أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - فاضل قضة - أكثر من الهزيمة















المزيد.....

أكثر من الهزيمة


فاضل قضة

الحوار المتمدن-العدد: 838 - 2004 / 5 / 18 - 04:07
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


تحتفل أوروبا بازدياد عدد الدول المكونة لاتحادها، من خمس عشرة دولة إلى خمس وعشرين. هذه الدول تؤمن وتمارس كلها مانسميه الديمقراطية وحقوق الإنسان والمساواة عبر قانون وضعي.
بالمقالب يحتفل المواطن العربي باستمرار عصور الظلام والقهر والتخلف والديكتاتورية البشرية عبر مظاهر الذل ووالخنوع تحت ضغط العيش المادي والمعنوي، فلا حقوق إنسان، ولا ديمقراطية ولا أمل في أي مستقبل لتغيير أوضاع تاريخية صدأة بكل معاييرها المعاصرة.
ففي العراق يموت الناس بالجملة يوما بعد يوم الأبرياء وغير الأبرياء. كما تختفي النخب لسبب أو لأخر. لذا لا أمل منظور في مستقبل مشرق، إلا إذا حدثت المعجزة، وتم إرساء قواعد مجتمع جديد ودولة تحقق للفرد والمواطن الديموقراطية وحقوق الإنسان. هل يتحقق ذلك عن طريق الأمريكيين، أم عن طريق مايسمى بالمقاومة؟ لاندري، لكن وفي زمن العلم والعقل والتكنولوجيا فإن المعجزات لاتأتي هدراُ، ولايمكن لها ان تتحقق في بلاد تحمكها العاطفة والخيال والرغبة في العيش بخصوصيات التبعية لإصحاب مشاريع ضبابية غير واضحة، فيها من الموت أكثر مما ينبغي.
وفي العالم العربي يتأكد يوما بعد يوم أن النظام العربي غير قادر على تجاوز الفساد والشروع في ما أطلق عليه "الإصلاح" أبدا. لا بل أن الظواهر الحالية تؤكد أن الجناح الأمني والعسكري لهذا النظام يفضل صيغة حكم بيد من حديد. لذا لا أمل ابدا من أي نظام عربي في اجراء عملية إصلاح وإرساء ديموقراطية حقيقية، أو حقوق إنسان للمواطن العربي. المعذب قدراً وإرادة، جهلاً أو معرفة، بدون وعي جماعي حقيقي لمصالحه على المدى المنظور.
المضحك المبكي أن بعض وسال الإعلام تساهم في هذا الأجيج العاطفي، المغلف بشعارات خلابة، رنانة وطنانة، تساهم في إعادة شعارات ادت إلى كوارث على أي صعيد، بدون محتوى عملي أو برنامج حقيقي، لما يقدم ويطور وعي وحقوق واقتصاد هذا المواطن المسكين، الغائب عن زمنه. نعم تساهم بعض وسائل الإعلام العربي في إرساء الفوضى والأحلام الوردية، بدلا من ان تعمل على الدفع المنهجي على إرساء جو الحرية والديمقراطية تدعو بشكل أو بآخر إلى توجهات لا تصب إلا في دوائر ومنهجية التخلف للحكومات الديكتاتورية. عسكرية أو عقائدية أو تشنج قومي كرؤية ضبابية ليس أكثر.
يساعد على استمرار هذه الصيغة قدرة القيادات السياسية الدينية والعشائرية والهيكلية التقليدية للمجتمعات العربية على قيادة التجمعات وتغييبها في مشاريع بالونية غير واضحة تصب في محتواها ومنهجيتها في حكومات تسلطية تحت غطاء الحرية والأمن والاستقرار في الدول العربية.
لقد حولت القضية العراقية الإساسية، من الشروع في بناء دولة ذات اسس حديثة ومعاصرة، لتطوير حياة الفرد والمواطن إلى قضية يصرون على تسميتها مقاومة، وأصبحت القضية في العراق قضية الفلوجة وقضية مقتضى الصدر وتعذيب العراقيين وإهانتهم في سجن أبو غريب. والهم الأول والأخير للمواطن العراقي والدولة العراقية المستقبلية، هو حل هذه المشاكل فقط، وإخراج المحتل الأمريكي. ولايهم إن كان البديل هو صراع بين ابناء البلد، بين الطوائف والقوى السياسية التقليدية، لايهم إن ادى ذلك بشكل أو بأخر إلى تقسيم العراق. أو العودة إلى نظام ديكتاتوري يديره مقتدى الصدر، أو المثلث السني كما كان يديره صدام حسين. كلا لايهم كل هذا، فالمواطن خلق في ارض الإبداع ليخنق بسبب ذلك. لذا لا يهم أبدا بناء دولة عراقية حديثة ذات دستور وقانون يحقق المساواة بين العراقيين ويعيد بناء الدولة.
ولا يهم تنفيذ أي مشروع على مستوى الدولة العربية، التي تركز على عدم نجاح أي مشروع عراقي لدولة ديموقراطية. لماذا، لإن نجاح العراق في بناء دولة حديثة تؤمن الديموقراطية وحقوق الإنسان، وان كان عن طريق الشيطان، سيضعها أمام إختبارات جدية مع شعوبها ومع العالم. لذا لايهم ان تقوم أية دولة بمشاريع إعادة هيكلة أو القيام بمحاسبة أركان نظامها الذين قتلوا ونهبوا وأخفوا وسجنوا آلاف من أبناء شعوبهم.
لا يهم أن يتغير النظام العربي أبدا. فلا أركان أي نظام يرغبون في ذلك ولا الشعوب الغائبة عن مصالحها بشكل واضح تدرك حقيقة الأمر. وما الأ صوات التي تطالب بالتغيير والإصلاح وإعادة الهيكلة والقيام ببناء دولة حديثة عبر فكر معاصر، إلا خارجة عن محيطها وثقافتها وتجربتها التاريخية، إنها في الواقع لدى التيار العاطفي والتأجيجي أو تيار الضجيج والفوضى، أصوات نشاز وأصوات عمالة وتخلف.
نعم، فالمطالبة بدولة علمانية حديثة تحترم الإنسان عبر الدستور والقانون، تعتبر اليوم، في نظر شرائح عديدة من النخب المخدرة بالعاطفة والفضاء المعنوي او الإنتهازية المادية في عالمنا العربي العجيب، عمالة ورجعية وارتماء في أحضان الغرب.
بعد هذه الصورة القاتمة، السوداء، صورة القحط بفقره المذري، وصورة الوهم الأكبر، صورة الشعر والخيال في واقع معاصر رقمي بلا حدود. بعد كل هذا، يتسائل المرء، إلى أي مدى يمكن للإنسان أن يسقط في مستوي إحباطه، وإلى أي مدى يمكن للإنسان أن يفكر أن العالم العربي لايستطيع وغير قادر على إقامة الدولة الحديثة، دولة الديمقراطية وحقوق الإنسان والمساواة؟
يبدو أن الامر أصعب من تقييمه بمرحلة زمنية، او منعطف تاريخي معين. فليست القضية قضية زمن أو استعمار، أو حكومات ديكتاتورية. إن القضية اصعب من ذلك بكثير. حيث عواملها المحركة في نتائجها الراكدة. لقد خدر العقل فكرياً وثقافياً وتاريخياً بسيطرة منهج قومي بدون برمجة أو تراكم دينيوي متسائل. وكتب على العقل العربي أن يكون سجين سلاسله الثقافية والدينية والاجتماعية، كتب عليه أن يكون عبدا لمعايير الفضاءات العاطفية، وحرية الذل، ودونية رجال الأمن، ومصالح قيادات الأحزاب والقومية والأصولية الدينية. نعم كتب على المواطن العربي أن يكون سجين الفقر والقلق والضياع الاستراتيجي الدائم.
لذا قد تحتفل أوروبا بازدياد عدد الدول المؤسسة لها بسلام وأمان إلى 25 دولة، لتصبح عملاقا عالميا جديدا، بدون إراقة دماء، وبدون تعصب ديني، وبدون تمييز عرقي، وبدستور كوني ليس للدين فيه أو القومية أي صيغة أو خصوصية ثقافية. إنها دولة الإنسان الكوني بتعدد الثقافات ودستور إنساني اقوى من ممارسات بعض رجال الدين، أي دين كان. نعم، لابد للعقل المتنور ان يحتفل بإنتصاره على التخلف والعصبية والفصل. عبر مساواة بين اجناس واعراق مختلفة، من اجل إنسان هذه الدول. أوروبا هي الأولى الأن. والمستقبل قادم لا بد من تألف تجمعات كونية اخرى فيه.
أما في بلاد العالم العربي، بلادنا الحاضرة الغائبة في خريطة الحاضر. فإن الشارع سيحتفل، وعلى مدار السنة، بالشهداء الذين يفجّرون أنفسهم كل يوم. بدون ان يتحقق التحرر بدون ان تنتج المكتسبات الحقيقية. سيحتفلون بذكرى انقلابات عصابات العسكر (الثورية)، سيحتفل الحكام بذكرى الفساد، ونهب الثروات، سيحتفلون بتراكم ارصدة لصوص الشعوب في بنوك الغرب. سيحتفلون بإنتصارات القيادات العسكرية (الأميّة) والأمنية في سحق وكبت انفاس شعوبها. في إشاعة الجهل، والفقر، في شيوع الفساد والتخلف، في بقاء بعضهم شبيهاً لرجال المافيا على مستوى الدول. وسيشارك الشعب رغماً عنه، سيشارك ذلاً وخوفاً ورعباً في هذه الإحتفالات وهذه الفوضي المتجذرة.
لماذا لاتعتبر الشعوب قياداتها إستعماراً أمريكياً او أفريقياً أو أي استعمار أجنبي؟ الأ يمكن ان تفكر عندها أو تقوم بواجب المقاومة؟ قد تكذب امريكا ولاتطبق الديموقراطية في العراق، وقد تصدق كما صدقت مع اليابان والمانيا. لكن استعمار بعض الأنظمة العربية لشعوبها، لن يطبق في حياته أو مماته، إلا منهجية القمع والقهر والسلب الكمي والنوعي لثروات الوطن، طالما بقي في هؤلاء المتسلبطون على أعناق الشعوب رمق.
قارنوا بالله بين الحكم العربي وأي استعمار زار اي بلد عربي في الماضي، قارنوا بين الحريات، وحقوق المواطن، بين النهب، بين السجون، بين المحاكم. قارنوا مااستطعتم. وحكموا ضمائركم. لاعواطفكم أو مشاعركم. وذكروني بالنتائج. للإسف الشديد لم ترى بعض الدول العربية في تاريخها القديم الحديث أسوأ من استعمار بعض الحكومات العربية لشعوبها في هذه الأيام وتاريخ نصف القرن الماضي. ومع كل هذا القهر، والصورة البائسة، فإننا مازلنا لانحبذ الإستعمار كمخلص، بل نفضل ألف مرة ان يكون الخلاص نابع منا، من اخوتنا وابنائنا، ابناء الوطن، بالصلح، او اللاصلح أو بأي شئ.
***
في النهاية لابد من نشوة الموت الروحي والعقلي في التمزق اليومي وسريالية الأنسان الكونية.
هنا يعتصر القلب ألما واحتراقاًا على واقع حجري مزمن بدون حياة.
يهرب العقل من حقيقة الحلم والأمل إلى عالم أسود، ليله طويل، لا حدود له أبدا.
الأمل اسود، والشعور مطفأ، ورغبة الهمجية في قيادات وحشية أكثر من بدائية تدعو إلى القرف والتلف الإنساني، تدعو إلى الإجهاز على كل تواصل أو ارتباط معنوي ممكن مع أي شئ وفي أي شئ.
كنا في حياتنا الرموز، فطمرت ودفنت إلى غير رجعة.
البقية في حياة الشعوب العربية، وهنيئا للقراصنة والقناصين الذين يحكمون بسعادة السفهاء، المحضرين لتقاعد في القبور، إنهم يعرفون أن القضية أصعب من كلمات كاتب، ورغبة مواطن، أنهم يعرفون ان الفقر الخوف المسيطر، والتعذيب والتشويه، والسجن المؤبد والإختفاء والقتل، ان كل هذ اقوى من رغبة فرد أومجتمع في التغيير.



#فاضل_قضة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مدفيديف: الناتو منخرط بشكل كامل في الصراع الأوكراني
- السعودية.. إحباط 5 محاولات لتهريب مئات آلاف حبوب -الكبتاغون- ...
- مصر.. الداخلية تكشف تفاصيل واقعة مصرع عامل دليفري بعد تداوله ...
- اليونيفيل: إصابة 4 جنود إيطاليين من قوات حفظ السلام في جنوب ...
- محمود الهباش: وجود إسرائيل في غزة لن يكتسب شرعية مهما طال
- مشاركة عزاء للرفيق رؤوف الحباشنة بوفاة جدته
- من هو الكاتب بوعلام صنصال وما مصيره منذ وصوله للجزائر؟
- خبير عسكري: الاحتلال يستهدف مربعات سكنية بسبب تعثر عمليته ال ...
- هل اكتشفت أم محمد هوية الواشي بنصر الله؟
- قوات الاحتلال تقتحم جنين ونابلس واعتداءات للمستوطنين في الخل ...


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - فاضل قضة - أكثر من الهزيمة