكوبا و بروز ثورة الفلاحين الفقراء بدون أرض بالبرازيل و وصول أحد العمال الإشتراكيين إلى رئاسة الدولة ، و أروعها ما تعرفه فينزويلا من حركة اجتماعية إشتراكية استطاعت عبرها الجماهير الشعبية إسقاط محاولة الإنقلاب المدبر ضد رئيسها من طرف الإمبريالية الأمريكية ، و ما تلا ذلك من حركة اجتماعية عمالية سيطرت على المؤسسات الصناعية بفضل دينامية الحركة الإجتماعية والمعرفية الإشتراكية بعقد المنتديات الإجتماعية ضد الرأسمالية الإمبريالية من أجل البناء الإشتراكي ، وبروز سياسة تأميم المؤسسات المالية و الإنتاجية الوطنية من طرف حكومة تشافير (شركات البترول، المصانع،البنوك) ، و تنامت الحركة الإجتماعية و المعرفية الإشتراكية بأمريكا اللاتينية مع صعود امرأة ذات توجهات اشتراكية في الشيلي إلى رئاسة الدولة بعد انهيار النظام الدكتاتوري بها ، مما يؤسس لتداول السلطة السياسية بين المرأة و الرجل في ظل الحركة الإجتماعية الإشتراكية في بلد عرف أزيد من ربع قرن من الحكم المطلق ، و هكذا تناسلت الحركات الإجتماعية و المعرفية الإشتراكية بأمريكا اللاتينية التي تم تتويجها ببناء اتحاد هذه الدول في أفق بناء ولايات أمريكا اللاتينية الإشتراكية ، إلا أن الحركة الإجتماعية بأمريكا اللاتينية بالرغم من ثوريتها تبقى بعيدة كل البعد عن التصور الماركسي اللينيني للثورة حيث يطغى عليها البعد السلمي و الوصول إلى السلطة عبر النضال الديمقراطي السياسي ، و لكنها تبقى تجارب في حاجة ماسة إلى الدراسة النقدية من أجل الإستفادة منها و هي تجارب مهمة في ظل سقوط المنتظم الإشتراكي وهيمنة الإمبريالية الأمريكية على العالم ، و تبقى هذه التجارب مهمة لكونها تسير في مواجهة هجوم الإمبريالية على مصالح الشعوب بأمريكا اللاتينية و هي دعامة أساسية للحركة الثورية العالمية ضد اضطهاد الشعوب ، كما تعتبر التجربة الثورية بالنيبال جد مهمة في نضال الحركة الثورية العالمية و التي تم تتويجها ببناء جمهورية ديمقراطية بقيادة الماركسيين اللينينيين ذوي التوجهات الماوية. و كان لهذه الحركات الإجتماعية الإشتراكية أثر كبير في بروز حركات اجتماعية ذات أبعاد متعددة في بعض الدول التابعة للرأسمالية الإمبريالية ، التي عرفت في مراحل تاريخية سابقة أنظمة ديكتاتورية سيطرت على السلطة بالحديد و النار و شيعت القمع و الرعب في أوساط الشعوب ، ذلك ما نراه في تنامي الحركات الإجتماعية بالمغرب باعتباره بلدا عرف خلال سنوات القمع الأسود قمعا شرسا ضد الحركات الإجتماعية و المعرفية الإشتراكية بعد الإستقلال الشكلي ، تجلى أساسا في قمع الإنتفاضات الشعبية و سقوط الشهداء و المعتقلين و على رأسهم الماركسيون اللينينيون و خاصة مناضلو منظمة إلى الأمام ، و ظهرت منذ 2004 بالمغرب حركات اجتماعية احتجاجية ذات أبعاد مطلبية متعددة تختلف من منطقة إلى أخرى و من مجال إلى آخر حسب الدوافع الإجتماعية التي تمخضت عنها (إيملشيل،تامسينت،سيدي إيفني،طاطا،بكارة،بوميا،أيت أورير،صفرو،أولوز،بومالن دادس،إيمني،جبل عوام...) ، تلتقي جميعها في البعد السياسي الذي يحكمها انطلاقا من التصدي للأساس الإقتصادي للنظام القائم الذي يتسم بالطبقية و توسيع دائرة الفقر. و لا غرابة أن تتم مواجهة هذه الحركات بالقمع و الإعتقال و المحاكمات الصورية و السجون التي لا يمكن فصلها عن سابقاتها في سنوات القمع الأسود و التي كانت آنذاك تواجه بالحديد و النار إلا في حدة و قوة مواجهة النظام القائم لها ، و الدارس لهذه الحركات الإجتماعية يلاحظ أنها متواترة و هي حصيلة تطور حركة التنظيمات الذاتية للجماهير خاصة بالبوادي و التي لعبت دورا هاما في تأطير و تنظيم الجماهير محليا ، فمنذ منتصف التسعينات من القرن الماضي و الحركة الإجتماعية متسارعة في اتجاه تفعيل الحركة الجمعوية التي اتجهت في أول الأمر إلى إشباع حاجات الأفراد و الجماعات محليا عبر المشاريع التنموية ، و عرفت دينامية هائلا على مستوى التأسيس و الحركة و الإعتماد على الذات و محاولة مواجهة المشاكل الإجتماعية الناتجة عن تملص النظام القائم من مسؤولياته في تردي الأوضاع اٌقتصادية و الإجتماعية ، فعلى الرغم من أن جل الجمعيات التنموية بالبوادي قد تأسست بإيعاز من السلطات و الجماعات المحلية من أجل استغلالها في نهب الأموال إلا أنها و بعد عقد من التنظيم وتنامي الحركة الإجتماعية أصبحت مستقلة عنها وذات أبعاد مطلبية سياسية ، فأصبحت في مرحلة موالية في مواجهة السلطات و الجماعات المحلية عندما توصلت الجماهير الشعبية و بفضل تجربتها الخاص إلى أنه لا يمكن تحقيق مشاريعها التنموية و أن حل مشاكلها لا يمكن أن يتم إلا عبر تغيير الأساس الإقتصادي للنظام القائم.
تارودانت في : 31 غشت 2009 امال الحسين
#امال_الحسين (هاشتاغ)
Lahoucine_Amal#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الوضع الراهن و مهام الماركسيين اللينينيين المغاربة الجزء 5
-
الوضع الراهن و مهام الماركسيين اللينينيين المغاربة الجزء 3
-
الوضع الراهن و مهام الماركسيين اللينينيين المغاربة الجزء 2
-
الوضع الراهن و مهام الماركسيين اللينينيين المغاربة الجزء 1
-
المادية و دحض الفكر الإنتهازي التحريفي الجزء 8
-
المادية و دحض الفكر الإنتهازي التحريفي الجزء 6
-
المادية و دحض الفكر الإنتهازي التحريفي الجزء 7
-
المادية و دحض الفكر الإنتهازي التحريفي الجزء5
-
المادية و دحض الفكر الإنتهازي التحريفي الجزء4
-
المادية و دحض الفكر الإنتهازي التحريفي الجزء 3
-
المادية و دحض الفكر الإنتهازي التحريفي الجزء 2
-
المادية و دحض الفكر الإنتهازي التحريفي الجزء 1
-
التشكيلة الإجتماعية بسوس العليا /تالوين بالمغرب
-
النضال الطبقي للفلاحين الفقراء بأولوز ضد الإقطاع و الكومبراد
...
-
من كولومنا إلى جبل بوعلام بإفني أيت بعمران 20 ألف متظاهرة و
...
-
التلويح بتهمة التجمهر في الشارع العمومي بدون ترخيص لقمع الأص
...
-
منظور حزب النهج الديمقراطي من الأمازيغية و الصراع الطبقي 3
-
منظور حزب النهج الديمقراطي من الأمازيغية و الصراع الطبقي 2
-
منظور حزب النهج الديمقراطي من الأمازيغية و الصراع الطبقي 1
-
الرأسمالية الإمبريالية و النضال الطبقي بسوس بالمغرب
المزيد.....
-
مواجهة التغول الرأسمالي الإمبريالي تتطلب تصعيد وتوحيد نضالات
...
-
ألعاب نارية تضيء سماء بطرسبورغ في الذكرى الـ81 لرفع الحصار ع
...
-
بغداد ترفض الحرب.. وأنقرة تضغط من أجل مقاتلة حزب العمال
-
فلنشكل جبهة شعبية لمواجهة مخططات التهجير ولدعم النضال الفلسط
...
-
تعريب العلوم: جدل الهوية والتحرر
-
تعقيب أحمد العبادي عن فريق التقدم والاشتراكية على رئيس الحكو
...
-
تلغراف: ترامب يحطم بالفعل الدولة اليسارية العميقة
-
مؤرخ ألماني يدعو برلين إلى الاعتراف بحصار لينينغراد كجريمة إ
...
-
الذكرى الـ81 لفك الحصار عن لينينغراد
-
الرفيق حنا غريب، الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني، في حوا
...
المزيد.....
-
الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور
...
/ فرانسوا فيركامن
-
التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني
...
/ خورخي مارتن
-
آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة
/ آلان وودز
-
اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر.
...
/ بندر نوري
-
نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد
/ حامد فضل الله
-
الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل
/ آدم بوث
-
الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها
...
/ غازي الصوراني
-
الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟
/ محمد حسام
-
طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و
...
/ شادي الشماوي
-
النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا
...
/ حسام عامر
المزيد.....
|