أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - الاممية الرابعة - إرنست ماندل: المفكر الماركسي، المناضل الثوري والقائد الأممي















المزيد.....



إرنست ماندل: المفكر الماركسي، المناضل الثوري والقائد الأممي


الاممية الرابعة

الحوار المتمدن-العدد: 838 - 2004 / 5 / 18 - 04:33
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


المحتويات
- إرنست ماندل : معالم من سيرة مناضل ثوري أممي.
- الإرث النظري لإرنست ماندل ـ دانييل بنسعيد.
- إرنست ماندل : المسيرة الطويلة لمناضل ثوري ـ فرنسوا فيركامن.
- ثلاث رسائل للشباب ـ إرنست ماندل.
- الوصية (مقتطف) ـ إرنست ماندل.

إرنست ماندل
معالم من سيرة مناضل ثوري أممي

ولد ارنست ماندل سنة 1923 بفرانكفورت من عائلة ثورية شيوعية. كان أبوه عضوا في حركة سبارتكوس بوند، حيث ناضلت روزا لوكسمبورغ، والتي عارضت بنشاط خلال سنوات 30 الستالينية وصعود الفاشية. في هذا المناخ، حيث كان «منتصف ليل القرن «، ترعرع الشاب ماندل. والتحق وعمره 17 سنة بصفوف الأممية الرابعة ببلجيكا حيث لجأت أسرته.
شارك في مقاومة الحرب والاحتلال النازي مدافعا عن وجهة نظر أممية جريئة (بخلاف التيارات البورجوازية والستالينية) وصلت حدود توزيع مناشير ثورية وسط الجنود الألمان. أقنع، بمعية أبراهام ليون، الصهيونيين اليساريين داخل منظمة شومير هازيير (الحرس الفتي) ـ التي كانت قطعت مع الحزب الشيوعي بعد ميثاق هتلر ـ ستالين ـ بتبني الماركسية الثورية. أسس ماندل بصفته مناضلا في الحزب الاشتراكي الثوري، سلف الحزب العمالي الاشتراكي أنوية ثورية وسط عمال المناجم وعمال صناعة التعدين في شارل لوروا ولييج. اعتقله المحتل مرات عديدة لكنه يفر كل مرة. وفي نهاية الحرب نفي إلى معسكرات العمل بألمانيا، لكنه فر مرة أخرى (أبريل 1945) عندما أوشكت هزيمة النازية والتحق برفاقه ببلجيكا.
انخرط في الحركة النقابية بعد الحرب، وأصبح أحد المستشارين الرئيسيين لأندري رونارد (الكاتب العام المساعد للفدرالية العامة لعمال بلجيكا FGTB الذي كان يقود اليسار النقابي)، كانا قد التقيا في الحرس الاشتراكي الفتي JGS بلييج خلال مقاومة الفاشية حيث كان رونارد يقوم بدور قيادي.
في الفدرالية العامة لعمال بلجيكا FGTB كان ماندل من الدافعين ببرنامج »الشركات الكبرى Holdings والديمقراطية الاقتصادية «وخطة الإصلاحات الهيكلية المعادية للرأسمالية. وساهم بالموازاة في تأسيس جريدة »اليسار «التي تجمع يسار الحزب الاشتراكي البلجيكي PSB برمته والتي كان رئيس تحريرها.
هيأ نشاط الحركة النقابية هذا الإضراب العام في ديسمبر 1960 ـ يناير 1961 ضد القانون الوحيد Loi Unique الذي أصدره الوزير الأول غاستون إيسكينس.
جرى طرد ماندل سنة 1964 ـ شأنه شأن اليسار المعادي للرأسمالية برمته ـ من الحزب الاشتراكي البلجيكي PSB الذي كان يشارك في الحكومة بجانب CVP ويعمل بشكل تدريجي على تمرير كل التدابير التي تضمنها القانون الوحيد مع قوانين ضد الإضرابات.
كان ارنست ماندل آنذاك نشيطا للغاية في التضامن مع الثورات المناهضة للإستعمار: الجزائر وكوبا... استدعاه تشي غيفارا إلى كوبا قصد المساهمة في النقاش الدائر حول التنظيم الاقتصادي للثورة الكوبية (1963-1964). كان الالتزام الأممي طبيعة ثانية عند ماندل. كان يدعو علانية في المعسكرات النازية إلى تضامن العمال الفرنسيين والبلجيكيين ضد الرأسمال الكبير، والتحق سنة 1949 بألوية دعم الشعب اليوغوسلافي وثورته التي يهدد ستالين بسحقها. أدرك كامل أهمية سنة 1968، ذلك الانعطاف في الوضع العالمي (ماي 68 وربيع براغ وهجوم Têt في الفيتنام). رفضت الحكومة الفرنسية السماح له بدخول أراضيها، ومنع من تأشيرات دخول كل من الولايات المتحدة الأمريكية والألمانيتين وأستراليا ونيوزيلاندا...
كان ارنست ماندل أحد مؤسسي رابطة العمال الثورية سنة 1971 (أصبحت الحزب العمالي الاشتراكي POS) ببلجيكا نتيجة اندماج يسار الحركة العمالية الاشتراكية المناهض للرأسمالية والمجموعات الراديكالية الجديدة في الشبيبة، وساهم بنشاط في قيادة الحزب العمالي الاشتراكي حتى وفاته.
كرس ماندل كل حياته لوضع نظرية ماركسية جذرية ومفتوحة. حقق مؤلفه »النظرية الاقتصادية الماركسية «انتشارا واسعا منذ صدوره عام 1962، وتُرجم إلى عدة لغات وكان له تأثير كبير على تكوين جيل جديد من الاقتصاديين النقديين. من بين أهم أعماله: »تشكل فكر ماركس الاقتصادي «ومقدمة طبعة الرأسمال الصادرة عن دار نشر بيليكان و »موجات التطور الرأسمالي الطويلة «ولاسيما »شيخوخة الرأسمالية «، تشكل هذه الدراسة، حسب بيري أندرسون، »أول تحليل نظري للتطور العام لنمط الإنتاج الرأسمالي منذ الحرب العالمية الثانية، وحول الرقابة العمالية والمجالس العمالية والتسيير الذاتي، ونقد الشيوعية الأوروبية، ومن الكومونة إلى ماي 68 «إلخ.
كتب مؤخرا »إلى أين يسير الاتحاد السوفياتي في ظل غورباتشوف« ولاسيما »السلطة والمال«. أصدر أيضا مجموعة مذهلة من المقالات في صحافة فروع الأممية الرابعة (كان ماندل يجيد الكتابة والتحدث بعدة لغات) ورسائل وتحاليل علاوة على وثائق سياسية.
عقد آمالا كبيرة خلال 1989-1990 على التطورات السياسية بألمانيا. شارك في أحداث أوربا الشرقية بمتابعة نضال المعارضة اليسارية ضد الستالينية والرأسمالية. وساهم في نقاش قيادة الحزب الشيوعي السوفياتي حول الدلالة السياسية لنضال تروتسكي.
رغم الهزائم بأوربا الشرقية والوضع الصعب للحركة العمالية العالمية، جاب ارنست ماندل القارات الخمس للدفاع عن أفكاره دون عصبوية وبتفاؤل واقتناع راسخ. ساهم بعدة مواقع في مد الجسور بين مختلف التيارات اليسارية وتقوية تحالفات جديدة. كسب من ذلك اقتناعا بأن اليسار، رغم صعوبات الوضع العالمي، حامل لآمال جديدة في ماركسية نقدية غير دوغمائية وحازمة وجذرية. وتعززت تلك القناعة بتطور الأحداث بالبرازيل والفلبين والشرق الأوسط وأوربا الغربية...
لكن نشاطه المتواصل أثر على صحته، إذ نادرا جدا ما قبل الراحة، وفقط في الأشهر الأخيرة من حياته أجبره تدهور صحته على تقليص نشاطه.
يوم 20 يوليوز 1995 وإثر أزمة قلبية حادة وافت المنية هذا الثوري الذي شارك باستماتة في نضالات الإنسانية. وقد عبر مرة أخرى في يونيو 1995 عن حماسه، خلال المؤتمر 14 للأممية الرابعة، بخصوص الإمكانيات المفتوحة بوجه أمميتنا النشيطة أكثر من أي وقت مضى في السعي إلى أشكال تنظيم جديدة لليسار المناهض للرأسمالية على المستوى السياسي والدولي.




الإرث النظري لإرنست ماندل

لربما كان إرنست ماندل واحدا من آخر رموز التقليد الثقافي الكبير للحركة العمالية المعاصرة التي نشأت في بداية هذا القرن عند نقطة الالتقاء بين تراث عصر الأنوار والحركة الاشتراكية، وقد احتل إرنست مكانة مرموقة في تاريخ الماركسيات المعاصرة، وذلك بفضل سعة وأممية آفاقه، والتزاماته النضالية، كما بفضل إنتاجه النظري الغزير وروحه الخلاقة والمبدعة.
ولقد تغذى إرنست منذ سنوات تكوينه ـ وبفضل معرفته باللغة الألمانية قراءة وكتابة ـ بالمجادلات والمنازعات الأساسية في بداية هذا القرن، حيث كانت مكتبته العائلية مثلا تضم المجلدات الكاملة للمجلة ذائعة الصيت Neue Zeit.
أما العمل النظري لإرنست فلا يمكن أن يختزل في مجرد معارضته للستالينية التي لم تلن يوما، فهو يمثل همزة وصل وذاكرة للتعبيرات المتعددة والكوسموبوليتية لحركة اجتماعية حية وخلاقة.

خيوط موجهة

إن شروط التكوين الثقافي هذه تسمح بالإدراك أفضل للمكانة المرموقة لماندل في تاريخ الماركسيات المعاصرة، وبينما كانت الماركسولوجيا الفرنسية السائدة في الستينات تجهل جهلا مطبقا إسهامات حاسمة من بينها "كرندريسة" ماركس (Grundrisse) أو كتابات روبين (Roubine) وروسدولوفسكي (Rosdolovski) وبارفوس (Barvus) وكورش (Korsch) وكوندراتييف (Kondratief)، كان إرنست ماندل ينهل من كل هذه الآفاق بفضل إتقانه للغات والأفق الأممي لنظرته النضالية، وهو الأمر الذي يدل عليه بشكل بَيِّن كتابه في 1968 عن "تشكل فكر ماركس الاقتصادي" والذي جاء معاكسا تماما لتيار الأكاديموية البنيوية التي كانت وقتها موضة طاغية على الساحة.
ومع أن الإنتاج النظري لإرنست كان غزيرا ومتنوعا، فقد كان متمحورا حول موضوعات موجهة بعينها ومنها موضوعان أساسيان ظلا يؤرقان فكره وينعكسان في كل مقالاته منذ الحرب العالمية الثانية، أولهما: لماذا لم تؤد الحرب ـ خلافا للتوقعات المتفائلة للمعارضة اليسارية، ورغم تقدم الثورتين الصينية واليوغسلافية ـ إلى انبعاث حركة ثورية جماهيرية، وعززت بدل ذلك سيطرة البيروقراطيات الإصلاحية والستالينية على التنظيمات العمالية؟ وثانيهما: كيف تفسر الديناميكية المستجدة الملاحظة في "الرأسمالية الجديدة"؟
أما أجوبة ماندل على هذه المسائل فلم تكن أبدا تبسيطية أو قائمة على تعليل وحيد الجانب، وهو الذي يعرف جيدا أن العوامل السياسية (حروب، ثورات، بيروقراطية...) تلعب دورا حاسما ولكنها لا تعفي من إجراء دراسة صارمة بخصوص الميولات الاقتصادية التي قد يكون لها شأن كبير.
هكذا يمكن أن نعتبر أن جزءا أساسيا من عمل إرنست طوال نصف قرن تقريبا، بدءا ب"النظرية الاقتصادية الماركسية" (1962) ومرورا ب"الطور الثالث للرأسمالية" (1975) والكتابات حول "الأزمة" (1977)، و"الأمواج الطويلة للتطور الرأسمالي" (1980، غير منشور باللغة الفرنسية) كان مكرسا بالكامل لتحليل آليات وتناقضات الرأسمالية المعاصرة، أما الشق الثاني المكمل لهذا العمل فيتعلق بمسألة البيروقراطية وألغازها، وقد أعطى كتاب "حول البيروقراطية" و "الاتحاد السوفياتي على عهد غورباتشيف، إلى أين؟" (1989) و "السلطة المال" (1991).

مسائل مؤرقة

في وقت كان فيه الفكر الاقتصادي الجامعي المنتشي ببعض سنوات من النمو يعتقد في توسع أبدي، تشبث ماندل بفرضية الدورات الاقتصادية والأمواج الطويلة رغم أن عددا من المسائل لم تجد حلا لها في إطار تلك النظرية.
وإذا كان قانون الميل نحو انخفاض معدل الربح، الخاضع لإيقاع التحولات التكنولوجية (تجديد الرأسمال الثابت) وللتغييرات الداخلية على تنظيم العمل، يسمح بتحليل الدورية التقريبية للأمواج وعودتها للانخفاض، فإنه ليس ثمة أي "قانون" اقتصادي يستطيع تفسير تغيراتها المفاجئة وعودتها للصعود نحو توسيع جديد، إذ يلزم ـ حسب ماندل ـ إدخال عوامل سياسية "برانية" عن الدائرة الاقتصادية، وفوق ذلك، غير قابلة للضبط.
ولكن إذا كانت شروط مثل هذا التغير على هذا القدر كله من التقلب، فكيف نفهم الانتظام النسبي للإيقاعات الاقتصادية المتوالية على مدى قرنين مثلا (وهي فترة محدودة بالتأكيد) كما وضح ذلك كتاب Dockes و Rosier ؟.
هذه الأسئلة الملحة، سيبحث إرنست عن أجوبة لها في السنوات الأخيرة من حياته، في التمفصل بين الإيقاعات الاقتصادية والإيقاعات النوعية للصراعات والحركات الاجتماعية. وللأسف، لن يتحصل لنا من كل ذلك البحث الذي لم يكتب له الاكتمال سوى شذرات متفرقة على الأرجح.
وإذا كانت دار نشر (La Breche) تعد لإصدار الطبعة الفرنسية لكتاب Power and money (السلطة والمال)، فإن جزءا هاما من أعمال إرنست الذي كان يكتب بالإنجليزية والألمانية والفرنسية على السواء، ما يزال للأسف في غير متناول القارئ الفرنسي.
The long waves of capitalist developpemnt (الموجات الطويلة للتطور الرأسمالي)، وكتاب: El Capital : Cieu Anos de Controversias en Torno a la Obra de Marx. (الرأسمال: مائة عام من الجدال حول عمل ماركس) الذي يستعيد فيه المقدمات الثلاثة التي كان وضعها للأجزاء الثلاثة من كتاب الرأسمال لحساب الطبعة الإنجليزية الصادرة في 1981 (دار Vintage books). وكتاب: The meaning of the Second world war (دلالة الحرب العالمية الثانية)، ثم كتاب: (الماركسية الثورية اليوم).....
وقد ترك إرنست، بالإضافة إلى الكتب، عددا ضخما من المقالات المنشورة في جرائد أو مجلات عن موضوعات كالتخطيط والتسيير الذاتي، وبناء أوربا الموحدة، والأحداث الثورية للقرن، والتشكيلات الاجتماعية الأمريكية ـ اللاتينية، والثورة الثقافية الصينية، كما ترك إنتاجا بيداغوجيا رفيعا ك"المدخل للنظرية الاقتصادية الماركسية" و"المدخل للاشتراكية العلمية" و "مكانة الماركسية في التاريخ"...
ويبقى أن نسجل في نهاية هذه المقالة التركيبية المفارقة التالية: فبينما تنتشر أعمال ماندل ويتنامى إشعاعها وغيرها في ألمانيا كما في أمريكا اللاتينية والبلدان الأنجلوساكسونية، يلاحظ أن تلك الأعمال لم تقدر حق قدرها في فرنسا وبلجيكا على وجه الخصوص. وقد يرجع ذلك لأسباب منها أولا، أن الجدالات في الماركسية وحول الماركسية (الماركسولوجيا) في فرنسا، كانت مطبوعة مثلها في ذلك مثل الحياة الثقافية برمتها، بتضخم فلسفي إيديولوجي، وباستصغار الصرامة المميزة للبحث الإقتصادي، وقد سبق لبيري أندرسون Perry Anderson أن أكد على هذه الميزة في كتيبه الهام عن "الماركسية الغربية" كما يلي: "خلافا لأغلبية المنظرين من جيله لم يكتب تروتسكي نفسه شيئا ذا بال في مجال الاقتصاد. أما روسدولسكي Rosdolsky الذي لم يكن اقتصاديا من حيث تكوينه، فقد باشر عمله بدافع إحساس بالواجب تجاه الأجيال المقبلة. ولم يخب أمله، إذ سينشر إرنست ماندل، أربعين سنة بعد ذلك، دراسة مطولة في ألمانيا عن الحقبة الثالثة للرأسمالية (مهداة لروسدولسكي)، مثلت أول تحليل نظري للتطور الإجمالي لنمط الإنتاج الرأسمالي منذ الحرب العالمية الثانية. وإذن فإن التقليد المنحدر من تروتسكي كان يتناقض من حيث الجوهر مع تقليد الماركسية الغربية، إذ كان متمحورا حول السياسة والاقتصاد لا على الفلسفة (...) واليوم، يمثل هذا الإرث السياسي ـ النظري واحدا من العناصر الحيوية لكل انبعاث للماركسية الثورية على "الصعيد العالمي" Considerations of western Marxism الطبعة الفرنسية. فرانسوا ماسبيرو 1977. ص 138).
أما السبب الثاني لهذا الجهل بإرنست ماندل في فرنسا، فقد يرجع إلى المفاعيل المتظافرة لوزن الحزب الشيوعي وأورثوذوكسيته من جهة، وللحمائية المفاهيمية التي فرضت عليه من طرف اللوبيات الجامعية التي كانت "ماركسية ماندل" مصدر إحراج وإزعاج كبيرين لها بسبب توحيدها وجمعها دائما وبشكل لا انفصام فيه بين العلم والنضال.
إن ميزة ماندل، أنه أعطى نموذجا للكيفية التي يمكن أن يتلازم فيها البحث النظري مع الالتزام العملي تلازما صميميا وعميقا، وهو بذلك، إنما يجسد استمرارية تقليد عظيم يمتد من ماركس إلى لينين وروزا لوكسمبورغ وتروتسكي.... وذلك في وقت أصبحت فيه المسافة بين الاثنين، بين البحث النظري والالتزام العملي تتجه أكثر فأكثر لتصبح هوة سحيقة غير قابلة للعبور...
دانييل بنسعيد Daniel Bensaid.
عضو قيادة العصبة الشيوعية الثورية، الفرع الفرنسي للأممية الرابعة.



إرنست ماندل
المسيرة الطويلة لمناضل ثوري

فرنسوا فيركامن

بموت إرنست ماندل، يغيب القائد الأساسي للأممية الرابعة وأحد أكبر وجوه الماركسية الخلاقة.
كان إرنست ماندل مربيا لا يشق له غبار، وخطيبا جماهيريا، وداعية لا يكل، ومنظرا شموليا ورحب الآفاق. ومع ذلك، لم يكن يقدم نفسه أبدا سوى كمناضل ثوري في الحركة العمالية.. أما تطلعه العميق خلال كل حياته فكان هو بناء وقيادة منظمة (الأممية الرابعة) قيادة الثورة الاشتراكية على خطى لينين وتروتسكي.

مرحلة الشباب وتقاليد العائلة

ولد إرنست ماندل من أبوين يهوديين ألمانيين في أبريل 1923، أي في السنة ذاتها التي ستنتهي فيها الحقبة الثورية الألمانية لما بعد الحرب العالمية الأولى إلى هزيمتها المحتومة. ففي تلك الفترة كانت عائلة ماندل تعيش في مدينة أنفيرس Anvers، ولكن عشية ولادة إرنست، ستفضل والدته الاستقرار بمدينة فرانكفورت المحببة لديها. وكانت الأزمة الاقتصادية، وصعود الفاشية، والحياة تحت تهديد شبح حرب وشيكة، وحالة البؤس التي كانت عليها الأحياء الشعبية... كان كل ذلك عوامل دفعت إرنست اليافع ليختار مبكرا معسكره: معسكر الطبقة العاملة والمضطهدين. وساعده في ذلك التقليد العائلي الشيوعي الثوري المعادي للفاشية وللستالينية. كان أبوه "هنري" قد غادر ألمانيا في بداية الحرب (الأولى) لينتهي به المطاف في هولندا، ولن يعود سوى في نوفمبر 1918 على إثر سقوط الإمبراطور ليستقر ببرلين، حيث سيعمل صحفيا بوكالة الأنباء السوفياتية المحدثة وقتئذ من طرف البلاشفة. وكانت عضويته بالحزب الشيوعي الألماني قد مكنته من التعرف على كارل راديك (Karl Radek)، مبعوث لينين وتروتسكي ليكون في خدمة الثورة الألمانية الجارية آنئذ. ولكن تأثره باغتيال روزا لوكسمبورغ وكارل ليبكنخت في يناير 1919 بلغ من النفاذ حدا جعله يقرر النفي الاختياري ببلجيكا.
كان لأحداث تلك الفترة المتسمة على الخصوص باستيلاء هتلر على الحكم (1933) وببروز ستالين، دور حاسم في استقطاب الشاب إرنست سيما وأن أباه كان يتولى تنويره بصددها ويدفعه للاطلاع على التقليد الماركسي الصلب للحركة العمالية الألمانية. وكانت مدينة "أنفيرس" في الثلاثينات تغلي وتهزها النضالات الاجتماعية والصراع السياسي بين الاشتراكيين الديمقراطيين والستالينيين والتروتسكيين وسط حركة عمالية نشيطة وحية.
وهاهنا، سيتردد إرنست على العمال الطلائعيين وعلى قياديين جماهيريين، عصاميين في الغالب، أعضاء وعاطفين على الحزب الاشتراكي الثوري. وكانت أنفيرس تأوي أيضا النواة المركزية للفرع الألماني التابع للأممية الرابعة في الخارج. هذا العالم الصغير، المحموم والأممي كان يطن: فهنا، كان يجري تجهيز وإعداد جريدة «Unser Wort» (صوتنا) المخصصة للعمال الألمان وسط نقاشات صاخبة، وهنا كان يتم ربط الاتصال مع الرفاق الذين كانوا يناضلون في السرية تحت حكم هتلر، ويتم الحفاظ على علاقات تراسلية مع تروتسكي... وهنا، تنشأ بين إرنست والبروليتاريا الألمانية علاقة راسخة وثابتة، وسينشأ لديه الإيمان بالثورة الاشتراكية في ألمانيا، ويدخل منذئذ في "حوار" لم ينقطع أبدا بينه وبين روزا لوكسمبورغ وماركس.
في إطار هذه الاستمرارية، يمكن وضع "أمله المجنون" في تجدد اشتراكي بألمانيا الديمقراطية على إثر انهيار البيروقراطية الستالينية في 1989 - 1990. وفي إطار هذه الاستمرارية أيضا، تجد قناعته الراسخة في 1944 – 1945 بأن ساعة الطبقة العاملة الألمانية قد دقت من جديد، (مثلما حصل في 1918 – 1923)، أساسها العقلاني.
هذه العلاقة الثابتة بالطبقة العاملة هي ما كان ينير أيضا جسارته ومجازفته في الأوقات الأشد سوادا خلال الحرب، عندما كان يوزع المناشير على الجنود الألمان في بلجيكا تحت الاحتلال، أو عندما نجح ذات مرة في أن يقنع سياسيا سجانيه الألمان ـ الذين تبين أنهم كانوا أعضاء سابقين في الحزب الاشتراكي والحزب الشيوعي المحظورين ـ حتى أنهم أخلوا ساحته، أو ما صار في أبريل 1945 حين الإفراج عنه من معتقل ألماني، عندما تمكن بفضل قناعته الأممية والثورية التي لا تلين، من تخطي ما لا يحصى من العراقيل كيما يلحق برفاقه في الحزب بأقصى سرعة ممكنة.
إن الجذر العميق لما يتمتع به إرنست ماندل من حرارة إنسانية ومن تفاؤل يضرب به المثل، يوجد في كل هذا الزخم من التجارب الوجودية لمناضل فذ وهو ما يزال بعد فتى في طور المراهقة، وليس في الإيمان الساذج في طيبة النفس الإنسانية ولا في قراءة فلسفات الأنوار أو في ماركسية قدرية وموضوعية. لقد علمته التجربة مبكرا أن الناس بضعفهم وقوتهم، بشجاعتهم وجبنهم، وبخنوعهم وانتفاضهم قادرون على أن يصارعوا في ظل الشروط الاجتماعية القاسية للرأسمالية، ويكسبوا الوعي السياسي، وأن الأكثر تحفزا واستعدادا منهم، والأفضل تنظيما يمكنهم "صنع المعجزات" إذا ما نجحوا في الارتباط بالطبقة العاملة وبالشبيبة من أجل بناء حزب ثوري في مستوى المهمة.

المقاومة والمعتقلات النازية

في العام 1939 يصبح إرنست ماندل مناضلا في الحزب الاشتراكي الثوري. وكان هذا الحزب استطاع الخروج لتوه من التهميش بمناسبة الإضرابات العامة والقطاعية والمهنية لسنوات 1932 – 1936، وانغرس في أوساط عمال المناجم والمعادن وأحواض السفن.
غير أنه سرعان ما سيتلقى ضربة قوية على إثر الهزيمة العمالية في 1938 ويقمع بقساوة في ماي 1940 ويونيو 1941. وعكس كل تلك الأكاذيب الباطلة التي طالما لقيت رواجا على يد الستالينيين، فإن الحركة التروتسكية ساهمت بنشاط في النضال ضد الاحتلال العسكري الهستيري للبلاد وذلك دون انتظار انخراط الاتحاد السوفياتي في الحرب، وأدى بسبب ذلك ثمنا غاليا هلاك العديد من قادته وأطره في المعتقلات النازية بألمانيا، واعتقال إرنست ماندل نفسه مرتين، مرة عندما كان يوزع مناشير على الجنود الألمان، حيث وضع بسجن "سان جيل" في انتظار نفيه إلى "أوشفتيس" ولكنه سيتمكن من الفرار، ومرة ثانية في مارس 1944 على إثر توزيعه مناشير بمعامل "كوكديل" بمدينة "لييج" فحكم عليه بالأشغال الشاقة ونقل إلى أحد المعتقلات بألمانيا حيث سيتمكن من جديد من الفرار بسبب الفوضى البيروقراطية التي كانت ضاربة أطنابها آنذاك في معسكرات الاعتقال الهتلرية. إلا أنه سيعتقل مرة أخرى ولن يطلق سراحه سوى في أبريل 1945.

مع أبراهام ليون في قيادة الحزب الشيوعي الثوري

كان الحزب الاشتراكي الثوري عند بداية الحرب مقطوع الرأس، لذلك سيعاد تنظيمه من طرف أبراهام ليون، القائد الشاب المولود سنة 1918. فهذا الأخير، سيحدث تنظيما سريا وسيعيد ربط الاتصال بالخلايا والمناطق ونشر جريدة "صوت لينين" والمناشير الأولى. وجه ليون الحزب للنضال ضد الاحتلال النازي في اتجاهين: عمل سياسي موجه للجنود الألمان من جهة، ومن جهة أخرى حركة مقاومة جماهيرية معادية للفاشية وذات توجه أممي حازم، تمثل الطبقة العاملة نواتها المحركة في أفق تحويل الحرب إلى ثورة اشتراكية على القارة الأوروبية.
وفي يوليوز 1941، يلتحق إرنست باللجنة المركزية للحزب الشيوعي الثوري (الحزب الاشتراكي الثوري سابقا)، ويشارك في نوفمبر 1943، وللمرة الأولى، في اجتماع السكرتاريا المؤقتة الأوروبية (S.P.E) المشكلة حديثا جدا، وفي المؤتمر الأوروبي الأول للأممية الرابعة في فبراير 1944. ومنذئذ، ستصبح مسألة بناء حزب ثوري في بلجيكا والمساهمة في بناء الأممية محوري كل عمله النضالي. ورغم أن نشاطه الأممي سيطغى منذ منتصف الستينات، حافظ حتى آخر حياته على حضوره القيادي المستمر على الجبهة البلجيكية كما على الجبهة الأممية.
في خضم ذلك، يطرح إرنست مع ليون أبراهام على القيادة الأممية المقررات التي تبناها الفرع البلجيكي حول قضايا الساعة "مهام الأممية الرابعة في أوربا" (فبراير 1942)، ومقررا عن "المسألة الوطنية" (تتعلق بالانعكاسات السياسية للسيطرة الألمانية على الدول الإمبريالية الأوروبية)، ومشروع قرار كمساهمة في النقاش حول "التصفية الثورية للحرب الإمبريالية" (نهاية 1943).
مع دخول "ميشيل بابلو" وأهمية دوره طوال سنوات 1940 و 1950 سيتم استكمال شروط إعادة بناء الفرع الأوروبي للقيادة الأممية، لكن هذه الصيرورة ستعرف مرة أخرى توقفا قاسيا بسبب حملة الاعتقالات النازية التي شملت أبراهام ليون ومارسيل هيك (اللذين لن يعودا أبدا من المعتقل) وإرنست ماندل نفسه الذي لن يطلق سراحه سوى في أبريل 1945.
كانت ثلاث سنوات كافية لأبراهام ليون لينقل لرفاقه في النضال ولصديقه إرنست في المقام الأول نظرته البعيدة للمجتمع وللحركة العمالية وتفانيه النضالي وتفاؤله الثوري. كان ليون يقول دائما: "يجب أن تكتشف خلف كل سبب من أسباب التشاؤم سببا للأمل".
وسيحيي إرنست رفيقه ليون باستعادة قولته المأثورة هذه وتثبيتها في مقدمة الطبعة الأولى لكتاب "التصور المادي للمسألة اليهودية" الذي كان ليون قد فرغ من كتابته في 1942.

تجربة أساسية داخل الحركة العمالية البلجيكية (1939 – 1965)

مثل الالتزام الشخصي لإرنست ماندل في الحركة العمالية البلجيكية من بداية حياته النضالية إلى حدود 1965، تجربة بالغة الخصوبة والثراء بالنسبة له، فقد أمدته ببعض فرضياته السياسية الأساسية وكونت لديه نوعا من السلوك النضالي في الميدان شديد الخصوصية، كما زودته بقدرة هائلة على التعميم النظري وبطاقة بيداغوجية لا تنضب.
في 1943 – 1944، يطور إرنست بمعية ليون وتحت تأثيره تحليلا يدحض من خلاله التفسير التبسيطي جدا القائل بأن خيانة القيادات الإصلاحية هي سبب التأخر في بروز وضعية ثورية في أوربا. والحال أن ما كان مطلوبا تفسيره، حسبه، هو لماذا يقوي الستالينيون والاشتراكيون الديمقراطيون سطوتهم السياسية والتنظيمية على الطبقة العاملة التي كانت تنتقل لمواقع الهجوم في إيطاليا وفرنسا. وبمقاربة هذه المسألة من خلال "أزمة مجموع الحركة العمالية" وضبط التفاعل بين دور القيادات الإصلاحية ووتيرة النشاط العمالي وضعف الوعي الطبقي، يستنتج إرنست آلية ديالكتيكية لن يتوقف عن تدقيقها طوال كل حياته.
وفي بداية الخمسينيات، ستشرع الأممية الرابعة، المعزولة والمهمشة، في الاتجاه لتندرج كتيار ثوري مستقل داخل الأحزاب الإصلاحية الجماهيرية. وفي الحالة البلجيكية، كانت تجربة المقاومة والإضراب العام لسنة 1950 مثمرة، ذلك أن الارتباط بالتيار النقابي الراديكالي لأندريه رونار ونقل تأثيره إلى داخل الحزب الاشتراكي البلجيكي سينضج شروط بروز تيار يساري واسع متجه نحو بناء الحزب الماركسي الثوري المنغرس في أوساط الطبقة العاملة. هكذا إذن، سيناضل إرنست وسط الحزب الاشتراكي البلجيكي وسيصبح صحفيا بجريدة الحزب "الشعب" (1954 – 1955). حينها سيلفت إرنست انتباه أندري رونارد (وهو مناضل فوضوي نقابي سابقا، وأحد قادة المقاومة ونائب السكرتير العام للفيدرالية العامة للعمال البلجيك (F.G.T.B) وزعيم يسار نقابي قوي) الذي سيدمجه كعضو بلجنة الدراسات التابعة للفيدرالية وكصحفي بجريدة نقابة عمال التعدين (La Wallonie)... وقد ساهم إرنست بنصيب وافر في تحرير إحدى الوثائق البرنامجية التاريخية للحركة العمالية البلجيكية هي: "الهولدينات والديمقراطية الاقتصادية" والتي يستخلص منها برنامجا لإصلاحات بنيوية..
استأنس إرنست بالحركة النقابية ووقف على نقط قوتها وضعفها، على روتينها اليومي كما على نضالاتها وبالأخص منها ذلك الإضراب العام المميز في شتاء 1960 – 1961، وتعرف على مئات من المناديب والمناضلين النقابيين وعلى صفوة الطليعة العمالية لتلك الفترة، وعاش عن قرب شروط استغلال العمال في المقاولات الرأسمالية.
كان إرنست وراء إصدار أسبوعيتي "اليسار" و "لينكس" اللتين كونتا داخل الحزب الاشتراكي البلجيكي تيارا يساريا واسعا نقابيا وثقافيا وكان ذلك نصرا عظيما برهن فيه الماركسيون الثوريون أن بإمكانهم، حتى ولو كانوا قلة، أخذ المبادرة السياسية على نطاق واسع والتموقع في قلب الحياة السياسية للحركة العمالية. ولن يدخر إرنست جهدا في محاولة إقناع رفاقه ببلجيكا وخارجها بسداد هذه النهج وصواب الدروس المستخلصة منه. أما أوج هذا اليسار الواسع المعادي للرأسمالية فكان بمناسبة إضراب 1960 – 1961. غير أن طرد هذا التيار من الحزب في 1964 و 1965 سيؤدي به إلى التصدع والتشرذم على مراحل إلى تيارات متعددة مما مثل إعلانا عن إخفاق محاولة بناء حزب اشتراكي جديد يساري وذي طابع جماهيري.

إرنست قائدا للأممية

تميزت الفترة الممتدة من 1965 إلى 1980 بوصول القدرة الخلاقة لفكر إرنست ماندل، وكذلك تأثيره السياسي العالمي النطاق على الطليعة الثورية وعلى انتلجنسيا اليسار إلى ذروتها. وبداهة فإن ذلك مرتبط بالمنعطف الذي أخذته الوضعية العالمية في "1968" وبالمصير الحسابي والسياسي للأممية الرابعة ذاتها. ففي كل مكان، كانت فروع الأممية الرابعة تدرك أهمية النضالات وأهمية الأفق المنفتح أمام الثورة الاشتراكية العالمية. ولكن ذات الفترة شهدت أيضا إغلاق عديد من الحدود في وجه ماندل: فقد كان ممنوعا، ككثيرين غيره، من أن تطأ قدمه "القارة الستالينية" (الاتحاد السوفياتي، الصين، أوربا الشرقية)، وكذا أرض الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وسويسرا وإسبانيا الفرانكوية أستراليا...
ولكن ما كان مبعثا لفرح كبير عند إرنست هو بالتأكيد كونه اشتغل مع فريق تجدد وتدعم بجيل ثوري فتي متناغم تماما مع تنظيمه.
كان يعمل على إعطاء الأممية الرابعة صيتا وفضاء سياسيا يفوق بكثير مساحتها التنظيمية المباشرة، وجعل المنظور التاريخي الواسع أفقا للنضالات المباشرة، وبناء قاعدة سياسية صلبة لهذه النضالات المتنامية، وتزويد الحركة بالثقة في النفس...
كان كل ذلك بعض من مساهمة إرنست التي ستبقى مفتوحة في تاريخ الأممية الرابعة والذي يتطلب إبراز حقيقتها في شموليتها وفي وجوهها الملموسة المتعددة الكثير من الجهد والتحري.
ابتداء من سنة 1968، يصبح إرنست معروفا بشكل واسع خارج دوائر المناضلين، وكان يشاهد في الجهات الأربع من المعمور خطيبا في التجمعات الجماهيرية أو متحدثا في اللقاءات التكوينية والدروس الجامعية أو مجادلا في المناظرات... والى ذلك، تتضمن مكتبات المناضلين الآلاف من أشرطة الكاسيط التي تتضمن كل خطاباته...
ولكن، خلف هذا النشاط العارم، يكمن "وجه آخر" خفي لهذا الرجل، فقد كان أيضا منظما للأممية الرابعة و"ممارسا" في جريدة "اليسار" مهتما بكل أوجه العمل النضالي بما فيها تلك الأكثر تواضعا (ترجمة، إخراج الجريدة، تنظيم حملات الدعم المادي، بناء شبكات المتعاطفين وإقامة البنية التحتية المادية...). وعند التحاقه بالسكرتاريا العالمية في 1964، كرس كل جهوده بدون حساب في عالم الخراب لإعادة بناء فروع الأممية في أوربا وخاصة في إيطاليا وألمانيا البلدين الأساسيين، مكملا بذلك عملا كان قد بدأه منذ 1942، وقد انتدب بعد ذلك إلى آسيا من أجل إعادة ربط الاتصال مع المنظمات في الهند وإندونيسيا وسريلانكا، كما حافظ بعناية كبيرة على علاقات متينة مع الحزب العمالي الاشتراكي أحد الرواد التاريخيين للأممية الرابعة. وهكذا كان إرنست يناضل دائما داخل الأممية وخارجها من أجل الوحدة وضد الحلقية والعقلية التكتلية.
كان إرنست حاضرا في كل مكان، في فريق العمل بيوغوسلافيا 1950، وفي محاضرات Korcula ملتقى المثقفين الاشتراكيين من أوربا الغربية والشرقية، وفي الجزائر... وكانت سعادته كبيرة عندما دعاه تشي غيفارا للمساهمة إلى جانبه في 1962 – 1963 في الجدال الذي كان يقسم القيادة الكوبية بخصوص التوجه السياسي/الاقتصادي المقبل للاشتراكية.
بعد 1968، كانت مفكرة (أجندة) محادثاته ونقاشاته مع القادة الثوريين المعادين للرأسمالية في العالم بأسره، ومع مثقفي اليسار الذين يأتون للقائه، لا تفتأ تتضخم، كما أنه لم يتخلف زيادة على ذلك، عن أية مناسبة للاتصال بأي "مهاجر" أو "مهاجرة" من بلدان شرق أوربا أو الاتحاد السوفياتي، تلك القارة المجهولة بسبب المنع الممنهج لتسرب أي شيء للخارج عما يجري في أعماق مجتمعاتها وبالتأكيد، فإن ملاحظات إرنست المدونة بمناسبة محادثاته واجتماعاته... ومساهماته في النقاشات داخل الأممية الرابعة وكذا الكم الغزير من المراسلات السياسية والمقالات المنشورة منذ 1944 في مجلة الأممية الرابعة... كل ذلك، يمثل منجم ذهب حقيقي.
إلى جانب كل ذلك لم ينفك إرنست يغذي اهتمامات بالغة التنوع، فقد كان شديد الشغف بسبينوزا وكان يحلم بتأليف كتاب عن الثورة الدائمة ببلاد الفلاندريس/هولندة في القرن السادس عشر. وكان مهتما بالمسألة الأخلاقية ولا يتوقف عن الرجوع للأصول. ومن ذلك قراءته لإرنست بلوخ أكبر الفلاسفة الماركسيين في القرن العشرين. وهذا دون الحديث عن ميله للتسلي بقراءة كم كبير من الروايات البوليسية.
وخلال كل هذا النشاط النضالي، كانت ثلاثة من المعضلات الأساسية لهذا القرن مجهوده التحليلي الذي لم ينقطع أبدا: دينامية تناقضات المجتمع الرأسمالي، ودور الحركة العمالية والطبقة العاملة تحت سيطرة الرأسمالية المتقدمة. وأخيرا، الظاهرة الستالينية.
ورغم النقلة الاستثنائية التي مثلها تحليل تروتسكي للظاهرة الستالينية، فقد ساهم إرنست من ناحية في استكمال ذلك المجهود مخترقا كل دوغمائيات الإرث التروتسكي على هذا الصعيد، وكان هو الذي أسندت له خلال المؤتمر العالمي الخامس مهمة تقديم الوثيقة القيمة التي كانت قد مثلت في أن حصيلة تأسيسا جديدا وهي: "صعود الستالينية، انهيارها وسقوطها" (مجلة الأممية الرابعة دجنبر 1957). ومن هذا الموقع، تابع أولا بأول محاولات الإصلاح البيروقراطية كاشفا أساسها العميق الاقتصادي والاجتماعي ومستكشفا أفق الثورة السياسية في الاتحاد السوفياتي أولا ثم ألمانيا الديمقراطية.
وفي نهاية حياته كان يؤكد دائما أن مسألة الوضوح السياسي فيما يخص الديمقراطية الاشتراكية شرط جوهري لا غنى عنه بالمطلق من أجل كسب أو إعادة كسب الشعوب والطبقة العاملة والشبيبة إلى معركة تحديد النهوض بالأفق والبديل الاشتراكي، بعد اندحار الفاشية وانهيار التجربة الكارثية "للاشتراكية القائمة".

المعركة الأخيرة: من أجل تروتسكي والأممية الرابعة

كان إخفاق الثورة الاشتراكية المعادية للبيروقراطية في الاتحاد السوفياتي وألمانيا الديمقراطية عامل إحباط كبير عند إرنست وعند كل اليسار اللاستاليني والاشتراكي حقا، إذ لم يكن يقبل ويفهم أن تقطع سيرورة إعادة الرأسمالية كل هذه الأشواط الحاسمة إلى الأمام رغم كل المقاومة الداخلية. لذلك، وبصرف النظر عن كل تنبؤ، سيعبئ كل طاقته من أجل المعركة النضالية الكبرى الأخيرة في حياته، وهي إنقاذ أكبر ما يمكن من المكاسب من هذا الاندحار الزاحف. هكذا عبأ الوسائل النضالية والمادية من أجل تقوية الأنوية الماركسية الثورية في الاتحاد السوفياتي سابقا وألمانيا الديمقراطية سابقا، ودافع عن "مشروعية ثورة أكتوبر". واستغل كل مناسبة للدفاع عن دور وأفكار تروتسكي ضد المحيط الستاليني (سابقا) الذي كان بدأ في الانفتاح (مساهمته في نقاشات عمومية وفي أجهزة الإعلام بالاتحاد السوفياتي سابقا، اجتماعه مع هيئات الحزب الشيوعي، إصداره كتابا جديدا نشر بألمانيا الديمقراطية سابقا تحت عنوان (Trotsky als Alternative) (التروتسكية كبديل).
ولكن تفاؤله اللامحدود، لم يكن ليعمي بصيرته مع ذلك بخصوص المنعطف الرجعي الذي دخلته الوضعية العالمية، كان يعرف أن استمرار الأممية على قيد الحياة واستمرار روحها الثورية واستقلاليتها التنظيمية يتوقف أكثر من أي وقت مضى على القناعة السياسية لأطرها ومناضليها. هكذا سيولد كتاب "اشتراكية أو همجية على عتبة القرن الواحد والعشرين: البيان البرنامجي للأممية الرابعة". وأول الأمر، كانت كل المسألة بالنسبة لإرنست تتعلق بإحكام تحصين المكتسبات السياسية للأممية ضد أجواء الشك والضياع وفقدان الإيمان الذي انتاب اليسار كله على المستوى العالمي، غير أنه سيدرك سريعا أن الانقلابات الجارية لا تمس في الحقيقة ميزان القوى فقط، بل يمتد أثرها بعيدا وعميقا إلى مستوى بنيات المجتمعات والدول والطبقات والقوى السياسية، والى المناخ الثقافي والأمم... لذلك، يتطلب تهيئ الأممية الرابعة للقرن الواحد والعشرين توسيعا جوهريا للبرنامج الماركسي الثوري ضد كل حلقية أو دوغمائية، كما يتطلب ملمحا سياسيا متوجها بحزم نحو المستقبل والأجيال القادمة.
ورغم إصابته في 1993 بأزمة قلبية أولى، يستمر إرنست ماندل في أداء دوره داخل الأممية ويرقب رغم كل شيء إمكانات تحول في الوضع خاصة بانتصار لليسار في البرازيل. وبموازاة ذلك، يسجل التفسخ الأخلاقي والسياسي للقيادات الإصلاحية التقليدية وانهيار الحركة العمالية "الكلاسيكية" وإمعان الرأسمالية في الإجرام، ويتساءل عن حظوظ استمرار الإنسانية على البسيطة مستشهدا بالأرقام عن البؤس المطلق الجاثم على العالم وعن تدني وضعية النساء...
كان يهتم بالهمجية النازية حيث كانت مكتبته تضم كل الكتب الحديثة المكتوبة في الموضوع. كان يشعر بالقلق تجاه تدهور صحته ولكنه كان يتابع العمل "من أجل الأممية، معنى حياتي" كما كان كتب في وصيته... وكان يجد بعض العزاء عند "آن" (Anne) زوجته التي تقاسم معها الأربع عشرة سنة الأخيرة من حياته مفعما بالفرح والسعادة.
وفي بداية شهر يونيو 1995، حرص كثيرا على المساهمة في المؤتمر العالمي وهو من افتتح أشغاله مستعرضا ومطورا الأطروحات التي كانت عزيزة لديه وداعيا الأجيال الجديدة إلى استكمال المعركة.
لقد غادرنا إرنست ماندل، ومن حقنا أن نرثيه ونبكيه، ولكن الأهم أن نتوجه نحو النضال الثوري لأن حياته كلها لم تكن سوى نداء قوي للالتزام إلى جانب المستغَلين والمضطهَدين ولبناء الحزب والأممية الاشتراكية الثورية. ولقد ترك لنا إرثا سياسيا هائلا وقيما سنوظفه، بدون عبادة للشخصية، في النضالات السياسية والإيديولوجية المقبلة التي سترافق حتما إعادة بناء البديل البرنامجي والاستراتيجي والاشتراكي.
فرانسوا فيركامن F. vercammen
عضو المكتب السياسي للحزب العمالي الاشتراكي (الفرع البلجيكي للأممية الرابعة) وعضو قيادة الأممية الرابعة.



ثلاث رسائل للشباب

بمناسبة حوار مع أبراهام السرفاتي بمدينة نييج البلجيكية سنة 1993، يوجه إرنست ماندل "ثلاث رسائل للشباب..."

الرسالة الأولى:
التزموا سياسيا !

أقول: التعاليم لا، بل الرسالة ـ هذه الكلمة "تعاليم" ليست الكلمة الملائمة ـ الرسالة. نعم، الرسالة هي أولا وقبل كل شيء الالتزام السياسي. لا يمكن للمرء أن يحيا حياة كائن إنساني جدير بهذه التسمية في عالم مرعب كعالمنا هذا بكل الظواهر التي ذكرتها ـ وأستطيع سرد عشرات الظواهر الأخرى. ففي كل أربع سنوات يموت في العالم الثالث بسبب الجوع والأمراض القابلة للعلاج ستون مليون طفل ! إنه نفس عدد القتلى طيلة الحرب العالمية الثانية (أوشويتز وهيروشيما) أو خلال المجاعة في البنغال (إن لم نأخذ المجزرتين الكبيرتين مجتمعتين). إنه الوجه البشع لمجتمع اليوم. ففي كل أربع سنوات تقوم حرب عالمية ضد الأطفال. أن نلتزم سياسيا ضد هذا، وأن نناضل من أجل عالم تعلو فيه البسمة وجوه كل أطفال العالم. إنه الموقف الوحيد الجدير بالإنسان، الجدير بالرجل والمرأة وبكل الكائنات البشرية. التزموا سياسيا ! إلا أنه لا يمكن للمرء أن يلتزم سياسيا، إن لم يلتزم تنظيميا. لكنني لا أريد الخوض في هذا الموضوع لأنه قد يذهب بنا بعيدا جدا.

الرسالة الثانية:
"ادرسوا العلوم الإنسانية !"

الرسالة الثانية التي أوجهها وهي الأصعب، رسالة الواقعية العلمية. ادرسوا العلوم الإنسانية ـ ليس الكتب الضخمة، فلا حاجة لأن يقرأ الجميع الأجزاء الثلاثة من "رأس المال" وإن كنت أحبذ ذلك، إلا أن هذا سيكون إكثارا في الطلب. لكن حاولوا استيعاب الخطوط العريضة السياسية في نظرية التفسير العلمي للتاريخ: تعاقب الأنظمة الاجتماعية وتعاقب الأنظمة السياسية وظواهر أخرى ذات طبيعة ثقافية أو إثنية أو كل ما شئتم، لكن افعلوا ذلك بعقل علمي، عقل ماركس، عقل "شكوا في كل شيء" لكن بطريقة بناءة، أي اعتبروا مؤقتا كل ما تم البرهنة عليه إمرا محصلا، على أن تظلوا منفتحين على إمكانية بروز وقائع جديدة تستدعي إعادة النظر جزئيا في ما تم اعتباره أمرا محصلا في السابق.
إعادة النظر هذه، لا يجب أن تتم دون ترو وبدون حجج. فعندما بين التاريخ، وهو ما لم يعد يقبل الجدل، أنه منذ اللحظة التي صار فيها الإنتاج الصناعي موجها نحو السوق العالمية منذ عشرينيات القرن الماضي، حصلت ثلاث وعشرون أزمة متتالية من أزمات فائض الإنتاج، وهي أزمات دورية معدل دوراتها سبع سنوات ونصف، وهو ما سبق أن بينه ماركس. القول في هذه الحالة بأن نظرية الأزمات لماركس، نظرية أزمات فائض الإنتاج، نظرية خاطئة هو قول لا علمي بقدر لا علمية الدوغمائية الستالينية. إنها نظرية صحيحة لأن الوقائع أثبتت ذلك. ضعوا أنفسكم على هذا الخط، لكن ليس لمحض الرغبة في المعرفة، ليس من أجل المعرفة في ذاتها، بل لأن الفرد والمجموعة والحزب والمنظمة والطبقة عندما يفهمون الواقع يكونون أكثر تأهيلا لتغييره في الاتجاه الذي ذكرت سابقا.

الرسالة الثالثة:
كافحوا ضد الاستلاب والقهر !

الرسالة الثالثة، وهي الأهم. إنها ما سماه ماركس بالقاعدة الأخلاقية. ـ وهو أمر غير معروف كفاية ـ وهي عبارة عن أمر إطلاقي بالنضال دائما وفي كل مكان وبدون شروط ضد كل أشكال الاستلاب والجور والقهر والاستغلال اتجاه الكائنات البشرية. وفي هذا يوجد نوع من التسامي. هنا الشك غير مسموح به. هنا يجب امتلاك اليقين.
وقد عبر الكاتب الهولندي مولتاتولي عن ذلك بشكل آخر. لقد توصل من خلال احتكاكه بالفلاحين الأندونيسيين إلى أن: الأمر واجب، وأقصد بالواجب واجب المقاومة، واجب رفض الوضع القائم، واجب دفع الظلم. إنه التزام أخلاقي بدون حدود وأقول ن في هذا بعضا من التسامي.
عندما انتصف ليل القرن، وعندما بدا أن هتلر وستالين يسيطران على الساحة، وعندما كاد الأمل أن يخبو، قال تروتسكي في مقال سجالي مختصر (وقد عدل صيغته فيما بعد لأنه كان مختصرا بشكل كبير جدا. وقد قال في "الوصية" إنه ستمر عشرات السنين قبل أن يتسنى مناقشة المسألة, وقد كان القول واقعيا وعلميا إلى حد كبير ويتطابق أشد التطابق مع ما حصل بالفعل). قال تروتسكي إذا لم تسفر الحرب عن انتصار البروليتاريا، إذا ما أسفرت، عكس ذلك، عن انحطاط البروليتاريا بشكل نهائي ودائم، فسيتحتم وعلى وجه السرعة إنجاز برنامج للدفاع عن مصالح العبيد في المجتمع الكلياني (التوتاليتاري) الذي سينشأ بعد ذلك.
إن هذا أمر سام. إن هذا على خط ماركس. دائما ضد l’establishment دائما ضد الظلم مهما ضعف الأمل ومهما كانت الصيغ والآجال، دائما ! وأؤكد لهم أن هذا الالتزام الأخلاقي، وأقول هذا على أساس تجربتي الخاصة، تجربة خمس وخمسين سنة من النضالية، هذا الالتزام الأخلاقي إذا ما تم التشبث به فسيكون كذلك مصدرا للسعادة الشخصية. فلا معاناة من الوعي الشقي ولا وجود لعقدة الذنب. ويمكن للمرء أن يخطئ، إلا أن الخطأ في هذه الحالة هو خطأ من أجل قضية عادلة وليس خطأ القضية ذاتها، لأننا لم نساند بوقاحة الجلادين والمجرمين والمستغِلين، لا ! أبدا ! ومهما كانت الظروف. وأؤكد لكم أنكم ستكونون أسعد إذا ما قبلتم بهذا الالتزام الأخلاقي.



الوصية (مقتطف)

«.. لا تستسلموا لليأس والخنوع أو للكلبية وأنتم تواجهون الامتحانات القاسية التي تنتظرنا جميعا، لا ترتدوا نحو "الحلول الفردية".. ولا تنسوا أبدا الالتزام الأخلاقي لكل أولئك الذين يعلنون انتماءهم للماركسية: الدفاع المستميت في كل آن عن مصالح المستغَلين والمضطهَدين على المستوى العالمي. ارتفعوا دائما فوق الأعمال الدعائية الصرفة، ولا تنسوا أبدا الالتزام الأصلي والنهائي لماركس: تغيير العالم ! ..».
إرنست ماندل. نيويورك
11 نونبر 1994



#الاممية_الرابعة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الثوريون والانتخابات
- موضوعات حول بنية الأحزاب الشيوعية وأساليبها وعملها
- تقويم لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
- تروتسكي ولينين هل من خلاف ؟
- مكانة النظرية في الحزب الثوري
- انتفاضة ماي (أيار) 1968 في فرنسا
- ملف دروس الثورة الصينية
- ملف حول تشيكوسلوفاكيا 1968
- سنوات تأسيس الأممية الرابعة IV 1933 - 1938


المزيد.....




- هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال ...
- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - الاممية الرابعة - إرنست ماندل: المفكر الماركسي، المناضل الثوري والقائد الأممي