أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مازن كم الماز - مرة أخرى عن اليسار في الإسلام















المزيد.....

مرة أخرى عن اليسار في الإسلام


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 2752 - 2009 / 8 / 28 - 07:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كانت القبيلة أول تشكيلة اجتماعية ظهرت في التاريخ و كانت محل الاقتصاد ( أو نمط الإنتاج ) المشاعي و لكنها لم تكن تشكيلة جامدة بل كانت دائمة التغيير و كانت تتطور باستمرار باتجاه نمط إنتاج يقوم على تقسيم العمل و استغلال طبقة لأخرى , كان ظهور الأرستقراطية القبلية أو العشائرية مثلا يعتبر خطوة في هذا التطور المستمر , هذه الأرستقراطية كانت في البداية غير ثابتة و ذات امتيازات محدودة لكنها في وقت لاحق انفصلت عن المنتجين لتشكل المصدر الذي نشأت منه أول نخبة حاكمة و أول طبقة مستغلة في التاريخ , في الجزيرة العربية بقيت القبيلة هي التشكيل الاجتماعي الأساسي حتى انتصار الإسلام و تشكيل الدولة الإسلامية عندما تحولت إلى تشكيلات اجتماعية ثانوية في مقابل تشكيلات اجتماعية جديدة , كانت الأرستقراطية القبلية قد أصبحت قبل الإسلام منفصلة عن المنتجين المباشرين , تعتمد على النسب و تتحدد بالوراثة , و كان العبيد قد ظهروا , لكنهم لم يكونوا مركز عملية الإنتاج بعد , أما أفراد القبيلة , الذين أخذوا يصبحون أكثر فأكثر عرضة للتهميش الاجتماعي فقد ردوا من خلال أول حالة تمرد على هذا التهميش الاجتماعي و هي حركة الصعاليك التي مثلت حالات فردية ثارت على حالات استغلال فردية إلى أن انتهت إلى موقف أكثر وضوحا و نضجا عندما شرعت الاستيلاء على الملكية الخاصة للأغنياء لإطعام الفقراء مع عروة بن الورد . الأرستقراطية القبلية المتمثلة في بني أمية شكلت مركز الطبقة المستغلة – النخبة الحاكمة الأولى بينما انتقلت تلك الأقسام التي استبعدت من هذه الأرستقراطية إلى المعارضة السياسية – الشيعة و آل البيت , أما الأعراب , الذين ربطوا فكرة العدالة بذكريات الديمقراطية القبلية السابقة , فقد شكلوا معارضة دائمة للدولة الطبقية القائمة , عنيفة و ذات منطق بسيط يقوم على المفهوم البدوي لفكرة العدالة : أي الخوارج , هذا المنطق الذي حاكم حتى الرسول محمد على خروجه عن هذا المبدأ الأساسي للاجتماع القبلي – حديث ذي الخويصرة للرسول محمد و مطالبته إياه بالعدل بين الناس , كان هذا الفهم يواجه منطق الأرستقراطية القبلية التي تحولت إلى طبقة مستغلة, ملاك العبيد و الأراضي , حيث رفضت فكرة العدالة ( كأي طبقة سائدة في أي مجتمع طبقي ) لصالح سيطرة تلك الطبقة و شكل هذا الفهم أساس القراءة السائدة للمقدس , فبينما استخدم الخوارج فكرة حاكمية الله ليستنبطوا منها ضرورة العدالة بين المسلمين استنبط فقهاء السلطان منها جبرية التفاوتات الطبقية بين البشر و نسبتها إلى إرادة الله . سنجد هنا تطابقا هائلا بين المفهوم الديني السائد عن العدالة ( السني الذي يعرب عموما عن دين القصور و السلاطين ) و بين الفهم البرجوازي لنفس القضية أي لفكرة العدالة , في المرة الأولى على الصعيد الكوني و في المرة الثانية على الصعيد الاجتماعي الإنساني , كلا الموقفين يقومان على قدسية الملكية الخاصة في مواجهة أي اعتبار آخر , ففي مواجهة المعتزلة الذين اعتبروا الله عادل لأنه لا يظلم البشر و بالتالي استنتجوا أن البشر هم الخالقون لأفعالهم و بذلك المستحقون للثواب أو العقاب , في مواجهة مثل هذا الفهم للعدالة الإلهية اعتبر فقهاء السلاطين أن الله عادل لأنه إنما يتصرف "كما يشاء" في ملكه الخاص , تماما كما أن البرجوازية و منظريها يعتبرونها عادلة لأنها إنما تتصرف في ملكها الخاص كما تشاء . عندما تكون الملكية الخاصة أقدس أقداس السائد فإنه على الفقراء أن يعيدوا تعريف العدالة , و هذا ما فعله الخوارج مستندين إلى مثال الديمقراطية القبلية و هذا ما فعلته فرق الغلاة و خاصة الإسماعيلية بالاستناد إلى فكرة عقلنة الخطاب الديني و السلطة و المؤسسة الدينية الفاسدتين . كانت مغامرة القرامطة في غرب الجزيرة العربية و جنوب العراق و الخرمية في خراسان جريئة في تحطيم أصنام المقدس السائد , و جريئة في تشكيل مجتمع شيوعي يتشارك فيه الناس بملكية كل شيء , كان هناك إذن صراع مبدئي حول قيمة العدالة و فهمها اجتماعيا كما هو الحال منذ ظهور أول نظام طبقي في التاريخ الإنساني , لكن إلى جانب هذا الصراع كان هناك صراع آخر حول موضوعة الحرية لا تتطابق معالمه تماما مع الصراع السابق حول قضية العدالة , كان هذا الصراع يدور حول السلطة بالضرورة أو ما تسمى بمسألة الإمامة , و كما هو الحال اليوم لا يمكن مطابقة معارضة السلطة القائمة بمشروع تحرير الإنسان سياسيا , فبينما كانت ثورة الخوارج ترفض فكرة الإمامة أساسا مع استعادتهم لنموذج الديمقراطية القبلية كانت الشيعة , و ما تفرع عنها من فرق , ترى الدين طاعة رجل , من الصحيح أن الكثيرون قد استخدموا هذه الوضعية الخاصة للإمام في إعادة صياغة جذرية لفهم النص المقدس و في بعض الأحيان لصالح فهم جديد عن العدالة مختلف تماما عن الفهم السني السائد الموالي للسلطة , لكن النتيجة كانت بالضرورة سلطة جديدة , شديدة المركزية أي أوليغاركية جديدة بالضرورة , كما نجد مثلا في النظام الفاطمي في مصر , أما القدرية التي نشأت كفرقة معارضة للسلطة الأموية تدعو إلى الشورى فإنها قد انتهت مع التعليم الكلامي الراقي للمعتزلة إلى أن أصبحت جزءا من مؤسسة الحاشية – السلطة في مسعاها لعقلنة خطاب المؤسسة الدينية و حتى عندما انقلبت عليها السلطة العباسية كانت قد تحولت إلى مجرد فرقة كلامية معزولة عن المشهد الاجتماعي عاجزة عن القيام بمعارضة فكرية اجتماعية فعلية و انتهت بعد عدة محاولات لاستعادة مكانها في مؤسسة الدولة ناجحة حينا و فاشلة أحيانا , يجب هنا أن نذكر أنه مما أخذه الخوارج على عمر بن عبد العزيز أنه لم يجعل الأمر شورى بين المسلمين رغم إقراره بكل جرائم سلطة أسرته الأموية الاستبدادية , و أن ثورة الوليد بن يزيد الخليفة الأموي القدري هدفت لتحويل السلطة من الأسرة الأموية إلى أن تعود شورى , لكن في وقت لاحق تراجع شعار الشورى المعارض لصالح شعار إمامة بديلة "أكثر عقلانية و أقل فسادا" , الذي انتهى في التطبيق , مع اعتماد التعاليم المعارضة , الإسماعيلية خاصة , على الأفكار الفيثاغورثية و الأفلاطونية الجديدة لتبرير وضعية فوق إنسانية للإمام في نظام الكون , و بالتالي لمؤسسة السلطة في الواقع الاجتماعي الواقعي , إلى أوليغاركية جديدة "تدعي أنها مستنيرة" , لكن يبقى من الممكن الحديث عن تعايش مؤسسات مختلفة في قلب أكثر الحركات الاجتماعية جذرية , و هي حركة القرامطة , مؤسسات تقوم على مركزية السلطة و أخرى تقوم على التسيير الذاتي للمنتجين , و ليس من الغريب هنا أن نعرف أن الأعراب من جهة و الموالي و العبيد و الأجراء الناقمين على أصحاب المهن و الأراضي من جهة أخرى كانوا الخزان البشري الأساسي الذي مد حركة القرامطة بالعنصر البشري المؤمن بأفكارها الشيوعية , أما أسلاف الشيوعيين التحرريين في شرقنا اليوم فقد كانوا من بعض الخوارج و بعض القدرية – المعتزلة , الذين ربطوا بين مشروعي العدالة و الحرية , الذين رفضوا تفسير الطبقة السائدة و فقهائها للعدالة و دعوا في نفس الوقت إلى قيام مجتمع لا توجد فيه سلطة مركزية لصالح تنظيم يقوم على مبادئ الأخوة و العدالة و التضامن الإنساني...................




#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رأفت الغانم , بشر المقت , رياض سيف
- اليسار في الإسلام
- الشعور القومي بين الشعب السوري و النظام !!
- بين شتم الصحابة و قتل الشيعة
- عن معنى المجالس العمالية أو الكومونات
- لماذا تفشل ( و ستفشل ) الليبرالية عربيا ؟
- أنطون بانيكوك : سياسات غورتر
- دعوة لتأسيس مؤسسات قاعدية ديمقراطية محل منظمات المجتمع المدن ...
- عن تصريحات القدومي الأخيرة
- عن مجزرة تدمر
- ملاحظات عن الديمقراطية و الانتخابات
- موت مايكل جاكسون
- ما بعد سقوط السرديات الكبرى
- بين نجاد و ميلباند
- الملكية العامة و الملكية الجماعية
- المثقف الصعلوك / البقاء خارج المؤسسة
- عندما تنقلب رأسمالية الدولة البيروقراطية على نفسها
- الرياضة كبديل للسياسة
- رسالة من مقهورين إلى مقهورين
- ملامح الثورة الإيرانية الجديدة


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - مازن كم الماز - مرة أخرى عن اليسار في الإسلام